العنوان وقفة مع: اعترافات طالبة ماركسية تائبة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 21-نوفمبر-1989
مشاهدات 721
نشر في العدد 942
نشر في الصفحة 44

الثلاثاء 21-نوفمبر-1989
وقفة مع: اعترافات طالبة ماركسية
تائبة
• عندما
تغيب الوقاية، يحصل المحظور.. هذه قاعدة ثابتة!
• وعندما
يتساهل الأولياء في مراقبة الأبناء.. وتقاعس الأسرة عن القيام بدورها في حراسة
النشء وتحصينه، وتحرص بدل ذلك على تضخيم وجبة النمو الجسماني على حساب وجبة النمو
الروحاني.. تحصل الكارثة وتجد الشياطين فرصتها سائحة ومهيأة لممارسة الإقطاع
والتضليل على الطفولة والشباب!
• وعندما
يفرض- الاختلاط- كصيغة واقعية لا تنازل عنها، في مؤسساتنا
التربوية والتعليمية، ويفلسف بكونه ضرورة اجتماعية ونمطًا
حضاريًّا.. يصبح البكاء على الشرف المهدور والأخلاق المذبوحة، مُتَّهمًا.. وضربًا
من الحرث في البحر!
وقضية الحال التي سنتوقف عند بعض
تضاريسها.. شاهد من أهله على صحة ما نقول.. فهي نتيجة حتمية لغياب عامل
الوقاية النفسية والاجتماعية من مخاطر التلوث البيئي: فكريًّا وثقافيًّا
وأخلاقيًّا!
وثمرة من ثمرات القصور الأسري في
المراقبة والتربية.. ومن جانب ثالث ما هي إلا إفراز طبيعي من إفرازات
الاختلاط المفتوح الذي ينعق به المغرضون..
فإلى هذه
الاعترافات:
حتى لا تتكرر المأساة:
«وصحيح أنني لم أعد فتاة
تستحق الاحترام، ولكن مازال في قلبي شيء من الشجاعة يدفعني إلى كشف الحقائق
المخفية، وفضح النفاق السياسي الماركسي؛ حتى لا تغتر فتاة غيري.. فتتكرر
المأساة، وحتى يراقب الأولياء بناتهم في الجامعة لكيلا ينزلقن في الماخور
السياسي وينخدعن بفكر الرذيلة».
بهذه
الشحنة من الحسرة والندم وقعت طالبة جامعية، وصفت نفسها بالتائبة، على صفحة من
صفحات إحدى جرائدنا الأسبوعية، ضمنتها اعترافات جريئة وشجاعة عن رحلة الضياع
والضلال التي عاشتها في نفق الماركسية، وعن ممارسات الوأد والاستغلال والإقطاع
التي تعرضت لها من طرف صعاليك الدرب ورفاق المرحلة. بعد نجاح عملية الغسل
الماكر لدماغها وتنفيذ أدوار الترغيب والتغرير لاستقطابها واحتوائها.
وغايتها من نشر غسيلها على حبل
الصحافة، ووضع تجربتها المريرة عارية بين يدي القراء هي كما تقول: «رغبتي في تحذير
كل فتاة على أبواب الجامعة من الوقوع في الخطيئة التي مازلت أعاني من آثارها.
وتنبيه الأولياء لكي يحموا بناتهم من الوقوع بين أيدي النخاسين في أسواق السياسة.. فقد
كنت ضحية شذوذ الفكر الماركسي بالجامعة وأساليبه السياسية الرخيصة..
الجامعة.. وسراب المدينة الفاضلة
التجربة التي عاشتها الفتاة صاحبة
الاعترافات، كان مسرحها إذن الجامعة.. والجامعة كما هو معلوم: هي أهم
المؤسسات التربوية والتعليمية العليا التي تمثل ملاذ طلاب العلم وعشاق البحث
والتخصص.. ولكن من جانب آخر، ما يزال رُكْحُ الجامعات يمثل لكثير من مرافقي
ومراهقات المرحلة
الثانوية الحالمين منهم بالطيش والنسيب.. مجالًا رومانسيًّا ومدينة فاضلة
تبيح لهم تمثيل وتقمص أدوار مختلفة ومتفاوتة لتفريغ الكبت النفسي
والاجتماعي المزعوم، بعيدًا عن رقابة الأهل والمجتمع. وصاحبة الاعترافات كانت
واحدة من هذه النماذج المخدوعة. فهي تقر بقولها: «وأنا طالبة وقد كنت وأنا في
المرحلة النهائية من التعليم الثانوي أحلم بدخول الجامعة، حتى التحرر من قيود
العائلة والمجتمع، وأعيش في جنة الحرية التي طالما بشرنا بها -المتمَرْكسون– من
الأساتذة وفي سنتي الأولى من الجامعة كنت على موعد مع سفينة التحرر التي ستقلني
إلى -المدينة الفاضلة- فركبتها بلا جواز سفر ولا تذكرة.. وكان
ما كان»!
الجامعة.. وبضاعة المفسدين
- «ومن يملك الجامعة يملك المستقبل»!
انطلاقًا من هذه المقولة، تحرص
الشرائع الأيديولوجية على توظيف المجال الجامعي الحصب، واستغلال المرحلة
الجامعية لنشر أطروحاتها وترويج شعاراتها، باتباع ممارسات وأساليب تختلف من فريق
إلى آخر. وتتنوع من فترة إلى أخرى.. من أجل استقطاب أوسع واحتواء أكبر للعناصر
المراهقة الجديدة القادمة من الثانوي، والباحثة في أغلبها عن انتماء والتي
يتم استدراجها واحتواؤها غالبًا عبر نقاط الضعف فيها، والتي بدورها تختلف من فرد
إلى آخر.. تقول الطالبة المعترفة: «ولم يمض عليَّ شهر بالجامعة حتى كان
اللقاء الأول مع «المهدي المنتظر»! الذي أرسله إلي الفريق الماركسي
المكلف بمهمة الاحتواء للطلبة الجدد، وخاصة الفتيات الجميلات.. لقد كان
الرفيق متسلحًا بوسامة الوجه وطلاقة اللسان.. وسرعان ما شرع في سرد محفوظه
السياسي وشعاراته الثورية وحماسته العنترية. فانبهرت بما
يقول. وتَمَرْكَسْتُ على يديه. وأنا الفتاة التائهة الباحثة عن مبدأ في
الحياة؛ لأثبت به وجودي».
ثم تضيف متحدثة عن الخطوة الثانية
قائلة: «وبعدها بدأ -الرسول- يعلمني أبجدية الماركسية وهي أنه المخلّص
من كل ما تربيت عليه من أخلاق وما ورثته من قيم لتتحرر نفسي من العقد وينعتق
جسدي من الحرمان». ولكن هذه الخطوات التمهيدية التنظيرية لا تكفي! -هكذا
يعتقد الرفاق أئمة الكفر والفساد- فلابد من التطبيق وإخضاع الفريسة للتجربة
الواقعية لاختبار استيعاب المعلومات والأوامر.. ومنح العلامة
المسجلة تقول صاحبة الاعترافات: «ولما أيقن- الرفيق المعلم- أنني أصبحت ثمرة
ناضجة، انتقل من مرحلة الانتظار والتنظير إلى مرحلة الإنجاز والفعل
الماركسي، فنهش الثمرة بأنياب الجوع الجنسي، ثم ألقى بما تبقى منها
إلى بقية الرفاق».
وبانتهاء الوليمة القذرة تتخلص
الضحية من عقدها الجسدية والنفسية ومن قيود العفة والشرف والأخلاق، وتؤخذ على
إثرها إلى بيت العمليات حيث تخضع للدمغجة وغسل الدماغ والتعميد الأيديولوجي.. وتدرب
على مضغ الشعارات الجاهزة.. وترتيل مزامير ماركس وأنجلز ولينين.. وبقية
فحول القطيع الغبي، إنه- حسب عرف الرفاق: دور التثقيف الأيديولوجي! فما
هي محاور الدرس؟!
محاور الدرس:
تقتصر صاحبة هذه الاعترافات في هذا
المضمار على ذكر خمس نقاط حساسة هي: المرأة- الأسرة- الشعب- المنهجية
والوسيلة.
فماذا تقول:
أ- المرأة: جاء على لسان الطالبة قولها: - قالوا لي- عن المرأة- إنها
مساوية للرجل، ويقصدون من ذلك بأن تتصرف في جسدها بكل حرية، فلا تلتزم بأخلاق ولا
قيم، ومن حقها أن ترفض الارتباط بزوج واحد؛ لأن الزواج بمفهومه التقليدي صورة
مصغرة لمجتمع الإقطاع والملكية الفردية.. فعليها إذن والحالة تلك أن
تؤمن «بالمشاعة الجنسية»، أي البغاء الماركسي. فالمرأة عندهم: جسد
يلتهم وأداة تسخر لخدمة الأهداف التكتيكية والإستراتيجية للفكر الماركسي.
ب-
الأسرة: وتأتي اعترافات الضحية في هذا المجال، مشحونة
بحرقة الأسى ولوعة الندم؛ حيث إنها برهنت للرفاق الماكرين على حماستها
للتطبيق الفعلي، وأظهرت لهم تفاعلها الجاد والمطلق مع الفكرة والمبدأ.. ولو
كان ذلك على حساب أبيها وأمها اللذين غذَّياها وكبراها وسهرا من أجلها.. ولم
تصمد عندها الرابطة الأسرية أمام ولائها للمذهب.. ولم تراع في أهلها إلًّا
ولا ذمةً؛ حتى لا تتهم بالضعف والردة. تقول المسكينة: «وعلموني في المدرسة
الماركسية أن الأسرة هي نموذج المجتمع البورجوازي المستبد؛ لذا يجب الثورة على
نظام الأسرة والقضاء عليه، وعصيان الوالدين، وهذا ما طبقته بحذافيره مع أمي المسكينة
وأبي الشيخ العليل، ولقد نالا مني ما يكرهان، ويا للأسف والحسرة مات أبي منذ
سنتين وما لبثت أمي أن لحقت به بعد ستة أشهر، رحلا وهما يحملان في قلبيهما أسى
ولوعة على ابنتها العاقة والمنحرفة.. وتركا لي إخوة مازالوا في
سن الدراسة. فآه، ثم آه، ثم آه».
ج- الشعب: وهو قميص عثمان- كما تقول الضحية - الذي يتكلمون
باسمه، ويعتقون غيرهم باسمه، ويرتكبون كل الموبقات باسمه: فهم
يرفعون شعار- البرولوتاريا– ويمارسون في حياتهم الخاصة سلوكًا بورجوازيًّا،
فما رأيت مرة قط ولو واحدًا منهم يواسي فقيرًا أو يتواضع لعامل أو يشارك في عمل
اجتماعي مفيد.. فكلهم يسعى إلى إشباع غرائزه الحيوانية وإلى البحث عن
الشهرة بواسطة رفع الشعارات الكاذبة.
ولعل من سوء حظ بعض الشعوب في
التاريخ المعاصر أن تبتلى بقيادات ونخب من مثل هؤلاء الصعاليك الذين يتخلقون في
رحم الماركسية المتعفن، يحتكرون مواقع الضغط في أهم مؤسسات مجتمعاتهم، ويتحكمون في
سياساتها المصيرية، وتذوق الشعوب تحت سيطرتهم الأمرين ظاهرًا وباطنًا..
باسم الثورة والتغيير والتقدمية.. والتنمية..
وما «ربيع بيكين» منا ببعيد!
د- منهج النضال وأسلوبه: ويعتمد الشعار الميكيافيلي المعروف: الغاية تبرر الوسيلة- لذلك- تقول
الطالبة التائبة: أصدر ذيول الماركسية تعليمات صارمة تحثنا على التلون بكل
لون والاندماج في كل التنظيمات والأحزاب المعادية والعمل على تقويضها من
الداخل. وقد شجعونا حتى على الاندساس في الحزب الدستوري عندما نتخرج ونتوظف،
ثم العمل على الوصول إلى مراكز السلطة والمسؤولية فيه.
وأما الوسيلة لتحقيق ذلك وأدوات
النضال: فهي الجنس والإغراء لذلك -تقول الضحية- كثيرًا ما يسخروننا نحن
الفتيات الجميلات لربط علاقات خائنية مع عناصر معادية للحصول على الأسرار
أو لكسبها لصفنا..
وتقتضي بعض الحالات الاستنجاد بالعنف
الثوري.. وركوب الموجات السياسية الجديدة وتبنيها.
النتيجة
وتختم هذه الطالبة اعترافاتها
بقولها: ها أنا بعد هذه التجربة المريرة في ماخور المجتمع الماركسي أعود
بالغربة والعار، وبسكاكين الندم تقطع نياط قلبي، وبعين تذرف الندم على شرف مهدور،
ووالدين ماتا حسرًة وكمدًا.. صحيح أنني أصبحت فتاة لا تستحق الاحترام، ولكن
مازال في قلبي شيء من الشجاعة يدفعني إلى كشف الحقائق المخفية وفضح النفاق السياسي
الماركسي؛ حتى لا تغتر فتاة غيري، فتتكرر المأساة.. وحتى يراقب الأولياء
بناتهم بالجامعة لكيلا ينزلقن في الماخور السياسي وينخدعن بفكر الرذيلة».
- فهل تجد هذه الكلمات، من يفقهها من الأولياء والفتيات؛ حتى لا
يتكرر الخداع للذين آمنوا؟
- وهل يكف الناعقون بضرورة الاختلاط في مؤسساتنا التربوية
والتعليمية.. بعدما حصل ما حصل من جرائم قوضت البيوت ولوثت المجتمع.. وأفسدت
الأخلاق، وهل يعي أولو الأمر في مجتمعاتنا الإسلامية خطورة التساهل
والتسامح في منح التأشيرة القانونية لأحزاب الهدم والإلحاد؟
إن في قضية الحال أكثر من
عبرة وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهید!
_____________________________
أوردت اعترافات هذه الطالبة في
عدد 4 جوان 1989 م من جريدة الأنوار التونسية.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

تقرير أعضاء مجلس الأمن الدائمون أكبر مورديها تجارة السلاح.. تحصد الثروات والأرواح
نشر في العدد 1704
16
السبت 03-يونيو-2006
