العنوان أدب (العدد 607)
الكاتب المحرر الثقافي
تاريخ النشر الثلاثاء 08-فبراير-1983
مشاهدات 27
نشر في العدد 607
نشر في الصفحة 40
الثلاثاء 08-فبراير-1983
محطة
في غد:
يولد من ليل المتاهات القمر
يزرع الشرق ضياء وسمر
يحصد العتمة واليأس
وألوان الهموم.
يقهر التنين، والعنقاء،
والريح السموم!
فيغني الشرق في زهو
لميلاد السحر!!
لسرايا الفجر والنصر
وجيل العائدين.
وغدا يبعث من قلب
الجراحات «صلاح الدين»
مرفوع الجبين.
ليعيد الشمس والأنجم والبدر
لدنيا التائهين...
مواقف
في «التحديات وتحديث المواجهة الإسلامية» الذي كتبه الأستاذ تركي عبد الله السديري في «الرياض الأسبوعي» وفي صفحة لقاء الجمعة، كان شاهدًا على اتهام نفسه، وتلك غاية الإنصاف، هو لم يكن يريد أن يتحدث عن نفسه حديثًا شخصيًا ولكنه عبر من الذات إلى الجماعة، حيث اعترف بأن بعض الشباب المسلم قد انبهر بمظاهر الحضارة الغربية إلى درجة النفور حيال البديهيات الإسلامية المتعلقة بالسلوك لا بالقيم - ولكنه اعترف بصراحة أكثر أن ذلك الشباب لم يعرف وقتها إن هذه الحضارة الغربية مسيحية الطابع ولم يدرك حقيقة الدعاة من المسيحيين العرب الذين كانوا يقولون: إن الغرب لم يحقق تقدمه العلمي إلا بعد أن ثار على الكنيسة وتخلص من التبعية لها؟!.. ويقول: كنا أغبياء!! إذ لا كنيسة عندنا ولا تبعية في الإسلام...
بعد ذلك يأتي بأمثلة عملية وقع عليها خلال رحلاته إلى بعض الدول الإسلامية ولننتبه إلى معانيها، يقول:
- كيف نتصور بلدًا مسلمًا يقارب سكانه ١٥٠ مليون نسمة منهم ۱۳۸ مليون مسلم والباقي 8% غير مسلمين منها 5% مسيحيون، ومع ذلك فإن رؤساء التحرير ومالكي دور النشر فيه كلهم من المسيحيين؟!
- بلد إسلامي آخر يتجاوز ۷۰ مليون مسلم ومع ذلك فالفئة الحاكمة فيه لا يمكن اعتبارها عاملة لمصلحة المسلمين أو تدين بعقيدتهم!
- ١٠٠ مليون مسلم في دولة آسيوية غير مسلمة لا حقوق لهم ولا إمكانيات.
- أقليات إسلامية في دول مسيحية وشيوعية يحرمون من كل الحقوق والامتيازات ما داموا محافظين على ديانتهم!
- في بلد عربي مسلم تمكن الحاكم من إلغاء أذان الفجر في بعض أحياء العاصمة لأنه يزعج الأقلية غير المسلمة!!!. ويقترح المواجهة تحديات العصر إيجاد الطبيب والمهندس وعالم الذرة والكيمياء والفيزياء والزراعة وكل علوم الحياة العصرية من المسلمين، كي يقودوا المجتمعات المتخلفة في هذا العالم المعزول عن حياة العصر!
إن علينا أن نتحدث بنفس اللغة العملية والعلمية التي يديرون بها معاركهم الفكرية والإعلامية ضدنا وإلا فسنجد في النهاية أننا لا نملك الا مجرد مكتبات قديمة داخلها مجموعة من القراء الشيوخ!! في حين يشكل الغربيون قوالب الحياة التي يريدونها لمسلمي آسيا وأفريقيا داخل المعمل والجامعة وتحركات رؤوس الأموال.. تحية للسديري في طرحه الجديد الواعي الجريء هذا. ونفع الله به...
قصة قصيرة
القتال في السجن؟!
سلم من صلاة الفجر، ولبث يسبح الله ويدعوه في ضراعة، لاحظ صمت زوجته، فالتفت إليها، أطرقت إلى الأرض، قلبه يقول إنها حزينة، سألها:
- مالك؟
-... لا شيء.
لمح دموعًا ترقرقت في عينيها، وفكر أنها عاتبة عليه لأنه تطوع للقتال في الجبهة، فسألها:
-هل أنت حزينة؟
-.....
- أخبريني.. ما بك؟!
- لم أتعود أن تبعد عني!
ابتسم ابتسامة مطمئنة أراد أن تمنحها السكينة، وقال:
- وهل أقدر أن أبعد عنك؟
غضت طرفها على استحياء بينما تابع:
- إن هي إلا أيام وأعود بإذن الله..
-وهل أنت واثق..؟
- ماذا تعنين؟!
-لا.. لا شيء.. ولكني خائفة!
- إن الأقدار بيد الله يا أم محمد، وأنت خير من يدرك هذا، فكيف تخافين؟! ثم.. لا تنسي إنك أنت التي كنت تحثينني دومًا على الجهاد، وها هم أولاء اليهود قد استباحوا أرضنا، فهل ننتظر حتى يحتلوا البلد؟
- معاذ الله يا أبا محمد، لم اقصد هذا أبدًا.
-إذن..؟
-إنك لأول مرة سوف تغيب عنا..
-وهذا ما يحزنني.
-تحزنين!؟ سامحك الله.. هيا.. هيا، الله يرضى عليك، دعك من هذا، وامسحي دموعك وأعدي لي الحقيبة بينما أوقظ محمدًا وأطمئن عنه قبل أن أذهب..
-وأمك ألن تنتظرها؟
-أمي لقد تأخرت، وسوف أذهب إليها بنفسي.
حمل حقيبته، وقبل المصحف الصغير ودسه في جيب قميصه عند القلب، ووقف عند باب الدار يودع أهله، قال:
-استودع الله دينكم وأمانتكم.. ولم تدعه يكمل، بل أسرعت إليه عانقته بكل ما لديها من شوق وحاولت جاهدة أن تحبس دموعها فلم تقدر.. عز عليها أن تفارقه أو تغيب بسمته عن البيت، كم منحتها كلماته من أمل، وكم أغدق عليها من محبته وعطفه! فكيف تعيش من دونه؟ قالت له راجية:
-لا تتأخر عنا
فضحك ضحكة أنيسة، ورد عليها مداعبًا:
- إن لم تمسحي هذه الدموع، وتكفي عن هذا الحزن فلن أعود.. امتثلت لأمره راضية وغصبت نفسها على الابتسام، وهمست في أذنه:
- معك لم أعرف الحزن أبدًا!
-إذن.. أعود بإذن الله.
انفجر باب الدار فجأة كالبركان انفتح على مصراعيه.
وتناثر زجاج نافذته كالرصاص، انخلع قلبها وانهارت على الأرض أما هو فقد تماسك، وقبل أن يدرك ما حدث كان الجنود المسلحون قد احتلوا أركان الدار، دفعه أحدهم إلى الحائط، وصرخ فيه أن يرفع يديه إلى الأعلى، فتشوا الدار، قلبوا الأشياء، فتحوا كل الأبواب لم يدعوا شيئًا إلا حركوه عن موضعه نبشوا الفراش، فتحوا صنابير الماء، دلقوا أطباق الأكل قلبوا الأحذية وفتشوا داخلها وعندما أعياهم البحث، قال كبيرهم:
- أخبرني.. أين تخفي المنشورات؟
- المنشورات!!؟
لطعه الضابط على وجهه، فنفر الدم من منخريه، شهر الضابط مسدسه في وجهه، وصرخ فيه:
- لا تتظاهر بالجهل. فنحن نعرف كل شيء.
-ولكن.. هذا هو البيت أمامكم..
- دعك من اللف والدوران.. وإياك أن تكذب علي! قلت لك أريد المنشورات هل تفهم؟
-والله العظيم لا أعرف عن أي شيء تتكلم.. أنا محمود عبد الستار النجار يا حضرة الضابط. فهل أنا الشخص الذي تبحثون عنه؟
انتفخت اوداج الضابط وهو يشتم ويلعن. وقال ساخطًا:
- وهل تحسبنا جاهلين مثلك أيها ال.؟ هيا أخبرني اين آلة الطباعة والمنشورات التي تهاجمون فيها الثورة؟
-!!!؟
-لا تعرف.. ها؟
ومد يده إلى لحية أبي محمد يريد أن ينتزعها انتزاعا. وقال:
- هذا هو دأبكم أيها المشايخ... تتآمرون مع أعداء الثورة ثم تهاجمون مكتسباتها التقدمية!!
-أرجوك يا حضرة الضابط أن تفهمني. أنا محمود عبد..
- عبد الستار النجار.. أعرف هذا تمامًا. وأنا لم أخطئ العنوان أبدًا. وانت هو الشخص الذي نريد. فهل عندك غير هذا الكلام؟
- والله.. أنا إنسان بحالي لا لي بالمنشورات ولا بغيرها، ولا علاقة لي بكل ما تقول. وأنا الآن ذاهب إلى الجبهة للقتال، وهذه بطاقتي العسكرية... انفجر الضابط ضاحكا وهو يقول:
- القتال؟!!
ثم قطب. وتابع:
-سوف تقاتل في السجن يا.. شيخنا!! هيا معنا كانت أم محمد قد استردت وعيها، واحتضنت الصغير الذي كان يبكي بحرقة فتعلقت بذراع زوجها وراحت تصرخ:
-لا.. لا..
فنزع الضابط يدها عن زوجها، ودفعها بعيدًا، ودفع أبا محمد أمامه، ثم انطلق يتبعه طابور عسكره!!
أبو مالك
من الشعر الحديث
مياه بلون الدم؟!
يعود «شباط»
وفي مقلتيه دم لا ينام!
وذاكرة حفظت ما رأت.
فما مر من خفقات السنينِ
على قلبها غير عام؟!
أتنسى؟
وفي عُمقِ أغوارها الذكريات اضْطرام!
ويلفحها في لظى الزمهرير!!
اصطخاب
ودمدمة واحتدامْ؟!
وفي قلبها النائحات النواعيرُ أقمن وما يستطعن المنام!
وحتى الأنينُ؛
له رنة غيرتها عوادي السنين.
وفي جرحها الثاكلات الضِفافُ
يلملِمْنَ جمر الحنين.
ويلتهب الماءُ في مهجةِ النهر شوقًا،
لمن غاب في عاصفات الجنونْ!!
إذن كيف تنسى؟
وتلك المياهُ بلونِ الدماءِ.
تلوَّنُ أحلامَها باحْمرارِ اللهبْ!
وتشعل فيها الغَضَبْ!!
على أمة أسلمتها بخذلانها للفَناءْ؟
سألتُكَ أين أرى زهرة فوقَ
شطآنها الحالماتِ
وما لونتها يد الأدنياء؟!
سلام عليها ...
إِلى أن يحُل عليها السلام!..
نعيم أبو مسعود
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل