العمل الخيري والتنمية المستدامة في الكويت..
كيف يتحول العطاء من المساعدات العاجلة إلى المشاريع التنموية؟

لطالما كان العمل الخيري في الكويت وسيلة
لتقديم الدعم العاجل في أوقات الأزمات، كالكوارث أو الظروف القاسية المفاجئة، وبرغم
أهمية هذا الدعم، شهد العقد الأخير تحولاً ملحوظاً في تركيز الجمعيات الخيرية نحو
مشاريع تنموية مستدامة في قطاعات مثل التعليم، والصحة، وتمكين المجتمعات، لتصبح
جزءاً من إستراتيجية متكاملة تسعى لتحقيق التنمية المستدامة وفق رؤية وطنية كويتية
وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
العوامل المحفّزة لهذا التحول
1- الرؤية الوطنية وخطط التنمية:
الحكومة الكويتية رفعت من سقف تطلعاتها
التنموية في «كويت جديدة 2035» وخطة التنمية الوطنية، التي تربط بين العمل الحكومي
والمجتمعي من أجل تحويل الكويت إلى مركز رائد، في هذا السياق، التعليم يُعدّ ركناً
رئيساً من ركائز التنمية المستدامة.
2- التنظيم المؤسسي وقياس الأداء:
مؤسسات مثل المركز العالمي لدراسات العملالخيري تقوم بإعداد دراسات، واستطلاعات، وتقارير قياس أثر، تُسهم في رفع معايير
الأداء الخيري وتوجيه الموارد نحو القطاعات التي تنتج أثراً طويل الأمد.
3- مشاركة القطاع الخاص والمبادرات المشتركة:
المشاريع التي تجمع بين الدولة والقطاع
الخاص والمؤسسات غير الربحية (NGOs) في مجالات مثل المدارس الخضراء، والمبادرات البيئية، والتدريب
التقني، أو برامج التعليم المستمر، أصبحت شائعة، مثالٌ مبادرة «Together
for E-Waste-Free Schools» التي تضم جهات بيئية وتعليمية وبنوك
ومؤسسات مختلفة لتعزيز الاستدامة في المدارس.
أمثلة على مشروعات تنموية خيرية في الكويت
1- التعليم كركيزة أساسية للتنمية:
الدولة تخصص موازنات ضخمة للتعليم، وتعمل
على إصلاح المناهج، وتحسين بيئة الجامعات، وتفعيل الأهداف الإستراتيجية التي
تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة، هناك تقرير مؤخراً عن أنّ الكويت تخصص حوالي
3.55 مليارات دينار كويتي سنوياً للتعليم كجزء من أولويات رؤية «كويت جديدة 2035».
2- برنامج التعليم المستمر:
دراسات أكاديمية محلية تشير إلى أهمية
التعليم المستمر وتطوير المهارات مدى الحياة كسبيل لمواجهة التحديات المستقبلية،
بما في ذلك البطالة والفجوة التكنولوجية.
3- الوقف التنموي:
تقرير تاريخي/دراسة عن دور الوقف في
الكويت تُظهر أن الأوقاف ليست فقط جمع تبرعات، وإنما استثمار في مشاريع تعليمية أو
صحية أو خدمات اجتماعية تُدار مؤسسياً، مشروع تجربة النهوض بالدور التنموي للوقف
في دولة الكويت مرجع مهم في هذا الجانب.
التحديات التي تواجه مشروعات التنمية الخيرية
1- التمويل المستدام: تحوّل المشاريع
التنموية يتطلب موارد دورية ومستقرة، وليس فقط حملات تبرعية مؤقتة.
2- الكوادر والتدريب المهني: الحاجة
لتأهيل العاملين في الجمعيات بخبرات تنفيذ المشاريع التنموية وإدارة المشاريع،
واستخدام أدوات القياس والتقييم.
3- التنظيم القانوني والحوكمة: وجود
تشريعات واضحة تدعم الشفافية والمساءلة وتقيّم الأداء، لضمان أن المشاريع التنموية
تحقّق أهدافها وتخدم المستفيدين بدرجة عالية.
4- مشاركة المجتمع المحلي: المشاريع
التنموية تحتاج إلى إشراك المتضررين والمجتمعات المحلية لضمان استدامة الأثر،
وتلائم الاحتياجات الحقيقية.
إن التحوّل من تقديم المساعدات العاجلة إلى بناء مشاريع تنموية في التعليم، والصحة، وتمكين الأفراد يعكس نضجاً مجتمعياً ورؤية وطنية تُريد للكويت ألا تكتفي بالعطاء، بل أن تُصبح منارات تنمية في المنطقة، بدعم من القيادة، والقطاع الخاص، والجمعيات الخيرية، يمكن تحقيق مزيجٍ متوازن بين سرعة الاستجابة في الأزمات والاستثمار في الإنسان والمجتمع على المدى الطويل.
__________________
1- خطة التنمية تسعى للمشاركة الفعّالة
في المجتمع العالمي، «الجريدة» الكويتية.
2- Kuwait
Times.
3- مركز الكويت للسياسات العامة، وصف مهام
المركز ودوره في خطط التنمية.
4- البداية بنشرات من المركز العالمي
لدراسات العمل الخيري (GCPS Kuwait).
5- تجربة النهوض بالدور التنموي للوقف في
دولة الكويت، دراسة الأمانة العامة للأوقاف.