العنوان أدب (العدد 737)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 15-أكتوبر-1985
مشاهدات 34
نشر في العدد 737
نشر في الصفحة 42
الثلاثاء 15-أكتوبر-1985
محطة:
أصبحنا مهزلة
كبرى
أضحينا مهزلة
كبرى
أمسينا واخجلي
أعرابًا تتناحر سرًّا أو جهرًا
ونفضتم عن هبل
تراب قرون وعبدتم حجرًا
وزرعتم حول
العزى الزهرا
هل خجل يسكب في
قسمات وجوهكم يلجم ثغرًا؟!
خالد
أنغام
أنغام أعرف
مغزاها *** أنغام أكره معناها
طرب السمار
بمغناها *** ركع السمار كأسراها
أنغام تدفع
للعهر *** تلبس أثوابًا من طهر
والكفر الكفر
بمغزاها *** لا تنسوا أبدًا معناها
الكل يردد
أهواها *** والكل أعد للقياها
طربًا ينحاز
لمسعاها *** لا تنسوا أبدًا معناها
فالكفر الكفر
بمغزاها *** أنغام تبعث في النفس
شوقًا للهمس وللمس
*** والكفر الكفر بمغزاها
لا تنسوا أبدًا
معناها *** تدعو السمار للقياها
في الرجز أعدت
لقياها *** أشراكًا نصبت في الذوق
فالكفر بأثواب
الحق *** والكذب بأثواب الصدق
لا تنسوا أبدًا
مغزاها *** فالكفر الكفر بمغزاها
محمد مكرم- إربد
قصة قصيرة
عودة من ديار
الغربة
قصة بقلم: محمد
السيد علي بلاسي
في يوم عاصف خرج
«أمجد» منفردًا -ليس كعادته- ومشى في شارع المرج الملاصق لبيته.. إلى أين؟ لا
يدري! كان يمشي بخطى مبعثرة.. متمايلة.. غير ثابتة.. كأن الريح تعبث به يمينًا
ويسارًا.. فتعجب لذلك صديقه «حازم» الذي كان يطل آنئذ من شرفة بيته وظن أنه من فرط
إعجابه بنجاحه جعله يفعل ذلك، لا سيما وظهور نتيجته في الثانوية لم يمض عليه أكثر
من يوم أو يومين.. ولكن «حازم» لم يهدأ باله للذي أملاه عليه فؤاده؛ لاعتقاده أن
«أمجد» إنسان طيب لا يمكن أن يحدث منه مثل هذا؟! فكان أن نزل من بيته وهب مسرعًا
نحو صديقه «أمجد» ونادى عليه: يا أمجد.. يا أمجد.. وكأن أمجد لم يسمع شيئًا!
«أمجد» في تفكير
عميق وثبات جعله لا يدري بمن حوله! أسرع «حازم» نحوه وقال له: السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته.. فالتفت «أمجد» عن يمينه -في خوف ودهشة- وقال: من؟! صديقي «حازم»..
ما الذي جاء بك ورائي؟! فأجابه «حازم»: ليس كالعادة أنت يا أمجد؟! ما الذي حدث
لك؟! فقال «أمجد» -متلعثمًا-: لا شيء يا صديقي.. تعجب «حازم» من أمر صديقه، وقال
له بشيء من الذهول: أنا صديقك يا أمجد، وأنت تعلم أنني لا أفشي لك سرًّا، صارحني
يا أمجد؟
رد «أمجد» -بعد
أن تنهد تنهيدة طويلة-: قلت لك: لا شيء يا حازم.. دعني وشأني.. استعذ بالله يا
أمجد، وقل لي ما الذي عكر صفوك وجعلك مشتت البال والفكر وبحالة يرثى لها؟ فأنا على
أتم استعداد لمساعدتك بكل ما أملك؟! ألا تعلم يا صديقي أنه لا فائدة من الصداقة
إذن إن لم تكن بينها روح الأخوة التي تكاد في بعض الأحيان تفوق أخوة النسب؟! ألم
تسمع قول الشاعر:
إن أخاك الحق من
كان معك *** ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب
الزمان صدعك *** شتت فيك شمله ليجمعك
صارحني يا أمجد
بكل ما عندك عسى أن يكون لدي حل لمشكلتك، وأعدك بأن كلامك سوف يكون سرًّا لا أجهر
به لأحد.. فقال «أمجد»: هيا بنا لنجلس سويًّا في حديقة النادي القريبة من هنا عسى
أن أعوض ما افتقدته من نشاط، وهناك سأقص لك الحكاية..
