رسالة وزير التربية إلى نظَّار المدارس في الكويت

-
لنا في رسولنا الكريم الأسوة الحسنة فهو صاحب الرسالة الجامعة والمدرسة الفريدة
-
المدرسة النبوية أهدت إلى الدنيا أجيالًا تأسست بهم في الأرض أروع الحضارات
-
ليكن منكم القدوة في حث الجميع وفي مقدمتهم المعلمون لمواصلة التعلم على مدى رحلة
الحياة
-
وزير التربية: الجهود الصادقة تحيل المدرسة إلى خلية حية في بناء المجتمع.
في الرسالة التي
وجهها السيد وزير التربية أ. أنور عبدالله النوري إلى جميع نظار المدارس في الكويت
معان قيمة، وأسس طيبة كشفت عن حرصه الشديد على سير العملية التربوية في الكويت وفق
قيم هذا البلد، وبما لا يتعارض مع عقيدة شعبه المسلم، وأروع ما في هذه الرسالة
التي تعتبر توجيهًا رسميًا لسائر المسؤولين عن العملية التربوية في مدارسنا أنه
جعل الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- هو الأسوة الحسنة للمربين والمعلمين، حيث
بنى رسولنا الكريم المدرسة الفريدة التي أهدت للدنيا أروع الحضارات وأكملها،
ولأهمية هذه الرسالة نضعها بين يدي قرائنا، وذلك لتعميم الفائدة.
الأخ الفاضل/
ناظر المدرسة..
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته..
فيسرني أن
أحييكم أطيب تحية، وأن أهنئكم بالعام الدراسي الجديد، متمنيًا لكم ولأسرة التربية
في مدرستكم التوفيق والنجاح في مسيرتكم المعطاءة، تمهدون الطريق أمام أجيال
المستقبل في عمل مخلص، لا يضن بجهد، ولا يحد من طموحه العبء الكبير الملقى عليكم.
أيها الإخوة..
لقد أودعت الأمة
فلذات أكبادها أمانة بين أيديكم، واثقة أنكم -بتعاونكم مع إخوانكم- سوف تعملون في
كفاية ووعي لاستثمار كافة الإمكانات التي يسرت لكم؛ لتوفروا لهؤلاء الأبناء خير
الفرص التي تكفل ترجمة أهدافنا التربوية ومناهجنا إلى سلوك عملي، يكون سبيلًا
لتنمية قدراتهم، وتفتح مواهبهم، وتعميق إيمانهم، واكتسابهم المهارات والكفايات
التي تمكنهم من المشاركة الفاعلة في خدمة أمتهم، وتنمية مجتمعهم، ويا حبذا لو
استغلت الأنشطة المختلفة كالإذاعة والصحافة في استكمال الأهداف التربوية وترجمتها
إلى واقع عملي.. فلنضع هذه الأهداف الأساسية نصب أعيننا، ولنمنحها دائمًا الأولوية
من جهودنا واهتماماتنا، ولتكن لنا مع أنفسنا وإخواننا وقفات تقويم مستمرة؛ تتأكد
خلالها أن جوهر التربية وأهدافها هو المحور الذي تدور حوله جهودنا مهما كان زحام
المشكلات اليومية التي تمر بنا، ولعل خير السبل لأن يكتسب أبناؤنا القيم
والاتجاهات، وأنواع السلوك التي نتطلع إليها هو أن يتاح لهم معايشتها، فلا شيء
أنفذ إلى القلب، ولا أكثر تأثيرًا في النفس من قدوة صالحة تعطي عن سخاء، وتبذل في
صدق، وتعمل في إتقان، ويتسع صدرها في تسامح، ويجد الجميع عندها الرأي والعون في
تواضع وإنكار الذات، وحب وولاء للوطن، وحب للعلم وأهله.. فكونوا أنتم هذه القدوة
الصالحة قولًا وعملًا، تستخدمون كل الإمكانات المتاحة لكم في المدرسة، وموجهين كل
ذلك إلى تحقيق الهدف السامي لرسالتكم التربوية.
