العنوان سیرلانكا: من الذي أشعل النار وأيقظ الفتنة؟
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 21-نوفمبر-1989
مشاهدات 752
نشر في العدد 942
نشر في الصفحة 47

الثلاثاء 21-نوفمبر-1989
● المسلمون
متضررون بشكل كبير من طائفتي التاميل والبوذية.
وَرَد إلى لجنة العالم الإسلامي
التقرير التالي، واللجنة إذ تنشره تدعو المسلمين إلى مد يد العون والمساعدة
لإخوانهم المسلمين والدعاء لهم.
مما لا شك فيه أن جزيرة سريلانكا
أصبحت الآن محط أنظار العالم حيث تجري فيها اضطرابات سياسية قاسية.
يعيش الناس بخوف شديد لا يدري ماذا
يحدث بعد دقيقة يذهب العامل إلى عمله لا يدري أهو يعود من عمله إلى أهله أم
يكون ضحية من ضحايا الحرب أو مختطفًا.
كل واحد ينظر إلى الثاني نظرة شك، لا
يطمئن إلى الكلام مع رجل جديد لا يعرف إلى أي فرقة ينتمي إليها.
أخبار الجرائد مليئة بأخبار القتل
والانفجار والدمار، كذلك في المذياع والتلفاز.. يُقتل يوميًّا عشرات الأشخاص. جثث
الأموات تعلق على أعمدة النور.. وجثت الأموات تطفو في الأنهار والبحار وجثت
الأموات تحرق في الشوارع العامة بإطارات السيارات القديمة.. أصبح الإنسان لا
قيمة له.
المدارس مُعطلة منذ أشهر، لم تفتح
الجامعات أبوابها منذ ثلاث سنوات والدوائر الرسمية غير منتظمة والمواصلات حسب مزاج
العُمال فيها، يختطف الشباب وتسلب الأموال ويقتل السياسيون وتهاجر الطبقة المثقفة
من البلاد، إذن إلى أين تسير هذه البلاد الفقيرة؟ كيف تواجه كل هذه التحديات فضلًا
عن الفقر والجوع والمرض والجهل المنتشر في البلاد.
من أجل ماذا هذا القتال؟ ومن الذي
أشعل النار؟ وما هي مصادر الفتنة؟
كما نعلم أن سريلانكا أغلبية سكانها
من البوذيين ويسمون «سنهاليون» نسبة إلى لغتهم، ويليهم الهندوكيون
ويسمون «التاميل» نسبة إلى لغتهم، ثم المسلمون الذين يشكلون ٨٪
من عدد السكان الكُلي الذي يبلغ ١٦ مليون نَسَمة.
حكومات البوذيين وراء الفتنة
جميع الحكومات البوذية التي تولت منذ
عام ١٩٥٦ كانت تثير الفتنة بشكل مباشر أو غير مباشر بين مختلف الديانات (نقلًا
من مجلة الحسنات) إذ رأت الجزيرة اشتباكات طائفية كثيرة.
أدت هذه الحالة إلى أن تفكر طائفة التاميل
بحكم ذاتي في شمال وشرق البلاد حيث يشكلون الأغلبية في هذين الإقليمين.
كذلك منذ أن استقلت سريلانكا من
الاستعمار البريطاني في عام ١٩٤٨ حكمت البلاد أسرتان حاكمتان. وهما
أسرة «بندرانايكا» التي كانت وما زالت تتولى قيادة الحزب الاشتراكي على
النمط الديمقراطي وأسرة «سنيانايكا» التي كانت تتولى قيادة الحزب الوطني
المتحد إلى أن جاء الرئيس السابق «جیورادنا» عام ۱۹۷۷.
هذا النظام الحكومي أدى إلى أن يميل
بعض الشباب إلى فكرة شيوعية بدأت حركتها في عام ١٩٦٩ باسم«J V P» .
بعد هذه النبذة التاريخية نقول ما
مصدر الفِتن الحالية:
الثوار التاميل
(LTTE) الذين يطلقون على أنفسهم «النمور التاميل» يحاربون
من أجل حكم ذاتي في شمال وشرق البلاد. وكانوا على خلاف شديد مع الحكومة إلا إنهم
مضطرون لمفاوضة الحكومة بعد أن جاءت قوات حفظ السلام (؟) الهندية إلى
سريلانكا في أواخر شهر يوليو عام ۱۹۸۷ وينافس هؤلاء منظمة أخرى تطلق على نفسها (EPRLF) من هنا نفهم أن كلًا من LTTE وEPRLF تتنافسان على الانفصال، هذا
التنافس الذي أدى إلى اقتتالهما.
إن
LTTE حريصة على أن تخرج القوات الهندية من البلاد
حتى يسيطروا على EPRLF وحكومة
سريلانكا ومنظمة EPRLF حريصتان
على بقاء القوات الهندية. بعد هذا العرض عن ثلاث قوات وهي BPRLFL
وLTTE والقوات
الهندية IPKF.
نسأل هل يتضرر المسلمون من قِبَل هذه
القوات؟ نقول.. نعم.
أربع خطط إرهابية!
ماذا يعمل النمور التاميل لإضعاف
المسلمين؟ يقوم هؤلاء بأبشع أنواع الممارسات القمعية العنيفة ضد المسلمين، من خلال
أربع خطط إرهابية:
أولًا: القضاء على الشخصيات الإسلامية البارزة والزعماء الذين يتولون القيادة
بين المسلمين.
وقد قتلوا كلًا من:
أ- عبدالمجيد «نائب
وزير سابق» وكان رجلًا قياديًّا في البلاد.
ب- حبيب محمد «نائب محافظ» وكان
داعية محبوبًا بين الجميع وشابًا أعزب في العشرينات كان- رحمه
الله- إمامًا وخطيبًا في مسجد بينما كان يعمل محافظًا، وفي صباح أحد الأيام
اغتيل أثناء ذهابه لصلاة الفجر وهو صائم.
ج- الأخ مقبول «محافظ».
د- الأخ إبراهيم «نائب محافظ».
هـ- بعض العلماء المسلمين وطلاب
العلم وغيرهم كثير.
ثانيًّا: إعدام الشباب المسلمين البالغين فوق سِن الخامسة عشرة من أعمارهم. قد
اكتشفت قائمة الأسماء المطلوبين للاغتيال. وتم ذلك بالفعل كما قتل بعض المسلمين
وهم داخل المسجد يصلون.
ثالثًا: تدمير اقتصاد المسلمين وعلى هذا فقد قاموا بتدمير عشرات المساجد ومئات
المحلات وآلاف البيوت. ودمروا قرى إسلامية بأكملها حتى بلغ عدد اللاجئين المسلمين
أكثر من تسعين ألف كما بلغت الخسائر المادية ملايين الروبيات.
وكذلك فإن الثوار يجبرون المسلمين
على دفع الضرائب لهم، حيث أخذوا من الحجاج من شمال وشرق الجزيرة في
العام الماضي عشرة آلاف روبية من كل حاج بحجة أن هؤلاء الحجاج كانوا يخفون ثروتهم
لئلا يدفعوا الضرائب لهم.
رابعًا: القضاء على هوية المسلمين، حيث أمروا بإغلاق جميع الجمعيات الإسلامية
ومنعها من ممارسة أي نشاط.
كما يعمل النمور التاميلLTTB ، تعمل EPRLP أيضًا لإبادة المسلمين،
فإنهم يختطفون الشباب المسلمين ويدربونهم بالتعاون مع القوات الهندية لاستغلالهم
في حروبهم.
ماذا تعمل قوات حفظ السلام
الهندية؟
دخلت القوات الهندية إلى سريلانكا
بعد أن وقع الرئيس السابق مع حكومة الهند اتفاقية تَنُص على مساعدة حكومة
سريلانكا في إنهاء الحرب الطائفية في شمال وشرق البلاد، هنا لابد من القول
إن الاتفاقية لم تعط أي أهمية للمسلمين الذين يشكلون نسبة كبيرة في شمال وشرق
البلاد.
إن الجيش الهندي يعامل المسلمين
بطريقة لاإنسانية حيث ينادي المسلم «يا باكستاني اخرج» ثم يضربه. ويقتل
الرجال وحتى الأطفال الأبرياء وهم في طريقهم إلى المساجد، كما دمّر بعض القرى
الإسلامية بكاملها.
أحيانًا يؤمر الرجال بأن يجتمعوا في
مكان عام ثم يدخلون إلى البيوت باسم التفتيش وهو ليس تفتيشًا على الأمتعة بل
تفتيشًا على أبدان النساء.
كل ما سبق من الأوضاع هي في
شمال وشرق البلاد، أما في غير هذه المناطق فإن القوات الشيوعية تقوم بأشد
أنواع البطش والإرهاب، يلعبون بالناس كالدُمية في أيدي الأطفال.
بدأت الحركة الشيوعية في عام ١٩٦٩
فعمرها عشرون عامًا مع نهاية هذه السنة. وخطتها أن تتولى السُلطة بأي وسيلة.
هذه الحركة التي ترعب الناس بشكل
فظيع، تقتل الأشخاص القياديين في الحزب الحاكم وتقتل كل من يساند الحكومة أو يفشي
حركاتهم السرية.
وهي تريد أن تعرقل سير الحكومة لذلك
تقوم بإضرابات عامة، وتعلن حظر التجول ومن يخالف أوامرهم يكون جزاؤه القتل. قبل
أشهر ماضية قامت إدارة المواصلات بإضراب عام طالبة زيادة الرواتب، فساند
الشيوعيون الإضراب الذي استمر شهرًا ونصف.
المدارس المُدمرة |
المساجد المُدمرة |
الأموال المسلوبة |
لاجئون |
الجرحى |
القتلى |
اسم المنطقة |
2 4 5 3 1 |
6 12 4 5 - |
8 مليون 14 مليون 5 مليون 11 مليون 9 مليون |
17,000 20,000 18,000 22,000 7,000 |
153 240 183 131 146 |
67 52 88 23 45 |
كاتانكدي موذور أوتوماودي كنيا كلمني |
الناس حيارى
تقول الحركة الشيوعية «J V P» لا تذهب إلى العمل،
وإذا كنت ترغب أن يكون أولادك أيتامًا وزوجتك أرملة فاذهب، وتهدد الحكومة كل متخلف
بإيقاف راتبه أو طرده من العمل؛ فماذا يعمل الناس؟
أنقل لكم بعض تصرفات الشيوعيين على
سبيل المثال لا الحصر.
1- القيام بعملية التفجير
في أماكن عامة.
2- حرق الممتلكات الحكومية.
3- إعلان حظر التجول لعدة
أيام.
4-
مداهمة البيوت في منتصف الليل لجمع الهويات الشخصية أو
سلب الأموال.
5- إرسال رسالات تهدید.
6- القيام بالإضراب وإبلاغ
التجار بإغلاق محلاتهم، ويغلق التاجر المسكين خوفًا منهم ثم يأتي العسكري ليجبرهم
بالفتح وإن لم يفعل يكسر الباب.
7- وضع الملصقات الشيوعية
أمام البيوت مرفقة برسالة إلى أصحاب البيوت يطلبون منهم أن يلصقوها أو
توزيعها؟ إن فعل عوقب من الشرطة وإن لم يفعل عقابه القتل من الشيوعيين.
8- الطلب من الجمهور
بالاجتماع للقيام بالمظاهرات وإلا.. وإذا ذهب يكون ضحية من ضحايا طلقات
البندقية من قبل الشرطة.
9- الطلب من مؤذن
المسجد «بتشغيل أشرطة الكاسيت» بالميكروفون حتى يستمع الناس وهي أشرطة
تحتوي دعايات وإعلانات عن حركاتهم، لذلك امتنع كثير من المساجد من استعمال
مكبر الصوت.
10- أحيانًا يتشهبون بالزي الإسلامي لإنهاء مغامراتهم حيث إن المسلمين لا
ينحازون إلى أي حركة إرهابية.
أعمال استفزازية
وهكذا أصبح الناس لا يعرفون كيف
يحمون أنفسهم.
طالبت الحركة الشيوعية من جميع
القوات الحكومية السريلانكية بالاستقالة وإلا فالقتل لجميع أفراد عائلات القوات.
وهنا اشتدت المعركة، وأعلنت القوات
الحكومية بأنها ستقتل عشر أُسر مقابل كل أسرة حكومية.
وفي الوقت نفسه تقوم حركة (J V P) ببعض أعمال ترضي
الجماهير من أجل الشهرة كإعلانهم منع شرب الخمر والمخدرات وحتى السجائر.
ومن غريب ما سمعت أنهم كانوا يساعدون
جماعة من جماعات التبليغ أثناء توجههم إلى المسجد مما أدى إلى امتلاء المسجد
بالمصلين.
وفي بعض الأماكن ضربوا من لم يؤد
الصلاة في المسجد.
لا ندري لماذا يفعلون هذا؟
مثل هذه الأعمال لم تقتصر على
سريلانكا فحسب، بل امتدت إلى الخارج. إذ سمعت من مصادر موثوقة أن بعض
المؤيدين لهذه الحركة الموجودين في الكويت حذر البنات السريلانكيات اللاتي لهن
علاقات مشبوهة مع الهنود والباكستانيين ليتركن العلاقة وإلا سيعاقبن بعد عودتهن
إلى البلاد.. وهذا التحذير أدى إلى قلة عدد السريلانكيات في حديقة البلدية
والمالية وأمام الكنيسة في أيام الأحد.
قوة J V
P تزداد يومًا بعد يوم لذلك أوجدت الحكومة قوة
حكومية سرية يطلق عليها اسمF S T وليس
لهم زي رسمي كالمدنيين المؤيدين لحركة J V P ويداهمون البيوت فجأة ويسوقون أهل البيت للتحقيق.
يكون أحيانًا مع الشدة حكمة من الله
سبحانه وتعالى لأن في بداية الثمانينيات بعد أن قام البوذيون باشتباك عنيف ضد التاميل
وقتلوا آلاف الأشخاص ودمروا بيوتهم ومحلاتهم وجميع ممتلكاتهم، قالوا: الدورة
الثانية على المسلمين بل كانت هذه العبارة مكتوبة على أماكن عامة ولكن الله حقق
قوله: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ (فاطر:43).
وكذلك فإن الرئيس الحالي شديد التمسك
بديانته البوذية، ويريد أن تكون سريلانكا مصدرًا لانتشار الديانة البوذية في
العالم أجمع لذا فقد كان شديدًا على المسلمين أكثر ممن سبقوه ولكن الله تعالى
شغله في أمور أخرى ومع ذلك تخطط الحكومة لإضعاف المسلمين على الوجه التالي:
1- تقليل عدد المسلمين في
العاصمة بحجة الإسكان.
2- تذويب الشخصية الإسلامية
بين أغلبية بوذية.
3- سلب أراضي المسلمين
وإسكان البوذيين فيها.
4- عدم إعطاء المسلمين
حقوقهم في توزيع البيوت الحكومية ودخول الجامعة والتوظيف.
5- التدخل في قانون
الانتخابات بشكل يؤدي إلى تقليل عدد النواب المسلمين في البرلمان.
6- تقليل النشاط التجاري
بين المسلمين بكثرة الضغوط عليهم.
7- محاولة تبديل قانون
الأحوال الشخصية الخاص بالمسلمين.
8- عدم إعطائهم مناصب
قيادية في الجيش.
9- منع بناء المساجد
والأذان بالمكبر الصوتي في بعض مساجد المدن.
10- سكوت الشرطة أثناء الاشتباكات الطائفية.
11- عرض الأفلام التي تستهزئ بالإسلام والمسلمين.
12- نشر ما يؤذي المسلمين في الجرائد
والكتب.
نعود ونقول: لقد أصبح الوضع في
البلاد سيئًا للغاية حيث يقتل التاميل التاميل والبوذي البوذي، وهنا لابد
أن نقول إن المسلمين متضررون جدًّا من قِبَل هاتين الطائفتين، ولكن لم يقتل بعضهم
بعضًا، اللهم إلا إنهم غير مُتحدين.
وهناك مجموعة بوذية متطرفة تحاول
الآن قتل المسلمين والاعتداء على ممتلكاتهم وتشريدهم.
من ناحية أخرى فإن الوضع الحالي فرصة
ذهبية للمسلمين أن يتّحدوا على كلمة واحدة وإلا فالخطر قادم.
هناك المجلس السريلانكي الإسلامي
وحزب رسمي وحيد للمسلمين وله ثلاثة مقاعد في البرلمان من أصل مائتي مقعد حيث فاز
ثلاثة نواب في الانتخابات الأخيرة.
ونرجو أن تتلاقى الجهود داخليًّا
وخارجيًّا لإنقاذ مسلمي سيرلانكا ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ﴾ (يوسف:21).
لجنة العالم الإسلامي
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

