بأمعائها الخاوية.. غزة تواجه التهجير!

لا يمكن أن يعلم
العالم ترجمة حروف كلمة غزة مهما زاد من معرفة اللغة والمعاجم، ومهما كتب عنها
الإعلام وتحدث عنها في التحليلات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
من الصعب أن تعرف أهلها، وصمودهم الأسطوري الذي سيكون شاهداً ليس في صفحات التاريخ والأجيال القادمة فحسب، بل ستكون خصماً لكل متخاذل أمام الله تعالى يوم القيامة، وما أعظم ذلك الموقف!
الجوع
والحرمان
الحرب على غزة
ليست واحدة، وإنما حروب تزداد نارها كل يوم لما يكون له تأثيرات تتوالد كلما زادت
من أيام وشهور تواجدها، فلا يمكن ترجمة الصمود بكلمات لأكثر من مليوني مواطن غزي
بأطفالها ونسائها وشيوخها ورجالها بأمعائهم الخاوية أمام أقوى ترسانة أسلحة مدعومة
من أكبر الدول المنتجة للسلاح!
كل يوم تفقد غزة
أوزان أجسادها، فالكثير من أهلها يشتهي الحصول على رغيف خبز الذي أصبح صعب المنال
غالي الثمن، لم يعد سعر الرطل منه يزيد على 100 دولار فحسب، بل أصبح ثمنه يكلف
أرواحاً تغامر بنفسها من أجل كيس طحين لأطفالها المجوَّعين.
أهالي غزة
يقودون أشرس المعارك بأمعاء خاوية، رغم أن المساعدات الغذائية لا تبعد عن حدودهم
إلا أمتاراً قليلة خلف المعابر محكمة الإغلاق بقرار الاحتلال، وكل ما يتم الحديث
عن دخول مساعدات غذائية ما هو إلا تلميع إعلامي يخدم الاحتلال.
غزة مجوعة ليس بقرار الاحتلال فحسب؛ بل بصمت رهيب لا تحركه ارتقاء الأطفال جراء انعدام التغذية، فأبسط الأشياء أصبحت حلماً لأهل غزة، حتى وإن كانت معلقة سكر على كوب من الشاي!
ضغوط على الأمعاء
المجاعة التي
تشهدها أمعاء غزة جزء من عدوان الاحتلال عليها، خاصة أنه أعلن في بداية عدوانه عن
سياسة التجويع، لقد أكل أهل غزة علف الحيوانات والطيور، وأوراق الشجر! واليوم لم يعد
شيء منها موجوداً لتناوله بعد أكثر من 21 شهراً قتل فيها البشر والشجر والثمر.
هذه المجاعة عبارة عن صاروخ ضغط على أمعاء أهالي غزة للتنازل عن سلاح مقاومتها، وتكون سبباً مقبولاً لتنفيذ عملية التهجير.
سياسة التهجير
بين فترة وأخرى،
تدق طبول الحديث عن سياسة التهجير واختيار دول عديمة الاستقرار فقيرة الموارد،
لتكون مستقر أهل غزة، حقيقة استغرب مثلي كل أهل غزة بصغيرها وكبيرها عن انشغال
الاحتلال بخطة التهجير التي من المحال أن تترجم على أرض الواقع رغم الخذلان وسياسة
المجاعة الضاغطة!
البعض يؤكد أن
المؤشرات توحي بذلك، صحيح أن الأوضاع في غزة صعبة للغاية، لكن من المحال هزيمة غزة
التي توقن بعدالة قضيتها وقدسيتها، فهي لا تدافع عن نفسها وعن كل فلسطين فحسب؛ بل
تدافع عن الأمة جميعاً.
وكل ذرة تراب في
غزة غالية جداً، فهي رويت بدماء الشهداء والجرحى، فهذا يجعل صمودهم أمام سياسة
التهجير أكبر من كلمة أسطوري، فهي عقيدة ودين قبل أن تكون وطناً.