وفي الحديقة جلس
الصديقان بين الأشجار الوارفة والزهور المطرزة النافرة.. وكان الوقت ساعة الغروب..
فأخذا يستمتعان بالمناظر الأخاذة، ومظاهر الطبيعة الخلابة.. وهنا صاح «أمجد»
قائلًا: يبدو أننا نسينا المقصود.. الحكاية يا صديقي تتمثل في أنني أريد السفر إلى
«فرنسا» لاستكمال دراستي الجامعية هناك.. فأجابه «حازم» على الفور -وهو في حالة من
الارتياب والدهشة-: ولماذا يا صديقي مع أنك -والحمد لله- حصلت على مركز رفيع في
الثانوية يؤهلك للالتحاق بأي كلية في أشهر جامعات بلدنا؟!
هنا ضحك «أمجد»
ضحكة معينة قائلًا: الأمر ليس كذلك يا حازم.. أو ما تعلم يا صديقي بأن الغرب غني
بكثير من ألوان الحضارة التي تعتبر بلادنا الآن في أمس الحاجة إليها؟!
- شيء عظيم يا
أمجد، ولكن فماذا كان رد والدك؟
- للأسف لم
يوافق بحجة أنه يخاف علي من السفر وحدي!
- أهذا الذي
جعلك كئيبًا متضايقًا يا أمجد؟!
فأجابه: نعم يا
حازم.
فهز «حازم» رأسه
قائلًا: لا.. لا.. الموضوع لا يستحق كل هذا الحزن.. أرجوك يا أمجد لا تحمل هم هذا
الموضوع، سوف أقنع والدك بأن فكرتك هذه سليمة، وأجعله لا يخاف عليك من هذا السفر،
فأنت لم تعد طفلًا يخاف عليك!
في اليوم التالي
-بالصدفة- قابل «حازم» والد «أمجد» في الطريق وهو عائد من عمله، فألقى التحية
عليه، وقال له: أنا صديق ابنك «أمجد» ويسعدني أن أهنئك بنجاحه في الثانوية وحصوله
على هذا المركز من التفوق.
- بارك الله فيك
يا بني. هكذا أجاب الوالد. فقال «حازم»: هناك موضوع يا عمي أريد أن أحدثك فيه،
وأرجو أن تفسح صدرك لي.
قال الوالد:
تحدث يا بني.. ما أسمك أولًا؟
- ابنك «حازم».
- أأنت حازم؟!!
حسنًا.. حسنًا.. لقد حدثني عنك أمجد كثيرًا، فوددت أن أراك.. فمرحبًا بك يا حازم
تحدث بما شئت.
فأجابه «حازم»:
الوقت لا يسمح يا عمي، أعطني من فضلك ميعادًا للمقابلة لأن الحديث ذو شجون. فقال
الوالد: يمكن ذلك بعد العشاء في منزلنا. فأجابه «حازم»: وهو كذلك.
توجه «حازم»
-بعد أن أدى فريضة العشاء في المسجد المجاور لبيته- إلى منزل «أمجد».. وكان «حازم»
في حيرة من أمره.. أخذ يحدث نفسه: هل سيوافق والد «أمجد»؟ هل سيقتنع بما أقوله له؟
وفجأة وجد نفسه أمام بيت «أمجد»، فتردد قليلًا.. ثم نادى على صديقه «أمجد»،
فاستقبله وأجلسه في حجرة الاستقبال.. وقدم له قدحًا من قهوة، وأخذا يتبادلان
الحديث إلى أن دخل عليهما والد «أمجد»، فرحب بحازم وجلس.. فأخذ «حازم» يتحدث عن
الغرب والتقدم العلمي فيه، والوالد في دهشة مما يسمع.. ثم قال «حازم» لوالد أمجد:
سبق أن حدثني «أمجد» عن رغبته في استكمال دراسته الجامعية في «فرنسا» ولكنه وجد
معارضة منك! فلماذا يا عمي؟! فأجابه الوالد: «أمجد» يا بني لما يزل صغيرًا يخشى
عليه من السفر وحده إلى تلك الأماكن.. فقال حازم: لا يا عمي، إن «أمجد» لم يعد
صغيرًا يخشى عليه من السفر، ثم إن «أمجد» طالب متفوق، ولو ذهب إلى هناك سوف يكون
له مستقبل باهر يستطيع أن يخدم به بلده ويرقى بها إلى أعلى مستوى علمي في تخصصه..
وبعد فترة من التجاوب وافق الوالد واستجاب لرغبة ولده «أمجد»، وشكر حازم على
إخلاصه نحو صديقه وبلده.
ولم تمض أيام
إلا وأمجد في «فرنسا».. وهناك التحق بكلية الصيدلة، فكان من ألمع الطلاب فيها..
ومضت السنة الأولى والتي بعدها ولم يعد «أمجد»! فكان صديقه المخلص «حازم» بين
الحين والآخر يراسله كي يطمئن عليه.. فأخبره «أمجد» بأنه لن يعود إلا بعد أن ينهي
دراسته.
ومرت الأيام..
وتوالت الأعوام.. وعاد «أمجد» إلى بلده.. وهناك استقبله حازم بحفاوة بالغة.. وفي
منزل أمجد جلس الصديقان، وأخذا يتجاذبان أطراف الحديث حول «باريس»، والجامعات
هناك، وما تتمتع به تلك البلاد من حضارة وتقدم.. وحازم منسجم من الحديث.. فجأة،
نهض «حازم» من مجلسه قائلًا: يبدو أن الحديث شيق وقد أنسانا تلك الفرصة العظيمة!
فأجابه «أمجد» على الفور متعجبًا: أي فرصة تقصد یا حازم؟! فرد عليه «حازم» بدهشة:
ألا تعلم يا صديقي أن الليلة هي ذكرى ليلة الإسراء والمعراج، وهناك احتفال في
التلفاز بمناسبة تلك الذكرى العطرة؟! فهز «أمجد» رأسه قائلًا: نعم.. نعم.. لم تكن
في بالي هذه الذكرى.. قال «حازم»: من فضلك أرجوك ائذن لي بالانصراف كي أتمكن من
مشاهدة الجزء المتبقي من هذا الاحتفال. فقال «أمجد»: انتظر معي هاهنا نشاهده
سويًّا.
فوافق «حازم»
وجلس.. فأدار «أمجد» مفتاح التلفاز، وأحضر مشروبًا باردًا، فشرباه وأخذا يتابعان
الاحتفال بانتباه.. فإذا بأمجد يحملق صوب المحاضر قائلًا -في سخرية واستهزاء-:
انظر يا حازم! انظر إلى ذلك الذي يقول: «إن الرسول أسري به ليلة الإسراء بالجسد
والروح؟! أليست هذه سفسطة وأساطير؟ كيف يعقل ذلك مع أن الإنسان إذا ما فارق جزءًا
محدودًا من الغلاف الجوي يحدث عنده اختناق ويموت؟!
فتعجب «حازم» من
كلام صديقه ورفع حاجبيه بعصبية قائلًا له: أليس الله على كل شيء قدير؟! فصاح
«أمجد» قائلًا: كيف ذلك مع أن هذا مخالف لقوانين الطبيعة؟! فرد عليه «حازم» بدهشة
قائلًا: أيستبعد مثل هذا على الذي جعل النار في يوم من الأيام تفقد خاصية
الإحراق؟!
هنا ثار «أمجد»
قائلًا: اعقل يا حازم! دعك من هذه الخرافات الإسلامية.. إن النار لم تفقد خاصيتها
كما يدعي هؤلاء الجهلاء، ولكن المطر -آنذاك- هطل عليها فأطفأها، ولذا لم يحرق
«إبراهيم».
فأجابه «حازم»
وهو في أوج الاغتياظ ظانًّا منه أن صديقه يريد أن يصل إلى نقطة معينة، قائلًا له:
ألم تقرأ قول الله تعالى: ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ
إِبْرَاهِيمَ﴾ (الأنبياء: ٦٩).
فقال «أمجد»:
هذا أمر يصدق بالقلب ولا يصدقه العقل؛ لأنه ليس من المعقول أن تضع يدك في النار
دون أن تحرق.. ألم تسمع يا حازم عن قانون عدم التناقض؟
وأخذ «أمجد»
يستطرد نظریات «داروین» وفلسفات «هيجل»، وآراء «ديكارت» وغيرهم.. وهنا أصيب «حازم»
بالذهول والشرود، وأخذ يلتفت هنا وهناك، وأيقن أن صديقه قد عبثت بفكره تيارات
الغرب الهدامة.. ففكر قليلًا، وحاول أن يقنعه بالعقل قائلًا له: أتريد أن تجعل
قدرتك كقدرة الله؟! إن الله قد رفع السماء بلا عمد، أليس هذا مخالف للقوانين
الطبيعية؟!
فأجابه «أمجد»
ببداهة: بلى.. فقال «حازم»: وهل من الممكن لديك إذن أن ترفع هذا -وأمسك بكتاب كان
أمامه على المنضدة- ويظل مرفوعًا دون أن يقع؟!
وهنا لم يستطع
أمجد الجواب.. ولكنه أخذ يجادل ويماطل دون جدوى.. وبعد أخذ ورد -طوال ساعتين- علم
«حازم» أن الكلام مع صديقه لا يجدي.. فما كان منه إلا أن أخذ نفسه وانصرف دون
عودة.
مجلس الخوف
شعر: عبد المنعم
محمد الهاشمي
لقد رفض الأفغان
أية خدعة *** تحيد بهم عن دين رب البرية
فليسوا كمن قد
فاوضوا العادي الذي *** على أرضهم يمشي بعسكره العتي
مفاوضة المحتل
قبل جلائه *** عن البلد المحتل دأب الأذلة
على أي شيء
فاوضوا؟ أعلى الذي *** عليه الجلا عنه بلا أي كلمة؟!
وما حكم الأفغان
عصبة مجلس *** يضلون من ضلوا بترك الحكومة«١»
ألا وهي الحرب
العوان مقامة *** بإيمانهم بالله رب الخليقة
فما فكروا في
مجلس الخوف كالألى *** أتوه فزادوا من ضياع القضية«۲»
وقيل لهم في
الصحف: قمتم بغزوة *** وفتح يضاهي فتح قسطنطينية
وعادوا إلى
مستقبليهم بنفخة *** لضجة إعلام وأقواس خيبة!«۳»
وأجر الذي قاموا
به من «بطولة» *** مزيد إلى أهوائهم وسوسرة
ولكنما الأفغان
في عالم العلى *** وليسوا كأقوام بقاع بهوة
فلم يعرفوا غير
الإله نصيرهم *** ونعم النصير الله رب البرية
يعينهم الله
العلي وإن أبى *** إعانتهم من قد رضوا بالدنية
«۱» «حكم» بتشديد الكاف.
«۲» «مجلس الخوف»: مجلس الأمن المزعوم.
«۳» «أقواس خيبة»: أقواس النصر المزعوم.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل