ما الذي يحدث في السويداء؟ ولماذا تتدخل «إسرائيل» باسم «حماية الدروز»؟

سيف باكير

16 يوليو 2025

261

تشهد محافظة السويداء جنوب سورية تصعيدًا غير مسبوق، إثر اندلاع اشتباكات مسلحة عنيفة بين مقاتلين دروز ومسلحين من عشائر البدو، أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص، وسقوط عشرات الجرحى، في واحدة من أعنف المواجهات الداخلية منذ سنوات.

الأحداث سرعان ما أخذت منحى إقليميًا مع دخول الجيش السوري إلى المدينة، وتدخل الكيان الصهيوني عسكريًا عبر غارات جوية، تحت ذريعة حماية الدروز.

نقطة الانفجار.. كيف بدأت المواجهات؟

انطلقت شرارة العنف يوم الأحد الماضي عندما اندلعت اشتباكات عنيفة بين مجموعات درزية مسلحة ومقاتلين من عشائر البدو في ريف السويداء، على خلفية توتر مزمن حول النفوذ والسلاح المحلي، وسرعان ما تصاعدت المواجهات لتشمل أحياء داخل المدينة؛ ما دفع الجهات الرسمية السورية إلى إرسال تعزيزات أمنية وعسكرية، بهدف استعادة السيطرة.

وزارة الدفاع السورية أعلنت، أمس الثلاثاء، بدء دخول وحدات الجيش إلى المدينة ذات الغالبية الدرزية، ودعت الأهالي إلى التزام المنازل، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية واتساع رقعة الاشتباكات.

وبعد وساطات محلية، أعلن وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار مع وجهاء المدينة، لكن الهدنة لم تصمد طويلًا، حيث اتهمت وزارة الدفاع مجموعات خارجة عن القانون بخرق الاتفاق ومهاجمة قوات الجيش والأمن الداخلي؛ ما دفع القوات الحكومية إلى الرد وإعادة التمركز في محيط المدينة.

لكن سرعان ما تصاعد التوتر، عقب تصريحات الزعيم الدرزي الذي زعم بأنّ الرئاسة الروحية أُجبرت على إصدار بيان الترحيب تحت ضغط حكومي، داعياً إلى مقاومة وجود الجيش وقوات الأمن، رغم إعلان وزير الدفاع مرهف أبو قصرة وقفاً تاماً لإطلاق النار وانسحاباً لقوات الجيش، التزاماً باتفاق مع وجهاء المنطقة، وفق موقع «تلفزيون سورية».

قائد الأمن الداخلي في السويداء، العميد أحمد الدالاتي، صرّح أن دخول القوات كان ضروريًا لحفظ النظام ومنع الفوضى، مشيرًا إلى أن الجيش انسحب لاحقًا إلى خارج المدينة، مع تحمّله كامل المسؤولية عن أي تجاوزات.

في موازاة التصعيد، رحّب المسؤولون الأمنيون في السويداء بدعوة الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز، التي ناشدت الفصائل المسلحة للتعاون مع قوى الأمن وتسليم سلاحها، حقنًا للدماء وحفاظًا على استقرار المحافظة.

قوات من وزارتي الدفاع والداخلية انتشرت في أحياء السويداء، ونشرت وكالة «سانا» مشاهد لتمركز عناصر الأمن داخل المدينة، بهدف حماية الأهالي والممتلكات.

«تل أبيب» تهدد الشرع: لن نتخلى عن الدروز

في تطور مفاجئ وخطير، شنت طائرات الاحتلال «الإسرائيلي» غارات جوية مكثفة على مواقع تابعة للجيش السوري وقوى الأمن الداخلي في السويداء، تزامنًا مع دخول القوات الحكومية، واستهدفت الغارات منطقة الشقراوية ومحيط مطار الثعلة العسكري، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف القوات السورية.

وزارة الخارجية السورية دانت العدوان «الإسرائيلي» الغادر، مؤكدة أن الاحتلال يتحمّل المسؤولية الكاملة عن التصعيد، وأن سورية تحتفظ بحقها في الرد والدفاع عن سيادتها.

وبحسب بيان وزارة الداخلية السورية، فإن الغارات «الإسرائيلية» جاءت دعماً للمجموعات المسلحة داخل المدينة؛ ما يؤشر إلى تدخل مباشر في مسار الأحداث.

الإعلام العبري نقل تصريحات لوزير الدفاع «الإسرائيلي» يسرائيل كاتس، هدّد فيها النظام السوري باستمرار القصف ما لم ينسحب من السويداء، وقال كاتس: لن نتخلى عن الدروز، وسنفرض سياسة نزع السلاح التي قررناها، على النظام السوري أن يترك السويداء ويسحب قواته إلى الوراء.

وفي تصعيد إضافي، دعا وزير شؤون الشتات في الكيان الصهيوني عميحاي تشيكلي إلى اغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع، متهمًا دمشق بارتكاب مجازر بحق الدروز، متجاهلاً المجازر اليومية التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة والضفة الغربية.

في المقابل، أفادت تقارير «إسرائيلية» بزيادة انتشار قوات الاحتلال على الحدود مع سورية، تحسبًا لأي تحرك من الدروز، خاصة بعد عبور العشرات منهم للحدود تضامنًا مع إخوانهم في السويداء.

«إسرائيل» والتصعيد الإقليمي في سورية.. قراءة في الأهداف الخفية |  Mugtama
«إسرائيل» والتصعيد الإقليمي في سورية.. قراءة في الأهداف الخفية | Mugtama
في خضم الأحداث المتسارعة التي تشهدها الساحة السوري...
mugtama.com
×

كما أفادت «إذاعة جيش الاحتلال»، اليوم الأربعاء، بأن الجيش نشر سريتين إضافيتين على الحدود مع سورية، خشية محاولات اختراق جماعي للسياج من قبل دروز الجولان، وأوضحت أن إحدى السرايا تتبع حرس الحدود، والثانية من قاعدة تدريب لواء غولاني، إلى جانب سرية أخرى نُشرت في اليوم السابق.

وأضافت الإذاعة: تعزز ثلاث سرايا حاليًا الحدود السورية على الجانب «الإسرائيلي»، بالإضافة إلى قوات الشرطة العسكرية العاملة في المنطقة.

ونقلت الإذاعة عن الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في الكيان الصهيوني موفق طريف قوله: يجب أن نجبر النظام السوري على الانسحاب من السويداء، معتبرًا أن هذه حرب وجود.

وطالب طريف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، بالاختيار بين الشراكة مع الدروز أو «داعش»، في اتهام مباشر للنظام السوري الذي يسعى لبسط الأمن في المحافظة.

وبالتزامن، تتصاعد في أوساط الدروز داخل الأراضي المحتلة دعوات تطالب حكومة نتنياهو بالتدخل العسكري المباشر في سورية تحت شعار «حماية الدروز»، رغم أن العديد من أبناء الطائفة يخدمون في الجيش «الإسرائيلي»، ويشاركون في العدوان على غزة ولبنان، ويُتهم بعضهم بالمشاركة في جرائم حرب بحق المدنيين.

اقرأ أيضاً: لماذا يريد نتنياهو حماية الأقلية الدرزية في سورية؟!

ويبلغ عدد الدروز في سورية نحو 800 ألف نسمة، وفق تقديرات غير رسمية، ويتوزعون على محافظات السويداء وريف دمشق والقنيطرة وإدلب.

ويعتقد مراقبون أن «تل أبيب» تحاول استثمار الورقة الدرزية سياسيًا، كما فعلت في لبنان سابقًا، لإيجاد موطئ قدم في الجنوب السوري وإعادة تشكيل المشهد الحدودي بما يخدم مصالحها الإستراتيجية.


غارة صهيونية على هيئة الأركان في دمشق

وفي تطور ميداني جديد، أفادت «وكالة الأنباء السورية» الرسمية (سانا) بوقوع دوي انفجار في العاصمة دمشق، صباح اليوم الأربعاء، مشيرة إلى أن الجهات المختصة تعمل على التحقق من طبيعته ومصدره.

في المقابل، زعمت وسائل إعلام عبرية أن الانفجار ناجم عن غارة جوية «إسرائيلية» استهدفت مقر هيئة الأركان العامة السورية في قلب العاصمة.

ونقلت «هيئة البث الإسرائيلية» عن مصدر أمني قوله: إن الغارة تمثل رسالة مباشرة إلى الرئيس السوري أحمد الشرع على خلفية التطورات المتسارعة في محافظة السويداء.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة