; المجتمع الأسري (1226) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع الأسري (1226)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 19-نوفمبر-1996

مشاهدات 723

نشر في العدد 1226

نشر في الصفحة 62

الثلاثاء 19-نوفمبر-1996

الداعية زينت الغزالي تتحدث عن: الحب في مرحلة المراهقة!

القاهرة: بدر محمد بدر 

الحب في مرحلة المراهقة موضوع مثير في حياة الشباب والفتيات.. هل هو جائز أم مرفوض ؟!.. هل هو حب حقيقي أم مشاعر مؤقتة كيف تراه الداعية زينب الغزالي؟ وماذا تقول للأبناء والبنات في تلك المرحلة من واقع خبرتها الطويلة في هذا الميدان وكيف ترى دور مسؤولية الأسرة وعلاقتها بالشاب والفتاة من خلال تجربتها الثرية في العمل الدعوي والاجتماعي؟ هذا ما طرحناه على الداعية الكبيرة فقالت:

أولًا: سن المراهقة هو تلك المرحلة التي تبدأ مع بلوغ الشاب أو الفتاة سن التكليف الشرعي وهي معروفة عند الشاب ببداية الاحتلام، وعند الفتاة بنزول دم الحيض الدورة الشهرية، وتمتد هذه المرحلة لبضع سنوات تحدث فيها تغييرات سريعة في جسم الشاب والفتاة، إيذانًا بانتهاء مرحلة الطفولة والصبا، وبدء مرحلة الشباب والفتوة، ومرحلة الأنوثة والنضج عند الفتاة ويصاحب هذا التغير في الجسم والملامح تغيرات أخرى في الجوانب النفسية والعاطفية تتشكل بعدها شخصية الشاب أو الفتاة في الحياة، وبالتالي فهي مرحلة صعبة، وأهم ملامحها سرعة القلق والاضطراب والتوتر النفسي والغضب وربما التمرد على أسلوب الحياة ورفع راية العصيان في بعض المواقف ضد قرارات الأب أو الأم، وربما صاحبها لون من الوان الخجل الشديد وحب العزلة وإحساس عام بفقد الثقة في النفس وذوبان الشخصية، وربما صاحبها الاندفاع الدائم في إبداء الآراء أو وجهات النظر، وبالتالي كثرة الأخطاء والمشاكل والمتاعب.. وتتميز هذه المرحلة أيضًا بحب التجربة وإلغاء صوت العقل بدرجة أو بأخرى، والانسياق وراء العاطفة، حتى لا يكاد الشاب أو الفتاة يرى إلا رأيه، ولا يقتنع إلا بوجهة نظره، ولا يصادق إلا من يؤيده، ويكره في تلك المرحلة النصح والتوجيه، وعلى المستوى الإيماني قد يندفع الشاب إلى التقرب من الله بكثرة الصوم وارتياد المساجد وقراءة القرآن، وسرعان ما تفتر همته وتضعف عزيمته، ويشعر وكأنه منافق وتضيع الثوابت من ذهنه، ويصبح في أشد الاحتياج إلى السكينة والاطمئنان النفسي والوجداني..

ميول فطرية للجنس الآخر:

وتصاحب هذه المرحلة – مرحلة المراهقة – ميول فطرية طبيعية للجنس الآخر الشاب يحلم بفتاته التي تخرجه من هذه الضغوط النفسية وهذه الصراعات المحيطة به، ويصنع معها عالمًا جديدًا خاليا من كل التعقيدات والمشكلات.. يحلم معها بالمثالية والصور الوردية والسعادة التي لا يخالطها حزن أو ألم أو كذب أو نفاق.. وتحلم الفتاة كذلك بالفارس الذي يخطفها إلى عالم السعادة والمرح والحنان والحب بعيدًا عن قيود الأسرة وتحكمات الأم والأب ومشكلات الواقع والعواطف هنا تكون في أوجها، لا عقل لها ولا حكمة ولا واقعية ويتناقل الشباب والفتيات قصص الحب والغرام والهيام، وهم لا يزالون في عمر الزهور طلابًا أو طالبات في المرحلة الثانوية وربما قبلها، وتسمع أن هذا عذبه السهاد، وذاك أرقه الضني، وتلك فقدت لذة الحياة بعد أن تركها الحبيب الخائن، وهذه تريد التخلص من حياتها.. وينتشر الحديث عن الحب الجنوني والعشق واللوعة والأسى!!.

