; هل نرى ربنا؟ | مجلة المجتمع

العنوان هل نرى ربنا؟

الكاتب سلمان سعید

تاريخ النشر الثلاثاء 09-أبريل-1974

مشاهدات 43

نشر في العدد 195

نشر في الصفحة 35

الثلاثاء 09-أبريل-1974

ناقشني بعض الإخوة في مسألة رؤية الله تعالى قائلًا: إن الله تعالى لا يُرى في الدنيا ولا في الآخرة مستدلًا بقوله سبحانه وتعالى ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الأعراف : ١٤٣) من سورة الأعراف.

فقال: « إنَّ الله تعالى لا يُرى في الدنيا، ولا في الآخرة واستدل بهذا النص قائلًا: إنَّ    «لن تفيد النفي للأبد» 

فقلت له إني أرد على هذا القول من وجهين اثنين هما:

 

  • الوجه الأول :

إنَّ حقيقة وجود الإنسان في هذه الدنيا يحول بينه وبين رؤية الله تعالى فيها، وإنما وجه الخلاف على رؤيته في الآخرة فاسمع معي هذه الأدلة: 

أنَّ « لن » تفيد النفي للأبد في الدنيا، وليس في الآخرة، والدليل على ذلك

قال الله تعالى ردًا على بنی إسرائیل: ﴿قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخرة عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ (البقرة : 94-95) .

فنفى الله عز وجل تمنيهم للموت « بلن » بقوله ﴿وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا﴾ ثم بين سبحانه وتعالى أن هذا في الدنيا فقط بما أخبر عنهم أنهم سيتمنونه ويطلبونه حثيثًا في الآخرة بقوله جل شأنه: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ۖ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ ( الزخرف: 74 – 75 – 76 – 77 -78) .

وقال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ. وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ. يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ﴾ (الحاقة : 25 – 26 – 27).

وقال تعالى: ﴿وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا﴾ (النبأ : 40)، ولنقف قليلًا عند هذه الآية لنبين فائدة؛ وهي أنَّ الله تعالى حينما يحكم على الحيوانات أن تكون ترابًا في يوم القيامة فعند ذلك يقول الكافر يا ليتني كنت ترابًا أي کنت حيوانًا فأرجع إلى التراب.

 

  • الوجه الثاني:

قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ (القيامة : 22 – 23) من سورة القيامة.

 وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن» رواه مسلم في الجزء الثالث ص ١٦ شرح النووى. 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أهل الجنة يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئًا أزيدكم فيقولون ألم تبيض وجوهنا، ألم تدخلنا الجنة، وتنجنا من النار قال، فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل»، وزاد الرسول صلوات الله وسلامه عليه قوله تعالى ﴿۞ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ ﴾ ( يونس : 26 ) والحسنى الجنة، والزيادة رؤية الله سبحانه وتعالى . 

(رواه مسلم ص ۱۷ ) المصدر السابق.

وعن جرير قال كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسالم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا» رواه البخاري . وهي صلاتا الفجر والعصر.

وعن جرير بن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «إنكم سترون ربكم عيانًا» رواه البخاري. 

وعن جرير قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البدر فقال: «إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون هذا لا تضامون من رؤيته» رواه البخاري.

وعن أبي هريرة أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تضارون من القمر ليلة البدر؟ قالوا لا يا رسول الله، قال فهل تضارون من الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا لا يا رسول الله، قال فإنكم ترونه كذلك» «متفق عليه» كل هذه الأحاديث رواها البخاري في الجزء التاسع من كتاب التوحيد باب وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، المجلد الثالث من طبعة الشـعب ص ١٥٦ . 

وقال الله سبحانه وتعالى ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ﴾ (المطففين : 15)

وهذه الآية خاصة بالكفار، وتخبر أنهم لن يروا ربهم يوم القيامة، وفيها دليل واضح؛ وهو ثبوت رؤية المؤمنين لله سبحانه وتعالى، فاللهم أدخلنا الجنة، ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم.

الرابط المختصر :