; ترشيح مبارك لفترة ثالثة بين التأييد والمعارضة | مجلة المجتمع

العنوان ترشيح مبارك لفترة ثالثة بين التأييد والمعارضة

الكاتب بدر محمد بدر

تاريخ النشر الثلاثاء 20-يوليو-1993

مشاهدات 720

نشر في العدد 1058

نشر في الصفحة 28

الثلاثاء 20-يوليو-1993

الرئيس أعلن في عام 84 أنه سوف يكتفي بفترتـيه فقط فما هو الجديد ؟!

حركة الإخوان تعلن معارضتها لأن الأوضاع أصبحت سيئة.

أعلن الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري في مؤتمر صحفي عقده في الأسبوع الماضي أن ٤٤١ نائبًا في المجلس قد تقدموا بطلب إعادة ترشيح الرئيس مبارك رئيسًا لمصر لفترة رئاسة ثالثة «6 سنوات» تبدأ في الثالث عشر من أكتوبر القادم، وأن عشرة نواب فقط هم الذين رفضوا التوقيع على طلب إعادة الترشيح وهم خمسة من حزب التجمع «وهو الحزب المعارض الوحيد في المجلس» وخمسة من المستقلين.. وبهذه النسبة حوالي «۹۸%» يكون قد تم التصديق الفعلي على طلب ترشيح واختيار الرئيس مبارك لفترة ثالثة تنتهي عام ١٩٩٩ حيث ينص الدستور المصري على أن يحصل المرشح على موافقة ثلث أعضاء البرلمان على عرضه على المجلس وعلى أغلبية الثلثين عند التصويت، ثم يجري بعد ذلك استفتاء عام لإقرار الموافقة على الرئيس.

وثمة ملاحظة أساسية أعلنتها القوى السياسية والشعبية المعارضة وهي أن مجلس الشعب الحالي الذي تم اختياره في نوفمبر عام ١٩٩٠. 

لا يمثل الأمة تمثيلًا حقيقيًا وأن عددًا كبيرًا من أعضائه مطعون في صحة عضويتهم، وهناك أحكام كثيرة صدرت عن محكمة النقض تنفي صحة العضوية عن العشرات من النواب الحاليين وأن تنفيذ هذه الأحكام النهائية قوبل من السلطة بالرفض والتعنت باعتبار أن المجلس سید قراره، وهي العبارة التي أصبحت بعد ذلك مدعاة للسخرية والفكاهة بالإضافة أن المعارضة الرسمية ممثلة في أحزاب الوفد والعمل والأحرار، والمعارضة الشعبية ممثلة في حركة الإخوان المسلمين رفضت دخول الانتخابات احتجاجًا على استمرار حالة الطوارئ، وعدم تغییر قانون الانتخابات بما يضمن حدًا أدنى للنزاهة بينما وافق حزب التجمع وحده -خلافًا لإجماع المعارضة- على خوض الانتخابات واحتضنته الحكومة، وساعدت ستة من أعضائه على الفوز بمقاعد المجلس ليكون هناك -معارضة حزبية تحت القبة- بينما كانت مقاعد المعارضة في المجلس النيابي السابق - مجلس ۸۷ - ۱۹۹۰ - حوالي ٩٥ مقعدًا.

 فأصبحت ستة فقط في هذا المجلس ولم يكد يمر وقت يذكر حتى تفجرت فضيحة نواب أطلقت عليهم الصحافة نواب الكيف، الذين يتاجرون في المخدرات مما دفع بعضهم إلى الاستقالة، وقرر المجلس إسقاط عضوية وتجميد البعض الآخر وتم إسقاط عضوية نائب آخر ثبت أنه لا يحسن القراءة أو الكتابة.

موقف غير معبر:

تخلص المعارضة من هذه النقطة إلى القول بأن مبايعة مجلس الشعب للرئيس مبارك لا تعبر تعبيرًا حقيقيًا عن آراء واتجاهات الشارع المصري الذي يعاني من مشاكل كثيرة وخطيرة، وأنه لا ينبغي النظر بعين الاحترام لموقف المجلس في هذه القضية أو في قضايا أخرى، وأن التعرف على رأي الأمة ينبغي أن يأخذ شكلًا آخر تستند المعارضة أيضًا إلى رأي الرئيس مبارك نفسه، والذي نشرته الصحف الرسمية في حينه. من أنه يرفض أن يكون رئيسًا مدى الحياة، ونص كلماته أمام نواب مجلس الشعب والشورى في اجتماعه بهم والذي نقلته صحيفة الأخبار يوم ١٩٨٤/١/٢٠ أي بعد عامين ونصف العام فقط من توليه رئاسة الدولة، قال مبارك: إنني أعتقد أن رئاسة الدولة موقوتة لا مؤيدة محددة لا دائمة، وبذلك يستطيع القائد أن يؤدي دوره ويسهم في تطوير بلاده، ثم يسلم الراية الى أجيال جديدة، تشترك في تحمل العبء ودفع ضريبة الكفاح من أجل رفعة الوطن.. ولا أخفي عليكم أنني أؤمن بأن رئاسة أي منا للدولة يجب ألا تتجاوز مدتين متتاليتين، ويسعدني أن أكون أول من ينطبق عليه هذا الحكم من رؤساء مصر، انتهى كلام الرئيس مبارك، والذي وضعته الأخبار في حينه عنوانًا رئيسيًا لها وعندما حضر الرئيس المؤتمر العام للحزب الوطني الذي عقد في يوليو من العام الماضي، قدم له المؤتمر وثيقة مبايعة بالدم لفترة رئاسة ثالثة فعلق الرئيس على ذلك بقوله إنه مازال هناك وقت وساعتها سوف أعلن رأيي.

مبايعة:

وبالرغم من ذلك لم يعد هناك شك في أن الرئيس مبارك سوف يحظى بمبايعة الجماهير بالنسبة المعروفة في الاستفتاءات، ولن تتمكن المعارضة من تحريكها إلى الخلف بعض الشيء، وبالطبع فإن الحكومة استطاعت –منذ فترة– تطويع بعض أحزاب المعارضة الرسمية واستمالتها إلى جانبها بعيدًا عن التيار الاسلامي، وبأسلوب الترهيب والترغيب حتى صارت المعارضة الآن شكلًا لا مضمونًا خصوصًا في الفترة الأخيرة، مما أفقدها القدرة على إقناع الجماهير بمواقفها وآرائها، وبالرغم من البيان القوي الذي رفعته القوى الوطنية والأحزاب السياسية المعارضة قبل عامين للرئيس مبارك وتحديدًا عقب اجتماعها في ۱۸ من يونيو ۱۹۹۱ والذي طالبوا فيه بالإصلاح الدستوري وتوسيع هامش الحرية والمشاركة الشعبية وضمان نزاهة الانتخابات واحترام أحكام القضاء وإلغاء حالة الطوارئ وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ووقع عليه ممثلو الأحزاب والقوى السياسية المؤثرة إلا أن صورة المعارضة الآن أصبحت باهتة جماهيريًا.

رأي الأحزاب المعارضة:

حزب الوفد الذي يرأسه فؤاد سراج الدين – ۸۹ عامًا – أعلن أنه لا بديل عن تعديل الدستور وإقرار انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه مباشرة من أفراد الشعب، وذلك بالإضافة إلى اتاحة الحرية الكاملة لتأسيس الأحزاب السياسية وإنشاء الصحف وضمان نزاهة الانتخابات ولغاء حالة الطوارئ المستمرة منذ ١٢ عامًا، ولكنه في موقفه المعلن لم يعارض الرئيس مباشرة حتى الآن نفس الموقف ينطبق على حزب الأحرار بينما أضاف حزب التجمع أن هناك خطوات إيجابية محددة اتخذها الحكم في مجالات محددة كالبناء وإنجاز بعض المشاريع الهامة إلا أنه لا يمكن إنكار أن مجمل سياسة الحكم قد أسفرت عن نتائج عانى منها الشعب ويعاني مزيدًا من الإفقار وانخفاض مستوى المعيشة وتفشي البطالة وتزايد الفوارق بين الطبقات وشيوع الفساد وأضاف البيان الذي صدر عن الأمانة العامة للتجمع ومن هنا تنشأ الصعوبة العملية والواقعية في أن يوافق التجمع على ترشيح الرئيس مبارك الدور رئاسة ثالثة ومع ذلك وتقديرًا للظروف التي يعيشها المجتمع المصري حاليًا والتي تتمثل بصفة خاصة في تصاعد الإرهاب والعنف المسلح من جماعات تتستر كذبًا بالدين «!» ولأن مواجهة هذا الإرهاب تكتسب أولوية خاصة فإن الأمانة العامة تأمل أن تنتصر إرادة التغيير الحقيقي وأن يتبنى الرئيس مبارك برنامجًا يتضمن إجراءات تفتح الباب أمام التطور الديمقراطي السلمي للمجتمع المصري.

رأي الإخوان:

أما جماعة الإخوان المسلمين فقد أصدرت بيانًا هذا الأسبوع أعلنت فيه أنها تعارض إعادة ترشيح الرئيس محمد حسني مبارك لرئاسة الجمهورية مدة ثالثة ذلك الترشيح الذي يدعو إليه مجلس مطعون في دستوريته لا يمثل الأمة تمثيلًا صحيحًا، وطالبت الجماعة بإصلاح كامل شامل يعيد للأمة استقرارها وتقدمها وكرامتها، وللمواطنين حرياتهم وأمنهم وعملت الجماعة موقفها بأن الناظر في حال الأمة الآن لا يجد –بكل أسف– أن شيئًا مما طالبنا به قد تحقق بل تراجعت جميع الأحوال إلى الأدنى تراجعًا كبيرًا وخطيرًا، فلم تتخذ أي إجراءات جديدة نحو استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء أو جعل مبادئها الأساسية محور نظام الدولة ومختلف سياساتها وتشريعاتها، بل انتكس الأمر في التشريع والبرامج التعليمية، وبشكل فاضح في وسائل الإعلام وتضاءل هامش الحرية تضاؤلًا كبيرًا وتردت حالة الأمن العام، وعم الخوف واختل التوازن الاقتصادي، فازدادت رقعة الفقراء. واستأثرت بالنفوذ والثروة قلة مستغلة، وأصبحت الغالبية العظمى من الشعب مجهدة، لا تكاد تجد الضروري من القوت واشتد النفوذ الاقتصادي والسياسي الأجنبي، وتفشت البطالة واستشرى الفساد.

مواقف المعارضة بشقيها الرسمي والشعبي هي من باب التسجيل، لأنها لا تتبنى مرشحًا آخر.

ولكنها تدرك أنه لا حيلة لها من الناحية الواقعية...

بقي أن نشير إلى مهرجان المبايعات اليومي المستمر والدائم، والذي بدأ منذ عام ثم توقف قليلًا، ثم عاد في الأشهر الأخيرة، وبالطبع ستزداد حدثه خلال الأسابيع القادمة، مع أنه لا حاجة للرئيس بذلك، فقد ضمن المقعد من الناحية الرسمية لمدة ست سنوات قادمة دون منازع، ويبقى بعد ذلك أن يعترف الجميع بأننا نقع ضمن الحزام السياسي الذي يؤمن بأبدية الحكم ويبدو أنه لا فكاك من ذلك قريبًا.

الرابط المختصر :