معرض القاهرة للكتاب.. فلسطين حاضرة والأزهر مقصد الجمهور

وسط أصوات ما زالت ممنوعة، يشهد معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته السادسة والخمسين، المستمرة من 24 يناير حتى 5 فبراير المقبل، حضورًا لافتاً للقضية الفلسطينية، وإقبالاً كبيراً على جناح الأزهر الشريف، وندوات تدعم القيم الأخلاقية والأسرية وتناهض الإلحاد، فيما تخطى حاجز المليون زائر خلال أيامه الثلاثة الأولى، وفق البيانات الرسمية، وسط مشاركة 1345 دار نشر بالتزامن مع احتفاء رسمي بالإقبال، وسط آمال بتأثيره الإيجابي على عمليات البيع، وفق ناشرين تحدثوا لـ«المجتمع».

اهتمام بجناح الكويت

وتشارك الكويت ضمن 80 دولة من مختلف قارات العالم، في المعرض، وسط اهتمام إعلامي رسمي بجناحها، عبر تقارير إعلامية محلية، أكدت أن المشاركة الكويتية ترسخ التقارب الثقافي بين مصر والكويت، فيما تم اختيار عُمان كضيف شرف لهذا العام.

وضم جناح الكويت العديد من دور النشر الكويتية، من بينها مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية‏، بجانب ركن لوزارة الإعلام الكويتية الذي ضم عناوين تعريفية وترويجية مثل «الوجهات الثقافية في دولة الكويت»، و«الأماكن السياحية والمتاحف بدولة الكويت».

جناح وزارة الإعلام الكويتية

1345 دار نشر مشاركة من 80 دولة أبرزها الكويت وعُمان

يقول أيمن سمرة، مسؤول العلاقات العامة بمؤسسة البابطين الثقافية لـ«المجتمع»: الإقبال الجماهيري على الجناح الكويتي جيد ومناسب هذا العام بالمقارنة بالأعوام السابقة، مضيفاً أن مشاركة الجمهور في عموم المعرض كبيرة، ولكن ما زالت عمليات البيع والشراء بالجناح، ليست على مستوى الحضور ونأمل في التحسن.

إقبال كثيف على جناح الأزهر 

وفي مشهد ذي دلالة، بحسب مراقبين، يشهد جناح الأزهر الشريف إقبالاً جماهيرياً كثيفاً، وبخاصة على أركان الندوات والفتوى والطفل، والطلاب الوافدين، وبيت الزكاة والصدقات المصري الذي يشرف عليه شيخ الأزهر الذي يعرض منافذ دعم وإغاثة الفلسطينيين، بجانب منفذ بيع الكتب، وركن شخصية الجناح الشيخ الراحل محمد عبدالله دراز (8 نوفمبر 1894 - 1 يناير 1958م)، عضو جماعة كبار العلماء بالأزهر.

وتوافد زوار كثيرون على ركن الإفتاء للاستفسار عن العديد من القضايا الفقهية بحضور مفتين ومفتيات، بالتزامن مع جذب الجناح للأطفال، عبر أنشطة متنوعة، منها: ورش تعليمية لفنون الخط العربي، ومهارات الرسم والتلوين.

ويرفع المعرض هذا العام شعار «اقرأ.. في البدء كان الكلمة»، وسط واقع مرير للقراءة، حيث يرى الكاتب الصحفي محمود زاهر، نائب رئيس تحرير صحيفة «الوفد» القاهرية، أن هذه الدورة من المعرض تعيد للواجهة واقع العرب الثقافي المرير، عبر شعارها «اقرأ»، بعد أن باتت أمة اقرأ لا تقرأ، في ظل التدهور الثقافي الحاد وانفصال الثقافة عن التعليم وكليهما عن الأدب.

جناح الأزهر

ندوات تدعم القضية الفلسطينية وقيم الأسرة ومواجهة الإلحاد

لكن يخشى زاهر في حديثه لـ«المجتمع»، من أن يتحول معرض القاهرة الذي بات رمزاً للهوية الثقافية العربية، ومظلة تجمع للناشرين، منذ انطلاقه في العام 1969م، إلى مجرد مولد سنوي لـ«المنظرة» و«الفشخرة»، حسب وصفه، ما يتطلب الانتباه إلى الواقع ومعالجته.

فلسطين حاضرة في المعرض

وحضرت القضية الفلسطينية في أرجاء المعرض، وندواته، وهو ما اعتبره الباحث الإستراتيجي في مركز الزيتونة للدراسات الإستراتيجية والفلسطينية صلاح عبدالرؤوف، في حديث لـ«المجتمع»، إحدى نتائج معركة «طوفان الأقصى»، التي أعادت طرح القضية الفلسطينية، وأعادت الاعتبار كذلك للسردية الفلسطينية، وهو ما لا يستطيع المعرض المصري الدولي تجاهله، وإلا كان في غيبوبة وأزمة، وفق وصفه، في ظل خصوصية غزة للقاهرة. 

وأكدت ندوة «فلسطين.. تاريخ أمة ونضال شعب»، التي عقدت في 26 يناير الجاري، بجناح الأزهر بالمعرض، أن واجب الأمة هو الوعي بالقضية الفلسطينية، وأن يظل الحق الفلسطيني حياً في قلوب الجميع، مع دعمهم بكل السبل الممكنة، مشددة على أن تاريخ الأمة معلق بالمسجد الأقصى.

كما نظم جناح الأزهر ندوة، كذلك، لمناقشة كتاب «فلسطين شعب يأبى الموت» للكاتب الفرنسي اليهودي ألن جريش، الذي يفضح فيه جرائم الكيان المحتل، ويحذر من خطورة توظيف مصطلح معاداة السامية لقتل الفلسطينيين وإرهاب المتضامنين معهم.

وخلصت مناقشة كتاب الفكر الصهيوني لإقامة الدولة اليهودية، السبت 26 يناير، للمؤلف اللواء محمد الغباري، رئيس أكاديمية ناصر العسكرية الأسبق، إلى التحذير من أن الهدف النهائي الذي تسعى دولة الاحتلال لتحقيقه، هو إقامة دولة «إسرائيل الكبرى» من النيل إلى الفرات، وهو التحذير الذي أطلقته كذلك ندوة مناقشة كتاب «الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة 1973م.. رصد ودراسة».

ندوة فلسطين تاريخ أمة ونضال شعب 

«بداية من جنيه واحد».. تخفيضات في الأسعار لمراعاة الحالة الاقتصادية

وأطلقت ندوة بعنوان «بؤرة الصراع الإقليمي ومخاطر الأمن القومي المصري»، تحذيراً على لسان السفير المصري حازم خيرت من أن هناك مخططًا لتقسيم المنطقة، يتطلب وجود إستراتيجية عربية موحدة لمواجهة هذا المخطط، في ظل أن هناك ازدواجية واضحة في المعايير المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وسط توقع أن المنطقة ستشهد توتراً متزايداً خلال الفترة المقبلة.

القيم الأسرية ومواجهة الإلحاد

كما شهد المعرض عدداً من الندوات التي تدافع عن القيم الأسرية وترفض الإلحاد، منها الندوة التي نظمها جناح دار الإفتاء المصرية بالمعرض تحت عنوان «الزواج بين مفهوم الفصل ومفهوم الحقوق والواجبات»، وتحدث فيها الشيخ محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، مؤكداً أن الزواج ليس مجرد التزام اجتماعي، بل هو عهد ديني يتطلب الصبر والرعاية.

ودعت ندوة «تأثير العنف السيبراني الممارس على حياة النساء والفتيات»، في اليوم الثالث للمعرض، إلى تعزيز الحوار الأسري ومتابعة الأبناء والبنات، فيما أقر المشاركون في ندوة بعنوان «إعلاء القيم الثقافية والمجتمعية لتمكين وتحصين الأسرة المصرية وبناء الإنسان»، بوجود أزمة حقيقية في القيم الثقافية والأخلاقية تجعل الأجيال الجديدة عرضة لتطرف فكري أو إلحادي. 

وحذر المشاركون في ندوة بجناح الأزهر، بعنوان «الفطرة والعقل في مواجهة الإلحاد»، من الوقوع في فخ الملحدين.

                                                                                                 ندوة لمواجهة الإلحاد

تبعات الأزمة الاقتصادية

وفي محاولة لاحتواء تبعات الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تلاحق المصريين، أعلن منفذ الكتاب بجناح الأزهر الشريف بيع الكتب بسعر تكلفة الطباعة فقط، وظهرت كذلك عروض كثيرة رسمية وخاصة بخصومات مالية كبيرة للزوار، وهي ما اعتبرها البعض مساهمة في رواج نسبي لحركة البيع، وفق حديث الناشرة والأديبة إيمان عنان لـ«المجتمع»، التي أوضحت أن الإقبال الجماهيري هذا العام أكبر بالمقارنة بالعام الماضي بسبب حملة التخفيضات الكبيرة المعلنة من دور النشر، في إطار مبادرة «مصر تقرأ» تحت رعاية اتحاد الناشرين المصريين.

وقدمت الهيئة العامة للكتاب (حكومية) تخفيضات كبيرة على مجموعة واسعة من الإصدارات، التي بدأت من جنيه مصري واحد فقط، مع تخفيضات تصل إلى أكثر من 30%.

غياب للمستقلين ومعرض مواز بعد منع

وغاب عن فعاليات المعرض الشخصيات المحسوبة على المعارضة المصرية، والشخصيات الثقافية المستقلة، وسيطرت الوجوه الحكومية والمقربة منها على الفعاليات، وفق مراقبين، وأعلنت «دار المرايا للثقافة والفنون» منعها من المشاركة في المعرض، في خطوة تتكرر سنوياً مع العديد من دور النشر المستقلة، وسط انتقادات حقوقية من مؤسسة حرية الفكر والتعبير (حقوقية مستقلة).

ولم تعلق الجهات الرسمية على المنع والانتقادات الحقوقية، فيما أعلنت «دار المرايا» تخفيضات كبيرة على الكتب تصل إلى 70%، من مقر معرضها الموازي للكتاب بوسط العاصمة القاهرة، الذي انطلق بالتزامن مع انطلاق المعرض الرسمي.