; ٥٠٠ حادث اعتداء في عام واحد | مجلة المجتمع

العنوان ٥٠٠ حادث اعتداء في عام واحد

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 29-سبتمبر-1970

مشاهدات 59

نشر في العدد 29

نشر في الصفحة 12

الثلاثاء 29-سبتمبر-1970

إن صبر المسلمين يكاد ينفد، إن أشباح الخوف وعدم الاستقرار والاضطرابات الطائفية تخيم الآن على رأس كل مسلم في الهند، والوضع الطائفي هو حديث كل أسرة إسلامية في الهند اليوم.

وإن المسلمين لا يستطيعون أن يفهموا لماذا يقتلون ويذبحون، ويحرق أطفالهم، ويعتدى على نسائهم، وتحرق بيوتهم بين الحين والآخر، ولماذا يتصرف المحافظون على القانون كما لو كانوا هم خارقوه؟

رسالة خطيرة من رئيس مؤتمر العالم الإسلامي

 يواجه المسلمون في الهند منذ استقلالها خطرًا شديدًا ناجمًا عن تعصب الهندوكيين الديني الهادف إلى إرغام الأقلية الإسلامية هناك التي تبلغ ٦٠ مليونًا موزعة في أنحاء مختلفة من الهند على التخلي عن دينها وثقافتها واعتناق الهندوكية أو مغادرة بلادها وموطنها الذي نشأت فيه منذ نحو عشرة قرون، ولجأ الهندوكيون إلى أساليب العنف لتحقيق غرضهم، بشكل همجي کالإبادة الجماعية بإحراق القرى الإسلامية والأحياء الإسلامية في المدن بمن فيها من رجال ونساء وأطفال، وتدمير الممتلكات الصناعية والزراعية فيها.

وقد تفاقم هذا الخطر كثيرًا بنشوء تنظيمات شبه عسكرية تابعة لفئات مغرقة في التعصب الديني من الهندوس، مثل: حزب جان سنغ، وحزب شيفا سينا، وحزب هندوسابها، وأفراد هذه المنظمات مدربون على مختلف أنواع التدمير والقتل، كما أن عقولهم ونفوسهم مفعمة بالحقد على المسلمين، صفوة القول: إن الأقلية الإسلامية في الهند تعيش اليوم في ظروف قاسية جدًا هذا ملخصها:

۱-تبذل محاولات على أوسع نطاق للقضاء على اللغة التي ينطق بها المسلمون وهي اللغة الأردية، وعلى ثقافتهم وحضارتهم التي توارثوها من قرون متتالية.

۲-يرغم أبناء المسلمين على تلقي التعليم الذي يبعدهم عن الإسلام ويفرغهم في قالب الحضارة والثقافة والديانة الهندوكية الحاكمة.

۳-تبذل المحاولات في كسر شوكة المسلمين من الناحية الاقتصادية، والاجتماعية كما سدت في وجوههم أبواب الوظائف الحكومية وفق خطة مبيتة.

٤-بدأت الحكومة الهندية تتدخل في قانون أحوالهم الشخصية ولم يبق لهم حتى حرية العمل وفق الشريعة الإسلامية في الحياة الشخصية.

٥-منذ استقلت الهند والمجازر مستمرة على المسلمين بقتل الألوف منهم لأسباب تافهة وأعذار مختلفة، كما تحرق بيوتهم وتنهب أموالهم، ثم يلقى القبض على المسلمين أنفسهم ويعاقبون أشد العقاب.

 

أكثر من ٥٠٠ حادث في العام

وكانت أعنف هذه المجازر تلك التي وقعت في شـهر أيلول «سبتمبر» من عام ١٩٦٩ في مدينة أحمد آباد وضواحيها، أثناء انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي في الرباط ذهب ضحيتها الألوف من المسلمين الأبرياء. وقبل ذلك وقعت مجزرة «جبل بور» الهائلة.

وبلغ عدد الاعتداءات الطائفية على المسلمين في عام ١٩٦٩ وحدها: ٥١٩ حادثاً وفق الإحصاءات والتقارير الهندية الرسمية نفسها.

