; 20 مليار دولار زكاة النفط! خريطة لإعادة توزيع الثروة | مجلة المجتمع

العنوان 20 مليار دولار زكاة النفط! خريطة لإعادة توزيع الثروة

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 06-أغسطس-1974

مشاهدات 9

نشر في العدد 212

نشر في الصفحة 6

الثلاثاء 06-أغسطس-1974

هذا موضوع تطرحه «المجتمع» وتنادي علماء الدين والمثقفين والمسئولين عن المال في العال الإسلامي.. لمناقشته ودراسته ابتغاء أن يأخذ حقه في الاهتمام.. ومكانته في الجد والتخطيط والنشاط. علماء الدين.. لأن الله تعالى لا يعبد بالصلاة فحسب.. وإنما يعبد أيضا بتوجيه المال وجهة يرضاها سبحانه.. ويعبد بإسلام الوجه له في كل شىء.. ومن هنا وجب على العلماء أن يعطوا الموضوع حقه من الدراسة والتركيز والتبين. والمثقفون.. لأن قضية الثروة. أمر يهم الأمة ويشغل بالها تماما والمثقف يفقد دوره ويتخلــى عن مسئوليته إذا هو انصرف عما يشغل الأمة.. ويؤرقها. والمسئولون عن المال.. لأن هؤلاء يعملون في مواقع المال ومجـالات الثروة. والمناسبة التي تطـرح فيها «المجتمع» قضية.. «زكاة النفط» هي قرب انعقاد مؤتمر وزراء مالية دول العالم الإسلامي في جدة. مشكلة قديمة.. جديدة: الثروة.. أو المال بتعبير أخص مشكلة قديمة جديدة.. تنازعتهـا أطراف مختلفة.. وكانت محور صراع حاد في التاريخ الإنساني. ومن قديم ظن الجاحدون والظلمة بل استنكروا أن يتدخل الدين في توجيه الثروة أو المال. وكانوا يريدون أن ينطلقوا على هواهم في هذه القضية: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أو أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ (سورة هود: 87) وآدم سميث حاول في كتابه «ثروة الأمم» أن يعالج الموضوع. وفي الطرف المقابل حاول كارل ماركس أن يقدم حلا لهذه القضية في كتابه «رأس المال». بيد أن المشكلة لا تزال معقدة. يثور حولها صراع عالي الدوى، ويمكن القول: بأن موجات الاستعمار القديمة والحديثة كان دافعها الأول هـــــــــو الاستيلاء على ثروات الغير. وكانت الدراسات الاقتصادية إلى وقت قريب جدا تتناول المشكلة من زاوية واحدة هي: زاوية نقص الثروة. أو قلة المال حتى ظهرت مؤخرا دراسات مشكلة ما يسمـى بالفوائض.. أي مشكلة كثرة المال لا قلته. وبعد قليل سنعود إلى هذه النقطة. ومن الملاحظ أن المشكلة تنبثق من موقفين صناعيين –لا طبيعيين– وهما: العجز عن استغلال ما أودعه الله في الأرض. سواء في الجزء اليابس أو في البحار. سوء توزيع الثروة. بمظاهره وأساليبه ولئن قام الاقتصاد العالمي الحديث - بشقيه الرأسمالي والاشتراكي - على نظرية أو فرضية في هذا المجال ترتكز على قاعدة «ندرة الأشياء» فإن النظرة الإسلامية «وفرة الأشياء» بمعنى أن اللـه سبحانه خلق الناس، وخلق لهـم ما يكفيهم من متاع الدنيا. وإنما وقع الظلم والبؤس بسبب العجـز في استغلال الموارد.. وسوء التوزيع في الثروة. زكاة النفط: ما هي مشكلة العالم الإسلامي في جانبها المادي؟ مشكلته هي: فقر المال.. وفقر العلم.. وفقر العافية. ولا نريد أن ندخل في دوامة كيف بدأ تسلسل المشكلة ؟: هل انعدام المال هو الذي جر الجهل والمرض.. أم أن الأمية هي التي سببت نقص العافية والفقر المالي.. أم أن فقدان العافية هو الذي ولد عقما في العقل وإفلاسا في اليد؟ لا نريد أن ندخل في ذلك. لأن مهمتنا هنا تنصب على الجانب العملي والظاهرة الواقعية. وبالتأكيد.. فإن الاستعمار عمد إلى دفع العالم الإسلامي إلى هذا الوضع البائس.. وإذا أخذنا القارة الإفريقية شريحة دراسية أو نموذجية نجد هـذه الصورة. • الاستعمار مكن الطوائف الكنسية من فرص المال والاقتصاد حيث أعطى كل الفرص للتجار ورجال الأعمال الكنسيين.. فازدادوا غنى على حساب المسلمين الذين ازدادوا فقرا. • ومكنهم من فرص العلم عبر المدارس الكنسية.. وفي نفس الوقت خشي المسلمون أن يدفعوا بأبنائهم إلى هذه المدارس حتى لا تستغـل حاجتهم إلى العلم في هدم عقائد أطفال وشباب المسلمين. • ومكنهم من فرص الصحة بغذاء كنسي ودواء كنسي. وهنا أحجم المسلمون عن هذا الغذاء والدواء لأنهم أدركوا أن هذه الخدمات مشوبة بأغراض معادية لدينهم. ومن الانصاف أن نقول: إن مشكلات المسلمين ليست كلها من صنـع الاستعمار.. فهناك الكسل. وهناك العبث.. وهناك الخرافات التي جهلت حقائق الدين والدنيا معا. وفي الجانب الايجابي تتطلب النهضة المادية للعالم الإسلامي. وفرة من المال ابتداء. فالعلم اليوم يحتاج إلى المال. والصحة تحتاج إلى المال. ولا ينبغي أن نحرج الجاهل ونقول له: تعلم أولا ثم يأتيك المال أو الحياة الرغيدة من بعد. لا ينبغي أن نضع القضية في هذا الإطار المحرج. الحل العملي.. أن نقدم للمسلمين الفقراء المال حتى ينهضوا في المجالات الأخرى. فهل يوجد هذا المال؟؟ نعم.. يوجد. ۱۰۰ مليار دولار كم دخل الدول العربية من النفط عام ١٩٧٤؟ بلغ دخلها ۱۰۰ مليار دولار. فهل في هذا المبلغ زكاة؟ نعم.. يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: «المعادن التـي يتعلق بها وجوب الزكاة كل ما خرج من الأرض مما له قيمة كالحديد والياقوت والزرنيخ والنفط ونحوه». يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: «وأبو حنيفة يجعل فيه الخمس». وفي الحديث المتفق عليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وفي الركاز الخمس». فإذا قسمنا الـ ۱۰۰ مليار إلى خمسة أجزاء كان نصيب الزكاة من هذه المال ۲۰ مليار دولار. ويقدر أن يصل عائد النفط عام ۱۹۸۰ إلى ۲۰۰ مليار دولار.. أي بعد خمس سنوات تكون زكاة النفط قد بلغت ٤٠ مليار دولار وتخرج زكاة النفط بعد تصفيته مباشرة. في كل خمسة براميل.. برميل. وهذا المبلغ الكبير يقتضي رسم خريطة جديدة لتوزيع الثروة في العالم الإسلامي. أولا: العالم الإسلامي يقع في دائرة العالم الثالث أو العالم المتخلف. وليس فيه دولة صناعية واحدة بالمعنى العلمي لمفهوم الدولة الصناعية. ويمكننا أن نتخذ من استهلاك البترول مقياسا نقيس به تقدم العالم الإسلامي في مجال الإنتاج الصناعي الذي هو رمز على انتقال الدولة من مرحلة التخلف إلى مرحلة الاكتفاء أو الغنى. - أمريكا أنتجت - عام ۱۹۷۲ - ۱۳ مليون برميل واستهلكت ۱۸ مليونا - |أوروبا استهلكت في نفس العام ۱۳ مليون برميل دون إنتاج يذكر. - الشرق الأوسط أنتج في نفس العام ۱۸ مليون برميل واستهلك أقل من مليون وبالتحديد ٩٠٦ آلاف برميل. ومن هنا يتضح أن العالم الإسلامي لا يزال متخلفا في ميدان الصناعة. وأن أموال الشرق الأوسط جاءت طفرة. ومن عوامل علاج هذه الطفرة زكاة النفط حتى يستقيم ميزان التوزيع إلى درجة معقولة. ثانيا: يصر الغرب وأمريكا بالذات على أن العرب يملكون فوائض لا يستطيعون تصريفها. وهذا الادعاء ما كان ليقوم لو أن عائدات النفط وجهت بحكمة وبهدى من التشريع الإسلامي. والغربيون سيصدقون ادعاءهم الذي أطلقوه ثم يكيدون لنا من أجل الحصول على أموالنا. إخراج زكاة النفط. يعين علـى حل هذه المشكلة. حيث يتجه هذا المقدار وبالتزام شرعي إلى مصارف معينة ليس من بينها خزينة سايمون. ولا خطة العدو في إنعاش اقتصاده. ونعني بالفقرة الأخيرة أن المال العربي الذي يذهب إلى أمريكا سيعود إلى العدو في شكل هبات ومساعدات أو في شكل قروض طويلة الأجل!! إن فقراء إندونيسيا ومصر والسودان واليمن وتشاد والسنغال وباكستان وافغانستان. وإن البؤساء المسلمين في الفليبين وتايلاند والحبشة إلخ هؤلاء أولى بالمعروف ولهم حق في زكاة النفط. المطلوب من وزراء مالية الـدول الإسلامية الاهتمام بهذه القضية وإخراج حق الله تعالى من النفط ﴿هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ۖ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾ (سورة محمد: 38)
الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل