; المجتمع الثقافي (عدد 894) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع الثقافي (عدد 894)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 06-ديسمبر-1988

مشاهدات 36

نشر في العدد 894

نشر في الصفحة 58

الثلاثاء 06-ديسمبر-1988

سلمان رشدي في القائمة السوداء:

على الرغم من وقاحة سلمان رشدي في روايته التي سماها «الآيات الشيطانية» والتي نالت من شخص النبي –صلى الله عليه وسلم– تصريحًا لا تلميحًا، فإن مجلة الوطن العربي الباريسية، في عددها (٨٦– ٦١٢) الجمعة 1988/١١/4، وفي صفحة ثقافة وفنون أوردت ما يلي: «سلمان رشدي اسم أليف إلا أن صاحبه ليس عربيًا، إنه كاتب إنجليزي من أصل باكستاني تباع كتبه بكميات هائلة وتترجم إلى مختلف اللغات... ثم تضيف: بعد روايته «أطفال منتصف الليل» صدر له في الأسابيع الأخيرة «أشعار شيطانية» وفيها يستعيد بعض رموز التاريخ الإسلامي ويصهرها في قصة حديثة وتتساءل المجلة بلهفة «فهل سيترجم رشدي إلى العربية في القريب»؟! فمن هو سلمان رشدي صاحب الاسم الأليف على حد تعبير الوطن العربي الباريسية؟

تقول صحيفة «الرائد» الهندية في عدد ربيع الأول ١٤٠٩هـ نقلًا عن جريدة «نيء دنيا» الأسبوعية الصادرة في دلهي العدد ٢٣ سبتمبر ۱۹۸۸ «مؤلف هذه الرواية المختلفة من سكان كشمير يتسمى بالإسلام، عني في البداية بدراسة العلوم الدينية الإسلامية، ثم التحق بجامعة أكسفورد وبدأ ممارسة تأليف الروايات خلال إقامته بالجامعة، وأن روايته «أطفال منتصف الليل» أذاعت صيته، وأهالت عليه الثروة الكبيرة... وبثروته هذه سكر، ثم بدأ يهذي كالمجانين حتى اعتزل أحب أصدقائه إليه المسيحي الفلسطيني «إدوارد سعيد» واتخذ يهودية سكرتيرة له.. وتضيف الرائد الهندية: يبدو أن جشع المادة والطمع في المال والشهرة أعمى هذا المؤلف وسليه وعيه ورشده.... فإن أسواق الولايات المتحدة دائمًا ترحب وتحتضن الدعايات المعارضة للإسلام، ولم ير سلمان أي بأس في الحصول على الثروة من الجهات المعادية للإسلام عن طريق النيل من كرامة النبي -صلى الله عليه وسلم– وتشويه التاريخ وتجريح مشاعر المسلمين وعواطفهم في أقصى العالم. 

وأما روايته المذكورة فتحتوي على ٥٤٧ صفحة وفيها نيل من مكانة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله رحمة للعالمين والإساءة إلى أزواجه أمهات المؤمنين في أسلوب بشع يندى له جبين الإنسانية ويتم على نوايا المؤلف البغيضة الحاقدة ونفاقه الداخلي الكريه. 

وبطل رواية سلمان رشدي، رسول عربي اسمه محوند «MAHOUND» وهذا النبي بلغ من عجزه أنه لم يميز بين نداء الشيطان، ونداء الملك؟!! أن هذا المؤلف الحاقد حينما سمى بطل روايته «محوند» فإنه لم يرد بفعله هذه إلا الحط من مكانة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكلمة محوند لا تعني إلا محمدًا، وقد نصت القواميس الإنجليزية عن أن «MAHOUND» مخفف من محمد. 

