5 أخطار لخذلان المسلم

يدل لفظ الخذلان على القعود وترك المعونة والإغاثة والنصرة عند الاحتياج إليها، ممّن يُظَنّ به أن يَنْصُر. فإذا ترك الإنسان نصرة أخيه الإنسان وهو قادر على ذلك فهو متخاذل. ولخذلان المسلم أخطار متعددة، منها:

1-التشبه بالشيطان:

من صفات الشيطان أنه يوسوس لأتباعه ثم يعدهم بالنصرة، حتى إذا وقعوا في المآزق فإنهم يلجأون إليه ويستغيثون به، ثم لا يجدون منه بعد ذلك إلا الخذلان، وفي هذا يقول الحق سبحانه وتعالى: (وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا) (الفرقان: 29). وقال عز وجل: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الأنفال: 48).

2-التشبه بالمنافقين:

أوضح القرآن الكريم أن المنافقين يخذلون من تحالف معهم أو طلب منهم النصرة، فقد وعد المنافقون اليهود بالنصرة في مواجهة الإسلام، بل شجعوهم على المواجهة مع المسلمين، ثم تخاذلوا عنهم، حيث قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ) (الحشر:11-12). وروى الترمذي بسند صححه الألباني عَنْ ‌أَنَسٍ أَنَّ ‌أَبَا طَلْحَةَ رضي الله عنهما قَالَ: «غُشِينَا وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ، حَدَّثَ أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ غَشِيَهُ النُّعَاسُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي، وَآخُذُهُ وَيَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ، وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى الْمُنَافِقُونَ لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ، أَجْبَنُ قَوْمٍ وَأَرْعَبُهُ ‌وَأَخْذَلُهُ ‌لِلْحَقِّ».

3-الله يخذل المتخاذلين:

مهما امتلك المسلم من أسباب القوة والنصرة فإنه لن ينتصر إلا إذا نصره الله، لذا كان خذلان الله تعالى لعبده دليلا على عدم استحقاق النصرة، ومن خذله الله فلن ينصره أحد أيا كان، وفي ذلك يقول الله تعالى: (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ) (آل عمران: 160). ومن أسباب خذلان الله تعالى للعبد أن يخذل أخاه المسلم في موطن يحتاج فيه إلى النصرة، فقد روى الطبراني والبيهقي عن جَابِر بْنَ عَبْدِ اللهِ، وَأَبي طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّيْنِ رضي الله عنهما أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنَ امْرِئٍ ‌يَخْذُلُ ‌مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنْ أَحَدٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ».

4-المذلة والخذلان في الآخرة:

أكدت السنة النبوية أن التناصر في الدنيا والحرص على مساعدة الناس وقضاء حوائجهم يترتب عليه التيسير وقضاء الحوائج في الدنيا والآخرة، ففي صحيح البخاري ومسلم عن عَبْد اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ ‌فَرَّجَ ‌عَنْ ‌مُسْلِمٍ ‌كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وفي مقابل ذلك يأتي الخذلان جزاء الخذلان، فقد روى أحمد عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أُذِلَّ عِنْدَهُ مُؤْمِنٌ فَلَمْ يَنْصُرْهُ، وَهُوَ يقَدِرُ عَلَى أَنْ يَنْصُرَهُ أَذَلَّهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُءُوسِ ‌الْخَلَائِقِ ‌يَوْمَ ‌الْقِيَامَةِ». وروى الطبراني عَنْ وَقَّاصِ بْنِ رَبِيعَةَ رضي الله عنه، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَكَلَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْلَةً فِي الدُّنْيَا، أَطْعَمَهُ اللهُ ‌مِثْلَهَا ‌فِي ‌جَهَنَّمَ، وَمَنْ كُسِيَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ ثَوْبًا كَسَاهُ اللهُ مِثْلَهُ مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ قَامَ بِمُسْلِمٍ مَقَامَ رِيَاءٍ أَقَامَهُ اللهُ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ».

5-هدم الأخوة وتفكيك الوحدة:

إن من حق المسلم على المسلم إذا دعاه أن يجيب دعاءه، ففي صحيح مسلم عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ. قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا ‌دَعَاكَ ‌فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ». وليس هناك موقف أصعب من أن يدعو المسلم أخاه إلى نصرته فيتخاذل عنه. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا التخاذل لأنه يقدح في الأخوة، ففي صحيح مسلم عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ، ‌وَلَا ‌يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ». كما دعا الإسلام المسلم إلى نصرة أخيه سواء كان ظالما أم مظلوما، ففي صحيح البخاري عَنْ ‌أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌انْصُرْ ‌أَخَاكَ ‌ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ». والمعنى أن تنصره على كل حال، ولا تخذله أبدا. فالمؤمنون بنيان واحد يشد بعضه بعضا. ففي صحيح البخاري ومسلم عَنْ ‌أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، ‌يَشُدُّ ‌بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ».


كلمات دلاليه

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة