الاحتلال يهدد باستهدافه..

«أسطول الصمود».. أكبر تحرك عالمي لكسر الحصار الصهيوني عن غزة

سيف باكير

28 سبتمبر 2025

479

في واحدة من أوسع الحملات البحرية الإنسانية، أبحر «أسطول الصمود العالمي»، أواخر أغسطس 2025م، حاملاً أكثر من 50 سفينة وقارباً تقل ناشطين من 45 دولة، في مهمة تهدف إلى كسر الحصار عن أكثر من مليوني إنسان منذ 18 عاماً في غزة.

يضم الأسطول مبادرات ومنظمات دولية وعربية، أبرزها «اتحاد أسطول الحرية»، و«حركة غزة العالمية»، و«قافلة الصمود المغاربية»، ومنظمة «صمود نوسانتارا» الماليزية.

أكثر من 50 سفينة.. وناشطون من 45 دولة ينضمون لـ«أسطول الصمود»

انطلقت أولى القوافل من ميناء برشلونة الإسباني، أعقبتها أخرى من ميناء جنوة الإيطالي، مطلع سبتمبر 2025م، وسط مشاهد تضامنية لافتة؛ حيث احتشد عشرات الآلاف على أرصفة الموانئ ملوّحين بالأعلام الفلسطينية ومودّعين الأسطول بهتافات اختلط فيها الأمل بالتحدي.


لكن رحلة الأسطول لم تخلُ من الأخطار؛ إذ حذرت عدة دول رعاياها من احتمال تعرضه لهجوم صهيوني، وقت كتابة هذا التقرير، خصوصاً بعد استهدافه بطائرات مسيّرة قرب السواحل اليونانية.

ورداً على ذلك، أعلنت كل من إيطاليا وإسبانيا إرسال سفن عسكرية لتأمين مواطنيها المشاركين، بينما أكد وزير الخارجية اليوناني التزام بلاده بتوفير مرور آمن داخل مياهها الإقليمية.


مشاركة خليجية وعربية فاعلة

شهد الأسطول مشاركة لافتة من ناشطين خليجيين وعرب من الكويت وقطر وعُمان والبحرين ودول المغرب العربي ومصر وموريتانيا والأردن وسورية، ودول أخرى، مؤكدين أن القضية الفلسطينية تمثل قضية ضمير عالمي تتجاوز حدود الجغرافيا.

تهديدات صهيونية متواصلة لم توقف المهمة الإنسانية للأسطول

وأكد الناشطون الكويتيون أن مشاركتهم امتداد طبيعي لمواقف الكويت التاريخية الراسخة في دعم فلسطين ونصرة المظلومين، حيث شددوا على أن غزة ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل قضية كل إنسان يرفض الظلم والعدوان.


كويتيون على متن أسطول الصمود، يبحرون بعزيمة وطن لنصرة غزة وكسر حصارها الظالم. | مجلة المجتمع
كويتيون على متن أسطول الصمود، يبحرون بعزيمة وطن لنصرة غزة وكسر حصارها الظالم. | مجلة المجتمع
كويتيون على متن أسطول الصمود، يبحرون بعزيمة وطن لنصرة غزة وكسر حصارها الظالم.
www.mugtama.com
×


وأوضح المشاركون الكويتيون خالد العبدالجادر، ود. محمد جمال، وعبدالله المطوع، أن انضمامهم للأسطول عمل سلمي وإنساني يهدف إلى فتح ممر بحري للإغاثة وتذكير العالم بمسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه غزة.

وأشاروا إلى أن الحصار المفروض على أكثر من مليوني إنسان في غزة يمثل جريمة محرّمة بموجب القانون الدولي الإنساني، وفق اتفاقيات جنيف لعام 1949م، مؤكدين أن حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال مكفول بالقوانين والمواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة.


وخلال تواجده على متن الأسطول، بث رجل الأعمال الكويتي عبدالله المطوع رسائل يومية، وأجرى لقاءات مع المشاركين، وقال في أحد تصريحاته موجزاً الهدف: «غزة قضيتنا وسنكسر الحصار، نحن هنا لنوصل رسالة إنسانية؛ هدفنا كسر الحصار»، وأكد أن القضية لم تعد محصورة في أطر عربية أو إسلامية فقط، بل تحولت لقضية عالمية تجذب تضامن الشعوب.

ووصف الجراح الكويتي د. محمد جمال معاناته العاطفية اليومية تجاه صور الضحايا قائلاً: «كل يوم نرى صور الأطفال تُذبح وتُقتل؛ عندما نراهم نشعر أنهم أبناؤنا»، وأكد إصرار المشاركين على مواصلة الرحلة وكسر الحصار، رغم التهديدات الجدية التي تلقاها الأسطول في المياه الإقليمية، مشدداً: «لن نتخلّى عن مهمتنا مهما حصل».

