; ورثة بوتو.. والصراع على زعامة حزب الشعب الباكستاني | مجلة المجتمع

العنوان ورثة بوتو.. والصراع على زعامة حزب الشعب الباكستاني

الكاتب رأفت يحيى العزب

تاريخ النشر الثلاثاء 18-يناير-1994

مشاهدات 9

نشر في العدد 1084

نشر في الصفحة 38

الثلاثاء 18-يناير-1994

لم تبق سوى الرتوش الأخيرة للإعلان رسميًا عن انقسام حزب الشعب الباكستاني إلى جناح «نصرت بوتو -مرتضى» وجناح «بنازير بوتو -زردارى» هذا هو الشعور السائد في الأوساط الباكستانية هذه الأيام بعد تعمق الخلاف بين أفراد عائلة بوتو خاصة النساء منهم حول التركة السياسية التي خلفها من بعده. هذا الخلاف الذي بلغ ذروته يوم الخامس من يناير الحالي والذي وافق ذكرى ميلاد بوتو، عندما تبادل المئات من أنصار الجانبين إطلاق النار داخل مقبرة بوتو مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى.

بداية الخلاف ودواعيه

عندما قرر مرتضى بوتو شقيق بنازير العودة من منفاه بسوريا للمشاركة في الانتخابات الباكستانية الأخيرة تولت والدته نصرت إدارة حملته الانتخابية بنفسها بعد أن رشحته في ٢٤ دائرة بإقليم السند ودعت حزب الشعب الباكستاني لتفريغ هذه الدوائر مجتمعة لصالح مرتضى وحذرت من أنها سوف تشن حملة عدائية ضد كل من ينافس مرتضي في هذه الدوائر. غير أن بنازير بوتو قد رفضت مطالب والدتها إدراكًا منها أن مقدم مرتضی لباكستان سوف يحمل معه بذور الخلاف داخل حزب الشعب الباكستاني خاصة وأن شقيقها معروف بتطلعاته السياسية منذ فترة مبكرة ونجاح مرتضي في هذه الدوائر جميعًا يعني فتح شهيته لرئاسة حزب الشعب الباكستاني. ومع تمسك بنازير بموقفها أسفرت نتائج الانتخابات عن فوز مرتضى في دائرة واحدة فقط ورغم ذلك فقد طالبت نصرت بوتو أن يتولى ولدها رئاسة إقليم السند إلا أن بنازير رفضت هذا العرض استنادًا إلى أن مرتضى يفتقر إلى وجود شعبية كبيرة له في البرلمان الإقليمي فضلًا عن أنه لم يفز سوى بدائرة واحدة في الانتخابات ومع وصول مرتضى بوتو إلى باكستان قادمًا من منفاه بسوريا عقب فوزه في الانتخابات الباكستانية الأخيرة اتسعت رقعة الخلاف بين بنازير وشقيقها الذي وقفت والدته نصرت إلى جواره مما دعا بنازير إلى تعزيز أركانها داخل حزب الشعب الباكستاني فعقدت اجتماعًا مفاجئًا للجنة التنفيذية للحزب التي قررت بالإجماع تنحية نصرت بوتو من منصبها كرئيسة لحزب الشعب الباكستاني وتولية بنازير خلفًا لها.

وقد كان لاتخاذ هذا القرار أثر بالغ على تأزيم العلاقة بين بنازير بوتو من ناحية ونصرت ومرتضى من ناحية أخرى وبدأت حرب الاتهامات المتبادلة بين الجانبين فبينما ترى نصرت بوتو أن بنازير محاطة بفئة منافقة تسعى لتحقيق مصالحها الشخصية على حساب مستقبل الحزب وأن أصف زرداری زوج بنازیر هو الذي دفع بنازير لتنحية نصرت من منصبها حتى يتثنى لعائلة زردارى إدارة الحزب بنفسها. قالت بنازير بوتو إن والدتها تريد أن تدير الحزب بطريقة عائلية بعيدًا عن مصالح الحزب السياسية واتهمت والدتها بتصعيد الموقف واستمرت الاتهامات المتبادلة بين الجانبين حتى كان يوم الخامس من يناير الحالي الموافق ذكرى ميلاد علي بوتو حيث اعتاد حزب الشعب على الاحتفال بهذه الذكرى كل عام في مقبرة بوتو فقد رفضت بنازير منح والدتها وأنصارها من أعضاء حزب الشعب الباكستاني تصريحًا بزيارة المقبرة في ذلك اليوم خوفًا من وقوع مصادمات بين أنصار نصرت وبنازير وأصدرت توجيهاتها إلى البوليس الباكستاني في إقليم السند بإغلاق الطرق المؤدية إلى منزل نصرت بوتو وولدها مرتضى وضربت حصارًا من قوات الأمن حول المقبرة، غير أن نصرت بوتو لم تذعن لهذه الإجراءات الأمنية وقادت مسيرة من أنصارها وهى على كرسي متحرك حتى وصلت بالقرب من مقبرة بوتو مما ساعد في تصعيد الموقف أكثر وأكثر واضطر البوليس على إثر ذلك إلى أن يفتح النيران على المتظاهرين الذين كانوا يحملون أسلحة نارية أيضًا... وقد حاولت بنازير بوتو دون جدوى تضييق دائرة الخلاف مع والدتها وشقيقها عقب حادث ذكري بوتو إلا أن نصرت بوتو أصرت على استعادة منصبها كرئيسة لحزب الشعب وإسناد منصب حاكم إقليم السند لولدها مرتضى وهى المطالب التي رفضتها بنازير بوتو.

الموقف في إقليم السند

يعتقد السنديون أن الرجل هو الأحق بمنصب رئاسة الحزب وليست بنازير أو نصرت بوتو، وهذا الاعتقاد قد عزز من شعبية مرتضى بوتو في الإقليم الذي تنتمى إليه عائلة بوتو عرقيًا. وقد ترتب على ذلك أن نقسم الحزب إلى فريقين الأول هو الأغلبية يؤيد مرتضى استنادًا إلى الاعتقاد السابق، والفريق الآخر يرى أن بنازير قد لعبت دورًا رئيسًا في إحياء الحزب من جديد وخوض معركتين سياسيتين في 88، 93 فاز خلالها في الانتخابات غير أن الفريق الأول يرى أن مرتضى بوتو قد ناضل هو الآخر من أجل مستقبل الحزب وقد تعرض للنفي ١٦ عامًا خارج البلاد في سبيل ذلك. ويرى أصحاب هذا الرأي أن بنازير بوتو قد تولت منصب رئاسة الوزراء مرتين وعليها أن تفسح المجال لشقيقها برئاسة إقليم السند على الأقل في هذه المرحلة.

من المستفيد؟؟

رغم كل الظروف الإقليمية والدولية بل والمحلية أيضًا التي هيأت لبنازير بوتو فرصة كبيرة لإدارة دفة الحكم في البلاد إذ إنها تنعم بتأييد رئيس الدولة ورئيس الأركان كما تحظى بقبول إقليمي ودولي إلا أن كل ذلك فيما يبدو لن يوفر لها أجواء طبيعية للعمل في هدوء فقد برز عنصر نصرت ومرتضى بوتو كعامل مؤرق لبنازير بوتو التي ما تزال ترابط في كراتشي تاركة العاصمة إسلام آباد منذ عودتها من الصين قبل ما يقرب من ثلاثة أسابيع خشية قيام مرتضى بوتو وأنصاره باضطرابات في الإقليم المعروف بغليانه المستمر.

لقد حاولت بنازير بوتو تعزيز موقفها في الإقليم خلال إقامتها بكراتشي لكن يبدو أن جناح نصرت ومرتضى يصر علي مطالبه ويؤكد أنه سيظل على موقفه حتى لو أدى ذلك إلى انقسام الحزب، وهو ما يصب في الأخير في مصلحة نواز شريف الذي يتابع الموقف وبالتأكيد كله أمل في أن تسهم معركة نساء بوتو في تهيئة الظروف المناسبة لتمكينه من العودة إلى السلطة من جديد.…

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

المجتمع الإسلامي.. عدد 892

نشر في العدد 892

14

الثلاثاء 22-نوفمبر-1988

باكستان بعد ضياء الحق

نشر في العدد 880

15

الثلاثاء 30-أغسطس-1988