; كاتب غربي يندد بتعامل الحكومة المصرية مع التيار الإسلامي | مجلة المجتمع

العنوان كاتب غربي يندد بتعامل الحكومة المصرية مع التيار الإسلامي

الكاتب فهد العوضي

تاريخ النشر الثلاثاء 03-أغسطس-1993

مشاهدات 21

نشر في العدد 1060

نشر في الصفحة 43

الثلاثاء 03-أغسطس-1993

  • توثيق عمليات تعذيب رهيبة للإسلاميين في لاظوغلي تم فيها نزع ملابس المتهمين وتعليقهم من رسغهم في الأبواب والنوافذ وصعقهم بالكهرباء في أماكن حساسة

ستظل قضية المواجهة بين الحكومة المصرية وفصائل من التيار الإسلامي تثير الجدل، وتفتح بابًا واسعًا لآراء ووجهات نظر متباينة، ففي الوقت الذي ترى فيه القوى المعادية للإسلاميين أن الضرب بيد من حديد خير وسيلة للتعامل مع الإسلاميين في الوقت الراهن، يرى أن العنف في المعالجة لن يؤدي إلا إلى عنف مضاعف، كما أنه فضلًا عن ذلك انحطاط واضح نحو قاع انتهاك حقوق الإنسان. من المنطلق الثاني كتب جيمس نابولي مقاله الذي جاء بعنوان «حملة الحكومة المصرية على الإسلاميين تزداد حرارة»، وذلك في العدد الأخير من مجلة «واشنطن ريبورت» الخاصة بشئون الشرق الأوسط، وفيما يلي ترجمة نص المقال: 

طبقًا للمقولة المعروفة «الهجوم خير وسيلة للدفاع»، توجه وزير خارجية مصر عمرو موسى لحضور مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان للتعبير عن قلق بلاده الشديد إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في كل من فلسطين والبوسنة، أما حقوق الإنسان في مصر، فإن الحكومة تنظر إليها على أنها رفاهية ليس في مقدورها تحمل نفقاتها! فتقارير الاعتقالات العشوائية، والاحتجاز لفترة طويلة في سجون وأقسام مصر، آخذة في الازدياد.

ومؤخرًا أصدرت منظمة العفو الدولية من مقرها في لندن، تقريرًا مفصلًا يوثق تلك الانتهاكات، وعلى الرغم من أن عمرو موسى كان يعد ورقة عمل يطلب فيها تطبيق نظام موحد لحقوق الإنسان على جميع دول العالم، فإن وزارة الخارجية المصرية كانت تناقض الطلب، وتقول بالمقابل إن نظام حقوق الإنسان يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للدولة، ففي رسالة بعثت بها نائلة جبر - مديرة قسم حقوق الإنسان في وزارة الخارجية - إلى منظمة العفو ردا على تقريرها الأخير، قالت: «إن تقرير المنظمة ما هو إلا جمع من الحالات الاستثنائية ولا يعكس ظاهرة عامة»، وأضافت: «لا يستطيع أحد إنكار تأثير الجماعات الدينية المتطرفة على النظام القضائي، وبخاصة في الشرق الأوسط». فمصر لا تزال تطبق ما يعرف بقانون الطوارئ، فضلًا عن إصدار عدة قوانين عنيفة بحجة القضاء على الإرهاب.

من جانب آخر قال بروفيسور مصري: «إن الأمر يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وإن الحكومة تشعر بالخوف وفقدان الأمن، وبالتأكيد هناك انتهاكات لحقوق الإنسان، ولكن التعامل مع الحركة الإسلامية بحاجة إلى صبر واعتدال، إلا أن الحكومة تريد حلولًا سريعة، ولذلك فهناك اعتقالات جماعية وتعذيب».

إن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، تعد نوعًا من الأمور الاعتيادية، وقد كانت على نطاق واسع في عهد كل من الرئيس جمال عبد الناصر وأنور السادات. ففي مقابلة مع مجلة «الواشنطن ريبورت» ذكر الصحافي المعروف «مصطفى أمين» أن التعذيب الذي لاقاه أثناء اعتقاله في عهد عبد الناصر، وذكر أن الرئيس كان يحضر بنفسه إلى السجن لمعاينة تعذيبه وأن جلادي أمين كانوا يجتهدون في تعذيبه إذا ما علموا أن الرئيس يجلس في الغرفة المجاورة للزنزانة.

كما استهدف عبد الناصر جماعة «الإخوان المسلمون» أيضًا لإحساسه بكونهم مصدر تهديد لزعامته وذلك بعد أن تغلغلوا في كافة قطاعات المجتمع، فما كان منه إلا أن اعتقل أهم زعماء الجماعة وأمر بتعذيبهم. وفي عهد السادات استعاد الإسلاميون بعض قوتهم، وذلك بعد أن وجد الرئيس فيهم عاملًا مهمًا لإرساء سلطته، إلا أنه وبالرغم من انخفاض حالات التعذيب وسوء المعاملة فإن حملة اعتقالات سياسية قد تمت على نطاق واسع في وقته.

إن التقارير المتوالية في السنوات الأخيرة، تعد عامل تأكيد على وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان الآخذة في الازدياد، وذلك على الرغم من أن مصر تعتبر من أولى الدول الموقعة على معاهدة الأمم المتحدة لحظر استخدام وسائل التعذيب وسوء المعاملة، وفيما يلي أهم ما ورد في تقارير العفو الدولية.

تحت عنوان «عشر سنوات من التعذيب» أصدرت منظمة العفو تقريرها في أكتوبر 1991م كملخص لنهاية العقد الأول من رئاسة الرئيس حسني مبارك بعد اغتيال السادات على أيدي جماعة دينية متطرفة في عرض عسكري.

وتم توثيق عمليات تعذيب رهيبة جرت للإسلاميين في مقر الاستخبارات في ميدان «لاظوغلي» وسط القاهرة، وفي مقرهم الواقع في الدقي ومواقع أخرى على امتداد شواطئ الإسكندرية حتى مدينة أسيوط، ولقد تم عصب أعين المعتقلين ونزع ملابسهم وتعليقهم من رسغهم وفي بعض الأحيان ربطهم في أمكنة صعبة كأعلى الباب أو إلى النوافذ، كما أن التقرير يذكر كذلك كيف أرغم الضحايا على الكذب وهم مستلقين على ظهورهم، وأيديهم وأرجلهم مكبلة مع بعضها البعض، وكيف أن ركبتهم أزيحنا عن بعضهما البعض لمنع الحركة عند صعق حلمة الأثداء أو الأعضاء التناسلية بالكهرباء، وحالات أخرى تكلم فيها الضحايا عن وقائع اغتصاب.

قامت منظمة مصرية ترعى حقوق الإنسان في ديسمبر 1991م بحملة شديدة طوال عام كامل لمنع التعذيب، واستمرت في عملها هذا رغم وجود قوى الشرطة والأمن، وعلى الرغم من عدم شرعيتها دستوريًا. في خلال السنتين الماضيتين أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ثلاثة تقارير عن التعذيب في مصر، و13 تقريرًا صغيرًا وطلبات عفو لقضايا محددة. وفي تقرير أصدرته المنظمة المصرية في يناير من العام الماضي ركزت فيه على الاغتصاب والتحرش الجنسي بالإضافة إلى الصدمات الكهربائية كوسائل للتعذيب غير أن الحكومة المصرية رفضت التقرير وغيره من التقارير على اعتبار أنه ملفق.

- وفي شهر يوليو من عام 1992م قام قسم «مراقبة الشرق الأوسط» من منظمة دولية تعرف باسم «مراقبة حقوق الإنسان» بإصدار تقرير عن التعذيب والاحتجاز في مصر بعنوان «خلف أبواب مغلقة» ويحمل التقرير في حد ذاته تفاصيل رهيبة، حيث يحوي على شهادات العديد من سكان المدن والقرى ممن يشتبه بصلة قرابة بينهم وبين المسلمين المتطرفين بين عامي 1983م و1984م فما يعكس حملة منظمة من الاعتداءات وليس مجرد حالات فردية. 

إن ظاهرة انتهاك حقوق الإنسان في مصر لا تختلف كثيرًا عن مثيلاتها من الدول العربية كالعراق وسوريا وليبيا ومع ذلك فهي أفضل حالًا بكثير من إسرائيل وما يجري في المناطق المحتلة، ولعل السبب في تعرض مصر أكثر من غيرها من الدول للانتقادات في مجال حقوق الإنسان يعود إلى سماحها بحرية عمل منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية على أرضها، إن ازدياد معدلات التفجيرات ضد مسؤولي الشرطة والأقباط والسياح وغيرهم يدفع الحكومة إلى اتخاذ تدابير مضادة قاسية، ففي خلال أسبوع من شهر مايو الماضي اعتقل ما يقرب من 700 شخص لاشتباههم في حوادث عنف متفرقة، إلا أن تلك الاعتقالات الجماعية وخاصة إذا ما تبعها سوء معاملة وتعذيب بدلًا من أن تحد من نشاط الإسلاميين، يمكنها أن تحدث ردة فعل عكسية، كما أنها تبين للناس العاديين وعائلاتهم وأصدقائهم أن الحكومة نفسها تتبع أساليب غير عادلة في التعامل معهم، فعلى الرغم من أن الثقة مفقودة عند المصريين العاديين في الشرطة وذلك في أحسن الأحوال، إلا أنها تعتبر حاليًا العدو الأول، إذ يقول الصحفي حسن رجب: «لم تعد الناس تشعر أن الشرطة تعمل على حمايتها، وإنما تشعر كما لو كانوا جنودًا محتلين..»، وفي أوائل يونيو صرح وزير الداخلية المصري حسن الألفي بأنه قد كشف عن مخطط لاغتيال مسؤولين كبار وشخصيات هامة، بالإضافة إلى تفجير ميادين معروفة وخطوط قطارات، وتم بناءً على ذلك اعتقال 30 شخصًا قيل إنهم متورطون في المخطط لضرب الاستقرار في مصر، وقد ربط وزير الداخلية هذا المخطط بمتطرفين مصريين يعيشون في الخارج ومنهم الشيخ عمر عبد الرحمن الذي ارتبط اسمه بقضية تفجير المركز التجاري الدولي في نيويورك، وهو ممن ينتقدون نظام الرئيس مبارك صراحة.

الرابط المختصر :