أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنّ الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ما تزال بالغة السوء مع إنهاء الحصار “الإسرائيلي” عامه الـ17، داعيًا “جميع الأطراف المعنية إلى الضغط على “إسرائيل” لإنهاء حصارها غير القانوني للقطاع”.
وذكر المرصد الأورومتوسطي، في تقريره السنوي عن حصار قطاع غزة، بعنوان “جيل تحت الحصار”، أنّ الحصار “الإسرائيلي” تسبب بإفقار أكثر من 61% من سكان قطاع غزة البالغ عددهم نحو مليونين و380 ألف نسمة، إلى جانب تعطيل نحو 47% من المشاركين في القوى العاملة عن العمل، ومعاناة نحو 53% من السكان من انعدام الأمن الغذائي.
تبعات الحصار
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى استمرار القيود “الإسرائيلية” على حركة الأفراد والبضائع من وإلى قطاع غزة من خلال معبري “إيرز” و”كرم أبو سالم”، إذ يقتصر خروج الأفراد بشكل أساسي على الحالات الإنسانية التي تحصل على تصاريح المرور بعد فحص أمني مطول، مشيراً إلى أن السلطات “الإسرائيلية” تواصل حظر دخول عدد كبير من المواد والمعدات المهمة للقطاعات الصحية والتجارية والإنتاجية تحت ذرائع أمنية.
وأشار إلى أنّ منح السلطات “الإسرائيلية” خلال العام الماضي نحو 17 ألف عامل من قطاع غزة تصاريح للعمل داخل “إسرائيل” بعد إجراءات أمنية وإدارية مطوّلة لا يمكن أن يخفف من حدة الأزمة الاقتصادية في القطاع.
وبين أن تبعات الحصار مسّت على نحو بالغ جميع القطاعات الاقتصادية والإنسانية، وتسبّبت بضرر طويل الأمد يتطلب التعافي منه رفعًا شاملًا للقيود المفروضة على جميع القطاعات الإنسانية والاقتصادية في قطاع غزة.
وقالت الباحثة لدى المرصد الأورومتوسطي فيكتوريا تشيريتي: دخول الحصار “الإسرائيلي” على قطاع غزة عامه الـ18 يعكس فشلًا أخلاقيًا وإنسانيًا ذريعًا لدى جميع الأطراف الأممية والدولية المعنية، التي لا يبدو أنّها تكترث كثيرًا لمعاناة أكثر من مليوني شخص معاقبون جماعيًا في مساحة جغرافية محدودة ومعزولة.
وأضافت: لا ينتظر السكان المنهكون في قطاع غزة بعد 17 عامًا من الحصار إجراءات محدودة وقصيرة الأمد لتحسين أوضاعهم المعيشية، بل يتطلعون إلى إنهاء جميع القيود التي تحرمهم من التمتع بحقوقهم الطبيعية أسوة بغيرهم خارج القطاع.
وأشار إلى أنه في الوقت ذاته، فقد توفي على الأقل 8 مرضى، من بينهم 3 أطفال، من قطاع غزة خلال عام 2022، نتيجة تأخير أو رفض السلطات “الإسرائيلية” منحهم تصاريح للخروج عبر معبر إيرز بهدف العلاج.
وأبرز تقرير المرصد الأورومتوسطي التدهور الكبير في القطاع الصحي نتيجة الحصار، إذ بلغت نسبة العجز في الأدوية الأساسية نحو 40%، ووصلت نسبة النقص في المستهلكات الطبية 32%، و60% في لوازم المختبرات وبنوك الدم.
وتابع أن سلطات الاحتلال حظرت إدخال أجهزة طبية مهمة مثل أجهزة الأشعة التشخيصية، وترفض إدخال قطع الغيار اللازمة لصيانة الأجهزة الطبية المتعطلة.
وأشار إلى أزمات مركّبة تواجهها القطاعات الاقتصادية والإنتاجية نتيجة القيود “الإسرائيلية” المفروضة على الاستيراد والتصدير، لافتاً إلى أن مئات المصانع أغلقت أبوابها وسرحّت آلاف العاملين نتيجة نقص المواد الخام وأزمات الوقود والكهرباء المستمرة.
وذكر التقرير أن قطاع الصيد تضرر بشكل ملحوظ نتيجة الاعتداءات والقيود “الإسرائيلية” سواء بالاعتداء المباشر على قوارب الصيادين الذي تكرر خلال العام الماضي بمعدل 30 اعتداء في الشهر الواحد، أو حظر تصدير الأسماك من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، الذي تسبب بخسائر مادية كبيرة للصيادين.
وعن القطاع الزراعي، فقد بلغت حجم الخسائر جراء الحصار والهجمات العسكرية “الإسرائيلية” المتعددة منذ عام 2006 وحتى 2022 نحو 1.3 مليار دولار، ولم تتلق الأطراف المعنية تعويضات عن تلك الخسائر سوى ما يعادل 30% منها، بحسب المرصد.
ولفت التقرير الحقوقي إلى أن السكان في قطاع غزة لا يحصلون على الكهرباء سوى 12 ساعة من أصل 24 ساعة باليوم في أفضل الأحوال، مضيفاً أن استمرار خدمات الكهرباء تتوقف على استمرار فتح معبر “كرم أبو سالم” لإدخال الوقود، الذي قد يغلقه الجانب “الإسرائيلي” في أي وقت وفقًا لتقديراته الأمنية، إلى جانب استمرار تمويل الوقود الذي تعمل به محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، حيث تتكفل دولة قطر بدفع ثمن الوقود منذ سنوات.
وأكّد أنّ المواثيق الدولية ذات العلاقة تحظر بشكل واضح ممارسة العقاب الجماعي، وتُلزم قوة الاحتلال بتلبية الاحتياجات الإنسانية للسكان دون ربطها بأثمان سياسية أو أمنية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات “الإسرائيلية” إلى إنهاء جميع القيود المفروضة على قطاع غزة، والتوقف عن سياسة العقاب الجماعي ضد السكان، وعدم التذرع بالأوضاع الأمنية والسياسية لاستمرار مصادرة وتقييد الحقوق الطبيعية للفلسطينيين في القطاع.
وطالب المرصد الأطراف الدولية والأممية ذات العلاقة بالاضطلاع بمسؤولياتها في حماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والضغط على السلطات “الإسرائيلية” لوقف جميع أشكال العقاب الجماعي، وإلزامها بتنفيذ جميع التزاماتها تجاه السكان بصفتها قوة احتلال وفق ما أقرّته الأعراف الدولية ذات العلاقة.