التعليم مفتاح «كويت جديدة 2035»

عندما وضعت الكويت رؤيتها الوطنية الطموحة «كويت جديدة 2035»، لم يكن التعليم بنداً عابراً، بل جرى اعتباره المدخل الأساس لتحقيق كل ما تحمله الرؤية من تطلعات؛ فالتعليم هو الذي يصنع الإنسان الواعي، وهو الذي يمدّ الوطن بالطاقات البشرية القادرة على قيادة الاقتصاد، وإدارة المؤسسات، ومواكبة تحديات العصر بروح الإبداع والمبادرة.

إن المتأمل في محاور «كويت جديدة 2035» يدرك أن جميعها ترتبط ارتباطاً مباشراً بمستوى التعليم وجودة مخرجاته؛ فالاقتصاد المتنوع والمستدام لا يقوم إلا على كوادر مؤهلة تمتلك روح الابتكار وريادة الأعمال، والنظام الصحي المتطور يحتاج إلى أطباء وباحثين وعاملين في المهن الطبية أعدتهم مؤسسات تعليمية راسخة، والبنية التحتية الحديثة لا يمكن أن تُبنى من دون مهندسين وفنيين على وعي بأحدث التقنيات.

الإصلاح المطلوب لا بد أن يتناول المناهج والتقويم ويعيد الاعتبار لدور المعلم وتوظيف التكنولوجيا

أما التحول الرقمي الذي يُراهن عليه المستقبل، فهو مشروط بجيل متقن لمهارات الحوسبة والذكاء الاصطناعي، وهكذا يصبح التعليم العمود الفقري لأي مشروع تنموي، وشرطاً لازماً لنجاحه واستمراره.

تحديات تواجه مسيرة الإصلاح

غير أن الطريق ليس معبّداً بالكامل، فالتعليم في الكويت يواجه جملة من التحديات التي لا بد من مواجهتها بجدية؛ فما زالت المناهج في كثير من جوانبها أسيرة الحفظ والتلقين، بعيدة عن تنمية التفكير النقدي والقدرات البحثية، وما زال الربط بين المقررات وسوق العمل ضعيفاً؛ ما يترك فجوة بين ما يتعلمه الطالب وما يحتاجه المجتمع والاقتصاد.

كما أن المعلم، وهو حجر الزاوية في أي عملية إصلاح، يحتاج إلى برامج تطوير مستمرة تجعله قائداً تربوياً بحق، لا مجرد ناقل للمعلومة، يضاف إلى ذلك الفجوة التي تفصل أحياناً بين التعليم الجامعي واحتياجات التنمية، وهو ما يجعل قضية المواءمة بين المخرجات ومتطلبات سوق العمل مسألة ملحة.

رؤية شاملة للإصلاح المطلوب

الإصلاح المطلوب في هذه المرحلة لا بد أن يكون شاملاً، يتناول المناهج والتقويم، ويعيد الاعتبار لدور المعلم، ويوسع من مساحة توظيف التكنولوجيا الحديثة داخل الصفوف، لتتحول المدرسة إلى بيئة ذكية تعزز التعلم الذاتي والتفاعلي.

أي نهضة اقتصادية أو اجتماعية أو حضارية لا يمكن أن تقوم إلا على قاعدة صلبة من التعليم النوعي

كما يتطلب الإصلاح تطوير أساليب التقييم بحيث تركز على قدرات الطالب ومهاراته العملية، لا على حفظه للمعلومة فقط، مع تعزيز الشراكة المجتمعية بين المدرسة والأسرة والقطاع الخاص، لأن التعليم مسؤولية مشتركة لا يمكن أن تتحملها الوزارة وحدها.

وإذا كان للتعليم دور في صناعة التنمية، فإن له كذلك دوراً محورياً في ترسيخ الهوية الوطنية والقيم الأخلاقية، فالمناهج مطالبة بأن تجمع بين الانفتاح على العالم ومكتسباته، وبين الحفاظ على أصالة المجتمع وثوابته، لتنشئة جيل متوازن يجمع بين الإبداع والالتزام، وبين روح العصر وجذور الهوية.

فرصة تاريخية للنهوض

إن وضع التعليم على رأس أولويات «كويت جديدة 2035» لم يكن خياراً اعتباطياً، بل جاء من إدراك عميق بأن أي نهضة اقتصادية أو اجتماعية أو حضارية لا يمكن أن تقوم إلا على قاعدة صلبة من التعليم النوعي.

والمرحلة القادمة تمثل فرصة تاريخية لتحويل التحديات إلى إنجازات، ولصياغة نموذج تعليمي كويتي حديث يليق بوطن يتطلع إلى المستقبل بثقة وطموح.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة