; جريمة الغرب ضد مسلمي "البوسنة والهرسك".. الدور الأوروبي | مجلة المجتمع

العنوان جريمة الغرب ضد مسلمي "البوسنة والهرسك".. الدور الأوروبي

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 15-يونيو-1993

مشاهدات 15

نشر في العدد 1053

نشر في الصفحة 32

الثلاثاء 15-يونيو-1993

زغرب- مركز البديل للإعلام

لا شك أن قضية "البوسنة والهرسك" أخذت بعدًا عالميًا معاصرًا تجاوز محيطها المحلي بسرعه فائقة منذ بداية الأزمة، وقد ذكرنا في مقال سابق أن السبب يعود في هذا إلى المصالح الأجنبية المعنية بشكل مباشر بنتائج الأزمة وآثارها المستقبلية. 

ونظرًا للأهمية التاريخية والجغرافية والاستراتيجية لمصالح الدول الأوروبية المجاورة والقوى الأوروبية الكبرى فإنه يتعذر تجاهل البعد الأوروبي في أي تفسير موضوعي للحرب الحالية في "البوسنة والهرسك". 

وقبل الحكم على الموقف الأوروبي من هذه الحرب، نستعرض فيما يلي أهم الجهود الدبلوماسية الأوروبية التي بذلت تفاعلًا وتعاملًا مع الأزمة منذ بدايتها، ففي 15 يناير 1992 قامت المجموعة الأوروبية برفض الطلب الذي تقدمت به "البوسنة والهرسك" بشأن الاعتراف باستقلالها بعد أن أصبح الخيار الوحيد أمام المسلمين البوسنيين هو إنشاء دولة مستقلة على أرض "البوسنة والهرسك" ضمن حدودها قبل الحرب.

 وهذا الرفض عده المحللون من المؤشرات الخطيرة على رغبه المجموعة الأوروبية في توجيه الحرب بشكل منهجي كما لو أنها تريد لهذه الحرب أن تندلع في "البوسنة والهرسك" لتكون الحلقة النهائية لفترة الحرب التي شهدتها "كرواتيا".

 هذا التعامل السلبي نتج عنه فراغ استراتيجي استفاد منه كلٌّ من النظام الصربي والنظام الكرواتي في تعزيز مواقع قواتهما في "البوسنة والهرسك"، وفي 4 مارس 1992 أعلن الرئيس البوسنوي «علي عزت بيغرفتش» استقلال "البوسنة والهرسك" رسميًّا عقب نجاح الاستفتاء الشعبي الذي جرى في 29/٢،١/٣/٩٢ والذي صوَّت فيه الشعب البوسنوي بنسبة 99,43% لصالح الاستقلال إلا أن المجموعة الأوروبية أصدرت أيضًا قرارًا بتأجيل الاعتراف الرسمي بجمهورية "البوسنة والهرسك"، فيما صرَّح وزير خارجية هذه المجموعة أن الاعتراف سيكون قريبًا خلال الأسبوع الأول من أبريل 1992 وكان هذا الموقف مؤشرًا واضحًا لدى المحليين والمراقبين على أن جمهورية "البوسنة والهرسك" مقبلة على مرحلة معقدة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية. 

وفي محاولة لقيادة الموقف صرَّح وزير الخارجية الألماني في 3 مارس 1992 بأن على المجموعة الأوروبية ألا تماطل في الاعتراف الرسمي بجمهورية "البوسنة والهرسك" غير أنه تردد بعد ذلك بهذا الشأن في محاولة منه لطمأنة المجموعة الأوروبية بأن ألمانيا لن تذهب بعيدًا في مطالبتها للمجموعة الأوروبية بذلك الاعتراف كما فعلت بالنسبة "لسلوفينيا وكرواتيا".

 وفي 18 مارس 92 عبرت اللجنة العليا لمؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي عن موقفها الإيجابي تجاه الاستفتاء الشعبي بعد أن ظهر تورطها في الأزمة بسياستها التي كانت تحافظ على تجميد الأوضاع وتوقف المبادرات التي كانت تصدر عن المنظمات الأخرى بعد هذا قررت المجموعة الأوروبية تحت ضغط الولايات المتحدة الأمريكية أن تقوم خلال الأسبوع الأول من شهر أبريل 92 بمناقشة موضوع الاعتراف بكل من "البوسنة والهرسك" و"مقدونيا". 

ونتيجة لذلك قررت المجموعة الأوروبية في اجتماع عقدته في "لوكسمبرغ" يوم 6/4/92 الاعتراف الرسمي "بالبوسنة والهرسك" دولة مستقلة لكن أمام عجزها المقصود في التحكم في تداعيات الأزمة اندلعت الحرب المتوقعة في "البوسنة والهرسك" وردت المجموعة الأوروبية على هذه الحرب بسحب كل مراقبيها من الجمهورية الفتيّة ونتج عن هذه الخطوة الخطيرة خطورة مماثلة وفي شهر يونيو 92 حيث انسحب أيضًا أكثر قوات حفظ السلام الدولية من "البوسنة والهرسك" لأسباب أمنية كما قيل.

 ولعل هذه الشواهد الأولى تكفي لإدانة الموقف الأوروبي بل لتورطه في الأزمة منذ البداية حيث إن حجم الإجراءات العملية التي انبسطت عن كل الجهود الدبلوماسية الأوروبية منذ بداية الأزمة وإلى الآن لم تكن بأي حال متناسبة مع حجم الأزمة «الكارثة».

وتؤكد هذه الشواهد من جهة أخرى أن كل الإجراءات العملية المحدودة التي اتخذها المجموعة الأوروبية لم تكن تهدف إلى التأثير على المخططات السلبية بقدر ما كانت تهدف إلى تخفيض حدة الضغوط الدبلوماسية والشعبية المتصاعدة بشأن اتخاذ بعض الإجراءات العملية الملموسة تجاه الحرب الدموية الإبادية. 

ويعزى في نظرنا هذا الموقف المتخاذل إلى ثلاثة أسباب رئيسية:

1-الخوف من نشوء قوة إقليمية إسلامية في "البلقان" الذي يعد من الأجزاء الهامة في "أوروبا الشرقية". 

2-غياب الموقف الموحد داخل المجموعة الأوروبية والذي يعود على الأرجح إلى التقاء وتناقض مصالح الدول والقوى الأوروبية في المنطقة. 

3-افتقار المجموعة الأوروبية إلى الوسائل الفعَّالة التي تمكنها من لعب دور أكثر حيوية في الأزمة.

لكن السببين الأخيرين ليسا على نفس درجة الأهمية التي عليها السبب الأول إذ إن المجتمع الغربي الأوروبي ما زال فخورًا بماضيه المسيحي رغم انعتاقه من المسيحية وما زال بالمقابل حريصًا كل الحرص على حاضرِهِ العلماني الأمر الذي يجعل المسلمين في منطقة "البلقان" أمام خيارين للبقاء في "أوروبا":

1-التعلمن الكامل والابتعاد عن الإسلام كُليَّة.

2-التحول إلى «أكراد» أوروبا.

فهل من التفاعلات وعوامل داخلية جديدة تجعل المسلمين البوسنيين بشكل خاص يحققون تطلعاتهم الإسلامية المستقبلية في "أوروبا"؟

في ضوء التطورات المحلية والدولية الحالية المتعلقة بالصراع في "البوسنة والهرسك" أصبح من الواضح أن وجود المسلمين البوسنيين يعتمد أصلًا على النتيجة النهائية للحرب الحالية بشكل مباشر وأصبح احتمال إنهاء الحرب بتقسيم "البوسنة والهرسك" على أساس عرقي احتمالًا مستبعدًا في المستقبل القريب على الأقل ولهذا السبب فإن الحرب الحالية في "البوسنة والهرسك" يبدو أنها ستتحول عاجلًا او آجلًا إلى أكثر الحروب البلقانية العرقية دموية في التاريخ الحديث. 

وسوف تلغي بذلك الفكرة الأوروبية القائلة بـ «أكروة» المسلمين البوسنيين وتقدم جوابًا شافيًا للتساؤل حول من يمتلك ومن لا يمتلك حق ممارسة المبدأ العالمي بشأن تقرير المصير في أوروبا ويومها سيجد المسلمون ليس في "البوسنة والهرسك" فقط، بل في العالم أجمع أنفسهم أمام حتمية قرآنية قائلة:

﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (البقرة: 217).

