العنوان صحتك و... الصوم
الكاتب د. سالم نجم
تاريخ النشر الثلاثاء 03-نوفمبر-1970
مشاهدات 23
نشر في العدد 34
نشر في الصفحة 22
الثلاثاء 03-نوفمبر-1970
سؤال وجواب…
صحتك و... الصوم
بقلم الدكتور سالم نجم
يهل علينا كل عام شهر الصيام المبارك ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ﴾ (سورة البقرة: 185). ومع إشراقته وبشائره يأتي سيل من الأسئلة المتعلقة بالصيام ليس فقط من الوجهة الفقهية ولكن من الوجهة الصحية، وجهة نظر المرضى والمقعدين. ورب سائل يسأل:
متى يجب على المسلم أن يفطر ومتى يجوز له الإفطار؟
أولًا: متى يجب الإفطار؟
أما وجوب إفطار المسلم في رمضان فهو أمر خطير عظيم الشأن ولا يجب أن يقرره الشخص بنفسه في حالة توقع المرض أو حدوثه، ولكن يترك أمر تقرير وجوب الإفطار -في حالات المرض- إلى الطبيب المسلم المؤمن الحاذق بل إن الأمر ليحتاج إلى أكثر من طبيب من هذا النوع للتقرير بوجوب الإفطار.
فإذا ما حاولت الآن أن أحدد الحالات المرضية التي يجب فيها على المريض المسلم أن يفطر فإن ذلك لا يعتبر قاعدة عامة ولا فتوى طبية يطبقها من يشاء من المرضى على أنفسهم أو على ذويهم إذ أن لكل مريض بذاته ظروفه الصحية الخاصة به ولا تنطبق على غيره. أي إن كل مريض يقوم ویوزن بمیزان خاص ولا يجوز التعميم على من سواه. وانطلاقًا من هذا المفهوم فإني أسوق بعض الأمثلة التي يجب فيها الإفطار وأقول:
(أ) الحميات:
بأنواعها وذلك لاحتياج المريض إلى تعاطي كمية من السوائل طوال اليوم ليعوضه عما يفقده من الإفرازات أو في التمثيل الغذائي.
(ب) الحالات الحادة لقرحة المعدة والاثني عشر:
لحاجة القرحة إلى الالتئام باستعمال الأدوية وتنظيم الطعام على فترات متقاربة خلال النهار والليل.
(ج) الحالات الحادة لداء البول السكري أو انخفاض السكر في الدم:
حيث إن المرضى بهذا الداء يحتاجون إلى نظام طعامي معين مع حاجتهم إلى الدقة الزمنية في تعاطي العقاقير ليتمكن الطبيب المعالج من ضبط نسبة السكريات والدهنيات في دم المريض ولذا وجب عليه أن يطيع طبيبه وأن يفطر مدة العلاج اللازمة.
(د) في حالات القيء والإسهال الشديدين:
إن ما قيل عن حالات الحميات في الفقرة (أ) يمكن أن يطبق هنا وذلك لتعويض الكمية المفقودة من السوائل والأملاح التي يفقدها المريض في جميع الحالات المرضية التي تتميز بالقيء والإسهال دون النظر إلى المرض المسبب لهذه الأعراض.
تلك بعض الحالات المرضية التي يجب على المريض أن يفطر فيها بتوجيه من طبيبه المعالج.
والجدير بالذكر أن جميع الأمثلة المرضية السابقة يحتاج المريض بها إلى دخول المستشفى ليكون تحت الإشراف الطبي المباشر.
ثانيًا: متى يجوز الإفطار:
يجوز للمسلم أن يفطر أيامًا أو يفطر الشهر كله إذا ما رأى طبيبه المختص أن في ذلك مصلحة صحية أو اتقاء لدفع ضرر قد يلحق بالشخص إذا ما استمر في صيام شهر رمضان وقد يجتهد الشخص بنفسه حينما تقع حالته تحت القائمة التي أباح الشرع فيها إفطار رمضان والتي حددها كتاب الله وشرحتها سنة رسوله الكريم:
مثال ذلك: المسافر والشيخ الطاعن في السن والحامل والمرضع أما حالات المرض التي يجوز فيها الإفطار وبناء على نصيحة الطبيب المسلم المؤمن. فهي كثيرة أذكر منها:
١- الكثير من حالات أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وداء البول السكري.
۲- بعض الحالات العصبية والنفسية.
٣- الكثير من أمراض الجهاز الهضمي: مثل تشمع الكبد والتهاباته المختلفة وقرحة المعدة والاثني عشر المزمنة، التهابات الأمعاء والدوسنتاريا المستوطنة.
٤- الكثير من الأمراض السرطانية وأمراض الغدد الصماء وأمراض الدم. ويجب أن تقرر هنا أن إباحة الإفطار منوطة ومتوقفة على ما يحقق من مصلحة صحية أو من دفع ضرر.
كما أن الإفطار لهذه الأسباب وإن كانت جائزة فهي واجبة القضاء بفدية أو بدون فدية ومن الأمور اللطيفة أن يستفتى المرء فيها نفسه قبل أن يستند على رأي الطب في إباحة الإفطار أو عدمه وجميل هنا أن نذكر قول المولى تبارك وتعالى في نهاية آية الإباحة: ﴿وَأَن تَصُومُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ (سورة البقرة: 184).
وكذلك بررنا العديد من الأسئلة التقليدية التي يطرحها المسلمون مع حلول شهر رمضان المبارك وخاصة ما يتعلق منها بالطعام من حيث الكم والكيف ووقت تعاطيه؟
وكيف يتجنب الصائمون عسر الهضم الذي كثيرًا ما يحدث في رمضان؟ والإجابة على هذه الأسئلة تتكرر تمامًا بالمعنى إن لم يكن باللفظ مع تكرار تلك الأسئلة... لذا فإني ألخص الإجابة على تلك الاستفسارات في نقطتين:
الأولى: الاعتدال في الطعام والشراب وتجنب الإسراف.
والثانية: في اتباع سنة نبينا صلى الله عليه وسلم في مطعمه ومشربه خلال شهر رمضان.
١- تجنب الإسراف في الطعام والشراب:-
من العادات الشائعة بين الناس أن يستقبلوا شهر رمضان المبارك بأكلات تقليدية دسمة ثقيلة على المعدة وعلى الجيب على حد سواء.
فالمكسرات بأنواعها وأشكال الحلوى المتنوعة من كنافة وقطايف لا تتم بهجة رمضان إلا بهما، ولا يكاد يخلو بيت من بيوت الصائمين من هذه الأطعمة، والصائم خلال النهار تنتابه موجة جوع جشع غريبة وتطلب نفسه أصنافًا متعددة ولا يقنع ببعضها والأغرب من ذلك أنه ما إن يؤذن لصلاة المغرب ويبدأ الإفطار لا يلبث أن يكتفي بملء معدته دون أن يأتي على الألوان الممتدة على مائدته غير أن الجشع يتجدد يومًا بعد يوم طيلة أيام الشهر الكريم.
يحدث ذلك في وجبة الإفطار وفي وجبة السحور وفيما بينهما، والطريقة المثلى لطعام الصائم أن يختار نوعًا من الحساء مع الخضر وبعض اللحوم المطبوخة طبخًا بسيطًا غير معقد في وجبة الإفطار ومن الأفضل أن يقوم الصائم عن الطعام وهو له راغب «أي بنصف أو بثلثي المعدة» خير له من أن يحمل عنه وهو له كاره وربما إلى الطبيب أو إلى قسم الحوادث في المستشفى القريب من منزله.
أما طعام السحور فيجب أن يتكون من الخبز ومركبات الألبان والأطعمة الخفيفة مع الفاكهة والخضروات وكذلك يفضل ألا يملأ معدته ويتخم أمعاءه.
٢- اتباع نهج رسولنا الكريم:
ورد عنه صلى الله عليه وسلم أن غذاءه في رمضان يرتكز على الأصول التالية:
ا- التعجيل في الإفطار وتأخير وجبة السحور.
٢- أن يفطر على تمر أو ماء ثم يؤدي صلاة المغرب ويتبع ذلك بوجبة الإفطار وبعدها يقوم بصلاة العشاء والتراويح وقيام الليل.
٣- أن يتبع وجبة السحور بصلاة الصبح.
٤- ثبت عنه صلى الله عليه وسلم الاقتصاد في الطعام والشراب وأنه ما ملأ معدته قط، والحديث الشريف: ما ملأ ابن آدم وعاء شرًا من بطنه.. إلخ. خير شاهد على ما نقول...
وعلى ذلك فالاعتدال في أنفسنا من أجل حكم فان ومن أجل الطعام والشراب والبعد عن التعقيد في وسائل الطهي والاختصار على أنواع قليلة من المأكولات مع اتباع سنة الرسول عليه الصلاة والسلام في مأكله ومشربه وصيامه وقيامه لهو خير ضمان لصيام صحي يقي المسلم اضطرابًا في معدته أو عسرًا في هضمه. والله من وراء القصد.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل