العنوان زيارة أسترالية برسالة أمريكية
الكاتب أحمد دمياطي بصاري
تاريخ النشر السبت 23-فبراير-2002
مشاهدات 16
نشر في العدد 1490
نشر في الصفحة 37
السبت 23-فبراير-2002
صحيفة سيدني مورننج: إذا أرادت "سيدني" تطبيع علاقاتها مع جاكرتا فلتكف عن ممارسة دور نائب الشرطة العالمية في آسيا
غادر رئيس الوزراء الأسترالي جون هوارد إندونيسيا، وفي مخيلتة صورة الاشتباكات بين المتظاهرين والشرطة في مدينة يوكياكرتا، بعد أن حاول مئات المتظاهرين منعه من دخول جامعتها، حتى اضطر للدخول من خلال الباب الخلفي، وكانت المظاهرة احتجاجاً على استقبال رئيس جامعة "جاجامادا"، الدكتور إخلاص العمل، لهوارد في الجامعة، على غير رغبة الطلبة.
ولم يكن الطلبة وحدهم الذين احتجوا على زيارة هوارد، بل إن البرلمان الإندونيسي، ومجلس الشعب الاستشاري، احتجا على الزيارة بسبب سياسة رئيس الوزراء الأسترالي المثيرة للجدل في الكثير من تصريحاته ومواقفه تجاه إندونيسيا منذ مستهل حكمه، وخاصة فيما يتعلق بقضيتي تيمور الشرقية، وتهريب لاجئي القوارب إلى أستراليا، حيث اتهمت الأخيرة إندونيسيا بالمسؤولة عن ذلك. وقد استقبلت الرئيسة ميجاواتي هوارد، متجاهلة موقف كلا المجلسين سعياً منها لتطبيع العلاقة الثنائية الفاترة مع الجارة الجنوبية، متعللة بأن الزيارة تمت بناء على دعوة منها، في أعقاب زيارة وزير الخارجية الإندونيسي، حسن ويرايودا قبل أشهر لكانبيرا، وأكد وزير الخارجية أن معارضة البرلمان ومجلس الشعب الاستشاري لزيارة هوارد لا تؤثر على العلاقة بين البلدين، فنحن نبني الآن الدولة الديمقراطية ونفهم ما التجأ إليه البرلمان.
وفي اللقاء، شددت ميجاواتي على وحدة أراضي إندونيسيا وسيادتها، وأنها أمور يجب أن تفهمها كل الدول وتحترمها ومنها أستراليا، ورد هوارد بقوله المكرر: "إن أستراليا تدعم وحدة إندونيسيا وسيادتها بشكل كامل"، ولكن ميجاواتي لم تقتنع بمجرد هذا التأكيد، وطلبت منه خطوات ملموسة من هذا الصدد، لإبعاد أي عوائق تقف في وجه العلاقة الثنائية بين البلدين.
وعلى الرغم من موقف مجلس الشعب الاستشاري الرافض للزيارة، فقد حضر رئيس المجلس "أمين رئيس" حفل العشاء الرئاسي الذي أقيم لهوارد، وعندما سئل عن ذلك قال: "لا ينبغي أن نكون قساة القلوب، فنظراً لقرار الحكومة استقبال هذا الزائر الرسمي، فقد أصبح الأمر إذن قرار الدولة" بخلاف أكبر تانجونج رئيس البرلمان، الذي التزم بموقف البرلمان المعارض للزيارة ولم يحضر المأدبة.
وقد اتفق الجانبان على توقيع ميثاق تعاون بينهما في مجال محاربة الإرهاب، وأوضح وزير الخارجية الإندونيسي ويرايودا أن الاتفاق- ومدته عام واحد- يشمل تبادل المعلومات والشرطة والجيش والمخابرات ومكاتب الهجرة والجمارك ووزارة العدل والمدعي العامـ، ولكن ما توصل إليه الجانبان لا يعني بالضرورة تحسن العلاقات بين البلدين، لأن أستراليا تلعب دور نائب الشرطة العالمية في المنطقة.
ويرى الكثيرون أن ما توصل إليه الجانبان ليس إلا بعض سيناريوهات أمريكا في تطويق الجيش الإندونيسي وجره لصفها بعد انفصالهما منذ ست سنوات على الأقل، وقالت صحيفة سيدني مورنينج هيرالد الأسترالية، إن
أستراليا تدعم مشروعاً أمريكياً لاستئناف العلاقة العسكرية بين واشنطن وجاكرتا، ضمن توسيع نطاق الحملة ضد ما يسمي بالإرهاب، وتعتقد واشنطن أن هذه العلاقة العسكرية ستكون فعالة في مطاردة ما تعتبره "حركة إرهاب راقدة" في إندونيسيا، ولكن الصحيفة تخاطب حكومة كانبيرا بأنها إن اعتزمت تطبيع العلاقة مع جاكرتا، فلابد من أن تبعد نفسها عن أن تكون "نائبة الشرطة العالمية في أسيا".
ويرى بعض المراقبين أن هوارد ذهب إلى إندونيسيا من أجل ممارسة الضغوط عليها للالتزام بنداءات واشنطن في حملتها، ذلك أن الكثير من الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، يرى أن إندونيسيا "راغبة عن الصعود إلى السفينة". ويؤكد كوستانتو انجورو، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في جاكرتا أن هوارد لم يذهب إلى جاكرتا برسالة أسترالية فحسب، بل برسالة أمريكية، ويقول: "هناك رسالة سياسية أمريكية إلى دول معينة كإندونيسيا"، ولا سيما أن الزيارة لم تنطلق من كانبيرا مباشرة، ولكن من واشنطن وسنغافورة.
. ويرى هوارد أن زيارته لإندونيسيا كانت ناجحة مهما كانت الظروف التي مرت بها، وهي الزيارة الأولى بعد انفصال تيمور الشرقية عن إندونيسيا في عملية يشتبه أنه كانت لأستراليا يد خفية فيها، ويرى الباحث الأسترالي والخبير عن إندونيسيا هربرت فيت أن ثمة ثلاث مراحل ممتازة مرت بها العلاقة بين إندونيسيا وأستراليا:
أولًا: عند ولادة إندونيسيا، وكانت أستراليا تحت رئاسة ج. ب جيبلي من حزب العمل الذي كان يدعم استقلال إندونيسيا عن هولندا.
ثانياً: عندما أيد رئيس الوزراء الأسترالي ر.ج ميزيز أن سياسة حكومة سوهارتو الاقتصادية، باعتبارها تتوافق مع سياسة أستراليا.
وثالثاً: عندما كانت أستراليا تحت رئاسة بول كيتينج الذي حاول تغيير مجري سياسة أستراليا باعتبارها طرفاً أسيوياً، بدلاً من كونها طرف غربي.
ورغم التوترات التي شهدتها العلاقات السياسية بين البلدين، بقيت العلاقة التجارية والاقتصادية تتطور بشكل بارز.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل(مصر)الأحزاب السياسية تطالب الرئيس مبارك بوقف محاكمة «الإخوان المسلمون» عسكريا
نشر في العدد 1207
9
الثلاثاء 09-يوليو-1996