; وقائع محاكمة الإسلامبولي ورفاقه | مجلة المجتمع

العنوان وقائع محاكمة الإسلامبولي ورفاقه

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 15-ديسمبر-1981

مشاهدات 24

نشر في العدد 552

نشر في الصفحة 28

الثلاثاء 15-ديسمبر-1981

  • الإسلامبولي: أنا قاتل فرعون... أنا لا أخاف الموت.

  • المتهمون تعرضوا للتعذيب من قبل أجهزة المباحث.

  • المحكمة ترفض طلبات الدفاع استدعاء أبو غزالة وغيره.

  • عبد العال: كنت أستطيع قتل مبارك... لكني لم أفعل.

في يوم السبت الموافق ٢٤ محرم ١٤٠٢ هـ- 21/11/1981م، بدأت محاكمة المتهمين بقتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات.

حين دخل الصحفيون قاعة المحكمة أخرج أحد المتهمين يده وهو يمسك مصحفًا ويصيح: «أنا قاتل فرعون... أنا لا أخاف الموت»، وكان المتحدث هو الملازم أول خالد الإسلامبولي، وكانت الجلسة الأولى لمحاكمة ٢٤ متهمًا قد عقدت في معسكر الجبل الأحمر في منطقة مدينة نصر في القاهرة، بالقرب من المكان الذي قتل فيه السادات.

وعلى الرغم من أن الجلسة كانت إجرائية إلى حد كبير؛ حيث اقتصرت على قراءة التهم الموجهة للمتهمين- ومعظمها يحمل عقوبة الإعدام- والمناداة على المتهمين، وسؤالهم عن أسمائهم وسنهم ومهنهم ومحال إقاماتهم، فإن بعض المحامين حاول أن يدافع عن المتهمين.

وفي الوقت الذي كانت فيه المحكمة والدفاع منهمكين في الدفوع القانونية، كان المتهمون يتبادلون المزاح مع بعضهم، ويلوحون بأيديهم لأقاربهم الذين حضروا الجلسة، وكان الملازم أول الإسلامبولي أقل المتهمين- فيما يبدو- اكتراثا؛ حيث أخذ يمزح مع زملائه ويعانقهم، كما وقف في أحد المرات وهو يصيح مازحا: «إنني لا أرى أحدًا من أقاربي هنا... هل اعتقلوا هم أيضًا جميعًا»؟!

وقال عدد من المتهمين: إنهم تعرضوا للتعذيب من قبل أجهزة مباحث أمن الدولة، وقال محامي أحدهم وهو علي محمد السلاموني المعيد بكلية التربية: إنه لا يستطيع تحريك  فكه من الإصابات التي لحقت به، وطالب بعرضه على الطبيب الشرعي لوصف الإصابات التي لحقت به وتاريخ حدوثها، وقد عقدت المحكمة في غرفة صغيرة ازدحمت بالصحفيين والمصورين وأقارب المتهمين ورجال الأمن.

وبين المتهمين الأربعة والعشرين خمسة من رجال القوات المسلحة العاملين والاحتياطيين والسابقين، هم الملازم أول الإسلامبولي في سلاح المدفعية، وعبد الحميد عبد السلام عبد العال صاحب مكتبة وضابط سابق في القوات المسلحة، وعطا طايل حميدة رحيل مهندس وضابط احتياط، وحسين عباس محمد رقيب متطوع في القوات المسلحة، وهؤلاء هم الأربعة المتهمون باغتيال السادات، والمقدم عبود الزمر الذي تم ضبطه بعد معركة مع قوات الأمن في منطقة الهرم بعد مصرع السادات.

وبين المتهمين طالب في المرحلة الثانوية في الثامنة عشرة من عمره هو عبد الناصر أحمد درة، وقد أعاد رئيس المحكمة سؤاله عن سنه أكثر من مرة؛ حيث إن القانون الجنائي المصري يعتبر أي شخص لم يتم الثامنة عشرة من عمره حدثاً.

وقد أجمع المتهمون على طلب إنهاء السجن الانفرادي، وقال الدكتور عمر عبد الرحمن الأستاذ في كلية أصول الدين وهو كفيف: «السجن الانفرادي فيه تعب كثير، ولا نتمكن من أداء الصلاة، ولا نستطيع مواصلة البقاء في السجن الانفرادي».

الجلسة الثانية

في الجلسة الثانية التي عقدت في أول صفر ١٤٠٢ ه- 20/11/1981م، قال الإسلامبولي وعبد العال إنهما كانا في استطاعتهما قتل الرئيس الحالي حسني مبارك ووزير الدفاع عبد الحليم أبو غزالة، لكنهما أحجما عن ذلك؛ لأن هدفهما هو السادات.

