العنوان «يوم الشهيد».. يجدد ذكرى شهداء فلسطين عام على استشهاد شيخ الشهداء
الكاتب صباح محمد
تاريخ النشر السبت 19-مارس-2005
مشاهدات 18
نشر في العدد 1643
نشر في الصفحة 18
السبت 19-مارس-2005
- حوار لم ينشر مع الشيخ الشهيد أحمد ياسين.
- «رسائل» من زوجات وبنات وأبناء الشهداء الرنتيسي.
- أسد المقاومة في زمن الانكسار.
- ثقتي كبيرة في الشعوب العربية والإسلامية.
- «نحن نريد وثيقة مرحلية تحفظ لنا فلسطين وتحفظ لنا حقوقنا وهم يريدون وثيقة نهائية نستسلم فيها للعدو الإسرائيلي ونسلم له بما أخذ».
فجر الثاني والعشرين من مارس ٢٠٠٤م «غرة صفر ١٤٢٥هـ»، كان موعده مع الشهادة في سبيل الله، ذلك الأمل الذي طالما تمنى أن يحققه الله له، وبعد غد الاثنين تحل الذكرى الأولى لاستشهاد شيخ الشهداء ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية «حماس» الشيخ أحمد ياسين.. هذه الذكرى.. هي بحق ذكرى «الشهيد الفلسطيني»، إذ تلتقي عندها كل دماء شهداء فلسطين الزكية، وتتجدد معها ذكريات بطولاتهم واستشهادهم، وتنطلق منها مواكب جديدة من الشهداء والبطولات والتضحيات، جيلًا بعد جيل، حتى تتحرر فلسطين.. القدس والمسجد الأقصى بإذن الله.. في هذه الذكرى يتوقف القلم، لنقف لحظات من الصمت والتأمل أمام الحدث.. أمام مسيرة الشهداء الذين قهروا بدمائهم أسطورة الرعب الصهيوني، ومرغوا أنوف الصهاينة في التراب، وأعادوا للقضية الفلسطينية قوتها وعدالتها وشرعيتها، بعد أن أبدعوا بدمائهم نظرية توازن القوة وتوازن الرعب.. وفي هذا الملف آثرنا أن تكون الذكرى، مناسبة لإحياء ذكرى شهداء فلسطين، وتركنا المجال لذويهم وزوجاتهم وبناتهم وأبنائهم للحديث عنهم وإليهم.. وإلى تفاصيل الملف:
الشيخ الشهيد أحمد ياسين في حوار لم ينشر من قبل:
شعب بكامله يسير في الأرض
هذا هو الحديث الأخير مع شيخ الشهداء.. الشيخ أحمد ياسين، أجريناه معه قبل استشهاده.. وننشره اليوم في ذكرى استشهاده الأولى.. لتستعيد معه صوت الشيخ المؤسس لحركة حماس ومواقفه القوية والبطولية ورؤاه الثاقبة لتطورات الأوضاع على الساحة.
- بداية فضيلة الشيخ ياسين بودنا أن نذكر المواطن العربي بماهية حركة حماس والإستراتيجية القائمة عليها؟
- حركة حماس حركة إسلامية مجاهدة هدفها تحرير فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر وسيلتها الجهاد والاستشهاد من أجل الوصول إلى الهدف، ومع ذلك أيضًا فهي حركة دعوية إسلامية هدفها نشر وتوصيل الإسلام إلى الناس وتطبيقه في الحياة.
- انتفاضة الأقصى كانت مميزة في كل شيء.. فماذا حققت من إنجازات؟
- - الحقيقة الانتفاضة حققت أشياء كثيرة:
أولًا: وحدة الشعب الفلسطيني في خندق المقاومة وجعلت الاتجاهات للحلو السلمية ثانوية.
ثانيًا: أوجدت توازنًا مع العد الإسرائيلي من حيث الإمكانات البسيطة التي هزت كيان العدو وأفقدته الأمن الذي يعيش فيه وإنهار اقتصاده وتجارته وسياحته، وضعه الأمني انهار، وهذا ما دعا الآلاف من الصهاينة للهجرة للخارج، كما أن انتفاضة الأقصى كشفت عن بشاعته الاحتلالية أمام العالم کونه يرتكب مجازر، والانتفاضة هي بداية انطلاق فلسطيني عربي إسلامي التحرير فلسطين؛ حيث أظهرت مدى العمق العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية، فمجرد استمرار الانتفاضة إنجاز لأن العدو يريد منا إلقاء السلاح والتسليم ورفع الرايات البيض.