وفي عام ۱۹۷۰ الجاري قامت سلسلة من المذابح كان آخرها مجزرة ضواحي بومباي التي قتل فيها الهندوكيون أعدادًا كبيرة من المسلمين في الشوارع حتى أن المستر شافان وزير الداخلية في حكومة الهند الاتحادية علق على تلك المذابح الذي يتعرض لها المسلمون بقوله كما ورد في مجلة «المجتمع» الكويتية، السنة الأولى العدد ۱۱ في ٢٦ مايو ـأيار ۱۹۷۰ ما يلي:

«لقد كانت الاضطرابات سلسلة من الاعتداءات القاسية المتوحشة على المسلمين. ولقد انحط فيها المعتدون إلى مرتبة الوحوش، فأحرقوا الأطفال الصغار في حضور أمهاتهم.

ولقد قابلت مثل هذه الأم، وسيظل وجهها يطاردني طوال حياتي».

والمستر شافان نفسه من «ماهاراشترا» التي وقعت فيها المذابح ضد المسلمين مؤخرًا.

وفي 29 /5 /1970 نشرت صحيفة «الفايننشال تايمز» تحقيقًا لمراسلها في الهند نفيل ماكسويل قال فيه:

«كانت الجالية الإسلامية في الهند تتعرض لاضطهادات وعمليات قمع ومجازر متزايدة منذ منتصف الستينيات، وإن عمليات القتل الأخيرة في ولاية ماهارا شترا تقع ضمن إطار المجازر التي أصبحت الشيء السائد في الهند اليوم، وتسبق هذه المجازر في العادة أسابيع، بل شهور من الدعاية الملتهبة التي تسمم الأجواء ضد المسلمين، سواء عن طريق الإسلام والمسلمين وضد باكستان وما يسمى «عملاءها»، بل ضد كل ما هو غير هندوكي، وبعد ذلك يقع «حادث» ويزعم أن موكبًا هندوكيًا رجم بالحجارة من قبل المسلمين، وقد أصبحت هذه حجة معتادة لمهاجمة المسلمين والاعتداء عليهم، وسرعان ما يتحول الهجوم إلى أعمال حرق وقتل ثم إلى مجازر تنظمها عصابات هندوكية منظمة.

 وهكذا تتكرر نفس الأساليب مرة بعد أخرى وتزداد. والواقع أنه بين عام ١٩٥٤ وعام ١٩٦٨ ارتفع عدد الاضطرابات الطائفية أربعة أضعاف، وكان القسم الأعظم منها موجهًا ضد المسلمين، وكانت المذابح التي جرت في أحمد أباد في العام الماضي، وزاد عدد قتلى المسلمين فيها عن عدة آلاف، أسوأ اضطرابات طائفية شهدتها الهند منذ استقلالها.

واستطردت «الفايننشال تايمز» تقول:

 «وهناك جانب آخر لهذه المأساة. فإن السلطات المحلية غالبًا ما تحصل على تحذيرات مسبقة عن الخطر الكامن، وإذا لم تبلغها استخباراتها بما يجرى، فإن مخاوف المسلمين التي غالبًا ما يعبر عنها بنداءات للحماية، تكفي لتعريفها بما يحدث. ولكن السلطات المختصة بتطبيـق القانون تبدو دائمًا وكأنها أخذت على حين غرة. ولا تتحرك الشرطة إلا بعد فوات الأوان، أي بعد أن تكون المجازر المنظمة قد قطعت شوطًا بعيدًا، ودون أن تلجأ إلى الحزم الذي يمكن في مثل هذه الحالات أن يضع حدًا سريعًا للعنف».

والواقع أن الاعتماد على الشرطة بعد حدوث العنف أثبت عدم جديته. فإن فعالية الشرطة كامنة في الوقاية فقط عندما تساندها سلطة منع وقائية. إذ إن بإمكان رجالها أن يسيطروا على الشوارع قبل سيطرة الرعاع عليها.

وتستطرد الصحيفة البريطانية قائلة:

 

افتراءات الهندوكيين

«وتزعم بعض الأحزاب الهندوكية المتطرفة مثل حزب «جان سانغ» أن المسلمين أثاروا الحادث الأخير، وأنه ربما كان بعض العملاء الذين يعملون لحساب باكستان هم المحرضون عليه. ولتأكيد مزاعمهم هذه يظهرون جثث بعض قتلى الهندوكيين ذهبوا ضحية إطلاق النار قبل البوليس أو الجنود كدليل على أن المسلمين مذنبون، شأنهم شأن الهندوكيين، إن لم يكن أكثر؟»

