أغاني «المهرجانات».. فوضى ضد الإبداع
كلمات مبتذلة وأصوات رديئة وإيقاع صاخب وألحان ركيكة
غياب الوعي
مروة إسماعيل، الخبيرة التربوية، ترى أن انتشار هذا النوع من الأغاني وغيره من الأغاني المحرمة هو نتاج الجهل الشرعي وغياب الوعي الديني والثقافي، بالإضافة إلى دور وسائل الإعلام التي تساعد في الترويج لها سواء بقصد أو عن غير قصد.
وتضيف، في حديث لـ«المجتمع»، أن هناك عاملاً آخر مهماً في ظهور هذا النوع من الغناء وتفشيه؛ وهو تراجع دور المؤسسات التعليمية والتربوية والتثقيفية في الارتقاء بمستوى الذوق لدى النشء.
وتشدد على أهمية اضطلاع هذه المؤسسات بدورها في الترقي بالمستوى التعليمي ومستوى الذوق لتحقيق نهضة ثقافية لدى الأجيال القادمة لتفادى السقوط في مثل هذه الهوة.
وتدعو الخبيرة التربوية إلى العودة إلى الاهتمام بمادة التربية الدينية، وأن تتضمن مناهجها معالجات لمثل هذه القضايا، وإلى الاهتمام بمادة اللغة العربية بتضمينها نصوصاً شعرية وبلاغية لكبار الشعراء والأدباء والكتَّاب للارتقاء بلغة الطلاب لتصبح لديهم مناعة ضد الأغاني الهابطة.
انحطاط الذوق
أما الكاتب الصحفي د. سعيد توفيق، فيرى أن شيوع أغاني المهرجانات هو نتيجة لانحطاط في الذوق الجمالي العام، معتبراً أن فساد الذوق الجمالي العام يعبر عن افتقار هذا الذوق إلى الحد الأدنى من الثقافة الفنية اللازمة لتقدير أي أغنية.
تراجع تعليمي وتربوي وراء ارتفاع شعبية مطربي المهرجانات
ويشير إلى أن أغاني المهرجانات تبدأ عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ثم تنتشر سريعاً في الواقع الاجتماعي لتقترن بحفلات الزواج وأعياد الميلاد، موضحاً أن انتشارها لم يعد يقتصر على الطبقة الدنيا، بل طال الطبقة «العليا».
وعبر توفيق عن اندهاشه من مدى انتشار هذه الأغاني، لافتاً إلى أن إحدى هذه الأغاني على موقع «يوتيوب» حصلت على أكثر من مائة مليون مشاهدة.
من جانبه، يقول الملحن حلمي بكر: إن سبب الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها هذا النوع من الأغاني التحول الذي طرأ على الذوق العام جراء تراجع الاهتمام بالأطفال والنشء في مقررات الدراسة.
ويرى بكر أن الأطفال حالياً يعانون من انحدار في الذوق العام لعدم الاهتمام بحصص التربية الوطنية والموسيقى والألعاب الرياضية والأشغال اليدوية.
ويضيف أن هذه الأنشطة لها أهمية بالغة في ترويض ميول النشء الجديد نحو كل ما هو قيّم وأصيل وإيجابي؛ وبالتالي بناء ذوق عام يميل نحو الجمال لا القبح.
ويصف الملحن المصري هذا النوع من الأغاني بالفوضى الموسيقية، معتبراً أن كل ما هو غريب حالياً يحظى باهتمام واسع الأمر الذي يعد كارثة ستدفع ثمنها الأجيال المقبلة وأطفالهم.
ويؤكد بكر أن هذه النوعية من الأغاني أكثر خطورة على المجتمع من فيروس «كورونا»! قائلاً: عندما يقتل فيروس شخصاً، هذا قدره، لكن إيذاء المجتمع وتدمير ذائقته الفنية يعد ذنباً يحاسَب مرتكبه أمام الله.
سهولة الإنتاج
من جانبه، يقول الكاتب الصحفي محمود الورواري: إن سبب انتشار أغاني المهرجانات سهولة إنتاجها؛ لأنها تستخدم نوعاً من موسيقى «التكنو موسيقى» تتم صناعتها عن طريق الكمبيوتر، ويتم تركيب صوت المغني عليها.
الاهتمام بالشعر والأدب ضروري للارتقاء بالذوق العام
الشيء الآخر الذي ساعد في انتشار هذا النوع، بحسب الورواري، منصات التواصل الاجتماعي، ليصبح من الممكن القول: إن هذا الشكل الغنائي هو ابن «السوشيال ميديا».
بدوره، يرى نقيب المهن الموسيقية المصري السابق هاني شاكر أن هذه النوعية من الأغاني مخالفة للقيم والأخلاق، قائلاً: هذه النوعية من الأغاني التي تعتمد على الإيحاءات الجنسية والألفاظ الخارجة مرفوضة تماماً.
وكانت نقابة المهن الموسيقية في مصر قد أصدرت قراراً قبل عامين بمنع 19 مطرباً للمهرجانات الشعبية من العمل وسحب تصاريحهم السنوية للغناء.
وبرر طارق مرتضى، المتحدث باسم النقابة، القرار آنذاك بأن النقابة تقوم بدورها في حماية المهنة كقيمة وحماية المجتمع والذوق العام في مصر والعالم العربي.
حرام شرعاً
وعن الموقف الشرعي من هذه الأغاني، تقول دار الإفتاء المصرية: إن سماع أغاني المهرجانات بما تحويه من فحش وكلام بذيء ودعوة إلى الرذائل حرام شرعاً، وينبغي للجهات المسؤولة منع إصدار هذه الأغاني ومنع نشرها.
من جانبه، يقول الشيخ أحمد المالكي، أحد علماء الأزهر الشريف: إن كلمات أغاني المهرجانات قبيحة، وأحياناً تدعو إلى الفحش والتفحش في القول، وإن هذه الأغاني تحتوي على معان تحث وتدعو إلى الرذيلة.
ويشدد المالكي على أن كل ما يدعو إلى الرذيلة هو حرام شرعاً، مضيفاً أنه إذا كانت أغاني المهرجانات تضيع الذوق العام فيستوجب منعها.