; وجهة نظر من أفغانستان... قضية أفغانستان هي قضية المسلمين الأولى | مجلة المجتمع

العنوان وجهة نظر من أفغانستان... قضية أفغانستان هي قضية المسلمين الأولى

الكاتب نجي الله عطا الله

تاريخ النشر الثلاثاء 10-أغسطس-1982

مشاهدات 17

نشر في العدد 582

نشر في الصفحة 24

الثلاثاء 10-أغسطس-1982

الإسلام كدين عالمي شامل جاء للناس كافة لا لقوم دون قوم ولا لقبيلة دون أخرى، ولا للأبيض دون الأسود والأحمر والأصفر، وإنما جاء برسالة شاملة للجميع ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (سبأ: 28) وأن الأمة الإسلامية وحدة متكاملة على اختلاف الأمكنة والأزمنة وأنها على مر العصور حلقات متماسكة يعمل أولها لخير آخرها - ويغرس سلفها ليجني خلفها ثم يأتي آخره ليكمل ما بدأه الأول والإسلام يدعو الناس إلى التآخي ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الحجرات: 10) وإلى الترابط والتماسك والوحدة ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ﴾ (آل عمران: 103) و﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾ (الصف: 4) هذا المبدأ العظيم مسئولية جميع المسلمين للعمل على إحقاق هذه الوحدة المتكاملة ورص صفوف المسلمين واجتناب جميع عوامل التفرقة والتمزق والابتعاد عن أي عمل يسبب التفرق والتشتت بين المسلمين ومن مسئولياتهم القضاء على جميع أنواع العصبيات القومية واللسانية وإن مسؤولية الحركات الإسلامية الملتزمة خاصًة في هذا الشأن أكبر للقضاء على هذه الظاهرة بكل الوسائل المتاحة لهم لإعادة الوحدة الإسلامية المتكاملة وإحقاق الأخوة الإسلامية، وعلى الحركات الإسلامية إعطاء الأولوية للحمل الذي يسرع بإحقاق النتائج المنشودة التي هي من الأهداف الأساسية لجميع الحركات الإسلامية في المكان الذي يكون أقرب إلى جني الثمار بعد جهاد طويل وعمل مستمر للسنوات العديدة وانطلاقًا من هذا المبدأ الذي لا يختلف عليه أحد، نرى أن المكان المرشح للعمل الجاد الإسلامي في هذا الوقت هو أفغانستان حيث الجهاد، حيث الاستشهاد وحيث الهجرة في سبيل الله وحيث الانتصارات بعون الله ونصرته المكان الذي أحييت فيه سنة الجهاد والهجرة والاستشهاد والاستمداد من الله وحده دون غيره من قوى الشر والعدوان في مشارق الأرض ومغاربها المكان الذي لم تعرف الأمة الإسلامية انتصارًا حقيقيًا منذ أمد بعيد إلا فيه.

لأن الجهاد الإسلامي في أفغانستان في حال انتصاره قادر على أن يغير مجرى الأحداث ليس في المنطقة وحدها بل أن يغير مجرى التاريخ كليًا بإذن الله. فإن قيام دولة إسلامية في وسط آسيا يجرئ المسلمين في الاتحاد السوفيتي والصين، والهند، على مجابهة الظلم وسوف يكون بمقدور هذا النظام الإسلامي الجديد أن يكون المحرك لهذه الشعوب كي يصبح في مقدورها أن تتنفس ضد الأنظمة الماركسية والوثنية وسوف يكون هذا النظام الجديد منطلقًا للحركات الإسلامية الأصيلة، وللعمل الإسلامي الجماعي من أجل إعادة مجد الإسلام وعزته. والعمل الجماعي في أفغانستان في مثل هذا الوقت الذي يحقق المجاهدون الأفغان فيه انتصارات عظيمة على قوى الشر والطغيان. ويكبدون أكبر دولة وقوة مادية الخسائر الفادحة في المعدات والأرواح بحيث جعلوهم مسجونين في داخل معسكراتهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم بدلًا من أن يقضوا على الجهاد في أفغانستان «كما كانوا في أول الأمر» وسوف يكون لهذا أثر عظيم في تقدم الحركة الجهادية في العالم.

فإذا كانت الحركات الإسلامية في مختلف أنحاء وطننا الإسلامي الكبير لا تستطيع كل واحدة بمفردها الوصول إلى الهدف المنشود بسبب ما تواجهه من مقابلة قوى الشر والعدوان والأنظمة العميلة فعليها جميعًا دعم الجهاد العادل الصافي في أفغانستان دعمًا ماديًا ومعنويا بكل الوسائل المتاحة لهم لأن الجهاد في أفغانستان ليس جهاد أبناء أفغانستان وحدهم بل جهاد جميع المسلمين والحركات الإسلامية الملتزمة وفي دعمهم هذا تكاتف وتناصر للعناصر الإسلامية وتآزر ضد أعداء الإسلام والنتيجة الحتمية الفوز والفلاح والوصول إلى الغاية المنشودة وفي الجهاد لإعلاء كلمة الله ورفع لواء الحق على وجه الأرض.

مع أن المجاهدين الأفغان لا يتلقون أي نوع من الدعم من أي جهة رسمية، والمصدر الوحيد لإمدادهم بالسلاح هو الأسلحة التقليدية الموجودة مع الشعب والجيش الحكومي والجيش الروسي، كما سمعت من أحد قادة الجهاد في أفغانستان كان يقول: حينما نسمع بأن أسلحة روسية جديدة وصلت إلى أفغانستان لدعم الحكومة الشيوعية نحن نفرح بهذا الخبر لأننا نعتقد أنها سوف تقع في أيدي المجاهدين. وبهذا السلاح الذي يستولون عليه من الجيش الروسي يقاومون ألد أعداء الإسلام ولا يخافون من كثرة جيشهم ولا من تطور أسلحتهم. متأسيين بقول الله تبارك وتعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ (آل عمران: 173).

نعم من مسئوليات الحركات الإسلامية العالمية دعم الجهاد في أفغانستان بكل قدرتها لأن هذا الجهاد له كل مقومات الفوز والنجاح: قوة الإيمان بالله تبارك وتعالى والعقيدة القوية فلا غالب له، قوة الإرادة القتالية للمجاهد الأفغاني. رفع المعنويات الجهادية، فإنه لا يؤمن إلا بالنصر أو الاستشهاد في سبيل الله ولا يعرف غير ذلك.

الرجال الشجعان الذين يتمنون الشهادة، الروح القتالية العالية لدى جميع أفراد الشعب، الأرض الجبلية الصلبة، فإن قمم جبال أفغانستان، ما رضخت ولن ترضخ للاحتلال الأجنبي طوال التاريخ وفي المستقل وهناك الكثير من مقومات الفوز والنجاح الاخرى في جهاد أفغانستان.

ولا ينقصهم سوى السلاح والإمكانيات المالية فإنهم لا يملكون في مقابل الأسلحة الروسية المتطورة إلا سلاح الإيمان بالله تبارك وتعالى، ويستخدم الروس طائرات الهيلوكوبتر المدرعة تقصف مواقع المجاهدين من ارتفاع أمتار عديدة، وتدمر القرى وتحرق المحاصيل، وترتكب جميع أنواع الوحشية، ولكن المجاهد الشجاع يتألم في داخله حسرة وألمًا بسبب ما لا يملك أن يستعمله في مقابل هذه الطائرات وأحيانًا يضحي بنفسه فيطلق «آر بي جي» على الطائرة فيستشهد بشعلتها التي تخرج إلى الوراء، ولكنه يسقط الطائرة بينما الأموال الإسلامية تنفق ببذخ في اللهو والمجون أو تودع في بنوك أمريكا وأوروبا فلو حصل المجاهدون الأفغان على أسلحة تقاوم بها الطائرات المدرعة، وعلى أموال تمول بها مشاريعها الجهادية إلى جانب توفير بقية إمكانيات الفوز والنجاح فسيكون المستقبل للإسلام والمسلمين ليس في أفغانستان وحده بل في العالم كله إن شاء الله.

ومن هنا نطلب من المنظمات الإسلامية في العالم كلها والصحف والمجلات الإسلامية ومن كافة المسلمين والشعوب الإسلامية إعطاء الأولوية للقضية الإسلامية الأولى قضية أفغانستان على بقية القضايا وأن يكون لهذه القضية أكبر مكان في جميع نشاطاتهم ولقاءاتهم وصحافتهم.

ولا نرضى بأن يكون نظرة المسلمين والصحافة الإسلامية لهذه القضية نظرة هامشية كما هو الوضع الحالي فكثير من المجلات الإسلامية، نتصفح أعدادًا متوالية منها ولكننا لا نجد فيها كلمة واحدة عن الجهاد في أفغانستان، وبعضها تنظر إليها كأنها قضية أفغانية وليست إسلامية، وهذا في وقت نرى فيه هذه المجلات الإسلامية تملأ أغلب صفحاتها بقضايا ليست إسلامية في الواقع ولكنها تحاول أن تجعل منها إسلامية وقضايا إسلامية ولكنها في الترتيب تكون في المرتبة الثانية أو الأخيرة وتكون القضية الأولى نسيًا منسيًا.

كأن هذه المجلات تشترك في التعتيم الإعلامي المفروض على القضايا الإسلامية من قبل من ليس لهم مصلحة في مثل هذه القضايا.

وأيضًا نطلب من الصحافة الإسلامية تحري الدقة فيما تنشره من أخبار الجهاد في أفغانستان وألا تنشر كل ما تسمعه أو تقرأه في المجلات والصحف وخاصة الغربية منها حيث فرض التعتيم على أخبار الجهاد الصحيحة أمر متفق عليه بين جميع أعداء الإسلام وما ينشروه من الأخبار غالبًا يكون ما فيه مصلحتهم فلا يجوز نقله من غير تحري الدقة.

وقد نشرت المجتمع إحصائية في عددها 580 بتاريخ 7 شوال 1402هـــــ الموافق 27/يوليو/1982 في صفحة 25.

وهذه الإحصائية أيًا كان مصدرها غير صحيحة وقد بين فيها خسائر الشيوعيين وخسائر المجاهدين خلال سنتين في مقاطعة واحدة. 

وخسائر الجيش الروسي والحكومي المبينة في هذه الإحصائية أقل بكثير مما هو في الواقع فمثلًا جاء فيها أن الطائرات المسقطة خلال سنتين في وادي بنجشير خمس طائرات فقط والدبابات المدمرة ‎١٠٦‏ والسيارات المدمرة ‎١٤٨‏ ‏والقتلى من الشيوعيين ‎٧٦٦٦‏ مع أن الطائرات التي أسقطت في وادي بنجشير خلال المعركة الأخيرة وحدها كانت ‎٤٦‏ طائرة والدبابات المدمرة في هذه المعركة ‎٢٠٠‏ دبابة والقتلى من الجيش، الروسي والحكومي في هذه المعركة خمسة آلاف قتيل، وآلاف الجرحى وثلاثة آلاف أسير «جريدة - طريق الحق التي يصدرها الحزب الإسلامي» وجاء في الإحصائية أن الدبابات المدمرة في طريق سالنك كانت ‎١٨‏ ‏دبابة خلال سنتين.

والصحيح أن هذا الطريق طريق يربط كابل بالاتحاد السوفيتي ويعبر من سلسلة جبال هندوكش المرتفعة «معاقل المجاهدين» وما تعبر منها قافلة روسية إلا ويهاجمها المجاهدون. ولا يمكن للروس السيطرة على هذا الطريق لوجود الجبال المعاقل الطبيعية للمجاهدين ومن هنا فجوانب هذا الطريق بين مسافة وأخرى مليئة بالدبابات المدمرة ويشاهدها كل من يعبر هذا الطريق. فالقول بأن عدد الدبابات المدمرة ‎١٨‏ ‏خلال سنتين بعيد عن الصحة، وفيه تقليل من شأن الجهاد الإسلامي في أفغانستان وهكذا بقية الإحصاءات وخاصة احصائية الدبابات والسيارات المدمرة الواردة في هذا الجدول غير صحيحة.

ونؤكد للمرة الثانية ونلتمس من الأخوة الكتَّاب تحري الدقة لا سيما في مسائل هامة، خدمًة للقضايا الإسلامية وندعو الله تبارك وتعالى أن يجعل مخرجًا للمسلمين مما هم فيه ويحقق آمال المسلمين المخلصين في إقامة حكم إسلامي عالمي وإن الله على كل شيء قدير.

الرابط المختصر :