وتمضي الصحيفة الهندية في تفنيد مزاعم رشدي قائلة: لقد رمى هذا المؤلف الحاقد النبي –صلى الله عليه وسلم– بتهمة أنه لم يكن يقدر على التمييز بين نداء الشيطان ونداء الملك وبلغ من جراءته أنه يزعم أن القرآن لم ينزله الله عن طريق الملك، وإنما هو من وحي الشيطان... ومما يدل على أن هذا المؤلف الحاقد لم يرد بكلمة «MAHOUND» إلا النبي محمدا –صلى الله عليه وسلم- أنه أثبت لزوجات بطله الاثنتي عشرة تلك الأسماء التي عرفت بها أزواج النبي –صلى الله عليه وسلم– أمهات المؤمنين –رضي الله عنهن– وقد ذكر هذا المؤلف المغرض الحاقد كذلك اثنتي عشرة بغية من البغايا المتفحشات وسماهن بأسماء أمهات المؤمنين، فكتب في وسط الكتاب أن زوجات محوند «MAHOUND» کن يسكن في المنازل المجاورة للمسجد الكبير في يثرب، وإنما حمل هذا المؤلف حقده الممقوت على أن يسمي المدينة باسمها الجاهلي. 

ولم ينس هذا الأفاك المأفون الصديقة بنت الصديق من حقده وكذبه فكانت عائشة في روايته أصغر زوجات «MAHOUND» وأحبهن إليه، وأنها كانت تظهر بملابس الفتيات المتبرجات الفاتنات؟!!! وقد وجد هذا الزيف تشجيعًا وترويجًا في إنجلترا وغيرها، فأشارت صحيفة «صنداي تايمز» إلى الرواية وإلى مؤلفها وقالت: إن قصائد شيطانية تحفة أدبية طموحة لا يرقى إلى مستواها أية قصة خيالية أدبية في عصرنا الحالي واستغربت صحيفة «المسلمون» في عددها (۱۹۷) تاريخ 1409/٤/2هـ قائلة «إنه من الضجة والتهليل اللذين صاحبا الكتاب كان من الطبيعي أن يرشح الكتاب للفوز بجائزة «بوكر» الأدبية، وهي أرقى جائزة بريطانية سنوية قيمتها (١٥) ألف جنيه إسترليني. 

وفي المقابل دعت صحيفة «نيء دنيا» الهندية –وهي صحيفة إسلامية– إلى إجراء إنجاز ضد الكتاب، ودعت المسلمين الهنود إلى مطالبة الحكومة بفرض الحظر على هذا الكتاب في الهند ومصادرة النسخ المتبقية من مجلة «TO DAY INDIA» التي أجرت مقابلة مع سلمان رشدي وهللت له... وقالت: إن الأمر لا يقتصر على مسلمي الهند وحدهم، فإن ما جاء في هذه الرواية قد جرح مشاعر ألف مليون مسلم، وأنه لا بد من القيام بحملة مكثفة ضد هذا الكتاب في العالم بأسره ولا سيما العالم العربي. 

وبالفعل فإن الهيئات الإسلامية في أوروبا قد استنكرت ما جاء في الرواية، وأشارت «المسلمون» التي أوردت النبأ في عددها «۱۹۷» إلى أن الهند منعت تداول الكتاب في أراضيها. 

هذا في الوقت الذي اعتبرت الوطن العربي «سلمان رشدي اسم أليف وعدت تهجمه ووقاحته استعادة لبعض رموز التاريخ الإسلامي في عمل روائي» وتستحث على نقله إلى العربية بقولها «فهل سيترجم رشدي إلى العربية في القريب». 

ونسوق في هذا المجال ما تبقى في الذاكرة من قصة أوردها الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتابه «الطريق إلى المدينة» عن حب أبناء الشعوب الإسلامية للنبي –صلى الله عليه وسلم– شخصه الكريم على أن تستثير حمية بعض العرب الفاترين كتب أحدهم مقالة في مجلة الأزهر يشيد فيها بعبد الناصر، ويرفع وحدته فوق الوحدة التي قامت في الجيل الأول ثم في عهد صلاح الدين فلم تلق استنكارًا ولا شجبًا سوى كلمات كان السكوت خيرًا منها.

«فهل السيد الرئيس لا يرضيه هذا الكلام» وقارن الندوي بين هذه الحادثة، وحادثة وقعت لشاعر باكستاني كان مبتلى بالخمرة وكان لا يرى أحدًا من الشعراء فوقه... فدخل عليه عدد من الشيوعيين والعلمانيين الذين اعتادوا ممازحته وسماع كلماته الجارحة... إلى أن قال له أحدهم أنت أفضل أم محمد؟ فلم يكد يتلفظ باسم محمد حتى احمرت حدقتا الشاعر وانتفض ثائرًا، وأمسك بالطاولة فقلبها، وجعل يحطم زجاجات الخمر، ويرميهم بها وهو يصرخ: أيها القذر كيف تتلفظ بهذا الاسم الطاهر في هذا المكان الدنس؟ ولم تهدأ ثائرته... فجعل يبكي حتى الصباح، ثم أقلع عن الخمرة وتاب إلى الله!!

فليت الذين لا يملكون الرد على سلمان رشدي، والذين لم يظهروا روايته على حقيقتها في الوطن العربي بكوا أو تباكوا أسوة بالشاعر الأعجمي. 

«يحيى البشيري»

صدر حديثًا:

الانتفاضة المباركة ومستقبلها:

كتاب من تأليف الأستاذ جهاد جهاد يقع في (۱۳۷) صفحة بالقطع المتوسط وقد أنجز الكاتب كتابته في سبتمبر ۱۹۸۸ كما أشار كذلك في كتابه الذي يتناول أسباب الانتفاضة المختلفة في اثني عشر فصلًا حيث يتحدث في الفصل الأول والثاني عن المخطط الصهيوني في محاربة توجهات الشعب الفلسطيني لمقاومة الاحتلال وكيف واجهت الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة هذا المخطط وأفشلته.

ثم يتناول الانتفاضة المباركة ذاتها في بقية الفصول، حيث يتعرض للظروف التي أحاطت بالانتفاضة والدوافع الكامنة وراءها وأبرز أحداث الانتفاضة موزعة على كل أنحاء فلسطين وخلال ثلاث مراحل زمنية ويبين خلالها دور القوى الشعبية وعلى الأخص حركة المقاومة الإسلامية «حماس».

ويختتم الكتاب بالحديث عن مستقبل الانتفاضة والأخطار المحدقة بها وضرورة حمايتها. والحقيقة أن الكتاب هو الأول من نوعه في الحديث عن الانتفاضة بموضوعية وتجرد لدرجة أنالقارئ للكتاب يشعر أن الكاتب يعايش الانتفاضة بفكره وأحاسيسه متتبعًا أخبارها وأحداثها لحظة بلحظة وعن طريق مصادر مختلفة للوصول إلى الحقائق الموضوعية التي غابت عن كثير من وسائل الإعلام المختلفة. 

عنوان الناشر: مكتبة الفلاح– ص. ب: ٤٨٤٨ -الصفاة– الرمز البريدي 13049 – الكويت – تلفون: ٢٦٤٧٧٨٤ 

ونحن إذ نشكر الأستاذ جهاد محمد جهاد على هذا الإنجاز الطيب لنسأل الله تعالى له الأجر والثواب ونرجو أن يكون فيه خير للانتفاضة ولأمة الإسلام.

أخبار ثقافية:

مركز الوطن العربي للنشر والإعلام في الإسكندرية أعلن عن مسابقته الأدبية الثانية من الشعر والقصة وسيبدأ المركز في تلقي أعمال المتسابقين اعتبارًا من أول يناير ۱۹۸۹ حتى آخر سبتمبر من العام المقبل على أن تعلن النتائج في شهر مارس من العام ۱۹۹۰. 

تعكف وزارة الأوقاف على وضع اللمسات الأخيرة تمهيدًا لعقد الدورة الخامسة لمجمع الفقه الإسلامي بالكويت خلال الفترة من ١٠ –١٦ ديسمبر المقبل تحت رعاية الشيخ الأحمد أمير البلاد بوصفه رئيس مؤتمر القمة الإسلامي الخامس.

 وتبحث الدورة الخامسة للمجمع الفقهي عشرة موضوعات هامة تتناول جوانب دينية واجتماعية واقتصادية وتجارية وأخرى علمية وفقهية وقانونية. وكان مجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي يتخذ من مدينة جدة مقرًا له قد عقد أربع دورات له منذ تأسيسه حتى الآن في مدينة مكة المكرمة في الفترة من ١٩ – ٢٢ نوفمبر ١٩٨٤ والثانية بمدينة جدة من ۲۲ – ۲۹ ديسمبر عام ١٩٨٥ والثالثة في العاصمة الأردنية عمان خلال الفترة من ١١ – ١٦ أكتوبر عام ١٩٨٦ والرابعة في مدينة جدة في الفترة من ٦- ۱۱ فبراير ۱۹۸۸.

  • أعلن اتحاد الكتاب والأدباء بدولة الإمارات العربية المتحدة عن إنشاء جائزة أدبية جديدة باسم جائزة سلطان العويس الثقافية وتمنح كل سنتين لأربعة من الكتاب والمفكرين العرب والمسلمين عن مجمل إنتاجهم الفكري في مجال الشعر والقصة والرواية والنقد الأدبي وتقسم الجائزة إلى أربعةأجزاء متساوية قيمة كل جزء خمسون ألف دولار. 
  • على هامش الدورة الرابعة عشرة لمعرض الكتاب العربي المقامة في الكويت حاليًا تقرر أن تقام تظاهرة ثقافية تتضمن مجموعة من الندوات الأدبية والفنون المختلفة، من بينها ندوة بعنوان «الدوريات العربية في الميزان» وستلقى عدة محاضرات لبعض كبار الزوار للمعرض، ممن وجهت إليهم الدعوة لحضور المعرض من المفكرين والأدباء والمشتغلين بقضايا الكتاب ونشره وتوزيعه في العالم.
  • تقود منظمة مسلمي أمريكا الشمالية حاليًا حملة تستهدف الضغط على دار نشر «فايكنج» الأمريكية لمنعها من نشر کتاب «أشعار شيطانية» الذي يسيء إلىالإسلام وإلى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ومؤلف الكتاب هو شخص هندي يدعى سلمان رشدي والكتاب محظور نشره في الهند بعد أن قوبل بمظاهرات واحتجاجات بالغة كما حظر نشره في بنغلاديش.

«المشكاة»

أيها الأمل الوليد

بقلم: محمود مفلح 

عضو رابطة الأدب الإسلامي 

يحار المرء وهو يرى مئات المجلات التي تطرح في السوق أسبوعيًا، بأشكال وأحجام وألوان متباينة تمثل اتجاهات شتى ورؤى متباينة من اليمين إلى اليسار إلى الوسط وأكثرها يخاطب غرائز القراء الهابطة واهتماماتهم السخيفة ويقدم نماذج رديفة من الأدب والفكر، وعلى صفحات يتسلق المتسلقون ويتنفس ذوو العاهات... أقول يحار وهو يرى هذا السيل من الغثاء ولا تقع عيناه على مجلة أدبيةإسلامية واحدة تحتضن المواهب الأصيلة وتقدم الزاد الفكري النظيف، وتعرف بهذا الأدب الوليد، وتشكل اتجاهًا أدبيًا إسلاميًا يحفر مجراه ويحدد قسماته ويبلور مفاهيمه وقيمه، في زمن ما عاد يحتمل أن يظل هذا الأدب متسكعًا ضائعًا. نحن لا ننكر ما تؤديه مجلات إسلامية رصينة مثل المجتمع وغيرها من خدمة هذا الأدب، وحرص على تقديم بعض نماذجه، إلا أن هذه المجلات في نهاية المطاف ليست متخصصة، ولا تستطيع أن تغطي كل هذا الأدب لأنها ملتزمة بخط الشمولية والتنوع.. ونحن في مرحلة التخصص، مرحلة تفرض ولادة مجلة أدبية إسلامية متخصصة بالأدب الإسلامي، وقد اشتد عوده، وبزغت شمسه وانجلى الغبار عن فرسانه، وأصبح له قراء وعشاق ونقاد ودراسات ومتابعات ومواقع متقدمة. 

