العنوان دور المراكز الثقافية الإسلامية في النهوض بالجاليات المسلمة في الغرب
الكاتب صلاح الدين الجعفراوي
تاريخ النشر الثلاثاء 20-يوليو-1993
مشاهدات 741
نشر في العدد 1058
نشر في الصفحة 39

الثلاثاء 20-يوليو-1993
قبل أن نتطرق لدور المراكز الإسلامية في النهوض بمستوى الجالية المسلمة علينا أن نتعرف على طبيعة الجاليات الإسلامية والظروف المحيطة بها، ونأخذ الجالية الإسلامية في جمهورية ألمانيا الاتحادية كنموذج للجاليات الإسلامية في أوروبا الغربية، مع الأخذ في الاعتبار أن الجاليات الإسلامية في أوروبا الشرقية تختلف كلية عنها في أوروبا الغربية من حيث الطبيعة والوضع الاجتماعي والمستوى الثقافي.
الجالية المسلمة في ألمانيا تزيد على الاثنين مليون، ولا توجد إحصاءات دقيقة لتركيبتها، ولكن أكثر من ٧٠٪ من العمال الأتراك، ويأتي بعد ذلك الجنسيات الأخرى من العرب وشعوب البلقان. كما أن عدد المسلمين حاملي الجنسية الألمانية حسب الإحصاء الأخير أكثر من ۱۷۰۰۰ بقليل، والألمان منهم لا يزيد عن الأربعين ألف ما يقارب الـ ٨٠٪ منهم من النساء.
ونظرا لأن نسبة كبيرة من الجالية تتمتع بثقافة متواضعة مما يؤثر تأثيرًا سلبيًّا على أسلوب التربية لأبناء الجالية؛ مما يعصف بالعديد من أبناء الجيل الثاني، فينحرفون ويسقطون في مستنقع الضياع، فعلى سبيل المثال نجد في أحد سجون مدينة فرانكفورت أكثر من ثلاثمائة من أبناء المسلمين، أي بنسبة 50% من إجمالي المساجين قد سقطوا ضحايا للأسلوب الفاشل للتربية، وانحرفوا مع أصدقائهم من غير المسلمين في قضايا المخدرات والسرقة والنصب وخلافه؛ مما يشكل عبئًا كبيرًا على العاملين في الحقل الإسلامي؛ بل وعلى المجتمعات الأوربية.. بدلًا من أن يكونوا مشعلًا مضيئًا ومساعدًا في تصحيح مسار الآخرين.
من خلال هذه الصورة أرى أن دور المراكز الإسلامية يتركز في الآتي:
- توجيه أولياء الأمور توجيهًا صحيحًا يمكنهم من استيعاب أبنائهم. فبدلًا من أين يقوم الأب بطرد ابنه عندما يأتي متأخرًا إلى المنزل، فيزج به إلى المجهول عليه أن يستوعبه ويوجد له الصحبة الصالحة.
- استيعاب أبناء المسلمين استيعابًا كاملًا، فلا يقتصر دور المراكز الإسلامية على أداء الصلوات وإلقاء بعض المحاضرات فقط؛ بل يجب إنشاء النوادي الرياضية وبعض المراكز العلمية لتأهيل الشباب وتعليمهم بعض العلوم المفيدة، ولتحقيق هذين الهدفين نرى أن يكون عبر الوسائل التالية:
- إقامة بعض الدورات المركزة في وسائل التربية.
- الاهتمام بالرحلات واحتفالات الأعياد ودعوة الأسر المسلمة للمشاركة، لتعيش في جو إسلامي، يتعرف فيه أبناء المسلمين على بعضهم البعض.
رغم الإمكانات المادية والبشرية المحدودة للمراكز الإسلامية نجد أن هذه المراكز استطاعت أن تقدم الكثير لا الحصر مثل:
- إنشاء بعض دور الحضانة.
- إنشاء بعض المدارس للمرحلة الأساسية كمدرسة ميونخ التابعة للمركز الإسلامي في ميونغ، ومدرسة برلين التابعة للاتحاد الإسلامي في برلين.
- إنشاء مئات المدارس القرآنية والتي يتعلم فيها الآلاف من أبناء المسلمين اللغة العربية والدين الإسلامي في معظم المراكز الإسلامية أثناء عطلة نهاية الأسبوع.
- إقامة ألمؤتمرات والدروس الأسبوعية والشهرية.
- طباعة الكتب والنشرات التعريفية بالإسلام.
- تشجيع بعض المؤسسات الاقتصادية للنهوض بالمستوى الاقتصادي للمسلمين وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
عقبات في الطريق:
عندما نشاهد أن المراكز الإسلامية لا تقوم بالدور لمطلوب، ونشاهد القصور في أدائها؛ فإن ذلك نتيجة للعقبات والمعوقات الكبيرة التي تواجهها، ومنها:
- عدم الاعتراف بالدين الإسلامي في ألمانيا؛ مما يجعل الكثير من المعاملات العامة والأحوال الشخصية غير معترف بها.
- الخلقية السلبية عن الإسلام في عقلية المجتمع الألماني؛ نتيجة الإعلام الغير منصف؛ مما يزيد العبء على المراكز الإسلامية، فلابد من إجراء الحوار ولقاءات التعريف وتزويد المكتبات العامة بالكتب الموثوقة باللغات المختلفة.
- تزايد النزعة العنصرية؛ مما يجعل المسلمين في وضع نفسي حرج، ونجد للأسف أن بعض الآباء يزيد من هذا الحرج لدى أبنائه.
- ضعف الإمكانات المادية مما يجعل المراكز لا تستطيع إكمال المشاريع وتحقيق الطموحات «مثال– إلغاء المرحلة المتوسطة في مدرسة ميونخ بعد اكتمالها).
- ندرة الطاقات البشرية المؤهلة لإدارة المراكز الإسلامية.
- تشتت المسلمين كل حسب جنسيته الأصلية؛ فضلًا على نقل بعض الخلافات بين الجماعات والأحزاب المختلفة من الشرق إلى ساحة أوروبا.
- الأعباء الملقاة على عاتق المراكز الإسلامية؛ نتيجة الكوارث والصراعات في المناطق الإسلامية؛ مما يجعل المراكز تسخر الكثير من جهودها للمساعدة في دفع الكوارث والمصائب، كما في البوسنة والهرسك وبورما وفلسطين.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

