«كاسما» الإسلامية بإثيوبيا.. من الفكرة والأهداف إلى الواقع والطموح

حكاية مؤسسة بدأت بفكرة قبل سنوات لمجموعة من الشباب الحالم بمستقبل مشرق لمجتمعه في ظل ظروف مفصلية كانت تمر بها بلادهم، لتصبح اليوم مؤسسة عملاقة يستفيد منها الآلاف من طلبة العلم والمعرفة في دروب العقيدة والمئات من الأئمة والمشايخ والعلماء في القرى والأرياف والمدن، فما قصة مؤسسة «كاسما» الإسلامية في إثيوبيا؟
يقول أحد مؤسسيها ومديرها العام آدم محمد: كنا مجموعة من الشباب الإسلامي الإثيوبي الطموح الباحث عن حلول جوهرية لما آلت إليه مراكز التعليم التقليدية والخلاوي ودور تحفيظ القرآن والعلوم الإسلامية في بلادنا، موضحاً أنه معروف أن بلادنا إثيوبيا كانت موطناً لأعظم علماء الإسلام الذين لهم مكان الفخر الذي لا ينسى في تاريخ المسلمين، ويرجع الفضل لعلماء الريف في نشر الإسلام وتعليم المجتمع المسلم.
وأضاف، في مقابلة مع «المجتمع»: لقد كانت دور التعليم الدينية المعروفة بـ«حريما» (مدارس ومراكز إسلامية تقليدية لتحفيظ القرآن الكريم والعلوم الإسلامية بالريف) بمثابة مركز هذه النجوم الساطعة -العلماء والمشايخ- وما زالوا يخدمون، ولذلك نجد أن آثار أقدامهم ليست بالقليلة وتنتقل من جيل إلى جيل.
«حريما» لتعليم القرآن وعلومه
«حريما» مراكز تعليم وزوايا تقليدية لتحفيظ القرآن وتدريس العلوم الشرعية، وتُشكّل هذه المراكز جزءًا أصيلًا من تاريخ التعليم الإسلامي في المنطقة، ويعود تأسيسها إلى عهد الصحابة الكرام الذين هاجروا إلى الحبشة مرتين، فكانوا أول أساتذتها، ومن بعدهم حمل الجبرتيون لواء الدعوة، مستفيدين من التجارة كوسيلة لنشر العلم والدين، حيث علّموا الناس ودعموا الأمراء في مسيرتهم، وتُعدّ منطقة ولّو بإقليم أمهرا شمال إثيوبيا المركز الرئيس لهذه المراكز حتى لُقّبت بـ«أزهر الحبشة»، ومنها امتدت «حريما» إلى مختلف المناطق، وفق مؤسس «كاسما» الإسلامية.

وأوضح محمد: ظل ينتابنا شعور وإحساس بأن هذه اللآلئ والنجوم المضيئة من علمائنا تخفت وتعوقها تحديات مختلفة بسبب سلسلة الحروب وغلاء المعيشة وغيرها من المشكلات، التي أصبحت تقف أمام القيام بمهمتهم التربوية والتعليمية في بناء الأجيال بشكل صحيح، وأصبح أمام مشايخنا وزواياهم التي تعمل منذ قرون تحدٍّ خطيرة يحتاج لتأسيس جسم تنظيمي، فكانت مؤسسة «كاسما» الإسلامية قبل أكثر من 5 سنوات.
أهم مشروعات «كاسما»
تطرق محمد، خلال حديثه، إلى الأنشطة والمشروعات الرئيسة لمؤسسته، وقال: كانت رؤية العمل للمجموعة المؤسسة أن نجعل من «حريما» مراكز المعرفة المفضلة التي تؤدي دورها بشكل صحيح في نقل المعرفة الإسلامية من جيل إلى جيل، وأضاف أن تجربة إعادة بناء وتأسيس مراكز التعليم التقليدية المعروفة بـ«حريما» حقق الكثير من خلال مشروعات حفر مياه الآبار النظيفة وتركيب الطاقة الشمسية وتأسيس مكتبات تحتوي على كتب إلكترونية لسد النقص في الكتب الشرعية في تلك المراكز التعليمية، بجانب إطلاق مشاريع وقفية مختلفة تستخدم في الخدمات المحلية وتكون مصدر دخل ثابتاً لهذه المراكز.

وأوضح أن المؤسسة تدعم وتشرف على نحو 50 مركزاً تعليمياً في مختلف أجزاء البلاد بها أكثر من 14 ألف طالب، وأكثر من 100 من العلماء والمشايخ، مضيفاً أنه تم إعداد أفلام وثائقية لعدد من المراكز والمشايخ وأعمالهم بهدف العرض والحفظ كتراث، بجانب تنظيم زيارات وتطوير المناهج التعليمية.
وعلى الرغم من انطلاقتها عام 2020م، فإنها تعد اليوم كبرى المؤسسات الدينية التربوية الفاعلة والمشاركة بصورة نشطة ومميزة في مجال القضايا الإسلامية من تعليم وتدريب ودعم اجتماعي، وتركز بشكل أساسي على حل مشكلات المراكز والزوايا التعليمية التقليدية المعروفة بـ«حريما» في المناطق الريفية، وتمكين العلماء والمشايخ والدارسين في هذه المراكز للقيام بدورهم بطريقة أفضل ومنظمة عبر مشروعات تنموية يقودها مجلس إدارة لمجموعة من الشباب والعلماء.
برامج رمضان
وحول برنامج ومشروعات مؤسسة «كاسما» خلال رمضان المبارك، أكد محمد أن المؤسسة جهزت، كما هي الحال سنوياً، دعماً اجتماعياً للمشايخ وطلاب العلم من خلال مشروع إفطار الصائم على مدى الشهر لكل مركز، وقال: هذا العام رفعت المؤسسة سقف الطموح، حيث تخطط لإفطار 150 مركزاً تعليمياً، مستهدفة إفطار نحو 37500 طالب، من أجل توسيع نطاق الدعم والوصول إلى أكبر عدد ممكن من طلاب العلم الشرعي.