– مسلمو الأويجور يواجهون قمعاً منذ 70 عاماً على يد حكومة الصين
– مليونا مسلم تركستاني محتجزون في معسكرات غسل الأدمغة المسماة “معسكرات إعادة التأهيل”!
– الإسلام وصل تركستان الشرقية في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه
وصل الإسلام إلى تركستان الشرقية في عهد الخليفة عثمان بن عفان، رضي الله عنه، عندما أرسل الصحابي الجليل الحكم بن عمرو الغفاري الذي وصل قرب كاشغر بتركستان، وفي عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك وصل قتيبة بن مسلم إلى كاشغر (كبرى مدن تركستان الشرقية)، وبنى بها المسجد الكبير حوالي عام 94هـ، ويعيش المسلمون في الصين منذ أكثر من ثلاثة عشر قرناً، وأعدادهم بعشرات الملايين.
انتهزت “المجتمع” فرصة زيارة وفد من مسلمي الأويجور للكويت يضم كلاً من: سراج الدين عزيزي، نائب رئيس اتحاد علماء مسلمي تركستان الشرقية، هداية الله أوغوزخان، رئيس اتحاد جمعيات التركستانية ورئيس جمعية معارف التركستانية، حبيب الله كوسني، عضو في اتحاد العلماء ومدير دار الإقرا الأويجورية، محمود محمد، عضو في اتحاد العلماء وناشط تركستاني، وأجرت معهم الحوار التالي:
في البداية، كم عدد المسلمين في الصين؟
– قبل 10 سنوات كان عدد المسلمين يزيد على 100 مليون، وللشيخ يوسف القرضاوي (رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين السابق) تصريح شهير قال فيه موجهاً الخطاب لمسؤول صيني: «أنتم تخفون العدد الحقيقي للمسلمين في الصين، ونعتقد أن عدد المسلمين يزيد على 100 مليون»؛ فسكت المسؤول الصيني ولم يعلق على كلام الشيخ القرضاوي.
وحسب تقارير رابطة العالم الإسلامي عام 1986م، فإن عدد المسلمين في الصين نحو 120 مليون مسلم.
وفي ثمانينيات القرن الماضي، أوضح إحصاء صيني أن %10 من السكان مسلمون في الوقت الذي كان عدد سكان الصين مليار نسمة، والآن أصبح ملياراً ونصف المليار؛ ما يعني أن عدد المسلمين أصبح 150 مليوناً على الأقل، خاصة أن تاريخ الإسلام في الصين يزيد على 13 قرناً.
لماذا يتلقى المسلمون من العرقية الصينية (الهوي) معاملة أفضل من مسلمي تركستان (الأويجور)؟
– كثير من العرب والمسلمين يقولون: إننا ذهبنا إلى الصين إلى مدينة كذا، ومدينة كذا، والمسلمون يدخلون إلى المساجد، ولهم معاهد إسلامية، ويعلمون أبناءهم ويمارسون الأنشطة الدينية بلا أي مضايقات، ولكنكم تتحدثون عن مضايقات يتعرض لها أهل تركستان!
والسبب في ذلك أن المسلمين الصينيين هم صينيون ثقافة وأعرافاً وتقاليد، ويحتفلون بالأعياد القومية مع الصينيين، ويفتخرون بكونهم صينيين وأنهم أصحاب البلد، هذا أولاً.
وثانياً: بحكم أنهم من قديم الزمان كانوا يعيشون بين الصينيين وليس لهم دول مستقلة في السابق، وليس لهم طموح في الاستقلال، أو الانفصال، أو إنشاء دولة في منطقة ما داخل الصين.
وثالثاً: أغلبهم يتوزعون في المدن الصينية المختلفة، وليسوا متمركزين في منطقة واحدة.
هل ما زال المسلمون «الهوي» يتلقون معاملة حسنة من قبل الحكومة الصينية؟
– الآن بدأت الضغوط تزداد عليهم، ولكن ليس حالهم كحالنا نحن الأويجور، وقد بدأت الحكومة الصينية في الآونة الأخيرة تهدم بعض مساجدهم بحجة أنها بُنيت دون ترخيص، وهناك تضييق عليهم في بعض الأمور، ولكن حالهم ليست كحالنا في العموم، وهؤلاء يزيد عددهم على 60 مليون نسمة.
نريد نبذة مختصرة عن جغرافية وتاريخ تركستان الشرقية.
– تقع تركستان في آسيا الوسطى، وهي تتكون من جزأين؛ الشرقي داخل الصين، والغربي هي جمهورية إسلامية مستقلة، وتركستان الشرقية تحدها دول، هي: الصين، منغوليا، قرغيزستان، كازاخستان، طاجيكستان، أفغانستان، الهند من جهة كشمير.
وقد صل الإسلام تركستان الشرقية منذ القرن الأول الهجري، وانتشر في أغلب تركستان منذ بداية القرن الثالث الهجري، ومنذ ذلك الحين والشعب التركستاني يتمتع بحقوقه على أرضه، وتكونت إمبراطوريات ودول في تركستان؛ مثل الدولة السعيدية، والأويجورية، والخراخانية.
كيف وقعت تركستان الشرقية تحت الاحتلال الصيني؟
– في عام 1933م، أقيمت جمهورية باسم «جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية»، وتم إسقاطها بتعاون روسي صيني، بعد أقل من عام، وكانت هناك عدة ثورات ضد الاحتلال الصيني، وفي عام 1944م أقيمت جمهورية ثانية باسم «جمهورية تركستان الشرقية»، وترأسها «علي خان تورا»، واستمرت هذه الجمهورية 5 سنوات حتى عام 1949م، العام الذي احتلت فيه الصين الشيوعية جمهورية تركستان الشرقية، وما زال الاحتلال الصيني قائماً إلى الآن.
كيف وصل الإسلام إلى تركستان الشرقية؟
– وصل الإسلام إلى تركستان الشرقية عبر الدعاة، وكان أول من أدخل الإسلام إليها هو أبو النصر الساماني، حيث وصل إلى كاشغر، ومن ثم وصل الإسلام إلى الصين عن طريق تركستان الشرقية، وكان ذلك في نهاية القرن الأول الهجري (95هـ).
ألا يستطيع جيرانكم المسلمون مد يد العون لإخوانهم في تركستان الشرقية؟
– مع الأسف الشديد، جيران تركستان الشرقية كلها دول إسلامية باستثناء الهند، ولكن أغلب تلك الدول مغلوبة على أمرها ولا يمكنها تقديم المساعدة نظراً لقوة الصين السياسية والعسكرية، فأفغانستان تعاني من مشكلاتها الداخلية ولا تستطيع المساعدة، وباكستان مرتبطة بالصين اقتصادياً، وبقية الجمهوريات الإسلامية مستقلة حديثاً ولديها مشكلاتها الداخلية، والصين تحاول السيطرة عليها اقتصادياً، ونستطيع القول: إن الصين تغرق هذه الدول بالديون، وتحاول شراء ذممها.
كيف عاش المسلمون الأويجور في تركستان قبل المحنة الحالية؟
– يتعرض المسلمون الأويجور للاضطهاد منذ الاحتلال الصيني الشيوعي في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، لكن بعد رحيل الزعيم الصيني «ماو تسي تونج»، أخذت الصين تنفتح على العالم نسبياً، وفي الوقت نفسه بدأت الضغوط على المسلمين تخف، وبدأ المسلمون يمارسون شعائر دينهم، حيث إن التعليم الإسلامي ممنوع منذ بداية الاحتلال إلى الآن.
أي الضغوط على المسلمين كانت أشد، في عهد «ماو» أم الآن؟
– في عهد «ماو» كانت المساجد كلها مغلقة، وأغلبها كان يُستخدم كمخازن وزرائب وحانات وما إلى ذلك! وبعد موت «ماو» بدأ الانفتاح على العالم، ومن ثم فُتح بعض المساجد، وكان أكثرها مهدمة، فلم تعطِ الحكومة الصينية تصاريح لبناء أي مسجد جديد، بل سمحت بإصلاح وترميم المساجد القديمة فقط، فأعاد المسلمون بناء مساجدهم القديمة، ولكن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بالولايات المتحدة استغلت الصين الوضع الدولي الذي توجه لمحاربة الإرهاب، وبدأت في رفع وتيرة التضييق على المسلمين في عباداتهم وممارسة شعائرهم.
هل هناك حجج ومبررات أخرى اتخذتها الصين لزيادة قمعها الحالي؟
– الصين لديها ذرائع كثيرة، فأحياناً من شدة الضغوط التي تتعرض لها بعض الأسر من القمع أو السجن، تخرج من بينهم حالات فردية تنتقم من ذاك الظالم أو هذا المسؤول، وهو ما يمكن أن نطلق عليه مقاومة فردية غير منظمة وفرت لهم الذرائع للتضييق على المسلمين.
كما أن انضمام أفراد قلائل للجهاد في سورية كانت الصين نفسها هي التي فتحت لهم الباب، وفّر للصين أيضاً الحجة لما تفعله بمسلمي الأويجور، رغم أن للصين نظامها، وتستطيع ضبط الحدود وتمنع أي أحد من العبور، ولها جهاز مخابرات قوي، ويستطيع الحيلولة دون ذلك، فإنها غضت الطرف عن بعض الأويجوريين وسمحت لهم أن يلتحقوا بالمجاهدين في سورية، واتخاذ ذلك ذريعة تضيّق بها على المسلمين.
ماذا يحدث داخل ما يسمى بمعسكرات «إعادة التأهيل»؟
– قبل سنوات كنا نتحدث عن التضييق ومنع الشعائر، والآن نتحدث عن إبادة لشعب كامل، إبادة بمعنى الكلمة، وهذا موثق من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية عالمية.
فأكثر من مليوني مسلم يتم احتجازهم فيما يسمى معسكرات «إعادة التأهيل»، والواقع أنها معسكرات لغسيل الأدمغة، وغرس تعاليم الحزب الشيوعي بالقوة في أذهان المسلمين، وإبعادهم عن الدين الإسلامي، وتعليمهم اللغة الصينية إجبارياً، وتمجيد الحكومة والرئيس الصيني، وإجبارهم على أكل لحم الخنزير وشرب الكحول، والاستماع إلى الأغاني الماجنة.
وماذا يحدث خارج هذه المعسكرات؟
– لم يسلم الشعب خارج المعسكرات من الاضطهاد والتضييق، فكل أسبوع يتم جمعهم في مراكز حكومية، في مراسم لرفع العلم، وعندهم اجتماعات يومية، وحسب آخر التصريحات، فإن 50 إلى %60 من الرجال في تركستان الشرقية موجودون في هذه المعسكرات، والذين بقوا في بيوتهم النساء والأطفال.
وترسل الحكومة الصينية موظفين حكوميين إلى بيوت المسلمين لمراقبتهم على مدار الساعة، وقد أرسلت الحكومة الصينية في عام 2018م مليوناً ومائتي ألف موظف حكومي، توزعوا في بيوت المسلمين يعيشون معهم، ويراقبونهم ليلاً ونهاراً، ويكتبون تقارير يومية عن كل أسرة تركستانية، وخاصة الأسر ذات الميول الدينية، ويقومون بتصنيف الأسر التي لديها ميول وطنية، وغير ذلك، فتتعامل الحكومة مع هذه الأسر من خلال التقارير التي تصلها من هؤلاء المراقبين.
ما الذي قدمته المنظمات الدولية وحقوق الإنسان والأمم المتحدة لرفع الظلم عن تركستان؟
– بالنسبة للأمم المتحدة، لديها تقارير واجتماعات دورية، وهناك تنديد وانتقادات أممية لانتهاكات الصين للقوانين الدولية، وحقوق الإنسان، ولكن الصين لا تهتم بتلك التنديدات ولا تعيرها أدنى اهتمام، ولديها خطة مكشوفة للقضاء على شعب مسلم في أرضه، وإبادة عرقية تامة الأركان، وكانت الخطة في البداية سرية، ولكنها تقوم الآن بتنفيذها علانية أمام سمع وبصر العالم.
في 6 نوفمبر 2018م، كان هناك تقييم لوضع حقوق الإنسان في الصين بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وكانت هناك إدانات دولية من دول أوروبا وأمريكا، ولكن مع الأسف الشديد أغلب الدول بما فيها الدول الإسلامية وقفت مع الصين لتحبط قرار إدانة كان يمكن أن يوجه إليها.
ما الواجب على الدول الإسلامية أن تقدمه لمسلمي الأويجور؟
– الدول الإسلامية لديها أوراق ضغط يمكن أن تستخدمها ضد الصين، من خلال علاقاتها الاقتصادية والسياسية، ويجب عليها أن تطلب من الحكومة الصينية -على الأقل- أن تخفف من سطوتها وبطشها ضد مسلمي الصين، ونيلهم حريتهم في ممارسة شعائر دينهم، وأن يعيشوا كباقي المواطنين الصينيين.