 وكثيرًا ما تجرى تحقيقات قضائية تصدر نتائجها بعد أشهر، ولكن شيئًا لا يعمل بشأنها، ولم تحدث في السنوات الأخيرة أية محاولة لمجابهة تلك المنظمات المعروف بأنها تقف وراء الاضطرابات الطائفية وتوقيع عقوبة بالقتلة، وتتابع الصحيفة قولها: «إن التصاعد المتواصل للعنف الطائفي في الهند، الذي يشكل فيه الاعتداء على المسلمين التعبير الرئيسي، لا الوحيد، إنما هو مثال آخر على التغيير العميق الذي طرأ على الهند، إنه باختصار انتقال للسلطة. فإن الطبقة التي ورثت السلطة من بريطانيا والتي كان لها نظرة تحررية، ورغبة في توحيد القوى الهندية أي الطبقة «النهروية» «إشارة إلى نهرو» طمستها طبقة سياسية أخرى لا يهمها سوى التعصب الديني والعنصرية الهندوكية. والغريب أن الهندوكية التوسعية تجد صدى لدى الهنود أكثر من الفكرة العلمانية التي نادى بها نهرو».

«ومع أن الدولة العلمانية قد تكون موجودة من الناحية الرسمية، فإن قلائل هم الذين يؤمنون بأنها ما تزال قائمة».

وقالت «الفايننشال تايمز»:

«لقد كان لمجازر مهاراشترا عنصر جديد. فإن المنظمة التي مهدت دعايتها الجو للانفجار، والتي ذكر أن أفرادها اشتركوا في أعمال العنف، لم تكن حزب جان سانغ وحده، بل حزب «شيفا سينا» أو جيش شفاجي أيضًا، وهي منظمة جديدة نسبيًا، ولكنها استطاعت، في خلال السنوات قليلة أن تصبح قوة في بومباي. ويبدو الآن إنها تبسط نفوذها على المناطق القروية في الولاية».

 هذا بعض ما شاهده وكتبه مراسل أجنبي في إحدى الصحف العالمية.

 

إثارة القضية أمام هيئة الأمم

وهناك صحيفة هندية اسمها «راديانس» كتبت من الداخل تقول:

«هل ينبغي على المسلمين أن ينقلوا قضيتهم إلى الأمم المتحدة؟ إن قانون المطبوعات معلق فوق رؤوسنا كسيف ديموكليس. وقد يستخدم ضدنا في كل وقت، وتتهم بإثارة الكراهية الطائفية والشقاق بين الطوائف الهندية، مع أننا في الواقع نريد، بكلمتنا هذه، تحليل الوضع المؤسف الذي نعيش في ظله بكل إخلاص ومحبة».

ثم تستطرد قائلة: «ولما كان المسلمون عمومًا يعاملون معاملة سيئة، فإن أجهزه الإعلام في بلادنا «الهند» نادرًا ما تنشر أنباء غير متحيزة وغير مغرضة عنهم، ومن سوء الحظ أن مسلمي الهند مضطرون للتعامل مع عقلية تبدو لنا متآمرة وجبانة ومنافقة، إنها تؤذي ولا تملك الشجاعة للاعتراف بجرائمها، لكنها لا تتردد في إضافة الإهانة إلى الأذى»..

وقالت الصحيفة:

«إن صبر المسلمين يكاد ينفد. إن أشباح الخوف وعدم الاستقرار والاضطرابات الطائفية تخيم الآن على رأس كل مسلم في الهند. والوضع الطائفي هو حديث كل أسرة إسلامية في الهند اليوم. إن المسلمين لا يستطيعون أن يفهموا لماذا يقتلون ويذبحون، ويحرق أطفالهم، ويعتدى على نسائهم، وتحرق بيوتهم بين الحين والآخر بحجة أو بأخرى؟ ولماذا يتصرف المحافظون على القانون كما لو كانوا هم خارقوه؟ أو لماذا يتصرفون، في أفضل الحالات كما لو كانوا متفرجين، لا يعنيهم من الأمر شيء؟ ولماذا يعامل المسلمون بمثل هذا الظلم الفادح في أراضي آبائهم وأجدادهم؟؟

هناك حقيقة لا يجهلها أحد، وهي إن المسلمين الهنود، على عكس قبائل النافا والميزو -التي نقلت قضيتها إلى الأمم المتحدة- لم يحاربوا الدولة منذ الاستقلال، ولم يخرقوا دستور الهند، ولم يدنسوا علمها، ولم يحاولوا عدم احترام ذكرى غاندي، أو يهاجموا القطارات ومراكز الشرطة.

