العنوان الأسرة والمجتمع (1058)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 20-يوليو-1993
مشاهدات 709
نشر في العدد 1058
نشر في الصفحة 54

الثلاثاء 20-يوليو-1993
للداعيات فقط:
مرة أخرى.. أخي الداعية
أخي الداعية..... أرجو ألا أكون قد أثقلت عليك بحديثي، ولكن معذرة فعذري يا أخي أن التناصح في الدين واجب بيننا، وقد أردت اليوم أن أحدثك عن موضوع مهم قد غفلت عنه ربما بدافع من انشغالاتك العديدة، أو ربما لأنك اعتقدت أنك قد أتممته على أكمل وجه، وبالتالي قد لا تلوم نفسك على تقصيرك فيه. في كلتا الحالتين أرجو أن تسمع مني وتتقبل نصحي إن شاء الله.
أخي الكريم...
أراك نشيطًا في مجال دعوتك ذي همة عالية مع الصحب والرفاق، وإقبالك على توثيق صلتك بالله ستثاب عليه إن شاء الله، ولا أنكر ثقافتك الدينية العالية التي أرجو أن تكون خالصة لله ولدعوته، ولكن أخي الداعية، لكل منا هنات والمؤمن مرآة أخيه، مالك أخي قد غفلت عن أمر مهم قد أمرك الله تعالى به، وهو أن تمنح أهل بيتك شيئًا من وقتك واهتمامك، هل سألت نفسك بصراحة كم من الوقت تمضيه مع أبنائك تربيهم وتوجههم وترتقي بإيمانيتهم وأخلاقهم؟ ما لك تركت هذه المهمة لزوجة غير كفء لها؟ آه من تربية الأبناء.. كم أصبحت عسيرة في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن، وهي تغدو شاقة أكثر حين يبلغ الأبناء تلك المرحلة الحرجة من أعمارهم.. هل سألت نفسك أين ابنك المراهق في هذه اللحظة ومن يصاحب؟؟ وأين ابنتك المراهقة من ذا الذي تحادثه في الهاتف في هذه الساعة؟ ومن هن
صويحباتها اللواتي يدعينها لذلك المنتزه أو ذاك الشاطئ؟؟
كم يؤلمني أخي الداعية أن أرى أبناءك وقد ساروا في طريق غير الذي رسمته لهم، وكم يحزن القلب أن أسمع من هنا وهناك ما لا يسرك عن سلوك فلذات كبدك، قد آن الأوان أخي أن تلتفت إليهم، فهذا حقهم عليك وحق دعوتك كذلك، وأسال الله تعالى أن يعينك فيما نويت.
سعاد الولايتي
اعترافات زوجة:
كيف انقلبت الموازين؟؟!!!
كنت أصحبه معي إلى الجامعة وهو لا يزال جنينًا بين أحشائي إلى أن جاء يوم خروجه من تلك الأحشاء؛ ليتم استقباله على بساط السرور والفرح الذي غمر عائلتنا الصغيرة، وبالرغم من حبي له؛ لأنه مولودي الأول أصررت على إتمام آخر عام لي في الجامعة، فكنت في كل صباح أجمع حاجياتي وحاجياته، وتبدأ بمسيرتنا الصباحية الشاقة ابتداءً من منزل الوالدة؛ حيث أترك لها مسؤولية رعايته ثم الجامعة ثم ذهاب زوجي إلى عمله، وفي نهاية الدوام وتحت شمس الظهيرة التي تلهب أجسادنا في ذلك الطريق إلى المنزل كنت أذهب لأخذ طفلي من منزل الوالدة، ثم أعود إلى بيتي وعلي أن أتم عملية الطبخ والاهتمام بالطفل والانتهاء من أبحاثي ودروسي وامتحاناتي، إلى أن يأتي الليل أكون وقتها قد وصلت إلى قمة التعب والإجهاد، ويسوقني النوم إليه رغمًا عني، ولكن كيف يغمض جفني وطفلي لازال مستيقظًا، ولأول مرة أدركت فعلًا معنى تلك المقولة والنوم غدار، فكم غدرت بطفلي مرارًا، وكم أجبرته على السكوت والخلود للنوم، تارة بالهز العنيف على تلك الأرجوحة الصغيرة، وتارة بالصراخ في وجهه بلا وعي أو إدراك، أتناسى لحظتها حنان الأم وعاطفة الأمومة، فكل عضو في جسدي يطالبني بإراحته ولا سبيل لي إلا أن أترك لأعصابي زمام الأمور، فانفجر في وجه ذلك البريء، صراع نفسي وجسدي عنيف لا أعلم كيف احتملته في ذلك العام الدراسي، ربما لأنني كنت في نهاية الطريق، وما هي إلا قفزات صغيرة وأصل، فتحاملت على نفسي إلى أن تخرجت من الجامعة، وخرجت من بابها وأنا لا أنوي العودة إليها، فقد كان يوم تخرجي منها بمثابة الحياة التي عادت لي، بعد أن كدت ألفظ أنفاسي، وهذا ليس تذكرًا مني لبحر العلم الذي استقيت منه علومي وثقافتي، ولكن من شدة المعاناة التي وجدتها، فلم أكن من ذلك النوع الذي يستطيع التوفيق بين عملين؛ بل إنني أحب التركيز في عمل واحد حتى أستطيع إتقانه على الوجه التام؛ لذا لم أفكر بالارتباط بأي وظيفة كانت، وقررت أن أتفرغ لبيتي وزوجي وطفلي، ووجدت الفارق الكبير بين وضعي بالأمس ووضعي اليوم.
بالأمس حيث كنت أذهب في تلك الساعة المبكرة إلى والدتي الحنون التي تكون مستغرقة في نوم هادي، فأعكره عليها لتستلم مني وظيفة رعاية طفلي، والتي أجبرتها على قبولها بالرغم من تقديمها الاستقالة عن هذه الوظيفة منذ أن استوى عودنا، فما ذنبها هي اليوم؟ ألا يكفيها العناء الذي لاقته من تربيتنا؟ أما زلنا نرمي عليها بأعبائنا ومسؤولياتنا؟ إلى متى ستظل نفكر في مستقبلنًا وأنفسنا وننسى راحتها؟ إلى متى ستظل الأنانية تنخر نفوسنا ومتى سنتركها تشعر بالراحة وتنام ملء جفنها قريرة العين راضية النفس غير متعبة أو مجهدة؟
كان هذا أحد الأسباب التي دعتنا إلى اتخاذ منزلي وظيفة جديدة لي، ولكن وبما أننا أصبحنا في عصر الماديات وحب امتلاك المال والمنزل الوافر الظلال، وبما أننا في عصر السرعة؛ حيث رفضت المرأة أن تنتظر زوجها ليقوم بهذه المسؤولية وحده، وأصرت على مشاركته لامتلاك المنزل الجديد بسرعة أكثر، فكنت كلما حضرت مجلسًا أو ذهبت لزيارة أسمع استنكار الجميع على جلوسي في المنزل وعدم خروجي للعمل، واعتبروا أن جهد دراستي قد ضاع هباءً منثورًا، وأنني لم استفد مما تعلمت، وعلقوا اسمي في لائحة الجهلة والمتخلفين وقليلي التفكير!
لا أعرف كيف انقلبت الموازيين أصبح تمسك المرأة بوظيفتها الأولى أمرًا يتم عن جهلها وغفلتها ورجعيتها وعدم حضارتها، لقد أصبحت الحضارة في امتلاك أكبر قدر من المال وتعمير أكبر دار وترك أساسيات التربية إلى الخادمة الأجنبية، وعندما عرفت مقومات الحضارة في عرف الناس اليوم عزمت بإصرار على التقوقع داخل حضارتي الأصيلة، وصممت أذني عن تعليقات الآخرين، وأصبحت أمشي في ركب الجهلة على حد قولهم مرفوعة الرأس، راضية النفس، سعيدة في حياتي، وقد أسعدت زوجي وأطفالي.
أم مؤيد
السعودية – جدة
ردًا على د. خليفة العسال:
رؤية أخرى لتعدد الزوجات: أصلحوا المجتمع قبل تعدد الزوجات
نشرنا على صفحات باب الأسرة والمجتمع مقال يعالج قضية تعدد الزوجات من وجهة نظر شرعية، عالج كاتب المقال. د خليفة العسال - جامعة قطر الآثار الاجتماعية السلبية من جراء الابتعاد عن تعدد الزوجات، وبروز مشاكل العنوسة في المجتمع الإسلامي، وقد وصلنا أكثر من رد من مؤيدي ما طرحه، د العسال، واليوم ننشر هذا الرد الذي يحمل وجهة نظر كاتبته حول تعدد الزوجات.
«المجتمع» ترحب بآراء قرائها وتعمل على نشر الصالح منها.
أولًا: تعدد الزوجات موضوع أباحه الله عز وجل لتقويم المجتمع المسلم، وأنا كزوجة لم أفكر مطلقًا في يوم من الأيام أن تعدد الزوجات مصيبة وخراب ودمار كما يخيل الكثير من الناس، وليس من حق الزوجة شرعًا أن تمنع زواج زوجها، رغم أن الغيرة تدب في قلبها والكراهية للزوجة الثانية التي تعتبرها دخيلة على حياتها الزوجية تبلغ أشدها، وكثيرًا من النساء يسخطن أمامي على فلان بأنه تزوج بثانية على زوجته، رغم أنها امرأة صالحة وزوجة صالحة، ولا يعيبها شيء، فأرد وأقول: إن البيوت أسرار ولا نعلم خبايا البيوت، وبالفعل كثيرًا من أصدقاء زوجي تزوج بثانية، وأنني أعلم الزوجة الأولى جيدًا وفيها عيب بالنسبة للحياة الزوجية، ومن حق الزوج أن يتزوج عليها لسد هذا العيب الذي ينقصه في هذه الزوجة، رغم أنه حاول معها كثيرًا إصلاح ومعالجة هذا الأمر، وهي لا تبالي، وسبحان الله بعد زواجه عليها أصلحت حالها في نفس هذا العيب، وهناك مثل شعبي «صلح البعير بالعصا، وصلح المرأة بالمرأة» وكثيرًا ما زرت مثل هذه البيوت، فوجدت أنه رغم صلاح الأب وكلتا زوجتيه فإن البيت لا يخلو من صراعات داخلية بين الزوجات، ومن ثم بين أبناء كل زوجة وأشقائهم، حتى أثناء لهوهم ولعبهم. ويقف أمام هذه الظاهرة ونسأل لماذا؟؟
فنجد الإجابة كالاتي:
إننا في مجتمع يعاني ليل نهار من التفكك الأسرى، فالأب يخرج للعمل والأم كذلك والأطفال بالبيت، وغالبًا مع الخدم أي تجد أن الأب في وادٍ والأم في وادٍ والأطفال ضائعون بينهما، فمن الأفضل أن تعالج تلك الأمور في مجتمعنا هذا، ونعلم ونربي شبابنا وبناتنا على أهمية مسئولية البيت وواجب كل منهم نحو الآخر.
ومن الغريب حقًّا أن يأتي من يدعو لحل مشكلة العنوسة بالدعوة لتعدد الزوجات في ظل هذه الظروف الاجتماعية السلبية التي تعاني فيها الأسرة، فيتزوج الزوج رغم تقصيره؛ ليفتح بيتًا آخر، ويكون ذلك تجربة فاشلة أخرى.
إننا ندعو إلى إقامة مجتمع إسلامي صالح، تتسم فيه العفة والطهارة والقيم والمبادئ، فإذا تحقق ذلك، بإذن الله. بعدها نعرض تعدد الزوجات تتضمن تكوين الأسر الناضجة المتماسكة العادلة؛ لأنه في هذه الحالة سيكون مفهوم الزوجة ناضج، فسنراعي المولى سبحانه، في كل كبيرة وصغيرة في تصرفاتها، وسيكون الزوج مقتدي برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ويضاف من قوله صلى الله عليه وسلم: «من له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط»، وأنني يخيل لي لو أننا في وقتنا الحاضر ودون بناء الأمة الإسلامية وعدم تربية الزوج والزوجة التربية الإسلامية، سيرجع يوم القيامة جميعهم شقهم ساقط إلا من رحم ربك. فخشية على أزواجنا ورحمة بهم يجب أن نبدأ أولًا بتوجيههم وتربيتهم إسلاميًّا والتغلب على آفة المجتمع إلا وهي آفة الاختلاط.
فيجب أن نصلح مجتمعنا بأفراده وأسره قبل الدعوة لتعدد الزوجات؛ لتحل مشكلة العنوسة، متناسيين الإفرازات والمشاكل الاجتماعية السلبية لتعدد الزوجات في مثل هذه الظروف. إن نشر الوعي الإسلامي وتربية الأفراد تربية إسلامية صحيحة خطيرة لابد منها؛ كي تضمن تطبيقًا سليمًا لحالات تعدد الزوجات.
أم أحمد الرومي
أوائل المؤمنات:
أول من استشهد في حياتها ستة من الأبناء
وهي «عفراء بنت عبيد بن ثعلبة» تزوجت في الجاهلية من الحارث بن رفاعة، وعاشت معه في المدينة المنورة، وولدت له معاذًا، ومعوذًا ثم حدث خلاف بينهما أدى إلى طلاقها من الحارث، فتزوجت من «بكير بن عبد الليثي» وولدت له خالدًا، وإياسًا، وعاقلًا وعامرًا، ثم طلقها فراجعها الحارث مرة أخرى، فولدت له عوف، وبهذا يكون عدد أولادها سبعة.
لما بزغ فجر الإسلام المبين كانت عفراء من السابقات إلى الإسلام، فأسلمت في المدينة المنورة ولم تكن سلبية بعد إسلامها، بل كانت إيجابية بخاصة مع أولادها السبعة، فسعت إلى قلوبهم. ودخلوا جميعًا في دين الله المبين، ولما كبر داعي الجهاد دفعت بهم جميعًا لينصروا دين الله المبين.
وفي غزوة بدر الكبرى كان أولادها السبعة يدافعون عن دين الله، وينتصرون مع المسلمين، ومن الله تعالى بالشهادة على ثلاثة من أبنائها، فاستشهد الأبطال معًا معاذ ومعوذًا وعاقل.
وأخذت المؤمنة تردد على مسامع أبنائها الأحياء قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ (ال عمران: ١٦٩).
حتى لا تتغير همتهم من الجهاد، بل ليكونوا على استعداد للتضحية والشهادة.
وفي السنة الرابعة من الهجرة وقع اختيار النبي صلى الله عليه على ابنها «خالد بن بكير الليثي» ليكون أحد سريه «الرجيع» التي غدر الكافرون بأعضائها السبعة، واستشهد من السرية خمسة، منهم خالد بن عفراء لتضيف إلى أبنائها الشهداء شهيدًا آخر.
ولم يتوان الأبناء الباقون من الدفاع عن دين الله والمشاركة في الكفاح مع المجاهدين، وسقط الابن الخامس «عامر بن بكير» شهيدًا في سبيل الله يوم بئر معونة.
ويوم اليمامة كان مع المجاهدين «إلياس بن بكير» و«عوف بن الحارث» أبناء عفراء، ونال إلياس الشهادة في هذا اليوم المهيب، وما تبقى حيًا من أبنائها هو عوف، وكانت عفراء تفتخر أن استشهد من أبنائها ستة في حياتها.
وقد يقول قائل: أي قيمة في أن يستشهد لامرأة ستة من أبنائها في حياتها حتى تنفرد بصفة أول امرأة مسلمة يستشهد في حياتها ستة من أبنائها؟
يقول: إن التاريخ قد يغفل مثل هذه المؤمنة، فقد ملأ استشهاد أولاد الخنساء رضي الله عنها الأربعة -ملأ أسماع الدنيا، ولقبت بأم الشهداء وهم أربعة استشهدوا في حياتها، فأي لقب تفوز به عفراء بنت عبيد أم الشهداء الستة؟
حلمي الخولي
رسالة إلى رحالة:
أختي في الله، يا من تعرفت عليك فترة قصيرة جعلتني أحس بالأمل في هذه الدنيا، وأن هناك نساء صالحات قدوات على مستوى السلف الصالح.
لقد سرني التعرف عليك واتخذتك موطنًا لسري وحل مشاكلي، ثم سرعان ما فقدتك. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أختي الراحلة إلى الدار الآخرة أسال الله تعالى أن يتغمدك بواسع رحمته وعظيم فضله، وأن يكلأ أولادك بعنايته ورعايته إنه أكرم مسئول.
لقد أعطيتنا درسًا في حياتك ودرسًا في مماتك، وهذا شأن الأخيار، كما نحسبك والله حسيبك. كنت في حياتك مثال الزهد والتقوى وحسن الخلق، وفي الموت أخذنا درسًا وأن الموت قريب لا يعرف صغيرًا ولا كبيرًا، وأن الأجل قريب جدًا، وصدق الله ﴿وَلَوۡ كُنتُ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ لَٱسۡتَكۡثَرۡتُ مِنَ ٱلۡخَيۡرِ ﴾ (الأعراف: 188).
ذهبت أيتها المرأة الواعية النصوح، ذهبت وتركت أختًا تبكي فراقك وتتمنى ضم أبنائك إليها لتعوضهم حبك وحنانك – ذهبت وتركتني في حيرة وذهول لولا مسكة من عقل ودين.
فلقد فقهتنا عقلنا علمًا وأدبًا وخلقًا وحفظ لكتاب الله ونحن في غفلة سادرون. لقد كنت أستمد القوة من علاقتي بك، فالإنسان يحتاج الرفقة الصالحة. وقليل توفرها بين جيل اليوم الذي يتمسك بالقشور والمظاهر، أما أنت نموذج ثانٍ كان نموذج يذكرنا بالسلف الصالح.
أختي الفضلي التي لم يبق في منك سوى ذكرى طيبة ودعوات صالحة، أدعو لك بها والتقرب إلى الله بذلك وبحبك فيه، وأرجو أن تكوني الآن في أنهار الجنة ورياضها تتعمين.
أختي في الله: إني أعزي نفسي فيك قبل أن أعزي أي شخص آخر أنا التي افتقدتك أكثر من أي إنسان إلا أولادك، فلا أحد يعلم مقدار الرابطة التي تشدني إليك وذكراك الطيبة دائمًا على لساني عند كل لقاء، كنت أستعذب الحديث عنك بحب وإعجاب لكني الآن يشجيني الحديث، أحس بمرارة لا يعلمها إلا الله تعالى، وكثير من البشر لا يصدق درجة حب أخت لأختها في الله.
يا عزيزتي القريبة البعيدة الحاضرة الغالية. لقد كنت أود جمع رسائلي المتفرقة في كتيب أهديك إياه، وما كنت أتصور إني سأضعه رسالة إليك أنت وأنت تحت الثرى، فعسى الله أن يجمعني بك في جنة الخلد، وأن يجعلنا من المتحابين بجلاله يوم يكون الأخلاء بعضهم البعض عدو إلا المتقين.
عزيزتي الراحلة، وكم تعنيني كلمة راحلة. كنت أشتاق لسماع صوتك وأحس بك قريبة خلف الهاتف، نعم السند ونعم المستشار الأمين، والآن رؤية الهاتف تثير جزعي، فعسى الله أن يربط على قلبي، وعسى الله أن يمكنني من تقديم بعض الحسنات هدية لك، ترفع بها درجات، وعسى أن تكوني قد غفرت لي إزعاجك وما سببته الله من إحراج بإقحامك في مشاكلي الخاصة، ولا أني ذلك اليوم الذي جئتني فيه رغم مشاغلك ورغم المسافة فعسى الله أن يجعله في ميزان حسناتك، فلقد زرت أختًا في الله وسعيت لقضاء حاجة لها، وأنت تعلمين أجر الساعي في حاجة أخيه، فليهنك ذلك وليبارك الله في أعمالك.
عزيزتي الراحلة يا سليلة الصالحات بإذنه، وأنت التي ذهبت وتركتني أبكي فراقك، ذهبت تاركة لنا ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، بحول الله وقوته.
ذهبت بعد أن أعطيتنا درسًا بأن العلم ليس بالشهادات الرائعة، وأن العلم بالتعلم والمتابعة الحقة له من متابعة الأصيلة ومن مجاورة أهله وذويه وغشيان مجالس العلم ورياض الذكر مع التطبيق العملي له وانتهاجه مسلكًا وطريقة في الحياة.
ذهبت وخلفت وراك بعض اللاتي كن يستكثرون عليك زوجًا على درجة من العلم والمعرفة، وما علمن عظيم قدرك ومكانتك، ويالسخافة بعض العقول أمام الحقيقة المروعة، حقيقة الموت والبلى التي توقظ الغافل من نومه والسادر من غيه ليعلم أن قيمة الإنسان بعلمه وفقهه وعمله الصالح لا بجاه الدنيا ومنصبها الزائل، فإلى الملتقى في الجنان بحول الله وقوته، إنه أكرم مسؤول.
المحبة: أم البراء
السعودية – الرياض
البحث عن السعادة:
إن سعادة كل إنسان منا مرتبطة بكيفية اكتشافها وطريقة الوصول إليها، حتى يحقق لنفسه تلك السعادة.
ما هي السعادة وكيف تحققها"؟؟ كيف الوصول إليها؟
كيف نعيش سعداء؟؟؟
تساؤلات كثيرة يطرحها كل منا إذا ضافت عليه الدنيا أو أحس بحالة من القلق والتعاسة واليأس!
الواقع أن كلا منا يرى السعادة من منظوره الخاص:
فالرجل الطموح يرى سعادته في وظيفة ناجحة.
والتاجر النشط يرى سعادته في صفقة رابحة.
والمريض يرى سعادته في الصحة والعافية.
والأم ترى سعادتها في صلاح أبنائها.
والزوجة ترى سعادتها في صحبة زوجها لها واهتمامه بها.
والطالب يرى سعادته في نجاحه وتفوقه.
حتى الطفل الصغير يجد سعادته في جلسة عائلية تضم الأم والأب وتشعره بالدفء الأسري.
هناك الكثير من الناس يجد السعادة في كل ما يحب ويملك، ولكن إذا لم يتحقق لكل من هؤلاء ما يصير إليه ليشعر بالسعادة فهل معنى هذا أن يعيش كل منهم يائسًا تعيسًا طوال حياته!!.
فالإنسان الطموح إذا لم ينجح في حياته العملية، فليس في حياته فرص كثيرة قادمة، وهناك نعم كثيرة أنعم الله عليه بها لا يجب عليه إغفال أهميتها. منها أنه لا يزال على قيد الحياة، وبالتالي يستطيع أن يكرر هذه التجربة أو تلك حتى يكتب له النجاح.
وبالتالي يحقق سعادته، وكذلك التاجر النشط إذا خسر في صفقته، والأم إذا لم يبرها أولادها، والزوجة إذا هجرها زوجها، والطالب إذا فشل في الامتحان. ورحم الله الشافعي حين قال:
فلرب نازلة يضيق بها الفتي درعًا *** وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فرجت وكنت أظنها لا تفرج
وهذا عروة بن الزبير عندما فقد إحدى قدميه بداء الغرغرينا قال: اللهم لك الحمد الله أعطيني رجلين فأخذت واحدة وأبقيت الأخرى، ولما علم بخبر وفاة ولده قال: يا رب «وهبت لي ولدين أخذت واحدًا وأبقيت الآخر، فلك الحمد على ما أخذت، ولك الشكر على ما أبقيت»
إذا هذا هو اليقين بنعم الله تبارك وتعالى، وحمده في جميع الأحوال، ولقد قال تعالى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ (إبراهيم ٧).
إنه الإيمان الذي يخفف على المسلم مصائب الدنيا، ويبعده عن القلق والقنوط والتعاسة والعجز.
إن علماء النفس والاجتماع يوصون بأن يتذكر الإنسان الجانب المشرق في حياته، ودائمًا كان شعارهم: «دع القلق وابدأ الحياة،» واذا لم يستطع الفرد أن يحقق السعادة النفسية في جانب فليجرب جانبًا آخر لعل أن يكون في هذا الطريق أول عتبة تدله إلى السعادة التي يبحث عنها.
في نظري أن السعادة الحقيقية ليست فيهذه الدنيا، بل أن هذه دار ابتلاء وشقاء وكدح.
السعادة في الدنيا سعادة زائفة زائلة سيأتي عليها يوم وتنتهي بنهاية صاحبها، لكن السعادة المطلقة المنشودة هي هناك في الحياة الأخرى؛ حيث رضا الرحمن والفوز بالجنان، والبعد عن الأحزان، والتوقف عن وساوس الشيطان، وحتى تصل إلى تلك السعادة علينا أن نستشعر أن كل ما في هذه الدنيا زائل لا محالة، فلا حزن يدوم، ولا سعادة تدوم، ولا أي أمر آخر من متع الحياة الدنيا.
قد يتبادر إلى ذهن البعض على معنى هذا أن يعيش المرء في عالم آخر بعيدًا من الناس"
بالطبع لا ولكن علينا أن نعمل جاهدين بتحقيق القدر اليسير من السكينة والاستقرار حتى نلقى الله تبارك وتعالى، وحتى تتحقق لنا هذه السكينة علينا بالتالي:
١_الإيمان بالقضاء والقدر وأن الله هو الرزاق.
٢-إحساس الإنسان بأن كل ما فوق التراب تراب وأنه زائل يوما ما.
٣-من رأى مصائب غيره هانت عليه مصيبته.
هذه الأمور من شأنها أن تمنحه شيئا من القناعة والرضا الذي يبحث عنه
منى العلي
نحو غد مشرق:
القلب النابض:
إن الإسلام اليوم في أمس الحاجة إلى أخوات داعيات على مستوى جيد من الإعداد والتكوين، أخوات نذرن أنفسهن لهذا الدين راسخات العقيدة ثابتات الإيمان والقلب ذوات أخلاق سامية وإدراك عميق وعزيمة ماضية يعشن الإسلام بكل وجودهن، ويمنحه كل تضحية، فيتخرج الطفل المسلم والشاب المسلم والرجل المسلم على يد هذا القلب النابض، ولن يكون ذلك بدون قيامك أختي المسلمة بهذه الواجبات.
ومع السعي الحثيث في تكييف حياتك الشخصية والعائلية والاجتماعية وأخلاقك وسيرتك العامة وفق ما يحصل لك من معرفة الدين بدراسة القرآن والحديث والفقه واشتراكك في المحاضرات الإسلامية والندوات التربوية.
أختي الغالية إن الناظر لحياتنا كلها يصعب عليه أن يصدق أننا ندين بالدين الإسلامي، فقد تراكمت أمور غير شرعية، وراجت في مجتمعنا، حتى أصبح الغير شرعي هو الشائع والمعروف لدى كثير من بيوتنا الإسلامية، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولكنك أختي المسلمة قادرة على تغيير وتبديل كل هذا، فأنت القلب النابض، ولديك من القدرة الذاتية التي تساعدك على كشف الباطل والوصول إلى الحق؛ إذ المحافظة على الدين جزء أساس من مهمتك في الحياة، يقول ربنا عز وجل: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذَّارِيَاتِ: ٥٦).
﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الأنعام: ١٦٢).
ولنا في زوجة فرعون قدوة حسنة؛ لأنها لم تكن في بيت نبي أو رسول ولم تكن في بيت صالح، ولم تكن تحت سلطة عادلة، ولكنها استطاعت أن تغرس الإيمان في قلبها، وأصرت ثباتًا على الحق، وتغلبت على كل الظروف ولحقت بأهل الجنان. يقول ربنا عز وجل: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (التحريم: ١١).
فحياتك الشخصية والعائلية والاجتماعية لابد أن تصبغ بالصبغة الإسلامية ﴿صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةٗ﴾ (البقرة: 138) ، أخلاقك من الألف إلى الياء من الاستقلال في القرار نحو المضي في طريق الله، رغم كل ما يحيط بك، وما يغريك إلى الصدق والأمانة والإخلاص والوفاء، كلها أخلاق سامية أن ترتق أخلاقيًا بدونها.
أما سيرتك العامة فلابد وأن تعطر بالعفة والأدب والعزة والشرف؛ لكي تسمو نفسك فوق كل تافه، وتعلو فوق كل فاسد، وتتصل نفسك وروحك برب السماء، فكلما ضاقت بك الأزمات وانتابتك الآلام كوني على ثقة بأن الله وحده قادر على إذهاب همك وهمك وآلامك فاتصلى به واحرصي على تقواه ودراسة كتابه وحضور المحاضرات الإسلامية والتربوية، ففي الوقت الذي تذهب فيه الكثيرات إلى المسارح والسينما تذهبين أنت إلى بيت الله، تجددين العهد مع الله، وتجددين نشاطك وتسعدين نفسك برؤية الصالحات اللواتي يشاركنك العطاء.
﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ (الطلاق: 2-3) فتوكلي على الله واحتسبي عنده الأجر .
مها أبو العز- مدراس الهند
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