وقد قررت المحكمة العسكرية العليا في هذه الجلسة الاستمرار في المحاكمة في جلسات سرية، وأوضحت مصادر الدفاع أن التركيز من جانب الدفاع لن يتعلق بالجانب المادي في قتل السادات، وإنما سيتناول الجوانب الدينية والسياسية للقضية، وكان المتهمون جميعًا قد ذكروا أنهم غير مذنبين بالنسبة للادعاءات الموجهة إليهم، رغم أن المتهم الأول وهو الملازم الإسلامبولي قال: إنه فيما يتعلق بقتل الرئيس السادات فإنه مذنب، ويفتخر بذلك، غير أنه عندما تدخل محاميه، وطلب أن تستوضح المحكمة منه إن كان اعترافه بأنه مذنب ينصرف إلى الواقعة المادية، أم يعني أن ما قام به مؤثم من الناحية الشرعية والقانونية؟ عاد الملازم الإسلامبولي فقال: إنه غير مذنب.

وقالت مصادر الدفاع: إنها ستطلب البراءة للمتهمين على أساس عدد من مواد قانون المطبوعات المصري الذي يحاكم بمقتضاه المتهمون، وسوف يعتمد الدفاع في تفسيره لهذه المواد على أن ما قام به المتهمون لا يؤثمهم من الناحية القانونية.

وقال أحد المحامين: إن كلًّا من الملازم الإسلامبولي وعبد الحميد عبد العال قد صمما على ألا يتطرق الدفاع إلى أشخاصهم المادية، ولكن أن يكون الدفاع عن الواقعة في إطارها الشرعي، وأضافت المصادر أن الدفاع سيطلب من المحكمة تبرئة كل المتهمين في ضوء الظروف التي كانت قائمة في مصر قبيل اغتيال الرئيس السادات، وموقفه من المعارضة والرأي الآخر.

ولقد ركز المحامون على أن القضية سياسية ودينية في المقام الأول، وطالب الدفاع باستدعاء إسماعيل فهمي وزير الخارجية السابق الذي استقال احتجاجًا على قرار الرئيس السادات زيارة القدس المحتلة عام ۱٩٧٧م، ومحمد إبراهيم كامل وزير الخارجية المصري الذي استقال إبان محادثات كامب ديفيد عام ۱۹۷۸م، للإدلاء بشهادتيهما، ولكن المحكمة رفضت الطلب.

وكذلك رفضت المحكمة طلبات الدفاع باستدعاء عدد من العلماء المسلمين بينهم شيخ الأزهر عبد الرحمن بيصار، والشيخ محمد متولي الشعراوي، والشيخ جاد الحق على مفتي مصر؛ لمناقشتهم في الجوانب الدينية في القضية، وفي فكر المتهمين.

وطالب المتهمون ودفاعهم أيضًا باستدعاء عدد آخر من العلماء الذين تم التحفظ عليهم من قبل السادات في شهر سبتمبر الماضي، ومن بينهم الشيخ أحمد المحلاوي، والشيخ عبد الحميد كشك، وكلاهما من كبار منتقدي سياسة السادات، ولكن المحكمة رفضت أيضًا.

كذلك رفضت المحكمة استدعاء الفريق عبد الحليم أبو غزالة وزير الدفاع للشهادة، بعد أن قال الملازم الإسلامبولي إنه عند قتل الرئيس السادات كان الفريق أبو غزالة أمامه، وكان باستطاعته أن يقتله، وأنه طلب منه أن يتنحى جانبًا، قائلا له: لا أريدك أنت، فأنا أريد هذا الكلب السادات».

وقال المتهم الثاني عبد الحميد عبد السلام عبد العال إنه كان يستطيع قتل الرئيس مبارك- وكان كل من الفريق أبو غزالة والرئيس حسني مبارك يجلسان على جانبي السادات أثناء العرض العسكري- ولكنه عدل عن ذلك، وطلب الدفاع الحصول على شهادة مكتوبة من الرئيس مبارك عن هذه الواقعة، ولكن المحكمة رفضت.

وانتقد الدفاع تصريحًا منسوبًا للفريق أبو غزالة طلب فيه انتهاء المحاكمة في مدة لا تتجاوز الشهر، وقد رد رئيس المحكمة بأنها لا تتأثر بمثل هذه التقارير الصحفية.

وعلى عكس الجلسة الأولى فقد خلت الجلسة الثانية من الهتافات من المتهمين، غير أن الملازم الإسلامبولي وقف قبيل نهاية الجلسة في قفصه، وصاح في جمهور الصحفيين والمحامين والشهود: «أنتم مساجين، ونحن أحرار، إنني أحيا حياة الحر، لا تحزني يا أمي؛ فإن موعدنا الجنة، نحن ذاهبون إلى الجنة، لا حزن ولا وجل»، وردت أمه: آمين.

الرابط المختصر :