ثم سرعان ما تخبو هذه العواطف المشبوبة وتضعف هذه المشاعر الملتهبة شيئًا فشيئًا. خصوصًا إذا بدأنا نلجأ إلى عقولنا مع قلوبنا، وفكر كل منا بصورة أكثر واقعية وسأل نفسه بصدق ما نهاية كل ذلك؟!.

هل الزواج وبناء أسرة واستكمال مشوار الحياة وهل هناك دلائل على ذلك، أم المعاناة وضياع الوقت والجهد؟ فإذا نجح الشاب أو الفتاة في التوصل إلى إجابة حقيقية واقعية، وساعد نفسه على تنفيذ ما توصل إليه، أمكنه تجاوز هذه المرحلة ونظر إلى حياته ومستقبله بصورة أكثر جدية وواقعية، وحدد لنفسه هدفًا يسعى من أجل تحقيقه والانشغال به ووضعه على سلم الأولويات...

وأقول لأبنائي وبناتي في هذه السن الحرجة إن الحب الحقيقي، هو ذلك الذي يبدأ بالقبول والارتياح عند الخطوبة، ويكبر وينمو ويتعمق بعد الزواج؛ إن هذا ليس حبًّا خياليًّا يسعى كل طرف فيه إلى تجميل صورته وتزويق كلامه، ولكنه حب العشرة والحياة الطبيعية والخوض في الحياة بحلوها ومرها ضمن قارب واحد، ولذلك فهو الحب الحقيقي والدائم والمتواصل، الذي لا يتأثر بموقف عارض أو بسلوك مؤقت في ظروف معينة.

ومن هنا يجب أن يعرف الشاب والفتاة حقيقة المرحلة التي يمر بها، ويحدد لنفسه هدفا يرتبط بغايته في الحياة ومستقبله، فيجتهد فيه ويعطيه كل طاقته حتى تمر هذه المرحلة بسلام، وبأقل قدر من المتاعب، ولا شك في أن الاعتصام بحبل الله والحرص على طاعته ورضاه واستعمال العقل فيما يفيد يؤدي إلى الاستقرار النفسي والوجداني.

وأقول أيضًا إن واجب الأم والأب هو رعاية الأبناء في مرحلة المراهقة، وبخاصة الأم مع ابنتها والأب مع ابنه والعلاقة هنا أساسها الحنان والحب والصداقة والقرب والتفاهم والإقناع.. إنها ليست أوامر تنفذ أو قرارات تطاع الأم تتخذ من ابنتها صديقة حنونة ناصحة لها، تكشف لها - من واقع خبرتها وتجربتها وقراءتها – ما يؤدي إلى الإقناع وتنفيذ الرأي السليم - ويختفي تماما مبدأ التعنيف والتأنيب ناهيك عن الإيذاء النفسي أو البدني، والأب كذلك يقترب من ابنه ويستمع إليه ويناقشه بهدوء وسعة صدر؛ إن واجب الأم ألا تفزع عندما تخبرها ابنتها بسر من أسرارها، ولكن عليها أن تتحلى بالحكمة وهي تناقشها وتنصحها، وكذلك واجب الأب، فالشاب أو الفتاة الذي ينشأ في جو طبيعي يسوده الحب والحنان والنقاش الهادئ والإقناع اقدر على مواجهة أي مشكلة والسير في الطريق المستقيم.. حفظ الله شبابنا من كل سوء.

حفظ الطفل للقرآن.. متى.. وكيف؟

يمتاز الطفل بقدرة فائقة على الحفظ والتذكر الصفاء ذهنه وسرعة نمو ذكائه، فالتعليم في وقت الطفولة يكون أسرع وأكثر رسوخًا، وهو أصل لما بعده، ويجب على الوالدين والمربين استغلال هذه الملكة في تعليم الأولاد وتثقيفهم.

وهم ما يجب أن يحرص عليه المربي في هذه الفترة هو تحفيظ الطفل القرآن الكريم أو بعضه، فإن فضله عظيم، ولا يقتصر هذا الفضل على المتعلم فحسب، بل إن الساعي عليه سواء كان الأب أم الأم له أجر كبير عند الله، فقد قال رسول الله ﷺ: «من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجا من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حلتين لا يقوم بهما الدنيا فيقولان بم كسينا هذا؟ فيقال بأخذ ولدكما القرآن» (أخرجه الحاكم) وقال ﷺ: «أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب أهل بيته، وقراءة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه» (أَخرَجَهُ الدَّيلَمِي).

السن المناسب لحفظ القرآن:

زمن الحفظ يكون من الخامسة حتى الخامسة عشرة أو الثالثة عشرة قبل البلوغ، لأن هذه الفترة من أكثر الفترات صفاء للذهن، وبعد البلوغ تبدأ المشكلات في حياة الولد والبنت ويتشتت الهم بالتفكير في المستقبل والحياة.

ويرى بعض السلف أن الحفظ يمكن أن يكون من الثالثة ويمكن للمربي أن يبدأ تحفيظ الطفل متى وجد منه إقبالًا ونجابة وفهم في أي وقت مهما كان صغيرًا.

وقد نصح ابن سينا في كتاب السياسة بالبدء بتعليم الطفل القرآن الكريم بمجرد استعداده جسميًّا وعقليًّا لهذا التعليم ليرضع اللغة الأصلية، وحتى تترسخ في نفسه معالم الإيمان وفي أول الأمر يجب ألا تكثر على الطفل في الحفظ، بل نلين معه، ونبدأ بالسور السهلة القصيرة، ونشجعه على حفظها ليكون ذلك مدعاة للاستمرار، وحثًا له على الحفظ، ولا نغفل عن مكافأته والثناء عليه من وقت لآخر، فإن لهذا الثناء والمكافآت التشجيعية دورًا هامًا في رفع المعنويات وإعطاء الطفل الثقة في نفسه.

وحتى يستطيع الولد حفظ القرآن بيسر وسهولة، فلا بد أن نوفر له الجو الهادئ المستقر في المنزل، فلا يمكن أن يكون ذهن الطفل صافيًا للحفظ في ظل أسرة يسودها الخلاف والمشاحنات، فيجب تجنيب الطفل كل الانفعالات العصبية ومحاولة توفير الجو الهادئ حتى يستطيع أن يحفظ ويتعلم.

نهاد الكيلاني

لمسات في التربية من جدي الشيخ علي الطنطاوي (۱۳):

أساليب مختلفة للإقناع:

أشرت من قبل – في إحدى اللمسات السابقة – إلى أن جدي قد استأجر ذات صيف دارا في إحدى ضواحي عمان كانت ملتقى لكل عائلته بناته وأزواجهن وأولادهن وبناتهن خلال تلك الإجازة الصيفية، تلك كانت الإجازة الأولى التي تجتمع فيها عائلة جدي كلها في بيت واحد، فقد كنا اعتدنا – قبل ذلك – أن تلتقيه كل صيف في دمشق، نحن في بيتنا وهو في بيته نزوره كل يوم أو يزورنا، لكن لقاء هذا العام كان في بيت واحد يضم الجميع، فكانت سعادة الشيخ علي الطنطاوي وبهجة لنا أن ننعم بقرب جدنا وخالاتنا، ولم نكن نشكو إلا من كثرة الأعمال المنزلية التي توكل إلينا على مدار اليوم فترهقنا وتتعبنا وتفسد علينا شعورنا بمتعة العطلة وحلاوة الكسل.. تفاجئنا ونحن غارقون في قراءة كتاب أو مجلة فتذهب بتسلسل أفكارنا، أو تنادى إليها ونحن نلهو في الحقول المجاورة فتنزعج لانقطاع الألعاب التي نقوم بها، هذا بالإضافة -أصلًا- إلى كرهنا التام لهذه الأعمال.

وكثرت شكوانا وطال تذمرنا.. فأرسل جدي بطلب واحد منا وكلفه أن يطوف في أرجاء المنزل مناديا في طلبنا داعيًا إيانا إلى اجتماع خاص في غرفته لا يجوز لأحد غير الأحفاد أن يحضره.. أثار هذا النداء فضولنا، ترى ماذا يريد منا جدي؟ كما أثار حماسنا، فما هذا الأمر الذي سنستأثر به دون الكبار؟ فاندفعنا نحو غرفته مسرورين شاعرين بأهميتنا، وقد تهيأنا لسماع وتقبل كل ما سيقال لنا، أغلقنا الباب وجلسنا، فقال بهدوء لقد جمعتكم بناء على شكواكم وتذمركم من الأعمال المنزلية، فتعالوا نناقش سوية هذا الموضوع بعقل ومنطق:

إنكم أولًا تقضون النهار كله باللعب والركض في الحقول فلا تشعرون بالتعب، ثم ترهقكم بعض الأعمال المنزلية التي لا تكاد تستغرق ساعة أو ساعتين أهذا معقول.

ثم وضح لنا – ثانيًا – أن العمل – مهما كان نوعه – يبقى نوعًا من أنواع الرياضة، وهذه الرياضة مفيدة من وجهين فهي تحرك عضلات الجسم، وتخفف العبء عن أمهاتنا، فتنال رضاهن ويرضى عنا الله بمساعدتنا لهن.

ثالثًا: هل من اللائق أن نساهم في الإفساد ثم لا نساهم في الإصلاح؟ فما دمنا نأكل ونشرب وننام وتلعب فمن نتوقع أن يعد طعامنا وينظف أطباقنا ويرتب أسرتنا ويكوي ملابسنا، وماذا سيصبح حال الدار لو تقاعس الكل عن العمل إذن لابد أن يكون لنا في كل ذلك نصيب، ومن الظلم أن تقوم أمهاتنا بكل هذه الأعباء دون مساعدتنا.

رابعا: إن أمهاتنا – مثلنا – يستثقلن هذه الأعمال ولا يستمتعن بالقيام بها، لكنهن يدركن أنه الواجب الذي ينبغي القيام به، والعاقل لا يفر من واجبه، وتلك هي طبيعة الحياة، فعاد من أقبلن على العمل مضحيات براحتهن فعلينا – نحن أيضًا – أن نساهم في هذا الواجب.

وأخيرا فإن العمل جزء من الحياة ذاتها، ونحن قد اعتدناه وقبلناه برضى طيلة أيام المدرسة المزدحمة بكثير من الواجبات والامتحانات على ما كان يشدنا وقتها إلى اللعب والراحة تنفيسا عن جد الدراسة وثقل واجباتها فكيف يصعب علينا العمل الآن ونحن حل من كل مسؤولية وبإمكاننا المساعدة في أي وقت؟. أتدرون ماذا كانت نتيجة ذلك المؤتمر.

لقد خرجنا من غرفة جدي بغير النفسية التي دخلنا بها، كنا كارهين للعمل فصرنا به راضين وكنا مستثقلينه فصرنا له متقبلين، وكان مفتاح هذا الحل الأسلوب السحري الذي استخدمه – جدي حيث أشعرنا بأهميتنا وخاطبنا بخطاب الكبار) وكل صغير لا يزال يتمنى أن يكون كبيرًا ويعامل معاملة الكبار، وحملنا على الاقتناع بما تكلف بأدائه بدلًا من إكراهنا عليه والاقتناع بالعمل يجعل الصعب سهلًا والعسير يسيرًا.

بقيت مشكلة واحدة كيف نقسم أعمال البيت – وهي كثيرة متنوعة – بيننا؟ تلك هي المشكلة التي عالجها جدي بأسلوبه المتميز كما سنرى في الحلقة القادمة.

عابدة فضيل العظم

الرابط المختصر :