وهناك صحف أخرى كثيرة عالمية استنكرت هذه الأوضاع المخجلة ضد المسلمين في الهند، كما أطلقت شخصيات إسلامية هندية وباكستانية وأفريقية عدة، رسمية ووطنية، تصريحات شديدة اللهجة ضد تحيز سلطات الهند للمنظمات الهندوكية المتعصبة التي تقوم بتلك الأعمال الوحشية المنكرة تحت سمع الحكومة وبصرها.

حتى أن رئيس جمعية الصليب الأحمر في باكستان بعث ببرقية إلى رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف يقول فيها:

«إنكم لابد مدركون للمذابح والمجازر التي يتعرض لها المسلمون في الهند، والتي تجري حاليًا في ولاية مهاراشترا الهندية».

إن الآلاف من الرجال والنساء والأطفال تعرضوا للمذابح على يد عصابات جان سانغ، واشتريا سيفاك سانغ وشيف سينا، وهي منظمات هندوسية متطرفة.

إن مساكن معظم المسلمين في الولاية قد أحرقت، كما أن وزير الداخلية الهندي اعترف في البرلمان بهذه العمليات البشعة التي ارتكبت ضد المسلمين.

إن حكومة الهند عجزت عن توفير الحماية الملائمة للمواطنين المسلمين في بلادها الذين يعيشون تحت ظل الموت وشبح الدمار، وليس لدى الصليب الأحمر الباكستاني وسائل لإرسال المساعدات إلى المناطق المنكوبة لتوفير المساعدات للمصابين والضحايا السيئي الحظ.

إنني أناشد لجنة الصليب الأحمر الدولي التدخل لإرسال مبعوث إلى المناطق المصابة في ولاية مهاراشترا لتنظيم أعمال الإغاثة والإسعاف والإشراف على توزيع الإعانات التي يرجى أن يوفرها الصليب الأحمر الدولي عن طريق توجيه نداء دولي للحصول على الإعانات. إن الوضع خطير جدًا، ويزداد سوءًا كل يوم، لذلك فنحن نطالب بعمـل سريع من قبل لجنة الصليب الأحمر الدولي، وعامل الوقت مهم. جدًا، ويجب على السلطات الهندية ألا يكون لديها مانع من زيارة وفد من قبل الصليب الأحمر الدولي للمناطق المنكوبة. أيها الأخ المسلم:

لو شئنا أن نثبت جميع المصادر والوقائع والإحصاءات عما يعانيه إخوانكم المسلمون في الهند على يد جماعات متعصبة شبه عسكرية، من ظلم واضطهاد وإرهاب بلغت حد الذبح والحرق، لبلغت مجلدًا ضخمًا يدمي قلب أي قارئ، ويحز في نفس أي إنسان.

يجري ذلك كله والحكومة الهندية لا تبدي إلا الأسف، وهكذا يواجه ستون مليونًا من المسلمين في الهند أجسم الأخطار على أمنهم واستقرارهم ومستقبلهم، وبالتالي على حياتهم.

لذلك يتوجه إليكم «مؤتمر العالم الإسلامي» بهذا النداء مستحثًا حميتكم وغيرتكم لتتصلوا بسفراء الهند في بلادكم وتكتبوا إلى الحكومة الهندية نفسها، معلنين سخطكم على تلك الأعمال الهندوكية الغاشمة واستنكاركم لسكوت السلطات عنها، وتعملوا جهدكم على إيجاد رأي عام إسلامي في الجوامع والنوادي وبواسطة الصحافة والإذاعة والتليفزيون وسائر وسائل الإعلام، متضامنين مع العالم الإسلامي كله في موقفه الأخوي والإنساني من مسلمي الهند، وفي شجب الموقف الهندي الرسمي من المذابح الخطيرة المنظمة ضدهم لاستئصال شأفتهم من القارة الهندية.

 وتفضلوا بقبول أسمى الاحترام رئيس مؤتمر العالم الإسلامي.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 6

183

الثلاثاء 21-أبريل-1970

الحركة الإسلامية في الهند

نشر في العدد 9

152

الثلاثاء 12-مايو-1970

حول العالم - العدد 9