من جهته، أشار المحامي الكويتي خالد العبدالجادر إلى أن دعم أهالي قطاع غزة واجب إنساني وأخلاقي، مؤكداً مواصلة الرحلة حتى الوصول إلى القطاع، خصوصاً وأن هدفها إنساني بحت، ويشمل كل أطياف المجتمع الدولي.

شخصيات دولية بارزة على متن الأسطول

انضم للأسطول عدد من الشخصيات المؤثرة دولياً، في مقدمتهم حفـيد نيلسون مانديلا، والناشطة السويدية غريتا ثونبرغ، والممثلة الأمريكية الحائزة على «الأوسكار» سوزان ساراندون، إضافة إلى الممثلين غوستاف سكارسغارد (السويد)، ووليام كانينغهام (إيرلندا).

مشاركة هذه الشخصيات أكسبت الأسطول زخماً إعلامياً واسعاً، ورسخت صورته كرمز عالمي للتضامن مع غزة.

ومنذ انطلاقه، واجه الأسطول تحديات مناخية أجّلت الإبحار أكثر من مرة، إضافة إلى تعرض بعض سفنه لهجمات بمسيّرات أطلقت قنابل حارقة خلال وجوده في المياه التونسية.

وبحسب اللجنة المشرفة، تم رصد 13 انفجاراً وتشويشاً واسعاً على الاتصالات، كما سقطت أجسام مجهولة على 10 قوارب، مسببة أضراراً مادية.

وأكدت اللجنة أن أي اعتداء على الأسطول يمثل جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، مشددة على أن القافلة الإنسانية ستواصل مهمتها مهما بلغت التهديدات.

الاحتلال الصهيوني من جانبه لوّح علناً باستهداف مباشر للأسطول داخل المياه الإقليمية، معتبراً أن مروره لن يُسمح به إلا عبر ميناء عسقلان الخاضع لسيطرته، وقت كتابة هذا التقرير.

دعم سياسي وتفاعل دولي

وقد لاقى الأسطول صدى سياسياً واسعاً؛ إذ أعرب وزراء خارجية 16 دولة، من بينها قطر، وإسبانيا، وتركيا، والبرازيل، وكولومبيا، وإندونيسيا، وجنوب أفريقيا، وماليزيا، عن قلقهم بشأن سلامة المشاركين، وطالبوا الاحتلال باحترام القانون الدولي وضمان مرور آمن للمساعدات.

وقال الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو: إذا ماتت فلسطين، ماتت الإنسانية جمعاء، ما تقومون به ليس مجرد رحلة بحرية؛ إنه صرخة أخلاقية، ودليل على أن التضامن قادر على عبور البحار حين تُغلق الحدود.


الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو

أسطول جديد من صقلية

وفي موازاة الأسطول الرئيس، أعلن «ائتلاف أسطول الحرية» بالتعاون مع مبادرة «ألف مادلين إلى غزة» عن إطلاق 10 سفن جديدة من ميناء سان جيوفاني لي كوتي في صقلية بإيطاليا، في 27 سبتمبر 2025م.

ويشارك في هذا الأسطول الإضافي 70 ناشطاً من أكثر من 20 جنسية، بينهم 9 برلمانيين منتخبين من أوروبا والولايات المتحدة، وفق اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة.


لم يعد «أسطول الصمود» مجرد قافلة بحرية، بل تحوّل إلى رمز عالمي للحق الفلسطيني وضغط أخلاقي متصاعد على المجتمع الدولي؛ فهو لا يحمل المساعدات فحسب، بل يجسد معركة إنسانية لإثبات أن الشعب الفلسطيني يملك الحق في الحياة والكرامة، وأن التضامن العالمي قادر على تحدي الحصار وكسر جدار الصمت.

ويأتي هذا التحرك في وقت يغلق فيه الكيان الصهيوني، منذ شهور عديدة، جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعاً دخول الغذاء والدواء، ومفاقماً كارثة إنسانية وصلت حد المجاعة.

وفي ظل دعم أمريكي مفتوح، يواصل الاحتلال منذ 7 أكتوبر 2023م حرب الإبادة التي أسفرت حتى لحظة إعداد هذا التقرير عن استشهاد أكثر من 66 ألف فلسطيني وإصابة ما يقارب 168 ألفاً آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى وفاة مئات جراء الجوع، بينهم عشرات الأطفال.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة