; إشراقة الثلاثاء - الذوق العام | مجلة المجتمع

العنوان إشراقة الثلاثاء - الذوق العام

الكاتب محمد إبراهيم

تاريخ النشر الثلاثاء 26-مارس-1974

مشاهدات 18

نشر في العدد 193

نشر في الصفحة 25

الثلاثاء 26-مارس-1974

إشراقة الثلاثاء

الذوق العام

بقلم: محمد إبراهيم نصر- المدرس بجامعة الرياض

أخي صديق إشراقة الثلاثاء: سلام الله عليك، أدعو لك في بداية حديثي، بأن يشرح الله صدرك ويفرج كربك، ويمنحك بشاشة الوجه، وابتسامة الثغر، وسعة الصدر، ورحابة النفس، ونقاء السريرة.

حديثي معك هذا الثلاثاء عن الذوق العام، أو ما يسمى بـ«الإتيكيت».. نعم عن فن «الإتيكيت» وهي كلمة كما تسمعها غربية، ادعى المغربيون أنها من صنعهم؛ لأن الذوق العام، والسلوك المهذب من مستحدثاتهم -هكذا يدعون- أو هكذا يدعي بعض أبناء الشرق الذين بهرتهم مدنية الغرب، وفتنتهم حضارته، ولكن الحقيقة التي يجب أن تعرفها أيها الصديق، والتي يجب أن يعرفها كل شرقي، وكل من ينتمي إلى دينك السماوي، بل كل من لا ينتمي إلى دينك السماوي. الحقيقة: أن هذه الكلمة يقابلها في لغتنا الجميلة كلمة «الذوق العام» ويرادفها كلمة التهذيب، ومن هذه وتلك مشتقات ومترادفات تجدها في آثارنا الأدبية، وفي قواميسنا اللغوية...

ليس هدفي هنا أن أجول بك في كتب اللغة، وفي دروب القواميس، فمعذرة أيها الصديق، إذا كنت قد جلت بك هذه الجولة، فهذه بمثابة الجملة الاعتراضية من الكلام الموصول الحلقات، المترابط المعنى والنسج، أردت منها أن أوضح أصالة الذوق في أدبنا، وجمال التهذيب في ديننا، وفن السلوك في حضارتنا التي أطلت على الدنيا وهي مغمضة العينين.

ولم نعرفها كلمة تقال، ولكننا عرفناها سلوكًا يتبع، ومنهجًا يحتذى، وأسلوبًا من الظرف والكياسة نسير على منهجه.

وأنا في هذه الآونة أريد أن أذكرك «بالإتيكيت» الذي ينبغي أن تسترشد به في معاملة الآخرين، أريد أن تبسط للناس وجهك، وأن تلقاهم في بشر، وتنشط لقضاء حاجتهم، وتخفيف آلامهم، وأنا متوقع منك أن تقول: الناس قسمان، کریم بار، تعرفه بسيماه، وتتبينه من حديثه، وتجد نفسك مندفعًا للقائه في رضا وتخدمه عن اقتناع، وتهش للقائه متى تلقاه، ولا تستطيع غير ذلك لو أردت.

وصنف آخر، تراه فتنفر منه، وتضيق به، وينقبض وجهك على الرغم منك، ولهذا ترد تحيته في جفاف، وتنشغل عنه حينًا بوضع وجهك في الصحيفة، وحينًا آخر بالعبث في كتاب أو مجلة، لا ترفع رأسك إليه، ولا ترى في نفسك دافعًا لقضاء حاجته، وتحقيق مطلبه، سواء أكان على حق أو كان على باطل. ولن أتحدث معك يا أخي بشأن الصنف الأول من الناس، فهذا قد قضيت في أمره بالحق، بوحي من فطرتك، ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ (الروم: ٣٠ )

ولكني أتحدث معك بشأن الصنف الثاني، الذي استجبت في معاملته لنزعتك، ووسوسة شيطانك، ولم تقض في أمره بالعدل، ولم تتبع معه الإنصاف، ولم تسر على نمط من الذوق والتهذيب كما يرشدك إلى ذلك منهجك الإسلامي، وهديك النبوي، وأذكرك بحديث روته عائشة أم المؤمنين قالت: «استأذن رجل على رسول الله (ص) فقال النبي: بئس أخو العشيرة هو، فلما دخل انبسط إليه، وألان له القول، فلما خرج، قلت "أي عائشة» يا رسول الله، حين سمعت الرجل قلت كذا وكذا، ثم تطلعت في وجهه، وانبسطت إليه. فقال: يا عائشة، متى عهدتني فاحشًا؟ إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، من تركه الناس اتقاء فحشه"

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

كن ودودًا

نشر في العدد 194

16

الثلاثاء 02-أبريل-1974