21 فبراير 2025

|

دعم بلدان أوروبية ولاتينية للفلسطينيين.. مواقف تستحق التقدير

على عكس التيار الأوروبي، دعمت أيرلندا وإسبانيا والبرتغال والنرويج وسلوفينيا وأسكتلندا الموقف الفلسطيني خلال العدوان على غزة، كما وقفت جنوب أفريقيا ودول لاتينية في وجه العدوان «الإسرائيلي» بكل صرامة وحزم. 

في الوقت الذي تغاضت فيه غالبية دول العالم وغالبية الدول الغربية عن جرائم الاحتلال «الإسرائيلي»، وحرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة، بعد عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها فصائل المقاومة ضد مستوطنات غلاف غزة، وقفت دول أوروبية ولاتينية وأفريقية داعمة للفلسطينيين في غزة وللدولة الفلسطينية بكل قوة وحزم ضد آلة القتل «الإسرائيلية».

أيرلندا والنرويج وإسبانيا

في خضم حرب الإبادة على غزة، أعلنت أيرلندا والنرويج وإسبانيا اعترافها بدولة فلسطين في 28 مايو 2024م، وهي الخطوة التي أثارت غضب «إسرائيل»، وعلى إثرها أمرت «إسرائيل» باستدعاء فوري لسفرائها بالدول الثلاث، وفي سابقة داخل أوروبا، أقرّ البرلمان الأيرلندي قانوناً يعدّ المستوطنات «الإسرائيلية» في الأراضي الفلسطينية ضمًّا فعليًّا غير قانوني، وهو القانون الذي حاز إجماع أحزاب جمهورية أيرلندا، فضلاً عن إدانتها تهجير السكان الفلسطينيين.

لقد دأبت إسبانيا وإيرلندا منذ سنوات طوال على مناصرة القضية الفلسطينية، ومع تصاعد العدوان وارتفاع أعداد القتلى في قطاع غزة جراء الهجوم «الإسرائيلي» الذي يهدف إلى القضاء على حركة «حماس»، أطلقت دعوات عالمية لوقف إطلاق النار والتوصل لحل دائم يحقق السلام في المنطقة.

الدعم الأيرلندي لفلسطين

بينما وقف العالم صامتاً إزاء الإبادة الجماعية وجرائم الحرب في غزة، وقفت أيرلندا ضد حرب الإبادة في غزة وأدانت بلهجة واضحة الجرائم «الإسرائيلية»، وليس هذا أمراً جديداً على أيرلندا، ففي عام 1980م كانت أيرلندا أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تدعو إلى إنشاء دولة فلسطينية رسميًا. 

ومنذ أيام قليلة، أعلن نائب رئيس الوزراء الأيرلندي سيمون هاريس دعماً قدره 20 مليون يورو من أيرلندا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لدعم عملها في تقديم المساعدة في غزة والضفة الغربية واللاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط بعدما وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أمراً تنفيذياً يقضي بوقف تمويل «الأونروا».

الدعم الأسكتلندي

ولا يختلف الوضع كثيراً في أسكتلندا، فهناك دعم شعبي وسياسي واسع للفلسطينيين تحت زعامة الحزب الوطني الأسكتلندي، فتري أسكتلندا أن فلسطين تكرار لرحلتها من أجل الاستقلال والحق في تقرير المصير، كما أن التأثير الأيرلندي على أسكتلندا واضح، فهناك شريحة كبيرة من السكان في أسكتلندا تعود أصولها لأيرلندا، وهي الفئة التي هاجرت خلال الحرب ولها قدرة على التأثير في النقاش العام.

إغلاق «إسرائيل» لسفارتها في دبلن

ورداً على الدعم الأيرلندي القوي للقضية الفلسطينية، قررت «تل أبيب» إغلاق سفارتها في دبلن في ضوء ما أسمتها «السياسات المتطرفة المناهضة لـ«إسرائيل» التي تنتهجها الحكومة الأيرلندية»، علن رئيس الوزراء الأيرلندي هاريس أن «إسرائيل» لن تستطيع إسكات بلاده لانتقادها الحرب على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ووصف قرار إغلاق السفارة «الإسرائيلية» بـ«دبلوماسية تشتيت الانتباه».

الدعم الإسباني

أما إسبانيا، فبكل صراحة ووضوح جاء موقفها داعماً لفلسطين وشعبها ضد ما يقترفه الاحتلال من جرائم بحقهم، فمع أن غالبية البلدان الأوروبية لا تكتفي فقط بالتغاضي عن جرائم الاحتلال وغض الطرف عنها، بل إنها تبرر لهذا الاحتلال جرائمه، وتحاول إضفاء صبغة شرعية على عدوانه على قطاع غزة، تذرعاً بدعم حق «إسرائيل» في الدفاع عن نفسها، وهو الدعم الأعمى الذي تقدمه هذه الدول للاحتلال وقادته.

لكن على النقيض، اتخذت إسبانيا موقفاً مغايراً، يدعم القضية الفلسطينية، ويرفض العدوان «الإسرائيلي» الغاشم، ويقر بأن السلام في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إنشاء دولة فلسطينية.

فأعلنت وزارة الخارجية الإسبانية، في 19 فبراير 2024م، أنها ستفرض عقوبات على مستوطنين «إسرائيليين» إذا لم تتفق أوروبا على ذلك، وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس: إن بلاده ستفرض من جانب واحد عقوبات على المستوطنين «الإسرائيليين» الذين يمارسون العنف في الضفة الغربية، إذا لم تتوصل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق حول هذا الأمر.

وكتب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، عبر حسابه على منصة «إكس»: «إن التزام الاتحاد الأوروبي بحقوق الإنسان وكرامته لا يمكن أن يكون له استثناءات، ونظرًا للوضع الحرج في رفح، طلبت أيرلندا وإسبانيا من المفوضية الأوروبية إجراء مراجعة عاجلة لما إذا كانت «إسرائيل» تمتثل لالتزاماتها باحترام حقوق الإنسان في غزة».

إسبانيا تدعم «الأونروا»

وبينما تخلت العديد من الدول عن دعمها المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أعلنت إسبانيا في 5 فبراير 2024م، أنها تعتزم إرسال مساعدات إضافية بقيمة 3.5 ملايين يورو لـ«لأونروا».

وفي نوفمبر الماضي، رفضت الحكومة الإسبانية رسو سفينتين قادمتين من ولاية نيويورك الأمريكية في ميناء ألجسيراس جنوبي إسبانيا، كما وجهت إسبانيا ضربة جديدة لـ«إسرائيل» ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، بعد اعترافها بفلسطين كدولة، كما انضمت إلى دعوى الإبادة الجماعية المرفوعة من قبل جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، ضد أفعال «إسرائيل» الإجرامية في قطاع غزة، لتصبح ثاني دولة أوروبية بعد أيرلندا.

موقف سلوفينيا

أيضاً كان لسلوفينيا موقف مشرف، فاعترفت حكومتها بدولة فلسطين في مايو 2024م لتصبح رابع دولة أوروبية تعترف بالدولة الفلسطينية، بينما تمسكت دول أوروبية مثل ألمانيا بعدم الاعتراف من جانب واحد.

ومؤخراً، اعتبرت الحكومة السلوفينية، المقترحات التي دارت حول تهجير الفلسطينيين قسراً من غزة، إلى جانب إعادة التطوير الأحادي الجانب للمنطقة غير مقبولة، وتشكل مثل هذه المقترحات انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.

وأكدت الحكومة السلوفينية، في بيان نشرته الخارجية السلوفينية على منصة «إكس»، أن الادعاء بأن الأردن أو مصر يجب أن تستوعب سكان غزة يتجاهل الحقوق السيادية لهذه الدول والمبادئ الأساسية لحماية اللاجئين، محذرة من أن مثل هذه المقترحات تخاطر بزعزعة استقرار الشرق الأوسط بأكمله، وتفاقم التوترات الإقليمية، وتقويض أمن الأردن ومصر.

جنوب أفريقيا.. والمحاكم الدولية

أيضاً كانت جنوب أفريقيا من أوائل الدول التي وقفت ضد العدوان «الإسرائيلي» على غزة، فقدمت طلبًا رسميًا إلى محكمة العدل الدوليّة، في 29 ديسمبر 2023م، يتهم «إسرائيل» بارتكاب أعمال إبادة جماعيّة في قطاع غزة بعد اندلاع الحرب الإبادة وسقوط الآلاف من الضحايا وأعمال التهجير القسري للفلسطينيين من غزة.

وقد وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في فبراير الجاري، على أمر تنفيذي بوقف المساعدات المالية لجنوب أفريقيا، بسبب سياستها المتعلقة بالأراضي الفلسطينية وقضية الإبادة الجماعية التي رفعتها على «إسرائيل» حليفة واشنطن.

كولومبيا.. وقطع العلاقات

على الرغم من بعد المسافة بين فلسطين المحتلة وكولومبيا، فقد فقطعت كولومبيا علاقاتها الدبلوماسية بـ«إسرائيل»، في مايو الماضي، على خلفية الانتهاكات «الإسرائيلية» في قطاع غزة.

وكانت كولومبيا قد أوقفت تصدير الفحم لـ«إسرائيل» بالرغم من خسارتها 450 مليون دولار، وأعلن الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو أن بلاده حظرت تصدير الفحم إلى «إسرائيل»، وعقّب على القرار بتغريدة على منصة «إكس» قال فيها: «إسرائيل» تستخدم الفحم الكولومبي لصنع قنابل تقتل بها الأطفال الفلسطينيين!

البرازيل.. وسحب السفير

وسحبت البرازيل سفيرها لدى «إسرائيل»، في فبراير 2024م، بعد فترة من التوتر بشأن الحرب الهمجية على غزة، وكان الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا قد اتهم رئيس الوزراء «الإسرائيلي» نتنياهو بقتل الأبرياء في قطاع غزة ولبنان كوسيلة للحفاظ على وجوده في السلطة، حسبما قالت صحيفة «أوجلوبو» البرازيلية.

تشيلي والمكسيك والإكوادور وفنزويلا.. وانضمامها للدعوى

ولم تصمت تشيلي على جرائم الاحتلال، فأعلنت على لسان رئيسها جابرييل بوريتش عن انضمامها إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد «إسرائيل» أمام محكمة العدل الدولية، وفي خطاب ألقاه أمام كونجرس بلاده عن الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه سكان غزة، قال: قررنا أن ننضم إلى الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، في إطار اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

كذلك انضمت دولة المكسيك إلى دعوى جنوب أفريقيا، حيث تقدمت بطلب إلى محكمة العدل الدولية، للانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا على خلفية العدوان في قطاع غزة، بشأن انتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية عام 1948.

كذلك جاءت مواقف جمهورية الإكوادور داعمة للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، خاصة تصويتها على القرارات الدولية المتعلقة بوقف إطلاق النار عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، كما خرجت مظاهرات داعمة لغزة ومنددة بالعدوان الهمجي على قطاع غزة.

ولم تصمت فنزويلا على الجرائم «الإسرائيلية»، فانتقد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إفلات «إسرائيل» من العقاب رغم عدوانها المستمر على قطاع غزة ولبنان، في كلمته خلال قمة قادة بريكس التي عقدت في قازان، عاصمة جمهورية تتارستان، التابعة للاتحاد الروسي.

وفي مارس 2024م أعلنت الخارجية الفنزويلية أن كراكاس تدعم دعوة جمهورية جنوب أفريقيا للمجتمع الدولي إلى وقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.

كوبا.. والمظاهرات

في نوفمبر 2023م، قاد رئيس كوبا ميغيل دياز كانيل تظاهرة ضمت عشرات الآلاف من الكوبيين مرت أمام السفارة الأمريكية في هافانا، للتضامن مع الشعب الفلسطيني، متهمين «إسرائيل» بارتكاب إبادة في غزة، في أول احتجاج من نوعه خلال أكثر من 10 سنوات، وفي يناير 2025م انضمت كوبا إلى القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد «إسرائيل» أمام المحكمة الجنائية الدولية.

كل هذه المواقف الإنسانية المشرفة لهذه الدول التي لا تجمعها بفلسطين سوى الإنسانية تستحق كل التقدير والشكر.


تابعنا

أحدث المقالات

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة