من «حولا» إلى «مروحين».. ومن «دير ياسين» إلى «غزة»..
سجل الصهاينة الأسود مفعم بالمجازر الوحشية في فلسطين ولبنان
مجزرة قرية مروحين اللبنانية التي ارتكبها الجيش الصهيوني يوم السبت 15/ 7/ 2006م، والتي راح ضحيتها 22 شخصاً بينهم 15 طفلاً هي ليست أولى المجازر الصهيونية ولا آخرها ضد المدنيين والأطفال خاصة.. فقتل المدنيين والأطفال بلا رحمة هو معلم ثابت في تاريخ الكيان الصهيوني منذ زرعه في المنطقة بمساعدة وتأييد دوليين وتواطؤ أحياناً من الأمم المتحدة.. فقد وقعت مجزرة مروحين بعد رفض قوات الأمم المتحدة استقبال أهالي القرية وتركهم على قوارع الطرق صيداً سهلاً لصواريخ الطائرات "الإسرائيلية"، كما حدث عام 1996 عندما ارتكبت القوات الصهيونية مجزرة قانا الشهيرة في الجنوب اللبناني تحت سمع وبصر القوات الدولية.. ومع استمرار الحملة العسكرية على لبنان تتوالى المجازر وتتناثر جثث الأبرياء وأشلاؤهم في الجنوب اللبناني، ووسطه، وضواحيه، وموانئه.
إنها سلسلة
متواصلة من الجرائم لا تنقطع ضد المدنيين يحفل بها سجل الكيان الصهيوني الأسود منذ
احتلاله فلسطين.
فمجازر بيروت
وضواحيها اليوم تتلاقى مع مجازر غزة التي لم تجف دماؤها بعد؛ حيث أمعنت قوات
الاحتلال قتلاً لعوائل فلسطينية بأكملها: كعائلة غالية، والمغربي، وحجاج، وكان
آخرها عائلة أبو سلمية يوم الأربعاء 12/ 7/ 2006م، وحصد العدوان خلال الأسبوعين
الماضيين خلالها أرواح أكثر من 100 شهيد من المدنيين والأطفال في غزة.
هذه الجرائم
ليست الأخيرة في الملف الأسود للإرهاب الصهيوني الذي ينطلق من عقيدة فاسدة وتعاليم
التلمود والتوراة المحرَّفة التي تقول في عدد ح 33 ع 5556:
إن لم تطردوا
سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكاً في أعينكم.. ويضايقونكم على
الأرض التي أنتم ساكنون فيها، ويقول الرابي «اليو»: «سلط الله اليهود على أموال
باقي الأمم ودمائهم».
الإرهاب الصهيوني يعتمد نصوصا توراتية محرَّفة تبيح قتل العرب وسبي نسائهم
ويمتد تاريخ
الإرهاب الصهيوني إلى ما قبل قيام دولة الكيان الصهيوني، من تفجير القنابل في
أماكن تجمع الفلسطينيين في الأسواق ودور السينما تحت حماية الاحتلال البريطاني.
لبنان
على طريق فلسطين
وبنظرة سريعة
إلى التاريخ الأسود للإرهاب الصهيوني يتضح حجم المأساة العربية والإسلامية.. ومن
أمثلتها:
-
مجزرة حولا اللبنانية:
حين غدرت عصابات
الصهاينة في 31/ 12/ 1948م بأهالي حولا من المزارعين البسطاء، فتنكرت بالزي الخاص
بجيش الإنقاذ العربي حتى تمكنت من اعتقال 85 لبنانياً وقتلتهم، وبعد هذه المجزرة
عمد العدو إلى مصادرة الممتلكات والمواشي وهدم وإحراق منازل القرية.
-
مجزرة بلدة صفد البطيخ:
قضاء صور التي
وقعت في 13/ 10/ 1996م. وراح ضحيتها 9 من الأطفال، وجدهم موسى زين الدين (70)
عاماً)، طالهم القصف المدفعي الصهيوني من موقع محيبيب.
-
مذبحة قانا اللبنانية:
في 18/ 4/ 1996م
في مركز قيادة فيجي، التابع للقوات الدولية في قرية قانا جنوب لبنان حيث قصفت
المدفعية الصهيونية المقر بعد لجوء بعض المدنيين إليه، هرباً من عملية عناقيد
الغضب، التي شنها الطيران الصهيوني على لبنان، وأوقع 106 شهداء وإصابة الكثير
بجروح غالبيتهم نساء وأطفال.. وغيرها من جرائم استهداف المدنيين في الجنوب
اللبناني، بل وقتل الحيوانات بزعم أنها مفخخة وتدمير الزراعات.
في
فلسطين
امتدت المجازر
لتطول كل معالم الحياة من بشر، وشجر، وحجر، بصورة وحشية.. لا تعد ولا تحصى.. منها:
-
مجزرة اللد:
في 10/ 7/ 1948م؛
حيث قتلت القوات الصهيونية أكثر من 200 فلسطيني احتموا بمسجد اللد، بهدف طرد 20
ألفاً من سكانها الأصليين و20 ألفاً من مهجري يافا، ولم يبق منهم اليوم سوى 1030
محشورين في حي صهيوني أسمته، "الغيتو".
-
مذبحة دير ياسين:
9/ 4/ 1948م؛
حيث قاد مناحم بيجن مجموعة من عناصر الأرجون هاجمت قرية دير ياسين العربية، مما
أدى لاستشهاد 250 فلسطينياً من الرجال والنساء والأطفال.
ولم تقتصر مذابح
عصابة الأرجون على القرويين الفلسطينيين.
لم يرحموا الأطفال والنساء الذين احتموا بالقوات الدولية قانا وقتلوا 106 بدم بارد واليوم قتلوا 22 مدنياً رفضت قوات اليونيفيل إيواءهم
وشهد عام 1948م
عشرات المجازر التي ارتكبتها العصابات اليهودية بغية إرهاب الفلسطينيين ودفعهم
للهرب وترك أراضيهم وممتلكاتهم، منها على سبيل المثال.
- مذابح:
منصورات الخياط في 18/ 1/ 1948م، قيصارية 15 فبراير، وادي عارة ٢٧ فبراير، خربة
ناصر الدين 12 أبريل، حوشا 15 أبريل، الوعرة السودا 18 أبريل، مذبحتا حيفا
والحوسينية في 21 أبريل، بلدة الشيخ 25 أبريل، عين الزيتون 2 مايو، العباسية 4
مايو بيت دراس 11 مايو، البرير 12 مايو: أبو شوشة 14 مايو: الكبري والطنطورة في 21
مايو: قزازه 9 يوليو، ليدا 10 يوليو، أسدود والدوايمة 28
ديسمبر عيلبون والجش ومجد الكروم وصفصف في 29 ديسمبر، وعرب السمنية، وصليحة، وسعسع
في 30 ديسمبر.. وكفر قاسم.
وخلال أعوام
(1922 - 1947) تم تطهير 213 قرية وبلدة فلسطينية من ساكنيها البالغ عددهم 413.794
نسمة وإبان حرب 1948 تم تطهير 264 مجمعاً سكنياً من سكانه البالغ تعدادهم 339.272
وبعد التوقيع على اتفاقيات الهدنة تم تطهير 54 تجمعاً سكانياً من ساكنيه البالغ
عددهم 52 ألفاً.
وللتدليل على
بشاعة الممارسات الصهيونية يقول أحد الجنود المشاركين في مذبحة الدوايمة التي وقعت
في 29 ديسمبر 1948 والتي نشرت في صحيفة دافار "الإسرائيلية" في 9 يونيو
1979: قتلوا ما بين 80 إلى 100عربي من النساء والأطفال، ولقتل الأطفال قاموا
بتكسير رؤوسهم بالعصي، ولم يكن هناك أي منزل بدون جثث، وفجروا المنازل بالديناميت.
ومن بين تلك
الجرائم قصف المباني الفلسطينية وقتل الأبرياء والاعتداء على رجال الإسعاف والفرق
الطبية وهدم المنازل والمجمعات الفلسطينية، بذريعة وجود مقاومين بها، مثلما وقع في
1/ 1/ 2000م يقصف وهدم 200 منزل فلسطيني في خان يونس بغزة.
- مذبحة جنين،
ومذبحة الحرم الإبراهيمي، ومذبحة رفح، وتفجير مخيم جباليا خلال احتفال حماس
بالانسحاب الصهيوني من غزة راح ضحيته 19 وجرح أكثر من 85 آخرين..
التعذيب
بالكلاب؛ حيث أشار كتاب، غزة كالموت للصحافي الصهيوني "شلومو الدار" إلى
أن شارون رهن حياة الفلسطينيين اليومية بمزاج كلاب جنوده على المعابر.
استهداف
الأطفال
ومنذ اندلاع
انتفاضة الأقصى عام 2000م بلغ عدد الشهداء (7 أطفال من 105 خلال عام 2000م)
وازدادت هذه النسبة في عام 2001م لتصل إلى 12.2٪ من المجموع العام للأطفال الشهداء
(12 طفلاً) من 98) وخلال الشهور السبعة الأولى من عام 2002م، ارتفعت نسبة الشهداء
ضمن هذه الفئة لتصل إلى 29.9% (25 طفلاً من 117 شهيداً)، ويشكل الأطفال الشهداء ما
يزيد على 20% من المجموع الكلي للشهداء في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام 1990م.
وفي الإطار نفسه
أشارت تقارير وزارة الشؤون الاجتماعية إلى استشهاد نحو 951 طفلاً، فيما أصيب أكثر
من 19 ألفاً، في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ بداية انتفاضة الأقصى في 29/ 9/ 2000م،
وبلغت نسبة الضحايا من الأطفال 27% من جملة ضحايا الشعب الفلسطيني، بل تعدى الأمر
لدهم الأطفال بالسيارات وقتل المواليد على الحواجز حيث يمنع جنود الاحتلال السيدات
الفلسطينيات الحوامل من عبور الحواجز والوصول للمستشفيات كي يضعن حملهن كذلك
اعتقال الرضع حيث ذكر أن هناك أكثر من 1000 رضيع فلسطيني في سجون ومعتقلات
الاحتلال بعد اعتقال أمهاتهم أو ولادتهم داخل السجون كما تمنع قوات الاحتلال
الأطفال المصابين بعيوب خلقية في القلب من الوصول إلى المستشفيات مما يعرض حياتهم
للخطر، علماً بأنه بسبب ممارسات الاحتلال يولد 1800 طفل فلسطيني سنوياً بعيوب
خلقية في القلب.
منذ انتفاضة الأقصى قتلوا 951 طفلاً وجرحوا أكثر من 19 ألف طفل فلسطيني
المعاقون
لم يسلموا
ولم تستثن
السياسة الصهيونية المعاقين من أبناء الشعب الفلسطيني وعائلاتهم، وتقدم قصة الطفل
الشهيد الأصم شادي منصور من بلدة نابلس القديمة مثالاً صارخاً على حجم المعاناة
التي يلقاها المعاقون، فقد داهمت قوات الاحتلال الحي الذي كان يلعب فيه مع
أصدقائه، كان أصم ولم يسمع بقدوم الجيش فانسحب أصدقاؤه ولم يتمكن هو من إدراك ما
يجري قبل أن تصيبه رصاصة قاتلة تحوله إلى شهيد.
أمراض
نفسية!
جانب آخر من
المعاناة تكشفها دراسة أعدها د. إياد السراج، مدير مركز غزة للصحة النفسية أكدت أن
ما يزيد على 30% من أطفال غزة بدأت تظهر عليهم أمراض نفسية جراء المجازر المستمرة
في قطاع غزة فيما امتنع مئات الأطفال عن الذهاب إلى البحر خوفاً من شبح الموت الذي
بات يطاردهم حتى في أحلامهم.
الأجنة
في بطون أمهاتهم
وكان آخرها
"مجزرة" وهو اسم الجنين الأنثى التي ولدت ميتة بعد أن أصيبت والدتها
شيماء أحمد (25 عاماً) في إحدى الغارات الصهيونية على مخيم خان يونس في 21/ 6/ 2006م.
وهكذا.. تاريخ
أسود مفعم بدماء الأبرياء ولم يتحرك لها ضمير الأمم المتحدة ولا العالم الغربي، بل
أسهم فيها إما بالتبرير أو السكوت والصمت(1).
___________________
(1) نُشر بالعدد
(1711)، 27 جمادى الآخرة 1427هـ/ 22 يوليو 2006م، ص22.