العنوان وجهة نظر أخرى حول القضية الكشميرية.. لماذا لا أؤيد الحركة الكشميرية؟
الكاتب ظفر الاسلام خان
تاريخ النشر الثلاثاء 15-سبتمبر-1998
مشاهدات 12
نشر في العدد 1317
نشر في الصفحة 34
الثلاثاء 15-سبتمبر-1998
من الغريب في القضية الكشميرية أن كلًا من الهند وباكستان يحترمان خط وقف إطلاق النار في كشمير.. وهناك اتفاق بينهما على عدم تجاوزه.
عُرف د. ظفر الإسلام خان بكتاباته المتعددة والمتميزة عن قضايا المسلمين وعلى وجه الخصوص قضايا الأقليات المسلمة التي ينتمي هو نفسه إلى واحدة منها وهم مسلمو الهند.
وقد طلبت منه المجتمع أن يكتب عن وجهة نظر مسلمي الهند في القضية الكشميرية وحين أرسل إلينا المقال كان مفاجأة حقيقية، حيث تضمن أفكارًا لم نكن نتوقعها، وكان هو يعرف ذلك، حيث أشار إلى أن المقال لا يتمشى مع التيار العام في البلاد العربية، وقد آثرنا أن يحمل المقال وجهة نظر شخصية للدكتور ظفر الإسلام، فجاء عنوانه: لماذا لا أؤيد الحركة الكشميرية، بدل أن يكون لماذا لا يؤيد مسلمو الهند الحركة الكشميرية. وفي الوقت نفسه، فقد أرسلنا نسخة من المقال إلى مراسل المجتمع في باكستان لتقصي وجهة النظر الأخرى في الموضوع، والرد على ما جاء بالمقال الأول.
مسلمو الهند بصورة عامة على مستوى الأفراد والجماعات يؤيدون إخوانهم الكشميريين في محنتهم، بإبراز المظالم التي يتعرضون لها على أيدي الجيش والنظام، وهم ينددون بها أشد تنديد، إلا أنهم لا يؤيدون انفصال كشمير عن الهند وذلك لسببين:
١- لإدراكهم مغبة وخطورة الانفصال على وضع ومستقبل مسلمي الهند.
۲- لاقتناعهم بان باكستان اليوم لا تمثل «الدولة الإسلامية» التي ضحى مسلمو الهند بالكثير من أجلها قبل قيام باكستان وبعدها إلى اليوم، فهي في نظرهم دولة «قومية» مثل أي دولة قومية أخرى، يهيمن عليها عنصر شوفيني «البنجابيون»، وقد دفعت ممارسات هذا العنصر وقصر نظره إلى استعداء غالبية باكستان «البنغاليين» إلى أن انفصلوا وكونوا دولة منفصلة.
ويجب أن نستحضر جيدًا أن عدد مسلمي الهند اليوم، يفوق عدد سكان باكستان، وينبغي تجنب أي خطوة تضر بمستقبل هذا العدد الضخم من أبناء الأمة المسلمة، وعلى باكستان ألا تحرج مسلمي الهند الذين لا يزالون يدفعون ثمن تقسيم البلاد، وعلينا ألا ننسى أن أساس التقسيم قد انهار بظهور بنجلاديش، وإن كانت هناك دولة وارثة الدولة باكستان التي ظهرت سنة ١٩٤٧م، فهي بنجلاديش، التي تمثل أغلبية الشعب الباكستاني.
والعنصر الشوفيني في باكستان لم يتعلم الدرس من مأساة انفصال باكستان الشرقية، والعناصر الأخرى من الباتان والبلوش والسنديين والمهاجرين غير راضين اليوم عن سياسات الحكومة المركزية التي يسيطر عليها العنصر البنجابي، وهذا يكشف أنهار العنف الدامي، التي تجري في باكستان، نعم، لابد من أن للهند ولقوى أخرى دوراً في استغلال وإذكاء هذه النيران، ولكنها فقط تستغل تناقضات موجودة بالفعل وليس بإمكانها إيجاد تلك التناقضات من العدم.
ولكاتب هذا المقال كتابات منشورة منذ منتصف الثمانينيات بالإنجليزية والعربية -داخل الهند وخارجها- حول معاناة الشعب الكشميري، ومظالم الجيش في كشمير، وعلى رأس هذه الكتابات كتابي بالإنجليزية «الوادي الجريح» Wounded Valley المنشور في نيودلهي سنة ١٩٩٥م.
وأود الإشارة هنا إلى موضوع سبق أن نشرته المجتمع عن إرهاب بعض الجماعات الإسلامية في الجزائر، وأظن أن ذلك الموضوع قد فتح عيون كثير -ومنهم هذا الكاتب- ليرى حقائق الوضع الجزائري من منظور جديد، فلا يلقي كل التبعات على النظام الحاكم هناك، مع الاعتراف بكل أخطائه التي بدأت بإلغاء نتائج الانتخابات النيابية، وتزوير إرادة الشعب.
وهكذا، ينبغي النظر إلى القضية الكشميرية، فهي ليست قضية «إسلامية» بحتة، يجب على كل مسلم تأییدها بالضرورة، ولا يمكن مقارنتها بفلسطين أو البوسنة، فالشعب الكشميري يعيش في أرضه، ولا يقوم أحد بإجلائه، أو الاستيلاء على أرضه، وهو يتمتع بحقوق وامتيازات معينة، لا يتمتع بها المواطن الهندي العادي في الولايات الأخرى، ولولاية جامو وكشمير دستور خاص بها، لا يجوز لدولة الهند تغييره بدون إذن برلمان الولاية الذي يتمتع بسلطات دستورية، لا تتمتع بها البرلمانات الإقليمية الأخرى، وكل ذلك للمحافظة على ما يسمى في كشمير بالروح الكشميرية Kashmiriyat للولاية، وتنادي الأحزاب والمنظمات الهندوسية المتطرفة، بإلغاء هذه الامتيازات، ولكن الأحزاب السياسية العلمانية ترفض ذلك، وقد وقعت في حق الكشميريين تجاوزات ومظالم ضخمة بدون شك –والشعب الكشميري، ليس هو الشعب المظلوم الوحيد بين شعوب الهند– ولكن ذلك يجري في أغلب الأحوال، لأن الحكومة المركزية وجدت أدوات طيعة في صورة زعماء كشميريين ضعاف أو فاسدين ابتداء من «بخشي غلام محمد» إلى «فاروق عبدالله».
والذي يجري في كشمير منذ عشر سنوات هو أن باكستان تشن حربًا غير معلنة على الهند، بواسطة تشجيع الحركة المسلحة في كشمير، وتهريب المسلحين إليها من جانبها، وكثير من المناوشات المسلحة تكون في الحقيقة غطاء لإلهاء الجنود الهنود عن مراقبة الحدود لكي يتمكن المسلحون من التسلل إلى الجانب الهندي، وقد لجأت باكستان إلى أسلوب الحرب غير المعلنة، لأنها تدرك جيدًا أنها لا تستطيع هزيمة الهند في مواجهة عسكرية، وهي قد حاولت ذلك مرتين، وفشلت، وقد خالفت باكستان وقف إطلاق النار مرارًا بإدخال المتسللين في أعداد كبيرة سنة ١٩٦٥م، ثم في الحقبة الأخيرة خلال الحركة المسلحة التي تلقى التأييد المالي والعسكري من باكستان.
إن من مبادئ ديننا الحنيف أن «المسلمين عند شروطهم»، والكل يعرف أنه توجد معاهدة صريحة بين الهند وباكستان، تسمى معاهدة شيملا، التي عقدت سنة ۱۹۷۲م، وهي تقضي بحل المشكلات العالقة بين البلدين بصورة سلمية في محادثات ثنائية فقط، وبدون تدخل من أي طرف ثالث وباكستان لم تنبذ هذه المعاهدة من جانبها -أي لم تلغ المعاهدة بالتعبير العصري- بل هي لا تزال تشارك في مفاوضات مع الهند في إطار هذه المعاهدة، فكيف يجوز لها إذكاء نار الحرب الأهلية في منطقة خاضعة للطرف الآخر؟
أهداف باكستان:
باكستان تقوم بتأجيج الحركة المسلحة في كشمير لسببين:
۱– التوسع الإقليمي، وهي مشكلة قديمة في العلاقات الدولية من منظور الجغرافيا السياسية.
٢- الانتقام لهزيمة ۱۹۷۱م، وقد انتقمت باكستان، أولًا بإذكاء التمرد المسلح في ولاية البنجاب طوال الثمانينيات، وحين فشل ذلك التمرد في نهاية الثمانينيات، بدأت تؤيد وتشجع وتمول وتسلح التمرد المسلح في كشمير، والذي بدأ سنة ۱۹۸۸م، «أول انفجار في الوادي وقع في ٣١ يوليو ۱۹۸۸م».
والمسلحون الكشميريون يرون أنهم غير قادرين على تحقيق أي انتصار حاسم على المؤسسة العسكرية الهندية، ولذلك أفهمتهم المخابرات العسكرية الباكستانية، أن المطلوب منهم لا يعدو أن يكون تهيئة الأوضاع للتدخل العسكري الباكستاني، وأن باكستان في اللحظة المناسبة سوف تتدخل في كشمير لتحريرها، وكان المسلحون الكشميريون ينتظرون التدخل الباكستاني العسكري في عامي ۱۹۹۰ م – ۱۹۹۱م، ولكن باكستان لم تقدم على ذلك، فهي تعرف جيداً النتيجة الوخيمة مسبقًا، وكثير منهم يدركون هذا الأمر جيداً من أمثال أعظم انقلابي، زعيم إحدى الحركات المسلحة الذي عاد من باكستان قبل عدة سنوات، وأعلن حل حركته وحطم بندقيته في حركة مسرحية.
خسائر باهظة للشعب الكشميري:
حسب الأرقام الهندية، سقط ١٨ ألف قتيل، من جراء الحركة المسلحة في كشمير إلى الآن، أما أرقام أوساط الحركة المسلحة والمصادر الباكستانية فتصل إلى ۷۰ ألف قتيل، والرقم الحقيقي سيكون بين هذا وذاك، وبطبيعة الحال معظم هؤلاء القتلى من شباب كشمير، وأيًا كانت الأرقام، إلا أننا يمكننا أن نقول: إن ما بين ١٠ ٪ إلى ٢٠٪ من شباب كشمير، راحوا ضحية هذه الحرب التي لا معنى لها، ولا أمل في انتصارها، ولا نهاية لها إلا في صورة دمار كشمير والكشميريين، وهذا الدمار ليس بآت، بل هو واقع بالفعل، فقد دمرت المؤسسات التعليمية، وضاعت سنوات عديدة على الطلبة في الوادي، بسبب عدم انتظام الدراسة، وعدم عقد الامتحانات، نتيجة أجواء الحرب، وكثرة الإضرابات، وتعطيل الحياة العامة، وكذلك تم تدمير الاقتصاد الكشميري بصورة شبه كاملة تقريبًا، وهو الاقتصاد الذي كان يعتمد إلى حد كبير على السياحة من خارج الولاية واليوم قليلون الذين يتجرأون على زيارة كشمير وقد تدمرت البنية التحتية بصورة كبيرة، كالشوارع والكهرباء، وخدمات الهاتف والبريد، وأغلقت المصانع، وقد أدت هذه الأوضاع –وخصوصًا البطالة المتفشية– إلى تفشي جرائم القتل والسطو والخطف والاغتصاب، وتصفية العداوات الشخصية باستخدام السلاح المتوافر بكثرة وابتزاز الموسرين بتهديدهم بالقتل لدرجة أن الناس يخفون ثرواتهم، ولا توجد في الوادي سيارات جديدة، حيث إنها دليل على ثراء صاحبها وهو بالتالي يتعرض للابتزاز والدفع بالتي هي أحسن إن أراد الحياة، وقد جمع عديدون من زعماء الحركات المسلحة ثروات طائلة بدون رقابة من أحد، وراجت المخدرات ونشط التبشير المسيحي والقادياني، وأخذ شباب كشمير يهاجرون منها إلى أمكنة أخرى في الهند والخارج للدراسة والتجارة والبحث عن فرص العمل.
حسب الإحصائيات الهندية الرسمية وقعت منذ سنة ۱۹۸۹م وإلى الآن ٣٦٢٥ عملية اختطاف في الوادي، بينها ۲۱ أجنبيًا، و ۱۲۸ سياسيًا، و ١٤٥ امرأة، ولا يعرف بعد مصير الأوروبيين الأربعة الذين اختطفوا في بهلغام في يوليو ١٩٩٥م، وخلال هذه الفترة، هدم ١٣,٦٦٣ مبنى خلال ٤,٧٦٣ عملية بينها ٧٦٥ مؤسسة تعليمية و ٣٤٤ جسرًا و ١٠ مستشفيات، ونحن لا ننكر مطلقًا جرائم الجيش والوحدات الهندية المسلحة، وقد ركزنا عليها ونددنا بها مرارًا، ولكن لابد من أن نعترف بأن تجاوزات الجيش قد حدثت بسبب الحركة المسلحة إذ لم تعرف هذه الجرائم قبلها.
حركة مشتتة:
والحركة الكشميرية ليست موحدة، فهناك ٣٣ حزباً ومنظمة وحركة في مؤتمر الحرية Hurriyat Conference إلى جانب منظمات أخرى لا تشارك في هذا المنبر، بينهم زعماء حركات وأحزاب سياسية سبق لها التعامل مع الهند.
ثم هناك منظمات باكستانية مثل «لشكر طيبة» و«حركة الأنصار».
وإلى جانب هؤلاء هناك جبهة تحرير جامو وكشمير التي تنادي باستقلال كل كشمير، وهو أمر ترفضه وتحاربه الحكومة الباكستانية، وعناصر جبهة تحرير جامو وكشمير يواجهون الحرب والتضييق في كل من الهند وباكستان، وقد دعمت باكستان حزب المجاهدين لتصفية جبهة تحرير جامو وكشمير، ولذلك شوهد في بداية الحركة المسلحة أن كلًا من الجنود الهنود، وحزب المجاهدين كانوا يقومون بتصفية عناصر جبهة تحرير جامو وكشمير، وحين ضعف كادرهم العسكري من جراء هذا الهجوم المزدوج انفردت الهند بحزب المجاهدين وقامت بتصفيتهم.
انتهت الحركة المسلحة:
لابد من أن نكون واضحين أنه قد انتهت الحركة الكشميرية المسلحة اليوم في المناطق الحضرية من الوادي نتيجة الضغط الهندي العسكري، وهي منحصرة الآن في بعض مناطق جامو الجبلية المتاخمة للحدود الباكستانية، ويسيطر عليها مسلحون أجانب وخصوصًا الباكستانيين والأفغان، ومعهم بعض العرب ممن يطلق عليهم الأفغان العرب، وهؤلاء يأتون إلى كشمير لأنهم لا يستطيعون العودة إلى بلدانهم.
خلاف ثلاثي:
الخلاف الكشميري ليس ثنائيًا، بل هو ثلاثي «أو بالأحرى رباعي بأخذ الشعب الكشميري في الاعتبار»، فهناك دولة ثالثة أيضاً تحتل أجزاء من كشمير وهي الصين التي قد احتلت منطقة أقصاي شین ٣٧ ألف كلم سنة ١٩٦٢م، ثم تنازلت لها باكستان عن منطقة وداي شكسغام قراقورام ٥١٨٠ كلم سنة ١٩٦٣م.
وبما أن القضية الكشميرية لم تحل من وجهة نظر باكستان، فبأي حق قد تنازلت عن أراضي كشمير للصين، ولماذا لا تطلب من الصين إعادة أراضي كشمير التي احتلتها خلال حربها مع الهند سنة ١٩٦٢م.
ثم هناك طرف رابع في القضية الكشميرية، هو الشعب الكشميري الذي تفضل قطاعات منه «في كل من الجزأين الهندي والباكستاني» الاستقلال بدلًا من الانضمام للهند أو باكستان، وأولى الحركات المسلحة وأقواها في البداية -وهي جبهة تحرير جامو وكشمير- تنادي بكشمير المستقلة وقد حاربتها كل من الهند وباكستان.
ولا تعترف الهند أو باكستان بالشعب الكشميري طرفًا في القضية، بينما من مطالب كل فئات الحركة الكشميرية الحالية الرئيسة أن يجلس مندوبو كشمير أيضًا جنبًا إلى جنب مندوبي الهند و باكستان في أي تسوية نهائية، الأمر الذي ترفضه الدولتان، ثم هناك كشميريون لا يستهان بعددهم ممن يفضلون العيش في الهند، ويوجد لكل الأحزاب الهندية مؤيدون في كشمير إلى جانب الذي National Conference المؤتمر القومي أسسه الشيخ عبد الله ويرأسه ابنه رئيس الوزراء الحالي الدكتور فاروق عبد الله.
وتعداد سكان الجزء الهندي من كشمير يبلغ الآن ٧,٧ ملايين نسمة، يعيش منهم ثلاثة ملايين في الوادي والبقية بمنطقتي جامو ولداخ.
المسلمون أغلبية في الوادي فقط، أما في منطقتي جامو ولداخ فهم أقلية، والوادي –أي وادي كشمير– يمثل 9% من مجموع إمارة كشمير الأصلية، وهو كل ما يمكن أن تطمع فيه باكستان من الولاية في حالة إجراء استفتاء، ولكن هل الاستفتاء سيجرى لكل منطقة على حدة أم للإمارة كلها، كما كانت سنة ١٩٤٨م.
الخلفية التاريخية:
لم يكن وضع الإمارات شبه المستقلة في إطار الهند البريطانية واضحاً عند التقسيم: «كانت هناك نحو ٥٢٠ إمارة من هذا النوع من بينها كشمير» وهي كانت تخضع للسيادة البريطانية، ولكنها لم تكن تابعة للإدارة البريطانية المباشرة فالتقسيم قد جرى للمناطق التي كانت تابعة «مباشرة» للإدارة البريطانية، أما الإمارات، فترك لها الأمر لتدبير وضعها بالاتفاق مع الهند أو باكستان، وهذا هو السبب في أن كلًا من إمارتي حيدر أباد وكشمير حاولتا الحصول على الاستقلال الكامل، ولكن كون حیدر آباد محاطة من كل جانب بالهند، فقد قضي على طموحاتها، أما كشمير، فكانت تختلف إذ كانت لها حدود مشتركة مع أفغانستان والصين أيضاً وكان المهراجا الكشميري يتفاوض مع كل من الهند وباكستان لعقد معاهدة «قف مكانك» Standstill Agreement أي احترام الوضع القائم - حين فوجئ بالقبليين والجنود الباكستانيين يهجمون على الإمارة.
كان المهراجا يريد الحفاظ على إمارة مستقلة، مع عقد معاهدات حسن الجوار مع كل من الهند وباكستان، ولكنه في هذه الظروف استعان بالهند لإغاثته، واشترطت الهند أن يوقع على وثيقة الانضمام لإرسال جيشها إلى كشمير مع الإعلان بأنها ستحترم رأي الشعب الكشميري من خلال استفتاء بعد القضاء على العدوان الخارجي، وأكدت الهند ذلك أمام الأمم المتحدة وقد تنكرت الهند لوعودها وتعهداتها، ولكن الحقيقة هي أن باكستان هي الأخرى، لم تنفذ من جانبها المتطلبات الأربعة لعقد الاستفتاء وهي كما يلي:
۱– وقف إطلاق النار في كشمير.
۲– انسحاب القوات الباكستانية من كل أجزاء كشمير.
٣- تخفيف الوجود العسكري.
٤– استفتاء شعبي.
ولم تنفذ باكستان الشرط الثاني في يوم من الأيام، كما أنها استولت على أجزاء من كشمير تسمى بالمناطق الشمالية، فوضعتها تحت إدارتها المباشرة خارج سلطة كشمير الحرة، كما أنها تصرفت في تلك الأراضي فأعطت جزءاً منها للصين.
الحل الوحيد:
الحل العملي الوحيد للمشكلة الكشميرية، هو الاعتراف بخط وقف إطلاق النار «أو ما يسمى بـ خط التحكم سنة ۱۹۷۲م»، كخط دولي بين الجانبين، مع تسهيلات خاصة للكشميريين على الجانبين لزيارة أقربائهم وإجراء الاتصالات الثقافية والتجارية مع الجانب الآخر، وكان رئيس الوزراء الباكستاني ذو الفقار علي بوتو قد وعد رئيسة الوزراء أنديرا غاندي سنة ١٩٧٢ م، خلال محادثات شيملا بأنه سيحول خط وقف إطلاق النار من أمر واقع إلى خط قانوني معترف به في وقت لاحق، ولكنه لم يف بهذا الوعد، وكان رئيس لجنة التخطيط الهندي «جاسوانت سينج» – الذي يعمل هذه الأيام كوزير للخارجية من الناحية العملية– قد ألمح مؤخرًا إلى إمكانية قبول هذا الحل، إن الحل العسكري هو الوحيد الذي يمكن أن يغير الحدود الحالية في جامو وكشمير، ولكنه ليس في متناول باكستان، وهي لذلك تلجأ إلى الحرب غير المباشرة.
ومن غريب الأمر، أن كلًا من الجانبين الهندي والباكستاني يحترمان خط وقف إطلاق النار، فحين احتلت الهند خط حاجي بير خلال حرب ١٩٦٥ م، أعادته لباكستان بعد الحرب، وهناك اتفاق بين الطرفين منذ سنة ۱۹۷۲م، على عدم تجاوزه بدون إذن الطرف الآخر، وكان الجنود الباكستانيون قد فتحوا النيران على مظاهرة لـ «جبهة تحرير جامو وكشمير»، فأردوا عدة أشخاص قتلى في فبراير ۱۹۹۳م، وكان المتظاهرون يحاولون خرق خط وقف إطلاق النار، والعبور إلى الجانب الهندي لإظهار وحدة الأراضي الكشميرية، على جانبي الخط الفاصل.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل