23 فبراير 2025

|

مبارك الشامري لـ المجتمع: العمل التطوعي علمني الصبر والتواضع والشعور بالامتنان

سامح ابو الحسن

13 يناير 2025

3297

 

في عالم يتزايد فيه الوعي بأهمية العطاء والعمل التطوعي، يبرز نموذج ملهم لشاب كويتي صغير، مبارك خالد الشامري، الذي حمل شعلة الخير منذ نعومة أظافره ليصبح أصغر متطوع في الكويت. انطلقت رحلته الإنسانية برفقة والده، حيث شارك في رحلات إغاثية إلى اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان، وامتدت جهوده لتشمل دولًا أفريقية وآسيوية، قصة مبارك ليست فقط قصة نجاح شخصي، بل هي دعوة مفتوحة لكل فرد لترك بصمة إيجابية في حياة الآخرين.

مبارك، في البداية حدثنا عن نفسك وكيف بدأت رحلتك في العمل التطوعي؟
الحمد لله، اسمي مبارك خالد الشامري، وأنا من الكويت. بدأت رحلتي في التطوع منذ صغري. كنت أشاهد والدي يسافر لإغاثة المحتاجين في العديد من الدول، وكان هذا يلهمني كثيرًا. كنت أرى قصصًا مؤثرة عن العائلات التي ساعدها، وكنت أشعر برغبة قوية في أن أكون جزءًا من هذا العمل. أول تجربة تطوعية لي كانت مع والدي في رحلة إغاثية إلى الأردن لمساعدة اللاجئين السوريين، وكانت تلك الرحلة نقطة تحول في حياتي.

ما الذي دفعك للانضمام إلى أول رحلة إغاثية مع والدك؟ وكيف أثرت فيك؟
كان لدي فضول كبير لرؤية ما يفعله والدي عن قرب. كنت أشعر بأن السفر معه سيعطيني فرصة لفهم معاناة الناس وكيف يمكننا مساعدتهم. عندما وصلت إلى الأردن وشاهدت اللاجئين السوريين يعيشون في ظروف صعبة، شعرت بمسؤولية كبيرة. تلك التجربة غيّرت نظرتي للحياة، وعلّمتني قيمة النعمة التي نعيش فيها وأهمية أن نمد يد العون لمن يحتاجون.

ما أبرز المواقف التي لا تزال عالقة في ذاكرتك من تلك الرحلة؟
هناك الكثير من المواقف التي أثرت فيّ، لكنني أتذكر جيدًا طفلًا صغيرًا في مخيم للاجئين كان حافي القدمين ويلعب وسط الأوحال. عندما أعطيته حذاءً جديدًا، كان فرحًا بطريقة لا يمكن وصفها. عيونه كانت مليئة بالامتنان والفرح، وأدركت حينها أن أبسط الأشياء التي نعتبرها عادية يمكن أن تكون كنزًا بالنسبة للآخرين. هذا الموقف علمني درسًا عن العطاء والتواضع.

بعد تلك الرحلة، كيف استمرت تجربتك في العمل التطوعي؟
بعد رحلة الأردن، لم أستطع التوقف عن التطوع. شعرت بأنني وجدت شغفي الحقيقي. شاركت بعدها في عدة رحلات، منها زيارة اللاجئين السوريين في لبنان، ثم قمنا بإغاثة المحتاجين في بعض الدول الأفريقية والآسيوية. في كل رحلة كنت أتعلم شيئًا جديدًا، سواء عن ثقافات مختلفة أو عن التحديات التي يواجهها الناس حول العالم.

كيف أثّر عملك التطوعي على شخصيتك؟
العمل التطوعي علمني الصبر، والتواضع، والشعور بالامتنان. عندما ترى أشخاصًا يعيشون في ظروف قاسية ولكنهم لا يزالون قادرين على الابتسام، فإن ذلك يغير منظورك للحياة تمامًا. أصبحت أقدر النعم التي أعيشها، وأصبحت أكثر وعيًا بمسؤوليتي تجاه المجتمع. كما أنني اكتسبت مهارات مثل العمل الجماعي، والقدرة على التواصل مع أشخاص من خلفيات مختلفة.

هل واجهت أي صعوبات كونك أصغر متطوع؟ وكيف تعاملت معها؟
ج: بالتأكيد، كانت هناك تحديات. في البداية، البعض كان يشكك في قدرتي على تحمل المسؤولية بسبب صغر سني. لكنني كنت عازمًا على إثبات أن العمر ليس عائقًا أمام العطاء. كنت أعمل بجد وأتعلم من الآخرين، وهذا أكسبني احترام الفريق الذي أعمل معه. كما أن الدعم الكبير من والدي ساعدني كثيرًا في تخطي أي صعوبات.

ماذا عن ردود أفعال الناس حول مشاركتك في العمل التطوعي؟
ج: ردود الأفعال كانت مشجعة جدًا. أصدقائي وعائلتي كانوا فخورين بي، وهذا كان دافعًا لي للاستمرار. أما من ألتقيهم خلال الرحلات، سواء كانوا من المحتاجين أو من المتطوعين، فقد كانوا دائمًا يعبرون عن إعجابهم بروحي وحماسي. هذه الكلمات كانت تعطيني دفعة معنوية كبيرة.

ما الرسالة التي تحاول إيصالها من خلال عملك التطوعي؟
رسالتي بسيطة: العطاء لا يحتاج إلى عمر معين أو موارد ضخمة. كل شخص يمكنه أن يصنع فرقًا، مهما كان بسيطًا. العمل التطوعي ليس فقط لتقديم المساعدات المادية، بل هو وسيلة لنشر المحبة والأمل بين الناس. كما أؤمن بأن العمل التطوعي يجعلنا أشخاصًا أفضل.

هل تلقيت أي دعم أو إلهام من شخصيات معينة في حياتك؟
ج: والدي هو أكبر مصدر إلهام لي. رؤيتي له يعمل بجد ويخصص وقته وجهوده لمساعدة الآخرين جعلتني أدرك أهمية أن يكون للإنسان دور إيجابي في المجتمع. أيضًا، الأشخاص الذين ألتقيهم خلال رحلاتي يتركون أثرًا كبيرًا في نفسي. كل قصة من قصصهم هي مصدر إلهام لي.

ما هي الأهداف التي تطمح لتحقيقها من خلال العمل التطوعي؟
أطمح إلى نشر ثقافة التطوع بين الشباب، خاصة في الكويت. أريد أن أوصل رسالة أن الشباب يمكنهم أن يكونوا قادة في مجتمعاتهم من خلال العطاء والعمل الخيري. كما أتمنى أن أساهم في تحسين حياة أكبر عدد ممكن من الناس، سواء من خلال الإغاثة المباشرة أو التوعية بمشاكل المجتمعات المختلفة.

ما الدور الذي يمكن للإعلام أن يلعبه في دعم العمل التطوعي؟
ج: الإعلام له دور كبير في تسليط الضوء على الجهود التطوعية، وتشجيع المزيد من الناس على المشاركة. عندما يرى الناس قصص النجاح وتأثير العمل التطوعي على حياة الآخرين، يصبح لديهم دافع أكبر للانضمام والمساهمة. كما يمكن للإعلام أن يكون وسيلة للتوعية بالمشاكل التي يعاني منها المحتاجون، وبالتالي جذب الدعم لهم.

ما هي نصيحتك للشباب الذين يرغبون في الانضمام إلى العمل التطوعي؟
أنصحهم بالبدء فورًا وعدم التردد. العمل التطوعي ليس معقدًا كما يعتقد البعض. حتى لو كانت مساهماتهم بسيطة، فإنها تحدث فرقًا كبيرًا. كما أنصحهم بالانضمام إلى المؤسسات والجمعيات التي تنظم أعمالًا تطوعية، لأن ذلك يساعدهم على التعرف على أشخاص يشاركونهم نفس الشغف ويكتسبون منهم الخبرات.

ما هي اللحظة الأكثر فخرًا في مسيرتك التطوعية؟
هناك العديد من اللحظات التي أشعر فيها بالفخر، لكن واحدة من أبرزها كانت عندما قمت بتوزيع المساعدات على اللاجئين في لبنان، وشاهدت الأطفال يبتسمون لأول مرة منذ فترة طويلة. كانت تلك اللحظة مليئة بالمشاعر، وشعرت حينها أن جهودي كانت تستحق كل العناء.

كيف توازن بين العمل التطوعي والدراسة أو الحياة اليومية؟
التوازن ليس سهلًا، لكنه ليس مستحيلًا أيضًا. أحرص على تنظيم وقتي بشكل جيد، وأضع الأولوية للدراسة. في الوقت نفسه، أخصص أوقاتًا محددة للعمل التطوعي، سواء خلال الإجازات أو عطلات نهاية الأسبوع. الدعم من عائلتي أيضًا يساعدني كثيرًا في تحقيق هذا التوازن.

هل لديك مشاريع تطوعية مستقبلية؟
نعم، لدي خطط للمشاركة في مزيد من الرحلات الإغاثية، خاصة في الدول التي تعاني من أزمات إنسانية كبيرة. كما أطمح إلى إطلاق مبادرة محلية في الكويت تهدف إلى تشجيع الشباب على الانخراط في العمل التطوعي وتنمية مهاراتهم.

ما هي الرسالة التي توجهها للمجتمع بشكل عام؟
رسالتي هي أن نكون أكثر وعيًا بمعاناة الآخرين، وأن نعمل معًا لبناء مجتمع متماسك يدعم بعضه البعض. العطاء هو أساس السعادة الحقيقية، وأدعو الجميع لتجربة العمل التطوعي ولو مرة واحدة في حياتهم، لأن تأثيره ليس فقط على المحتاجين، بل علينا نحن أيضًا.

كلمة أخيرة؟
أشكر كل من دعمني في مسيرتي التطوعية، وأتمنى أن يكون هناك مزيد من الجهود الجماعية لدعم العمل الخيري. أؤمن أن لكل فرد دورًا يمكن أن يلعبه في تحسين حياة الآخرين، وأتمنى أن أرى شباب الكويت يقودون مبادرات تطوعية تلهم العالم.

مبارك خالد الشامري يمثل نموذجًا مشرفًا للشباب الكويتي، الذي يضع الإنسانية والعطاء في مقدمة أولوياته. إن رحلته المميزة في العمل التطوعي ليست مجرد قصة نجاح شخصية، بل هي دعوة للجميع للمساهمة في تحسين العالم من حولنا، ولو بخطوات بسيطة.

 


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة