; الفقه والمجتمع.. عدد 1016 | مجلة المجتمع

العنوان الفقه والمجتمع.. عدد 1016

الكاتب أ.د. عجيل جاسم النشمي

تاريخ النشر الثلاثاء 15-سبتمبر-1992

مشاهدات 12

نشر في العدد 1016

نشر في الصفحة 58

الثلاثاء 15-سبتمبر-1992

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

السؤال:

ما هو الأمر الذي يقال له معروف؟ وما هو الأمر الذي يقال له منكر؟ بمعنى ما حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وما هو حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

الجواب:

المعروف هو كل ما عرف من طاعة الله، والتقرب إليه، والإحسان إلى الناس، أو هو الأمر باتباع الرسول محمد- صلى الله عليه وسلم- وما جاء به من الدين من عند الله تعالى، وهو كل ما كان معروفًا فعله، جميلًا غير مستقبح عند أهل الإيمان. 

وأما المنكر فهو كل ما طلب الشارع تركه، وكل ما ليس فيه رضى الله- تبارك وتعالى- ورضى نبيه صلوات الله وسلامه عليه.

وأما حكمه: فإن الفقهاء مجمعون على مشروعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو المراد من قوله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ (آل عمران: 104). 

وقوله صلوات الله وسلامه عليه: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (مسلم ١/٦٩)، ويقول الإمام الغزالي: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل الدين، وأساس رسالة المرسلين، ولو طوى بساطه وأهمل علمه وعمله، لتعطلت النبوة، واضمحلت الديانة، وعمت الفوضى وهلك العباد» «إحياء علوم الدين ۲/۳۹۱ عن الموسوعة ٦/٢٤٨».

قال جمهور الفقهاء: إنه فرض كفاية، أي إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ولكن لا بد أن يقوم به جماعة وإلا أثم الجميع، وقال بعضهم: إنه فرض عين في المواضيع التي لا يستطيع أحد إزالة المنكر إلا لشخص بعينه، فيكون واجبًا وفرضًا عليه إزالة المنكر، وقال بعضهم: إنه واجب فيما كان واجب الفعل أو واجب الترك، ويكون مندوبًا في المندوب فعله، أو في المندوب تركه، وهكذا، وقول الجمهور هو الأولى والله أعلم.

إطلاق لقب سيد:

السؤال: 

هل يجوز أن نقول عن النبي- صلى الله عليه وسلم- سيدنا؟ وهل يجوز أن نقول لغير النبي- صلى الله عليه وسلم- سيدنا؟

الجواب:

نعم، يجوز أن يقال للنبي- صلى الله عليه وسلم- سيدنا، وهذا بإجماع الفقهاء، وأما نهي النبي- صلى الله عليه وسلم- أن يقال له ذلك حينما قال له وفد بني عامر: أنت سيدنا، فقال: السيد الله- تبارك وتعالى- «المراد أن الذي يحق له القيادة هو الله تعالى، وكأن النبي- صلى الله عليه وسلم- كره أن يثنى عليه، ويحمد في وجهه. 

وكذلك يجوز إطلاق لفظ السيد على غير النبي- صلى الله عليه وسلم- عند جمهور الفقهاء، وقد ورد ذلك في القرآن الكريم، قال تعالى في قصة يوسف: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ (يوسف: 25) أي زوجها، ومنه قول النبي- صلى الله عليه وسلم- للأنصار وبني قريظة: «قوموا إلى سيدكم» (أخرجه البخاري ٦/١٦٥) يعني سعد بن معاذ، وقوله- صلوات الله وسلامه عليه- عن الحسن بن علي رضي الله عنهما: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» (فتح الباري ٥/٣٠٧)، وقد تحقق ذلك.

ثواب الأعمى الصابر:

السؤال:
هل صحيح أن الإنسان المسلم إذا ابتلاه الله؛ فأخذ نور عينيه، وأصبح أعمى أنه يدخل الجنة؟

الجواب:
وعد الله- تبارك وتعالى- عبده المؤمن إذا أخذ نور عينيه وصبر، فإن جزاءه الجنة، وقد ورد عن أنس- رضي الله عنه- قال: سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن الله تعالى قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه، فصبر، عوضته عنهما الجنة، يريد عينيه» (أخرجه البخاري  ١٠/٩٢).

وهذا الوعد العظيم هو لمن رضي بقضاء الله وصبر، وقد وعد الله الصابرين بالأجر العظيم، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (الزمر: 10)، وقد وعد الله من صبر على فقد ولده الجنة، روى أبو هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول الله تعالى: «ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» (أخرجه البخاري ۱۱/۱۹۱).

السنة في الأكل

السؤال:
هل صحيح أن من السنة في الأكل أن يأكل المسلم بثلاثة أصابع؟ وإذا كان هذا هو السنة فكيف نأكل الأرز وبعض المأكولات التي من الصعب أن تؤكل بثلاثة أصابع؟

الجواب: 
السنة الأكل بثلاثة أصابع، وهذا محمول على ما يمكن أن تحمله الاصابع الثلاثة كالثريد وما في حكمه، وهذا غالب أكل الصحابة- رضوان الله عليهم- ولا مانع إن كان طبيعة المأكول أن يحمل بأكثر من ثلاثة أصابع أن يحمل بما يكفي من الأصابع، كما في الأرز وغيره؛ فإنه يحتاج إلى الحمل بأكثر من ثلاثة أصابع، وليس في ذلك مخالفة للسنة، لأن المراد من استخدام الثلاثة أصابع فيما يكفي فيه ذلك، ولئلا يكون المسلم شرهًا.

أكل ذي المخلب من الطير:

سؤال:
أحد الشباب يقول: إنهم كانوا أيام الشباب يأكلون الطيور الجارحة مثل الترمة والحمامي وغيرها، ولم يكونوا يعرفون أنها محرمة، وسمع الآن من يقول إنها محرمة، فهل هذا صحيح؟

الجواب:
الطيور الجارحة التي تجرح بمخالبها مثل الصقر والشاهين والحدأة والعقاب وغيرها محرمة عند جمهور الفقهاء إلا المالكية؛ فأنهم يبيحونها، ودليل التحريم حديث ابن عباس رضي الله عنه: «نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير» (مسلم ٢/١٥٣٤)، وقد ضبط الفقهاء الطير ذا المخلب بأن يكون يصيد بمخالبه، ولذا لا يعد من صنف هذه الطيور الديك والحمام وغيره من الطيور التي لا تصيد بمخلبها. 

واستدل المالكية على الإباحة بقوله تعالى: ﴿قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ﴾ (الأنعام: 145).

التثمين عند شراء سيارة جديدة

سؤال:
شخص ذهب ليشتري سيارة جديدة في مقابل بيعه سيارته القديمة للبائع مع دفع الفرق، فقالوا له: إن هذا العقد باطل؛ لأن البائع اشترط عليك أن تشتري منه سيارة جديدة بعد أن يشتري منك سيارتك القديمة، وفي هذه الحال يكون هذا البيع من باب بيعتين في بيعة، وهو غير جائز، فما هو حكم الشرع في هذا؟ وكيف تتم عملية الشراء الشرعي؟

الجواب:
قد يظن البعض أن هذه الصورة هي من صورة بيعتين في بيعة المنهي عنه؛ لأن الشراء تم بصورة اتفاقين أو بيعتين هما: شراء العميل السيارة الجديدة بثمن، مع اشتراط أن يشتري الطرف الثاني سيارته القديمة بثمن، فيكون في هذه الحال باع كل منهما سيارته واستلم ثمنها، فهما بيعتان لا بيعة واحدة، لكنهما في عقد واحد مع وجود اشتراط البيعتين بحيث لو بطلت الأولى تبطل الثانية ولو صحت صحت. 

لكن عند التدقيق في هذا العقد، وهو بيع الجديدة بقديمة مع زيادة الثمن ليس من باب البيعتين في بيعة، بل هو بيعة واحدة؛ لأن العقد واحد وهو بيع السيارة الجديدة بثمن مكون من شيئين هو السيارة القديمة، مضافًا لها مبلغ متفق عليه، فهو صفقة واحدة، والذي تعدد هو الثمن؛ لأنه شيئان سيارة قديمة ونقود متفق عليها، ولا مانع شرعًا من تعدد الثمن، واتحاد المبيع. 

فينبغي أن يصاغ العقد بين الطرفين بما يتضمن ما ذكرنا من اتحاد المبيع وهو السيارة الجديدة، وتعدد الثمن من سيارة قديمة، ومبلغ معين، ولا يجوز صياغة العقد على أنه بيعتان في عقد واحد.

الاقتراض أيام الغزو

سؤال:
أقرض شخص آخر مبلغًا من المال أثناء الاحتلال العراقي الغاشم على دولة الكويت، فسلم المقترض للمقرض ورقة يستلم بموجبها ما دفعه له في بلد آخر، كان المقرض مسافرًا إليها نتيجة التنكيل والاضطهاد والبطش، ثم تعرض المقترض للسلب والنهب، والأخ المقترض يسأل هل يجب عليه شيء في هذه الحال علمًا بأنه استفاد من هذا القرض، حيث ضمن ماله واستفاد منه، وهل ما تم بينهما صحيح؟

الجواب:
ما تم بينكما من استلام ورقة بالقرض تستلم بموجبها في البلد الذي سافرت إليه ذات المال، فهذا الفعل لا شيء فيه، وهو ما يسمى عند الفقهاء «سفتجة»، وهي عند الفقهاء ورقة يكتبها المقترض لوكيله ببلد آخر ليقضي عنه بموجبها ما اقترضه. فإذا لم يكن بينكما شرط حينما أقرضته، بل كان هذا تصرف من المقترض، فهذا جائز باتفاق الفقهاء، ولا شيء فيه. 

فقد روى عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه كان يستقرض بالمدينة ويرد بالكوفة، وكان ابن الزبير- رضي الله عنه- يأخذ من قوم دراهم ثم يكتب بها إلى أخيه مصعب بالعراق، فيأخذونها منه، فسئل عن ذلك ابن عباس- رضي الله عنهما- فلم ير به بأسًا، وروى عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- أنه سئل عن مثل هذا فلم ير به بأسًا.

وإن كان بشرط بينكما، أي اشترطت عليه أن يسلمك هذه الورقة، فجمهور الفقهاء لا يجيزون ذلك؛ لأنه حينئذ قرض جر نفعًا، وكل قرض جر نفعًا فهو ممنوع. 

ومذهب الحنابلة جواز ذلك ولو بشرط، لأن فيه مصلحة الطرفين، وليس فيه ضرر على أحدهما، وينبغي أن يلاحظ هنا شريطة أن تكون العملة التي سلمها المقرض هي ذات وجنس العملة التي استلمها في البلد الآخر. 

الرابط المختصر :