; ومضة (العدد 1237) | مجلة المجتمع

العنوان ومضة (العدد 1237)

الكاتب مبارك عبد الله

تاريخ النشر الثلاثاء 04-فبراير-1997

مشاهدات 20

نشر في العدد 1237

نشر في الصفحة 52

الثلاثاء 04-فبراير-1997

تتوالى الأحداث في صربيا، وتصعّد المعارضة من مواجهتها، لنظام الحكم الذي ما زالت تراوده أحلام الحقبة الشيوعية البائدة، فقد ألغي نتائج الانتخابات البلدية التي فازت المعارضة بمعظم مقاعدها، وهذا الفوز الذي يعتبر مؤشرًا على تآكل قوة النظام، وتبخر آمال «الطاغية» في حكم يدوم مدى الحياة، معتمدًا في ذلك على براعته في الاحتيال على الشكل الديموقراطي للدولة، كما يستند إلى اعتقاده بديمومة الغفلة عند الجماهير التي قد لا تنتبه إلى أن الحزب الذي يشارك في الحكومة تتزعمه زوجة «الزعيم الأبدي» وأن الحزب المشارك لا يعدو كونه منبرًا لاستدراج من لا يستطيع احتواءهم في حزبه الأول، تمامًا كما فعل زعيم عربي في السبعينيات عندما شكل مجموعة من المنابر، ماهي إلا «واجهات» لحزبه الحاكم، ترفع شعارات مغايره؛ لإثبات إتقانه واندماجه في «اللعبة الديمقراطية»!!

 إلا أن اعتقاد الزعيم الصربي «الأوحد» ثبت أنه كان اعتقادًا خاطئًا، لم يقم على أساس متين ولا نظرة بعيدة رغم ما يتمتع به صاحبه من ذكاء ومناورة وقدرة على الالتفاف وبراعة في التهرب من المسؤولية، ظهر ذلك واضحًا في تعامله مع القضية البوسنية- من خلف الستار -حيث كان يحرك خيوطه فتشتعل الحرب ويلتهب أوارها، ويحركها ثانية فتهدأ المعارك وتلوح بوادر السلام، ثم يعيد الكرة ثانية وثالثة.. لأن المعارضة لم تكن غبية كما توقع، لقد أدرك «الصربي المتعجرف» ذلك، عندما ألغي الانتخابات فثارت فئات الشعب، وازدحمت بها الشوارع، وسمع العالم صرخات المنددين بالظلم والمطالبين بالحقوق، وما كان للعالم أن يسمع، وما كان لإعلامنا أن يذيع، لولا الموقف الغربي الذي جند كل إمكانياته الإعلامية والسياسية، لدعم وتشجيع المعارضة الصربية والتلويح باستخدام كل الوسائل للضغط على «القنفذ»، الذي يحاصره شعبه، حتى يستجيب لمطالب المعارضة ويرضخ لنتائج الانتخابات. ف

ي موقع آخر من العالم، وبالتحديد على الضفة المقابلة من البحر الأبيض المتوسط، كان الموقف الغربي مغايرًا تمامًا لهذه الصورة، فعندما فازت المعارضة بأغلبية ساحقة، وتحركت دبابات السلطة لإلغاء الانتخابات، لم يكن الموقف الغربي صادقًا مع نفسه ولامع شعاراته ومبادئه المعلنة، وإنما انحاز إلى جانب السلطة التي انتهكت «قدس أقداس» الديمقراطية، وأسالت دماءها في الشوارع، وساندها بكل ما يملك من إمكانات وجبروت وانهالت المساعدات على السلطة، لتتمكن من تحقيق انتصارها على الشعب الذي أراد أن يكون حرًا في اختياره.. ترى هل لهذا الموقف الغربي المستهجن علاقة بهوية المعارضة الجزائرية!! القارئ المنصف يعرف الإجابة الصحيحة.

 

الرابط المختصر :