إنه لمن المؤسف ألا نرى حتى كتابة هذه الكلمات مجلة متخصصة تمثل الاتجاه الإسلامي على الساحة الأدبية في مشرقنا العربي، رغم الإمكانات والطاقات ورغم الاقتناع بأهمية هذا الأمر وجدارته. إلا أن هناك مجلة تصدر في المغرب العربي وفي مدينة وجدة تدعى «المشكاة» يشرف على تحريرها الشاعر المعروف حسن الأمراني، وقد قامت بجهود أفراد قلائل أدركوا أهمية الموضوع. وحملوا على عواتقهم مسؤولية استمرار هذه المجلة الأدبية الإسلامية الرصينة.

ولكنها كثيرًا ما تتعثر في الصدور رغم أنها فصلية تصدر أربع مرات في العام وقد حز في نفسي أن أقرأ في افتتاحية العدد الأخير عبارة «إن المشكاة- بحمد الله رغم القصور القاصم في الإمكانيات ما زالت وفية لمبادئها» نعم أن الإمكانيات فعلًا قاصمة، وحسبي أن أذكر أنه لم يصدر منها حتى الآن ومنذ ثلاثة أعوام سوى ثمانية أعداد فقط. 

ولو ألقينا نظرة على كتاب العدد الأخير مثلًا لأدركنا أنهم من خيرة الكتاب، ومن صفوة المبدعين في عالمنا العربي والإسلامي من أمثال سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي، والدكتور عبد القدوس أبو صالح والناقد محمد حسن بريغش وقصص مترجمة للأديب التركي الكبير نجيب فاضل، والدكتور محمود إبراهيم وغيرهم والمجلة بحق تقدم وجبة أدبية إسلامية دسمة، وهي البديل الأصيل لكل ما نشاهده من أدب الركاكة والضحالة والجنس وباختصار إنها المجلة الوحيدة التي تمثل بعمق وصدق ومسؤولية الأدب الإسلامي المعاصر وتقدم فنونه المختلفة. 

ولكن المشكاة غير معروفة لدى جماهير قرائنا وليست مطروحة في أسواقنا بسبب ضيق اليد وقلة الإمكانات وهذا فإنها تغيب أربعةأشهر أو أكثر لتظهر من جديد حيية من هذا الغياب المتكرر، واللوم ليس على هذه المجلة، وإنما علينا نحن القراء. 

وما لم تدعم هذه المجلة ماديًا ومعنويًا وما لم ترتفع إلى مستوى همومها وطموحها وجرأتها في هذه الظروف الصعبة –ظروف الحصار– فإنها سوف تختفي ويختفي باختفائها أملنا الوحيد في رؤية مجلة أدبية إسلامية جادة أملنا الذي ولد بعد مخاض طويل. 

عنوان المجلة: المغرب –وجدة– ص. ب: ۲۳۲- رئيس التحرير حسن الأمراني.

قصة قصيرة:

يوم يغيب ويوم يجيء

صوت الرصاص المدوي في الخارج،أصوات النساء الخائفة صرخات الأطفال المؤلمة المتلهفة إلى كسرة خبز، كلمات الرجال يهتفون! 

–تحيا فلسطين.. تحيا فلسطين 

زخات الرصاص والقنابل تطلق على المتظاهرين. وفي ركن من حي شرقي متواضع تقع أم وطفلها الذي لا يتجاوز التاسعة من العمر تهدئ من روعه وعيناها بحر من الدموع الفلسطينية، تقول لابنها:

 - لا تأبه يا ولدي ولا تخف، لن يصيبنا الرصاص.

فقال الصبي: لقد تعودت على هذه الأصوات والهتافات يا أماه.. هل تذكرين يا أمي أن مولدي كان في يوم احتفال الشعب بعيد الأرض... ومولد أخي الصغير «وطن» يوم بدء الانتفاضة؟

قالت الأم: نعم يا ولدي الغالي: ولكني أرى غلالات من الرعب تحوم حول عينيك الجميلتين يا حسن.

قال الصبي: إنني أخشى على والدي من تلك الرصاصات.. لقد خرج وهو مصاب بيده وجرحه ينزف. 

الأم: كان الله في عونه يا ولدي. 

قال حسن: إنني أكره هؤلاء الصهاينة.. إنهم ينهبون بلادنا، يسرقونها... إنهم يقتلون أهلنا... قد قتلوا أعمامي الثلاثة، وسجنوا عمي الرابع قتلوا إخواني.... عندما أكبر لن أدع أي صهيوني على هذه الأرض.... سأمزقهم... سأعذبهم... سأجعلهم يعرفون معنى الخوف... معنى الحزن.. سأجعل النيران تكوي أجسادهم تحرقهم إحراقًا... سأحرم الأم من طفلها والزوجة من زوجها والابن من والده ومن خاله وعمه كما حرموني وحرموا أولاد أعمامي وأخوالي وأولاد حارتنا.. لو عرفوا أنهم علموني الكره والحقد.. لو علموا أنهم وضعوا خنجرًا في صدري ينزف دماء ودموعًا... لو علموا مدی كرهی لهم، ومدى انتقامي غدًا منهم لما فعلوا ما فعلوا ويفعلونه.

قرع الجرس قرعًا مفزعًا... انتفضت الأم وابنها توجها نحو الباب... اقتحم البيت عشرة من الصهاينة فتشوا فيه كل ناحية، كل ركن، لم يتركوا شبرًا إلا وفتشوه... لم يتركوا فراشًا أو وسادة إلا مزقوها... توجهوا نحو الأم الباكية وهي تحمل صغيرها «وطن»، فيما التصق بها ولدها «حسن».

سألوا الأم أين هو؟!

تساءلت الأم من؟! 

أجاب العسكري الصهيوني: الجبان زوجك... 

الأم: هو في الوطن فلسطين. 

العسكري الصهيوني: أين اختبأ في فلسطين. 

الأم: فلسطين أمه خبأته بين ثنايا ثيابها.. ربما في قلبها..

 العسكري الصهيوني: إنكم تخربون البلاد.

قال حسن: نحن أم أنتم المخربون؟ فلسطين بلدنا ووطننا ومحل إقامتنا... قال العسكري الصهيوني في عصبية: إذا لم تسكتي هذا الولد فسوف ألعن أمه وأباه.

أجاب حسن: اللعنة عليكم أنتم.

في هذا الوقت تهيأ عسكري صهيوني آخر ورفع مسدسه في وجه الصبي ليقتله، ولكن الأم اندفعت وخبأت ولدها خلفها.. فاخترقت جسمها الطاهر بضع رصاصات تركتها جثة هامدة ووقع طفلها الصغير «وطن» من يدها وأغمي على «حسن» وقهقه الصهاينة.

وبعد مرور ساعة على الحدث المروع استيقظ «حسن» على صوت أخيه «وطن» وهو يبكي مكبًا على أمه... فراعه المنظر ثم انخرط هو الآخر في بكاء مرير لقد ماتت أمه بسمة النور والأمل التي كانت تنير له الدرب.... ذهبت إلى عالم الغيب... وأنزل الليل ستاره الأسود على المدينة مغطيًا على مشهد من مسرحية مثلها أوغاد القرن العشرين ثم أشرقت شمس الله معلنة نهارًا جديدًا في دنيا فلسطين وتعلن للطفلين البائسين يومًا جديدًا بلا أب ولا أم يومًا اسودت فيه معالم الكون واختفت الابتسامة إلى الأبد، طوى الليل صفحة من الحقد في كتاب الدنيا وفتحت الشمس صفحة جديدة من الحقد في كتاب الدنيا أيضًا... صفحات تطوى وأخرى تفتح تحمل معنى الكره للمجرمين 

عبير الطنطاوي

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 2

57

الثلاثاء 24-مارس-1970

نشر في العدد 10

61

الثلاثاء 19-مايو-1970