ما أسباب الارتفاع المقلق في كراهية المسلمين حول العالم؟

تحتفل الأمم
المتحدة بـ«اليوم العالمي لمكافحة كراهية الإسلام»، في 15 مارس من كل عام، وفقًا
لقرار اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدف التأكيد على أنه لا ينبغي ربط
الإرهاب والتطرف العنيف بأي دين أو جنسية أو حضارة أو جماعة عرقية.
ولكن في خطابه
هذا العام (2025م)، حول هذه المناسبة، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو
جوتيريش: إن هناك ارتفاعاً مقلقاً في التعصب ضد المسلمين في جميع أنحاء العالم،
وحث المنصات الإلكترونية على الحد من خطاب الكراهية والمضايقات.
وقالت الأمم
المتحدة، في تقرير: إن كره الإسلام أو كراهية الإسلام، أو ما تعرف بــ«الإسلاموفوبيا»،
وهي الخوف من المسلمين والتحيز ضدهم والتحامل عليهم؛ أي إلى الاستفزاز والعداء
والتعصب بالتهديد وبالمضايقة وبالإساءة وبالتحريض وبالترهيب ضد المسلمين، سواء في
أرض الواقع أو على الإنترنت.
وحذرت من أن تلك
الكراهية تستهدف بدافع من العداء المؤسسي والأيديولوجي والسياسي والديني الذي
يتجاوز تلك الأطر إلى عنصرية بنيوية وثقافية ضد الرموز والعلامات الدالة على أن
الفرد المستهدف مسلم.
واللافت أن
تحذير الأمم المتحدة جاء بالتزامن مع صعود تيارات يمينية ودينية متطرفة يهودية
ومسيحية غربية تعادي المسلمين بصورة متصاعدة وتطالب بتطهير العالم من كل المسلمين.
وقد أكدت ذلك
تقارير أممية وحقوقية وإعلامية أشارت إلى أن تصاعد العداء للإسلام يرجع لعدة أسباب،
من بينها: صعود التيارات اليمينية المسيحية واليهودية المتطرفة للحكم في «إسرائيل»
وأوروبا وأمريكا، وآخرها تولي إدارة متطرفة دينية في أمريكا ظهر وزير خارجيتها روبيو
وهو يضع الصليب على جبهته ويهدد المسلمين وحركة «حماس» لأنها إسلامية!
وفي مارس 2024م،
وبأغلبية كبيرة (115 دولة)، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بعنوان «تدابير
مكافحة كراهية الإسلام»، يدين أي دعوة إلى الكراهية الدينية والتحريض على التمييز
أو العداوة أو العنف ضد المسلمين.
والمفارقة أن
دول أوروبا بالكامل تقريباً رفضت التصويت لصالح القرار (امتنعت عن التصويت)، بما
في ذلك بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، أوكرانيا، إسبانيا، السويد، سويسرا، أيرلندا،
كرواتيا، هولندا، بولندا، البرتغال، رومانيا، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبورج، مالطا،
النمسا، بلجيكا، فنلندا، بلغاريا، المجر، الدنمارك، ومعهم الهند!
ومع أنه قرار
إنساني برفض الكراهية الدينية والتمييز والعنف ضد المسلمين، رفضت أوروبا المتحضرة
التصويت لصالحه، رغم مسحة الحضارة والتنوير والحداثة والإنسانية التي تدعيها
العواصم الأوروبية.
وقد نشرت هيئات
مراقبة حقوق الإنسان بيانات تشير إلى مستويات قياسية من حوادث الكراهية وخطابات
الكراهية ضد المسلمين في دول مثل بريطانيا وأمريكا والهند، وغيرها، بحسب وكالة «رويترز»،
في 15 مارس 2025م.
وقالت منظمة «Tell Mama» البريطانية: إن عدد الحوادث المناهضة للمسلمين ارتفع إلى مستوى
قياسي جديد في عام 2024م، مشيرة إلى أن حرب غزة أججت الكراهية على الإنترنت، ونشرت
هيئات مراقبة حقوق الإنسان بيانات تشير إلى مستويات قياسية من حوادث الكراهية
وخطابات الكراهية ضد المسلمين في دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة والهند
وغيرها، فيما تؤكد حكومات هذه الدول سعيها لمكافحة جميع أشكال التمييز.
وقد أشار لهذا
ضمنا الأمين العام للأمم المتحدة جوتيريش بقوله: نشهد تصاعداً مقلقاً في التعصب ضد
المسلمين من التنميط العنصري والسياسات التمييزية التي تنتهك حقوق الإنسان
وكرامته، إلى العنف الصريح ضد الأفراد وأماكن العبادة.
الأزهر
يحذر
وقد حذر شيخ
الأزهر د. أحمد الطيب من تصاعد ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، داعياً إلى وضع قوانين
لوقفها.
ووصف «الإسلاموفوبيا»
خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة بمناسبة الاحتفال بـ«اليوم العالمي
لمكافحة الإسلاموفوبيا»، بأنها غير معقولة ولا منطقية، حيث باتت تمثل تهديداً
حقيقيًّاً للسِّلم العالمي، مبيناً أن «الإسلاموفوبيا» لم تكن إلا نتاجاً لجهل
بحقيقة هذا الدين العظيم وسماحته، ومحاولات متعمدة لتشويه مبادئه التي قوامها
السلام والعيش المشترك.
وشدد الطيب على أن
ظهور «الإسلاموفوبيا» هو نتيجة طبيعية لحملات إعلامية وخطابات يمينية متطرفة، ظلت
لفترات طويلة تصور الإسلام على أنه دين عنف وتطرف، في كذبة هي الأكبر في التاريخ
المعاصر، استناداً إلى تفسيرات خاطئة واستغلال ماكر خبيث لعمليات عسكرية بشعة،
اقترفتها جماعات بعيدة كل البعد عن الإسلام
وفي معرض أسفه
لتصاعد موجات هذه الظاهرة، قال شيخ الأزهر: رغم كل هذه الجهود الكبيرة، ما زالت
هذه الظاهرة تتسع -للأسف- وتغذيها خطابات شعبوية لليمين المتطرف تستغل أوجه الضعف
الفردي والجماعي، فتذكرنا بأن المعركة طويلة النفس، وأن التحدي يحتم علينا أن
نضاعف الجهود، ونبتكر آليات تواكب التعقيدات التي ترافق هذه الظاهرة
ودعا إلى وضع
تعريف دولي لظاهرة «الإسلاموفوبيا»، يتضمن تحرير مجموعة من المصطلحات والممارسات
المحددة بشكل دوري، وتعبر عن التخويف أو الحض على الكراهية أو العنف ضد الإسلام
والمسلمين بسبب انتمائهم الديني.
كما طالب بإنشاء
قواعد بيانات شاملة ومحدثة لتوثيق الجرائم والممارسات العرقية والعنصرية ضد
المسلمين بسبب دينهم، ورصد القوانين والسياسات التي تشكل تعميقاً للظاهرة، أو تمثل
حلولاً تساعد على معالجتها. وأشار إلى أهمية أن تهدف في نهاية المطاف إلى صياغة
قوانين وتشريعات توقف هذه الظاهرة، وتبعث -بدلاً منها- تعزيز قيم الحوار والتسامح
والتعايش الإنساني.
كراهية
بسبب غزة
ويرجع الخبراء
السبب أيضاً وراء تصاعد موجة الكراهية (التي لم تتوقف أصلاً) لحرب غزة وتعمد إعلام
الدول الغربية خصوصاً تشويه جميع المسلمين ووصمهم بالإرهاب بسبب قيام حركات
المقاومة الإسلامية بالهجوم على دولة الاحتلال الصهيونية في «طوفان الأقصى»
انتقاماً من الحصار ونهب أرض فلسطين، وقيام آلة الدعاية اليهودية والغربية بتصوير
ذلك على أنه كراهية ضد اليهود.
وقد اشتكى
العديد من الناشطين المؤيدين للفلسطينيين، بما في ذلك في الدول الغربية مثل
الولايات المتحدة، من أن دفاعهم عن الحقوق الفلسطينية ورفض إبادة الاحتلال لغزة
يُصنف خطأً من قبل منتقديهم على أنه دعم لحركة «حماس» لتبرير الإبادة والتطهير
العرقي في غزة.
وضمن حملة
الكراهية ضد المسلمين بدأت إدارة دونالد ترمب حملة طرد لطلاب الجامعات المسلمين من
فلسطين ولبنان ودول عربية بحجة العداء لليهود؛ لأنهم يدعمون قضية فلسطين،
ويتظاهرون ضد الإبادة الصهيونية في غزة.
وعقب اعتقال
الطالب محمود خليل والترتيب لإبعاده عن أمريكا لدعمه غزة ووصمه بأنه متطرف يدعم «حماس»
الإسلامية، أعلن مسؤولون في إدارة الهجرة الأمريكية اعتقال طالبة ثانية شاركت في
مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جامعة كولومبيا، بالإضافة إلى إلغاء تأشيرة طالب
آخر.
وقالت وزارة
الأمن الداخلي الأمريكية: إن مسؤولي الهجرة اعتقلوا لقاء كردية، وهي فلسطينية من
الضفة الغربية، بسبب تجاوزها مدة إقامتها بعد انتهاء تأشيرتها الدراسية لكنها
اعترفت أن السبب مشاركتها في احتجاجات بجامعة كولومبيا، في أبريل 2024م، ولبسها
الحجاب.
المسلمون
يتصدرون مؤشر الإرهاب!
وضمن هذه
العنصرية، تقوم مؤشرات ومؤسسات بحثية غربية بتصنيف العرب والمسلمين ضمن الإرهابيين
لمجرد أنهم مسلمون؛ فقد أكد مؤشر الإرهاب العالمي 2025م الذي صدر عن معهد الاقتصاد
والسلام، ومقره في سيدني بأستراليا وله فروع في مدينة نيويورك ومكسيكو سيتي
وأكسفورد، أن المنطقة العربية تتصدر مؤشر الإرهاب والسبب حرب غزة.
ورغم أن تقرير
مؤشر الإرهاب العالمي 2025م الذي صدر عن معهد الاقتصاد والسلام، اعترف ضمناً
بكراهية الإسلام عالميًا، فإنه ركز على ارتفاع معدلات الكراهية المعادية للسامية
(اليهود)، وزعم أن الولايات المتحدة شهدت ارتفاع الحوادث المعادية للسامية بنسبة
200% في عام 2024م دون ذكر ما يعانيه المسلمون بالمثل.