; لنكن أكثر استعداداً للكوارث | مجلة المجتمع

العنوان لنكن أكثر استعداداً للكوارث

الكاتب سعد مرزوق العتيبي

تاريخ النشر الخميس 01-مارس-2018

مشاهدات 18

نشر في العدد 2117

نشر في الصفحة 10

الخميس 01-مارس-2018

تُصيب الكوارث المتصلة بأحوال المناخ البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء، وقد تصل نتائج هذه الكوارث إلى إيقاف أي نمو اقتصادي لهذا البلد أو ذاك، وتشل الأسواق التي تستهدفها الدول المنتجة، وهذه الكوارث ليس لنا دخل في اختيار مكانها ووقت وقوعها.

ولكن السؤال المهم: ما موقفنا بعد وقوع الكارثة؟

تتوقف الإجابة عن هذا السؤال إلى حد كبير على المكان الذي نعيش فيه من العالم، فكل ما كانت بلداننا ومجتمعاتنا وأسرنا أشد ضعفاً وأقل استعداداً؛ زادت معاناتنا، وإذا كنا نعيش في مناطق ساحلية أو نادرة المياه أو على سفوح شديدة الانحدار؛ اشتد ما نواجهه من مخاطر، وإذا كان منزلنا مصنوعاً من مواد متينة؛ قل احتمال أن نتعرض لأذى، بمعنى أوضح؛ إن كنا فقراء أو نعيش في بلد فقير؛ زاد احتمال أن نفقد حياتنا أو حياة من نحب في ظل هذه الكوارث.

ومع استمرار تغير المناخ وتعدد الظواهر المناخية المؤثر على تلك التقلبات، تتعرض البلدان النامية والفقيرة لخسائر متزايدة من جراء الفيضانات الحادة ونوبات الجفاف والعواصف، وبحسب تقارير البنك الدولي، فبحلول عام 2030م قد يسقط 325 مليون شخص في براثن الفقر، ويصبحون عرضة للكوارث المتصلة بأحوال المناخ في أفريقيا جنوب الصحراء، وقد تواجه مدن ساحلية كبيرة، كثير منها في بلدان متوسطة الدخل سريعة النمو، خسائر سنوية تبلغ مجتمعة تريليون دولار من جراء هذه الكوارث بحلول منتصف القرن الحالي.

أنقل لكم تجربة شخصية عايشتها قبل عدة أعوام، حيث تساقطت أمطار غزيرة ومستمرة في السودان، بدءاً من أوائل أغسطس 2013م، مما أدى إلى فيضان مدمر هو الأكبر من نوعه الذي بلغت آثاره لـ14 ولاية سودانية على الأقل، بلغت أعداد المتضررين حينها أكثر من 300 ألف إنسان، وقد أعلنت العديد من المؤسسات الخيرية والإنسانية حملات إغاثية، وكنت مشاركاً بإحداها مع مؤسسة الرحمة العالمية، ومما رأيته في هذه الرحلة الإغاثية تمركز المنازل المدمرة على مجرى السيول؛ مما زاد من معدل الكارثة التي أدت لهدم ما يتجاوز 25 ألف منزل بشكل كلي أو جزئي.

إن ظاهرة «النينو» المناخية تصيب عدة مناطق على مستوى العالم بزيادة معدلات الأمطار؛ مما يؤدي إلى فيضانات أو زيادة الحرارة التي تؤدي لموجة جفاف كبيرة، كما هي الحال في منطقة القرن الأفريقي، ففي أكتوبر من العام الماضي، أفاد مركز المناخ للصليب الأحمر والهلال الأحمر بأن «هناك احتمالاً كبيراً لنمو ظروف الفيضانات في أفريقيا الاستوائية، وزيادة خطر الجفاف في أجزاء من أفريقيا الجنوبية ومنطقة الساحل»، غير أن مثل هذه التصريحات وما قبلها من تحذيرات متخصصي المناخ لم تجد آذاناً صاغية، أو على الأقل لم تكفِ لأن تقوم الحكومات أو المنظمات الإنسانية في دول القارة باللازم من جهد لمواجهة تلك الأزمات.

فإذا لم نساعد البلدان والمناطق والمدن الضعيفة والفقيرة على الاستعداد والتكيف مع أخطار الكوارث المتصلة بالمناخ حالياً ومستقبلاً؛ قد نشهد ضياع الكثير من مكاسب العمل الجاد الذي نقوم به، والأمل كبير في مؤسسات العمل الخيري والإنساني في قيادة الدور المطلوب لمواجهة تلك الكوارث بالعمل التنموي وزيادة جرعته لدى تلك المؤسسات، كما أن هناك فرصاً كبيرة لدعم توجهات التنمية المستدامة.

إن بناء المرونة كما تذكر التقارير الدولية في مواجهة أخطار المناخ أمر له أهمية بالغة، سعياً لتحقيق الأهداف الإنمائية التي أعلنت عنها الأمم المتحدة بإنهاء الفقر المدقع وبناء الرخاء المشترك، ويجب أن يكون ذلك من صميم أجندتنا الإنمائية القادمة.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل