الشامري لـ«المجتمع»: العمل الإنساني يصنع الإنسان قبل أن يبني المكان

بين مكاتب
التخطيط وأصوات الميدان، يقف خالد مبارك الشامري، رئيس قطاع التنمية والإغاثة في
نماء الخيرية بجمعية الإصلاح الاجتماعي، شاهدًا على رحلة طويلة من العطاء الكويتي الذي تجاوز الحدود، ووصل
إلى الإنسان حيثما كان.
في هذا الحوار،
يفتح لنا الشامري أبواب الرؤية حول آليات الاختيار والتنفيذ، والشراكة مع الجهات
الرسمية، وتأثير الرحلات التطوعية على الشباب الكويتي.
- بداية،
كيف تُحدّد «نماء الخيرية» أولوياتها في اختيار المشاريع؟
- يبدأ عملنا من الميدان، لا من المكاتب، حيث لدينا دراسات احتياج دقيقة في الدول المستهدفة، نقوم
بها عبر شركاء موثوقين، بالتعاون مع الجهات الرسمية، ونختار المشاريع التي تحقق
أثرًا تنمويًا مستدامًا، كالمياه، والتعليم، والقرى السكنية، والتمكين الاقتصادي؛ لأنها تخلق دورة
حياة متكاملة، لا مجرد إعانات مؤقتة، كما نعتمد على بيانات وتقارير توثّق الحالة
الإنسانية، ثم نعرضها على لجان مختصة في الكويت لتحديد الأولويات، حرصًا على
العدالة والكفاءة.
- ما
المعايير التي تضمن نجاح المشروع بعد تنفيذه؟
- لدينا منظومة
متابعة صارمة، فكل مشروع يمر بـ3 مراحل: التقييم، والتنفيذ، والتدقيق، ونستعين
بشركات محاسبة ومكاتب تدقيق خارجية، ونستخدم أنظمة رقمية لتوثيق كل مرحلة، بالصور
والفيديو والتقارير، كما نولي اهتمامًا خاصًا بجودة التنفيذ، فالمهم ليس أن نُنجز
المشروع، بل أن نضمن استمراريته وكفاءته لخدمة المستفيدين على المدى الطويل.
- ما
طبيعة العلاقة بين «نماء الخيرية» والجهات الرسمية في الكويت؟
- العلاقة
تكاملية، فوزارة الشؤون الاجتماعية الحاضنة التنظيمية التي تضمن الامتثال
للقوانين، وتشرف على جمع التبرعات وتنفيذ المشاريع، أما وزارة الخارجية فهي الذراع
الدبلوماسية التي تسهّل التواصل مع الحكومات والمنظمات الدولية؛ ما يعزز مصداقية
العمل الكويتي عالميًا، ولولا هذا التنسيق، لما تمكنت الجمعيات من العمل في عشرات
الدول بسلامة قانونية وإنسانية.
- شهدنا
توسعًا في الرحلات التطوعية، كيف ترى أثرها؟
- الرحلات
التطوعية من أجمل ما تقدمه نماء الخيرية للشباب، فعندما يرى المتطوع طفلًا يشرب من
بئرٍ ساهم هو في تمويلها، تتغير في داخله مفاهيم كثيرة، هذه التجارب تزرع في
الشباب الإحساس بالمسؤولية، وتربطهم بالواقع، وتبني فيهم روح القيادة.
- وماذا
عن أثر المشاريع داخليًا في الكويت؟
- نعمل أيضًا
داخل الكويت في مجالات التعليم ودعم الأسر المتعففة ورعاية الطلاب الجامعيين، ومشروع
طالب العلم الجامعي مثلًا أحدث أثرًا ملموسًا، إذ ساهم في إبقاء مئات الطلبة على
مقاعدهم الدراسية رغم صعوبات الحياة، نحن نؤمن أن العمل الخيري الحقيقي يبدأ من
الداخل، ثم يمتد إلى الخارج.
- كيف
تقيّمون صورة العمل الخيري الكويتي في الخارج؟
- الكويت اليوم
تحظى بسمعة عالمية راقية في العمل الإنساني، بفضل القيادة الحكيمة وتوجيهات سمو
الأمير الراحل وسمو ولي العهد، حفظهما الله، نحن نتحرك وفق رؤية وطنية تعتبر العمل
الخيري جزءًا من الهوية، لا من النشاط الجانبي، ولهذا نحرص دائمًا على رفع اسم
الكويت في كل مشروع نقوم به.
- ما
رؤيتكم المستقبلية لقطاع التنمية والإغاثة؟
- نحن نطمح
للتحول الكامل نحو الرقمنة والحوكمة الشفافة، وتوسيع برامج التمكين الاقتصادي
للأسر الفقيرة، كما نعمل على إعداد قيادات شبابية جديدة تحمل راية العمل الإنساني الكويتي، لتبقى الرسالة مستمرة عبر الأجيال.
- كلمة
أخيرة.
- العمل
الإنساني لا يبني مكانًا فقط، بل يصنع الإنسان، وما نطمح إليه في «نماء الخيرية»
هو أن نحافظ على هذه الروح، ونكون دائمًا عند حسن ظن مَن وثقوا بنا، وأن يبقى
شعارنا دائمًا: «نُعطي بوعي، ونبني بأمل، ونُغيث بإنسانية».