ما سلبيات الانتفاضة؟
- هز رأسه بالإيجاب ثم قال: نعم.. توجد سلبيات للانتفاضة تتمثل أن الشعب دفع ثمنًا باهظًا من الشهداء والأسرى والمعتقلين والبيوت التي تهدم، إضافة لوضع اقتصادي مترد، كما أن الضغوط الإسرائيلية حرمت الناس من الحياة، صمت قليلًا ثم تابع ربما من سلبياتها أنها لم توحد الشارع الفلسطيني في خندق واحد مقاوم بل بقي كل حزب يقاوم من جهته، توحدت من حيث الفاعليات الشعبية، لكن عند الفاعليات العسكرية بقي كل فصيل له خصوصيته وجهده المستقل عن الآخرين. وتابع باهتمام تعكسه حركات وجهه الأبيض؛ أنا أقول إنها انحرفت عن مسارها، وهي في مسارها الصحيح، نحن تقول هناك الجيد والأفضل، والأفضل أن يتوحد الشعب كله في خندق المقاومة، لكن ليس خطأ أن يكون لكل فصیل مقاومته وإستراتيجيته المستقلة خاصة في ظرفنا الحالي؛ حيث إننا في ظل الاحتلال ووجود الفصائل المختلفة التي تخلق التنافس لتحقيق إنجازات أكبر وأخذ مساحة على الساحة أكبر، وأنا أضرب مثلًا لذلك: اليوم أن تدعو حماس لمسيرة شعبية يخرج فيها من ٥٠ إلى ٦٠ ألفًا. يوم ندعو لمسيرة شعبية باسم القوى الوطنية والإسلامية يخرج عدد قبل لا يتجاوز الألفي نسمة والسبب هو شعور الناس بالانتماء في مرحلة المقاومة، هذا شعور مهم واستغلال هذا الشعور في مقاومة العدو مهم، ولذلك أنا لا أعتبره إخلالًا بالهدف الذي نسعى إليه دائمًا.
- قالت إسرائيل إنها ستضرب القادة السياسيين والعسكريين في حماس داخل القطاع..كيف ستواجهون هذا الأمر؟
منذ نشأت حركة حماس والعدو الإسرائيلي يفكر في ضرب القادة السياسيين والعسكريين أينما كانوا، وبالفعل تمكن من اغتيال الكثيرين منهم سواء القيادات السياسية أمثال جمال سليم وجمال منصور أو قيادات عسكرية مثل صلاح شحادة ويحيى عياش ومحيي الدين الشريف.. فهذا ليس بجديد، فهو يضرب ونحن ننتقم، ويحاول أن يضرب ونحن نرده ونجعله يدفع الثمن الذي يجعله يفكر الف مرة قبل أن يعتدي، ونحن مستمرون في المقاومة لأننا بايعنا الله Uالذي قال في كتابه العزيز ﴿۞إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ۚ (التوبة: 111) هذا وعد ربنا لنا ونحن قبلنا على هذا الأساس.
- هل تعتقد أن لدى حماس القدرة على مواجهة الحملات العسكرية الإسرائيلية كما كانت عليه في السابق وإلى أي مدى ستصمد أمامها؟
حماس أبعد وأوسع مما يتصور العدو الإسرائيلي، فهي ليست مجموعة منظمة أو تنظيمًا سياسيًا أو تيارًا شعبيًا واسعًا.. حماس شعب بكامله يسير في الأرض، مهما ضربت ومهما قتلت «إسرائيل»، فهي لن تخدم إلا مصلحة حماس لأنه يزيد الالتفاف حولها والقوة لها واتساع دوائرها وقواعدها، حماس بذلك تواجه بإمكاناتها، حماس بدأت بالحجر والمولوتوف والبندقية، وانتقلت الآن إلى صناعة القنابل والمتفجرات المتطورة القادرة على ضرب دباباتهم وصناعة صواريخ «قسام» تخترق العدو، فبدل من أن أرسل الاستشهادي غدًا سأضرب بالصاروخ أدمر أينما أريد. وأقلقهم كما يقلقوني هناك قسام (1) وقسام (۲) صواريخ موجودة وسلاح مضاد للدروع بنا (1)، وبنا (2)، وحزامات ناسفة والهاون الذي يقلق مضاجعهم ويجننهم في كل مكان. وازدادت حمرة وجه وهو يتحدث: حماس تتطور بإمكاناتها وقدراتها الذاتية، وكل هذه العوامل هي التي يخدمها الإنسان لا لدينا دبابات ولا طائرات الذي يسير في دبابة خائف وجبان لكن الذي يحمل البندقية مستعد أن يستشهد.. إرادة الاستشهاد هي التي نحملها وسننتصر على العدو إن شاء الله؟
- بعد الضربة الأخيرة لحماس.. أين هي الآن؟
-كل الإمكانات التي ذكرتها هي التي نواجه بها العدو وصمودنا هو عدم الخوف من الموت والاستشهاد، وسنصمد حتى آخر لحظة ونحن نسعى إلى هدفين: إما النصر أو الشهادة وجنة عرضها السماوات والأرض، وهذا ما يجعنا نصمد ونزداد صبرًا، لأن الإيمان ليس معناه اليأس أو الخوف، وعدم خوف المؤمن على الدنيا والحياة يجعله أكثر قدرة على الصبر والمواجهة مهما كانت قوة الضربات الموجهة، والمسألة مسألة وقت والوقت هو الذي يجعل عمليات التي تزلزل الكيان الإسرائيلي تتأخر وسيدفع العدو ثمن مجازره وعدوانه.
- في أي الأحوال يمكن لحماس أن تعيد النظر في عملياتها العسكرية ضد الأهداف الإسرائيلية؟
عندما يزول الاحتلال سوف توقف حماس العمليات لكن ما دام هناك احتلال إذًا لا بد من أن تستمر العمليات العسكرية، فأنا لا أقاوم العدو لأنه يهدم البيوت ويقتل الناس، وإنما نقاومه لأنه أحتل الأرض الفلسطينية وعندما يزول الاحتلال تنتهي المقاومة.
- بالنسبة للبرنامج الوطني «الوثيقة» قيل إن حماس السبب في تعثر المفاوضات للتوصل إلى صيغة مشتركة ونهائية له.. ما مدى صحة ذلك؟
أولًا هذا كلام غير صحيح لأن في الشارع الفلسطيني تمارين: تيار استسلم واعترف بـ«إسرائيل» وتنازل عن 80% من فلسطين ومستعد أن يتنازل عن نصف الضفة الغربية للعدو، ليحافظ على كرسيه ويمسك القيادة وتبقى مصالحه في مثل الحفاظ على وجوده ومصالحه، والنهار الثاني هو تيار الحركة الإسلامية الذي يرى أن فلسطين - كل فلسطين - هي لشعبنا ولأمتنا ولا يمكن التنازل عن ذرة فيها.. لا يمكن التنازل عن حق شعب في العودة إلى أرضه ووطنه، لا يمكن التنازل عن مقدساتنا، هذا التيار يريد أن يوقع على وثيقة مع الآخرين بحيث لا يتنازل عن هذه الحقوق والثوابت، هم يريدون وثيقة يتنازل فيها كما تنازلوا وهذا الكلام مرفوض تمامًا، نحن نريد وثيقة مرحلية تحفظ لنا فلسطين وتحفظ لنا حقوقنا، وهم يريدون وثيقة نهائية نستسلم فيها للعدو الإسرائيلي ونسلم له بما أخذ. ومن هنا بدأ التناقض نحن رفضنا الاستسلام، وهذا هو الذي عطل وضع الوثيقة والاتفاق عليها.
- ما موقف حماس من الاجتماعات الإسرائيلية الفلسطينية التي تعقد من الحين للآخرة؟
تلك الاجتماعات يرفضها كل الشعب الفلسطيني لأنها مستمرة في وقت يتفنن فيه العدو الصهيوني في قتل وتدمير ومحاصرة كافة أبناء الشعب الفلسطيني، هناك صفقات تعقد معه جلسات أمنية.. اتفاقات ضد من؟ ضد المقاومة والمقاومين، لذلك كل هذه الاتصالات مشبوهة ومرفوضة، ودورنا كشعب فلسطين أن نرفضها ودور شعوبنا العربية والإسلامية أن تعلن رفضها لها، لكن نحن في حماس لا تستخدم القوة، وسائلنا داخل الشعب الفلسطيني هي الحوار والنقد والرفض وليس وسائل العنف واستخدام القوة ضد بعض.
ما شكل العلاقة بين حماس والسلطة الفلسطينية وبين حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى؟
-نحن حرصنا دائمًا أن تكون علاقتنا مع السلطة علاقة طبيعية خالية من الصدامات والعنف، وأن تحل مشكلاتنا بالطرق السلمية والحوار، وعلاقتنا بالفصائل الأخرى هي علاقة طيبة وبيننا حوار وحديث ومودة، وبيننا كل التعاون في مجال المقاومة والانتفاضة الشعبية.
- فضيلة الشيخ أحمد ياسين.. كلمة أخيرة توجهها إلى كل من:
- الرئيس عرفات المحاصر في مقره؟
أنا أقول للرئيس: الواجب ألا تستسلم للعدو لأن مطالبه لا تنتهي وإذا سلم في بداية الطريق سيدفعه هذا إلى الاستسلام في كل الطريق حتى نهايته. أقول له: الإنسان سيموت ويجب أن يموت شريفًا وقائدًا رافع الرأس ولا يموت منحني الرأس فيلعنه التاريخ، والمؤامرات ضده وضد شعبنا كبيرة، والمقصود منها ضربنا في بعض وتصفية القضية الفلسطينية وتصفية المقاومة، فانا أقول له: أحذر هذه المنزلقات كن دائمًا إلى جانب الشعب، بإخوانك وأبنائك من الشعب الفلسطيني ستبقى دائمًا قويًا ﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾(هود: 113).
-كلمة توجهها إلى شارون:
شارون؟!!! «مبتسمًا» أقول له: أنت قوتك زائلة وأنت ستهزم لأن القوة لم تدم للذين سبقوك ولن تدوم لك، وإن كان اليوم شعبنا ضعيفًا، فإنه غدًا هو القوي ومصيرك إلى زوال لأن الله حكم عليكم بالزوال من هذه الأرض، وأن تخرجوا منها كما دخلتم وإن مصيركم يسير إلى نهاية سيئة فأحسب حسابًا إلى ذلك اليوم وكف عن جرائمك، وأعلم أن الشعب الفلسطيني قوي الإرادة قوي الإيمان أن يستسلم ولن يسلم وستستمر مقاومته حتى يزول هذا الكيان الإسرائيلي الظالم إن آجلًا أم عاجلًا.
- أخيرًا كلمة توجهها إلى الشعوب العربية والإسلامية:
الحقيقة.. عندي ثقة كبيرة في الله أولًا. وفي الشعوب العربية والإسلامية بأن لديها مخزون ضخم من الدعم المعنوي والمالي والاقتصادي لشعبنا والاستعداد للتضحية معنا في الميادين عندما تتاح لهم الفرصة. ولذلك أنا ثقتي كبيرة في الشعوب العربية والإسلامية، وإذا حوصرت في لحظة من الوقت سيأتيها الوقت الذي ستنتفض فيه وتعيد ترتيب الأوراق كلها على الساحة، ولنرجع للتاريخ: في الحروب الصليبية قدم الصليبيون إلى فلسطين ولم نجد من يقاوم أو يفعل شيئًا، وبعد سنوات تغيرت الظروف وتحركت الجيوش وحررتها، فالأمة يمكن أن تنحني ولكن لا يبقي هذا الإنحناء طويلًا، أنا ثقتي في شعوبنا كبيرة: دورها ضخم، دورها كبير عليها أن توجه رسالة للأنظمة القائمة وللعالم بأنها لن تتحمل مسؤولية هذه الجرائم ولن تسكت عليها وسياتي يوم تتغير فيه المعالم كلها وكل هذه اللعبة الأمريكية. ستضرب هذه الشعوب في ساعة معينة وتجد أن هذه الإمكانية العالية التي عند أمريكا و«إسرائيل» تنهار في لحظة واحدة إن شاء الله.