العنوان «مجلس التضامن الوطني» رقم جديد في الساحة السياسية
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 15-سبتمبر-2007
مشاهدات 8
نشر في العدد 1769
نشر في الصفحة 30

السبت 15-سبتمبر-2007
■ نشأة المجلس مرتبطة بالخلافات الناشبة بعد خروج حسين الأحمر من الحزب الحاكم
يأتي تشكيل مجلس التضامن الوطني الذي تم إشهاره مؤخرا في العاصمة صنعاء، معبرا عن حجم الاختناقات والصراعات السياسية الخافتة داخل أروقة النظام اليمني.
وقع على إعلان الإشهار ما يقرب من ١٥٠٠ شخصية قبلية من مختلف محافظات اليمن، تلبية لدعوة الشيخ حسين عبد الله الأحمر «نجل الشيخ عبد الله الأحمر رئيس البرلمان وشيخ مشايخ قبائل حاشد» الذي اختير بالإجماع رئيسًا للمجلس، والذي يستند إلى رصيد هائل من العمل السياسي والحضور القبلي لوالده الشيخ عبد الله الأحمر، وذلك في خطوة وصفت بأنها استباقية لتقديم نفسه خلفًا لوالده…
الصراع الخفي
قد يصح القول ابتداء بأن مجلس التضامن الوطني لا يعبر بالضرورة عن مصدر قوة وتهديد بقدر ما يعبر عن إحساس لدى هذه القبائل بضعف دورها وقلقها تجاه مستقبلها، لكن هناك من يعتقد. رغم ذلك - بوجود أزمة داخل السلطة، بسبب تهميش شركائها الاجتماعيين رغم أنهم مازالوا أقوياء.
وعلى هذا الأساس يمكن النظر إلى هذا المجلس الجديد كنتاج طبيعي لحالة صراع بين أركان النظام في الحزب الحاكم، يهدف في أحد صوره إلى إبعاد بيت الأحمر عن مراكز القيادة والتوجيه داخل المؤتمر، ولأن الشيخ حسين هو أحد أبرز وجوه آل الأحمر في الحزب الحاكم، ولكنه يختلف مع الحزب في بعض التوجهات مما جعله مستهدفًا من قبل المؤتمر، بيد أن أكثر ما أشعل لهيب المواجهة بين الأحمر الصغير وحزبه.. إقدام الحزب الحاكم على النيل من شخصية والده الشيخ عبد الله الأحمر، عبر حملة إعلامية شرسة قادها إعلام حزب المؤتمر الحاكم عقب كلمة ألقاها في المؤتمر العام الثالث لحزب الإصلاح عام ٢٠٠٥م، وصف فيها الأوضاع السياسية في البلاد بأنها «في طريقها إلى نفق مظلم» .…
الأحمر الصغير
تركت تلك الحادثة أثرًا سيئًا لدى أبناء الأحمر، وبالأخص حسين الذي قادت خلافاته السابقة مع حزبه إلى إزاحته عن رئاسة فرع المؤتمر بمحافظة عمران.
وتواصلت خلافات الأحمر الصغير مع الحزب الحاكم وبلغت ذروتها باتهام الأحمر الرئيس الوزراء السابق عبد القادر باجمال بالفساد، وهو ما أدى لاحقًا إلى إقصاء حسين من رئاسة الاتحاد اليمني لكرة القدم وبالرغم من أن الأمر بدا وكأنه مجرد خلافات طبيعية داخل الحزب لا شأن لها بفرضية تصفية حسابات داخلية، إلا أن ما حدث بعد ذلك في المؤتمر العام السابع للمؤتمر في ٢٠٠٥/١٢/١٦م أكد تلك الفرضية، فقد طلب الرئيس صالح شخصيًا من حسين الترشح للأمانة العامة للحزب وطلب من والده إقناعه بذلك رغم رفضه الترشح، لكن عندما ترشح تم إسقاطه عنوة مما زاد الهوة وتفاقم الخلاف بين حسين الأحمر وحزيه.
التوجه غربًا كان رد فعل حسين الأحمر على الإساءات التي تعرض لها ووالده من قبل المؤتمر أن ظهرت لديه توجهات طموحة لإنشاء حزب سياسي جديد، وأخذت تخرج بعض التسريبات الصحفية المؤكدة لتلك التوجهات، وكان إعلام الحزب الحاكم نفسه ممن روج لفكرة الحزب الجديد وبأن ليبيا. التي زارها حسين الأحمر أكثر من مرة - تبنت مشروع الحزب وخصصت له مليوني برميل من النفط.
ثم ذكرت مصادر صحفية أن تلك القضية قد سيطرت على لقاء ضم الرئيس صالح والعقيد القذافي على هامش القمة العربية في الخرطوم، وكان الشيخ حسين أحد أعضاء الوفد اليمني إليها …
ومنذ ذلك الحين والحزب الحاكم يحكمه التوجس من تحركات حسين الأحمر، الذي حاول استقطاب العديد من شخصيات المؤتمر وقياداته القبلية والبرلمانية للانضمام إلى حزبه الجديد، وأعلن عنها تلميحًا، خصوصًا تلك الشخصيات التي تم إسقاطها في المؤتمر العام السابع للحزب...
ونتيجة لذلك فقد تحرك المؤتمر في اتجاهين متوازيين لمواجهة تحركات حسين الأحمر:
الأول: تشكيل وفد قبلي من قيادات الحزب لمقابلة الشيخ عبدالله الأحمر الذي يقضي فترة نقاهة في السعودية لإقناعه بالحد من جموح نجله في قضية تشكيل حزب جديد.
الثاني: تبني إستراتيجية تتمثل في حملة تعيينات جديدة في بعض المحافظات للقيادات القبلية التي سقطت في المؤتمر السابع كنوع من الاسترضاء والاستقطاب وقطع الطريق على محاولات حسين الأحمر لاستقطابها.
الانتخابات الرئاسية
والحقيقة أن المؤتمر كان مدفوعًا بضغوط انتخابية للتصرف على ذلك النحو فالانتخابات الرئاسية والمحلية كانت على الأبواب، الأمر الذي فرض عليه سرعة التحرك لمواجهة الأحمر الصغير، وممارسة شتى الضغوط عليه لإثنائه عن فكرة الحزب الجديد أو على الأقل تأجيلها لما بعد الانتخابات، لكن الانتخابات ذاتها التي أجريت في ٢٠/٩/٢٠٠٦م كانت أحد أسباب تجدد الخلاف بين الطرفين، فقد اتهمت قيادات في المؤتمر حسين الأحمر بعدم تعاونه في الحشد الجماهيري للمهرجان الانتخابي للرئيس صالح في محافظة عمران، وقيل حينها بأن ملاسنات حدثت بين الرئيس وحسين، الأمر الذي دفع بالأخير إلى حشد القبائل في عمران خلف مرشح أحزاب اللقاء المشترك فيصل بن شملان ما زاد الأمور اختناقًا …
وتوالى مسلسل المؤامرات من قبل الحزب الحاكم ضد حسين الأحمر، وصلت إلى الإيعاز للسلطات المصرية منعه من دخول مصر مؤخرًا …
وعلى صعيد آخر، اتخذ الصراع المحتدم داخل حزب المؤتمر الحاكم في الآونة الأخيرة منحى قبليًا، لا يمكن تجاهله، وهذا يعود إلى التركيبة القبلية المكونة للحزب الحاكم والتي أعاقته عن التحول إلى حزب سياسي محترف بعيدًا عن المؤثرات القبلية والمناطقية الموروثة.
مصاهرات قبلية
وفي ضوء الصراعات القائمة داخل الحزب الحاكم، تزايدت المصاهرات التي عقدها الرئيس مؤخرًا مع بيوت كبار مشايخ حاشد «على سبيل المثال بيت أبو شوارب وبيت البخيتي» وبالتالي يمكن فهم خطوة حسين الأحمر الأخيرة في سياق الاصطفاف القبلي الحاصل اليوم والذي تحتشد وراءه بعض أقطاب متناحرة في المؤتمر.
لذا يرى بعض المراقبين أن أي تجمع هو من حيث المبدأ - عمل إيجابي بصرف النظر عن مكوناته وأهدافه، وأن التعامل مع هذه التجمعات أفضل من التعامل مع الأفراد، فيما يعتقد آخرون أن الدولة لو قامت بوظائفها لما قامت مثل هذه التجمعات…
كما ينظر البعض إلى هذه الظاهرة على أنها انعكاس لحالة تراجع في دور الأحزاب السياسية «المعارضة على وجه الخصوص» عن الساحة وضعف تأثيرها، وهو ما قد يؤدي بالتالي إلى تراجع المشروع الوطني لصالح مشاريع أخرى صغيرة.
وفي المحصلة فإن الإعلان عن تأسيس مجلس التضامن الوطني يأتي كذلك في إطار ما تشهده الساحة اليمنية من تحضيرات وتنافس على مرحلة ما بعد ۲۰۱۳م التي يتصارع عليها أكثر من طرف داخل السلطة وخارجها، إلى جانب أنها تعد تعبيرًا صارخًا عن هشاشة النظام وغياب دولة المؤسسات التي تحاول مثل هذه التجمعات القبلية وغيرها الحلول محلها خصوصًا أن مثل هذا المجلس قد فتح شهية بعض السياسيين لتكرار التجربة.. ومن جانب آخر فإن الانتخابات النيابية القادمة في أبريل ۲۰۰۹م، قد تأخذ طابع الصراع القبلي في حال راجت مثل هذه التجمعات القبلية، الأمر الذي قد يعيد فرز المجتمع على أساس قبلي مناطقي...
وما يزيد المخاوف في هذا الشأن عدم قدرة النظام على حل مشكلة صعدة حتى اليوم برغم الوساطة القطرية، وهي مشكلة مؤرقة للجميع كونها مرشحة لتأخذ هي الأخرى بعدًا قبليًا إلى جانب أبعادها الأخرى كما أن تنامي مشكلة المتقاعدين من وظائفهم في المحافظات الجنوبية قد يحرفها أيضًا في الاتجاه المناطقي العشائري…
بما ينذر بسيل من المشكلات المتفجرة تعيد اليمن إلى الوراء، ما لم تتدخل بسرعة القوى الوطنية لإعادة الأوضاع إلى مسارها الوطني الصحيح في إطار وحدة الصف والهدف والمشروع الواحد..
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