الدور الكندي.. والجنرال ماكينزي:

زغرب: هشام الهلالي

 بعد مرور أكثر من عام على الحرب في "البوسنة والهرسك" بات واضحًا أن الضمير العالمي والمجتمع الدولي غير موجود، بل وينصر المعتدِي على المعتدَى عليه، وأن هذه الحرب هي فصل من فصول الحروب الصليبية التي بدأت قديمًا وتتم الآن وسوف تستمر، فالصرب يؤكدون على ذلك في تصريحاتهم دائمًا ونذكر هذا تصريح «رادوفان كارجيتش» زعيم الصرب في البوسنة لشبكة التلفزيون الأمريكية CNN «نحن مفاجئون وحزينون لا أحد يقف بجانبنا وبالرغم من ذلك علينا أن نواصل طريقنا ونحن ندافع عن المسيحية ضد الأصولية الإسلامية».

وبرغم الحظر المفروض على "صربيا" إلا أن الواقع أن هناك دولًا كثيرة تساعد الصرب إما بصورة علنية أو بصورة مستترة، والشاهد على ذلك أن قوات بعض الدول المشاركة في حفظ السلام استبان تحيزها للجانب الصربي ومثال ذلك الكتيبة الأوكرانية ذات المذهب الأرثوذكسي في "ساراييفو"، بل والأكثر من ذلك أن أحد قادة الجيش البوسنوي «مراد شعبان وفتش» يروي في تصريح خاص للمجتمع: أنه تعرض للاغتيال هو مجموعة من رجاله داخل "ساراييفو" على أيدي الكتيبة الأوكرانية وجرح هو شخصيا وقتل عدد من جنوده.

 وكان القائد العام لقوات حفظ السلام سابقًا في "البوسنة" كندي وهو الجنرال "ماكينزي" المتهم باغتصاب المسلمات وتروي المصادر الصحفية أن "ماكينزي" كان يقوم باغتصاب المسلمات في معسكرات الاغتصاب الصربية، وذكرت أيضا أن الجنرال كان ينظم لنفسه سهرات ليلية حمراء ويطلب كل ليلة أربعة من النساء.

قوات كندية:

المسلمات الأسيرات للاعتداء عليهن «مجلة ساراييفو العدد الأول» وفي اعترافات الجندي الصِّربي هراك حينما تم التحقيق معه قال: «إن ماكينزي كان يقوم باغتصاب النساء» وبلغ عدد ما قام باغتصابهن ست عشرة مسلمة وقال إنه شهد على جرائم ماكينزي واغتصابه للمسلمات «مجلة الوسط ٥/٤/٩٣» والغريب أنه حتى وقتنا هذا لم يتم التحقيق مع هذا الجنرال بشأن هذه الجرائم التي ارتكبها، وكل ما تم فعله حتى الآن استبداله بشخص آخر. 

كذلك فدور القوات الكندية في "سريبرينيتسا" يحتاج إلى بعض التفسير فلماذا تم اختيارها لتحل محل المسلمين المدافعين عن المدينة؟ ويبدو أن المقصود الذي لم يتم- والمدينة لم يستطع الصرب أن يدخلوها لاستبسال المدافعين عنها بل طالب الصرب في خطة نُشرت في جريدة ألفينسنيك الكرواتية في أول مايو أن تكون مناطق« سريبرينيتسا، جينتا، جوراجدي ،برتشكو وبيهاتش» مناطق محمية من قوات الأمم المتحدة وهذه المناطق بالذات لم يستطع الصرب حتى وقتنا هذا دخولها لاستبسال المدافعين عنها هو تسليم المدينة وإلا ماذا يعني أن يقوم المسلمون بتسليم أسلحتهم إلى القوات الكندية والتي يبلغ عددها 120 جندي تقريبا والمفروض أن يواجهوا آلاف الصربيين الأمر الذي فطن إليه غالبيه المسلمين ولم يقوموا بتسليم أسلحتهم وما زالت هذه المدينة والمدن المذكورة سابقًا في أيدي المسلمين يزودون عنها، ومن هنا يبدو أن اختيار بعض الدول المشاركة في قوات "الأمم المتحدة" قد تم اختياره بدقه وكذلك بعض القادة وهو ما اتضح لنا من الدور الكندي والجنرال "ماكينزي" في حرب "البوسنة والهرسك".

الرابط المختصر :