وإذا كانت طبيعة
أعمالنا- أيها الإخوة- أننا نتعامل مع براعم يانعة تحتاج إلى دفء الرعاية، والصبر،
والتشجيع، ومجموعات من الشباب- فتيانًا وفتيات- في مرحلة من أدق مراحل حياتهم،
تشكل فيها معالم شخصياتهم، وترى خلالها القيم والاتجاهات والمفاهيم، وتتحدد بذلك
أنماط السلوك الفردي والاجتماعي؛ فإن هذه الدواعي كلها تلح علينا أن يكون دورنا
دائمًا هو استثارة قدرتهم على أن يفكروا لأنفسهم، ويواجهوا مشكلاتهم، ومساعدتهم
على ممارسة التفكير الناقد، واكتساب مهارات التعلم الذاتي ووسائله؛ ليكون اتخاذهم
للقرار مستندًا إلى إعمال ذكي للفكر، واستفادة من معطيات العلم، وتفهم لظروف
المجتمع والعصر؛ فيحسنوا بذلك الاختيار والتخطيط لمستقبلهم، ومواصلة التنمية
الذاتية لأنفسهم؛ ليواجهوا بكفاية مطالب عالم متغير... كل ذلك بتوجيه رائد منكم،
وإشراف مباشر في الفصل وخارجه.
وليكن منكم
القدوة في حث الجميع، وفي مقدمتهم المعلمون وقيادتهم التربوية لمواصلة التعلم على
مدى رحلة الحياة، ومتابعة أحدث النظريات والنظم ونتائج التطبيق، بما يكفل للعمل
التربوي الحياة والتجدد، ويخلق مناخًا من التعليم المستمر يقتدي به الجميع.
وإني- أيها
الإخوة- لأتطلع إلى جهودكم الصادقة التي تحيل المدرسة إلى خلية حية في بنية
المجتمع، ومركز إشعاع حضاري في البيئة التي توجد فيها تؤثر فيها وتتأثر بها،
وتستخدم أنماط ومؤسسات النشاط الاجتماعي والاقتصادي بها كمصادر رئيسية للمعرفة،
والبحث، واكتساب الخبرات الحية لأبنائنا، ولا يتحقق ذلك إلا إذا سادت العلاقات
الإنسانية جو المدرسة، وكان الأسلوب الحكيم الواعي المستنير هو النهج في التعامل
مع الطلاب والمدرسين وأولياء الأمور السبيل إلى معالجة المشكلات بالتشاور والتعاون
مع كل المعنيين، وحسن التصرف، وسرعة البت دفعًا لتراكم الأمور وتفاقمها، فلا تدعوا
المجال لمشكلة ما أن تقف عقبة أمامكم في تسيير أموركم.
أيها الإخوة..
إني أعلم عن
يقين ثقل المسؤولية الملقاة على كواهلكم، والجهد الذي يتطلبه صناعة الأجيال
وإعدادها لتحمل مسؤولياتها في بناء هذا الوطن وحمايته، وإن لنا في رسولنا الكريم
الأسوة الحسنة بما بذل وتحمل، فهو صاحب الرسالة الجامعة، والمدرسة الفريدة التي
أهدت إلى الدنيا أجيالًا تأسست بهم في الأرض أروع الحضارات وأكملها، وقدمت إلى
البشرية خير أمة أخرجت للناس.
وختامًا أهدي
إليكم -وإلى الأخوة المعلمين، وأبنائنا الطلاب- أصدق التحية، متمنيًا للجميع عامًا
مباركًا حافلًا بالإنجازات والنجاح.
وفقنا الله
جميعًا لخدمة بلدنا العزيز في ظل راعي نهضتها سمو أمير البلاد المفدى، وسمو ولي
عهده الأمين.
وزير التربية
أنور عبد الله النوري(1).
____________________
(1) نُشر بالعدد
(787)، 10 صفر 1407هـ/ 14 أكتوبر 1986م، ص10.