قالت ثلاثة مصادر مطلعة: إن الولايات المتحدة تبحث مجموعة من الأفكار حول كيفية إحياء الاتفاق النووي الإيراني بما في ذلك خيار يتخذ فيه الجانبان خطوات صغيرة دون الالتزام الكامل لكسب الوقت.
ويمكن لمثل هذا النهج المعتدل أن يبطئ تدهور العلاقات منذ إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق في عام 2018، ويوقف انتهاكات إيران اللاحقة التي جعلتها تقترب أكثر من مستوى تخصيب اليورانيوم للاستخدام في الأسلحة.
وقد ينطوي هذا الخيار على إتاحة واشنطن امتيازات اقتصادية لطهران قيمتها أقل من تخفيف العقوبات الذي نص عليه اتفاق عام 2015 مقابل توقف إيران أو ربما تراجعها عن انتهاكاتها للاتفاق.
وأكدت المصادر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لم يقرر سياسته بعد، ولا يزال موقفه المعلن هو استئناف إيران التزامها الكامل بالاتفاق قبل أن تفعل الولايات المتحدة ذلك.
وقال أحد المصادر المطلعة على المراجعة الأمريكية: “يفكرون بشكل حقيقي”، وأضاف أن الأفكار التي يدرسونها تشمل عودة مباشرة إلى الاتفاق النووي الموقع عام 2015 وما أسماه “الأقل مقابل” كخطوة مؤقتة.
وقال مصدر آخر: إن إدارة بايدن إذا خلصت إلى أن التفاوض بشأن العودة الكاملة للاتفاق سيستغرق وقتاً طويلاً، فقد تتبنى نهجاً أكثر اعتدالاً.
وأضاف هذا المصدر: هل عليهم محاولة تخفيف بعض العقوبات المفروضة على إيران على الأقل وإقناعها بالموافقة على التوقف وربما التراجع عن بعض (خطواتها) النووية؟
وقلص الاتفاق بين إيران و6 قوى كبرى من نشاط طهران لتخصيب اليورانيوم؛ مما جعل من الصعب عليها تطوير أسلحة نووية مقابل تخفيف العقوبات الأمريكية والعقوبات الأخرى، وطالما نفت إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية.
وعندما انسحب ترمب من الاتفاق في عام 2018، قائلاً: إنه فشل في كبح برنامج طهران للصواريخ الباليستية ودعم وكلائها في المنطقة، أعاد فرض عقوبات خانقة على الاقتصاد الإيراني.
ورداً على ذلك، خرقت طهران القيود الرئيسة للاتفاق، بتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء بلغت 20%، وهو ما يتجاوز الحد الذي وضعه الاتفاق وهو 3.67%، لكنه أقل من 90% اللازمة لصنع الأسلحة، كما رفعت مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب واستخدمت أجهزة طرد مركزي متطورة.
من يبدأ بالخطوة الأولى
تتمثل المشكلة الرئيسة في إحياء الاتفاق فيمن يبدأ أولاً، وأصرت إيران على أن تخفف الولايات المتحدة العقوبات قبل استئناف الامتثال بالاتفاق، وتريد واشنطن العكس.
وفيما قد يكون إشارة لموقف كل طرف، قال الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يوم الأحد: إن قرار طهران النهائي الذي لا رجعة فيه هو أنها لن تعود إلى الامتثال للاتفاق إلا إذا رفعت واشنطن العقوبات، في حين قال بايدن: إنه لن يرفع العقوبات لمجرد عودة إيران إلى طاولة التفاوض.
وسينتقد الجمهوريون على الأرجح بايدن الديمقراطي إذا عرض على إيران أي تخفيف للعقوبات دون عودتها الكاملة إلى الاتفاق وسيقولون: إن هذا سيهدر النفوذ الذي اكتسبه ترمب بفرض عشرات العقوبات منذ عام 2018.
وكتبت نيكي هيلي، سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة في عهد ترمب، على “تويتر”، الأحد الماضي: “يتعين على إدارة بايدن إدراك حقائق 2021 وليس 2015، هذا يعني عدم وجود تخفيف مسبق للعقوبات على نظام وسع سلوكه الخطير فحسب”.
وقد تجد واشنطن سبلاً أخرى لتخفيف الألم الاقتصادي لإيران لتمهد الطريق أمام صندوق النقد الدولي لإقراض طهران أو تسهل وصول البضائع الإنسانية أو تتبنى فكرة أوروبية لتسهيل ائتماني.
وقال دبلوماسي غربي: إن قرضاً من صندوق النقد الدولي قد يكون فعالاً بالتأكيد، ووصف إمكانية تقديم تسهيل ائتماني أوروبي لإيران بأنه معقول وقابل للتنفيذ، لكنه يتطلب قبولاً ضمنياً من الولايات المتحدة.
وامتنع البيت الأبيض عن التعليق بخلاف تصريح المتحدثة جين ساكي التي قالت: إن طهران إذا استأنفت الامتثال، فإن واشنطن ستفعل ذلك وإن الكرة في ملعب إيران.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية طلبت عدم نشر اسمها: إن إدارة بايدن ما زالت تستشير الكونجرس وكذلك الحلفاء والشركاء.
وأضافت: ندرس مجموعة من الأفكار التي تتفق مع سياستنا المعلنة المتمثلة في الاستعداد للعودة إلى الامتثال للاتفاق إذا فعلت إيران ذلك، دون الخوض في تفاصيل.
ولم يتضح متى تصل إدارة بايدن إلى رؤيتها.
وثمة موعد نهائي في 21 فبراير، عندما يلزم قانون إيراني طهران بإنهاء صلاحيات التفتيش الشاملة الممنوحة للوكالة الدولية للطاقة الذرية بموجب اتفاق عام 2015 وتقييد عمليات التفتيش لتشمل المواقع النووية المعلنة فقط.
وقال ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين: إن حتى فرصة الحل المؤقت قد تضيع بسرعة قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو، ومن المتوقع أن يفوز في هذه الانتخابات الصقور المناهضون للولايات المتحدة.
وقال أحدهم: إنه وضع عاجل، إذا لم نتمكن من اغتنام الفرصة الآن، فمن الصعب للغاية التفكير في أننا سنتمكن من الدخول في مفاوضات جوهرية قبل الخريف، المسار (النووي) الحالي قد يغلق كثيراً من الأبواب.