; أدب: (584) | مجلة المجتمع

العنوان أدب: (584)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 24-أغسطس-1982

مشاهدات 15

نشر في العدد 584

نشر في الصفحة 42

الثلاثاء 24-أغسطس-1982

اصمتي مثلنا!!

تصرخين الورى؟

اسمعي:

الورى... في سكون الجبال!

تصرخين النهي؟

النهي والرضى.. في فيافي الزوال!

***

اصرخي في الدنا

واملني

أرضنا ألف آه وآه.

قام فينا الوني

وانتهى سمعنا

عن صراخ الشفاه.

***

أنت في غابة يادموع النقا

 هل يفيد البكا بين أنياب غاب؟

قد سئمنا نواح العذارى ولن

 يوقظ الصوت موتى.. بقايا سراب!

***

زغردي

أختنا، كبري في البلاد.

طمئني

طفلنا، واهتفي

في العباد.

وارقبي

فجرنا في الربي

والوهاد.

وارتوي

من هدى المصطفى

والرشاد.

حسام الدين حامد

الأمة تسحق والقمم تخفق

كذوبٌ مدى العمر لا يصدق * نكُوصٌ لدى الروع لا يلحق

توالت تصاريحهُ الرعدات * بأبواقهِ لم تزلْ تُبْرقُ

وعُودٌ مضى عامُها الأربعون * فأيُّ النجاحات قد حققوا؟

ويدرك أبعادَها التابعون * وإن قال مولاهمو صفقوا

يقول الأجلاء عبر السنين: * ستسحقُ صهيونُ، أو تُغرقُ

وقالوا: و يا زيف ما يأفكون * سيجمعنا للوغى خندق

ويجمعنا موقف للقاء * يوحده الصدقُ والموثقُ

ونقدي ديارًا بأرواحنا * نموت وأعلامُها تخفقُ

ندافع كالأسد دون الحمى * على من يهمُّ به، تطبق

إذا فيلق ذاب في كرّة * تقدم مستبسلًا فيلق

س.ع – السعودية.

خواطر

انتحار الشاعر «2»

قلنا في الحلقة السابقة إن عدة عوامل دفعت بخليل حاوي الشاعر اللبناني إلى الانتحار، وها هنا نفصل هذه العوامل التي نراها دفعت به إلى تلك النتيجة: وأولها أنه يحمل فلسفة عدمية جاءته من اعتناقه المذهب الوجودي الذي تعرف إليه من خلال دراسته، فقد درس الفلسفة في الجامعة الأمريكية في بيروت، ونال الماجستير عام 1955 برسالته «العقل والإيمان بين الغزالي وابن رشد» والدكتوراه في الأدب من جامعة كمبردج عام 1959 برسالته «جبران خليل جبران».

وثاني الأسباب اضطرابه السياسي، فقد بدأ في شبابه قوميًا سوريًا وأنطون سعادة رئيس الحزب آنذاك كان من قريته، ولكنه في نهاية الأربعينيات ترك ذلك ليتصل بالفكر القومي العربي وليكون شاعر العروبة حسب تصوره، ولكن الانتكاسات المتوالية لهذا الفكر التي جاءت بها الهزائم العسكرية والسياسية العنيفة جعلته يخسر رهانه على استجابة الأمة العربية لنداء اليقظة.

وثالث الأسباب أنه كان يحمل روحًا سوداوية يأكلها الحزن الذاتي والشعور بالوحدة والغربة، وعدم الألفة مع الناس حتى أنه عاش عزبًا.

وأخيرًا جاء الغزو الإسرائيلي للبنان، فكان كلمة الختام القاسية في فصل حياته الأخير، فأطلق النار على نفسه لينهي بذلك أحزانه الذاتية والعامة معًا.

وفي الواقع يستطيع قارئ شعره أن يحس كل هذه المعاني حين ينظر في شعره، فيصطدم بشعور حاد من العبث والسوداوية والإحساس العميق بالموت ولا جدوى الحياة، ونختار هذه المقاطع من ديوانه الذي نشرته دار العودة ببيروت عام 1972 وجمعت فيه ثلاثة دواوين له: فمن الأول «نهر الرماد» وانظر إلى دلالة العدم في العنوان يقول ص18:

خلني ماتت بعيني

 منارات الطريق.

خلني أمضي إلى ما لست أدري

لن تغاويني المواني النائيات

بعضها طين محمى

بعضها طين موات!

ويقول في مكان آخر ص68:

في أسى الصمت المرير

وأنا في الكهف محموم ضرير

يتمطى الموت في أعضائه

عضوا فعضوا ويموت

كل ما أعرفه أني أموت

مضغة تافهة في جوف حوت!

ویری حسین مروة الناقد اللبناني أن خليل حاوي اصطدم بحياة رأى فيها مأساة تفوق مأساة الموت، بل رأى الموت هو الخلاص من المأساة من الحياة ذاتها، أليس يعني هذا أن الشاعر لم يجد في طبيعة وجودنا وأرضنا ما يستحق الانبعاث السوي؟!

وكان هذا قبل موته بعشر سنين، أما بعد أن مات فقد قال جهاد فاضل في «الحوادث»: إن تسعين بالمائة من أسباب انتحاره تعود إلى انعكاس الأزمة العامة عليه والعشرة الباقية هي أحزانه الذاتية التي كان يعانيها وحيدًا محزونًا حيث لا نديم ولا خل ولا أحد...

_ لقد أضاف الحاوي بانتحاره صفحة سوداء جديدة إلى كتاب الفكر القومي المنهزم!!

يا أمة العرب نامي

أحمد حسن القضاة

يا أمة العرب نامي غير آبهة * بما يدور بساح العرب من محن!

نامي على الضيم ولتحرسك شرذمة * من عسكر اللهو والشيطان والفتن!

نامي على الذل بعد العز إذ درست * رسومه أمس -والهفي- مع الزمن!

نامي.. عدوك لا ينفك مبتهجًا * يغزو الديار فلم يرهب ولم يهن!

نامي فبالنوم أحلام وملتجأ * من «واقع» ناء بالشحناء والإهن!

نامي مع الجوع والأرزاء أيسة* مصحوبة بمزيد العار والوهن!

لا «حق» يطلب بعد اليوم مغتصبًا * قد ضاع حقك بين النوم والمحن!

السعودية – الرياض

من أنت؟

من أنت يا هذا فوجهك عن صفاتك يخبر؟

عيناك تلتمعان في خبث ووجهك أصفر

أنا لست مرتاحًا إليك ولم يرقني المنظر

هل أنت لص أم خؤون مجرم تتنكر؟

أم أنت قواد يسيل على يديه المنكر؟

عن أي شيء جئت تبحث «يا جبان» وتنظر؟

أفكلما شاهدت جمعًا جئتهم تتستر

لا لست أنت كما ظننتك واهمًا، بل أحقر

أنت اللئيم ابن اللئام فأنت أنت «المخبر»

لك «يا حقير» بما صنعت رصاصة أو خنجر

للأخ: ي. البشيري

قصة قصيرة

حرية الكلمة

الأستاذ صالح، منارة للعلم في بلده، حياته كانت بين أزهار المستقبل، شباب الغد، يعلمهم، يشذبهم، يسقيهم من أدبه الذي فطم عليه، أدب الإسلام، كان لا يمل ولا يتعب، يحدث الأبناء عن آبائهم عندما كانوا طلبة يجلسون أمامه، حتى عرف بأنه مربي الأجيال، البشاشة لا تفترق عن محياه، ليس له عدو، الكل يجلونه ويحترمونه، لأنهم لم يعرفوا عنه إلا الوفاء والإخلاص، كان يتمثل بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم.

بدأت الصحف والإذاعات التي تملكها الدولة تتكلم عن حرية الرأي، وحرية الفكر، والديمقراطية الشعبية، وأن الذي سيحاسب الأفراد عن أخطائهم هو الوجدان.. هو الضمير، كان الأستاذ صالح يضحك من هذه العبارات وغيرها، فهو قد خبر الحكام والرؤساء وقد زاد عمره عن الستين سنة، فقد عرف الشيء الكثير من نفاق الأبالسة، كان يفكر بالكلام الناعم الذي يغطي ظلامًا قاتمًا.

الصحف أعلنت البشري بانتخابات نيابية تحقيقًا للديمقراطية، نسى الأستاذ صالح نفسه، نسى فكره، نسى آراءه، واستجاب لرأي عدد كبير من طلابه بأن يرشح نفسه لانتخابات مجلس الشعب كمرشح مستقل.

وثق الأستاذ صالح بالفوز، الأجيال التي أحرق نفسه حتى تشتعل بالعلم وبالأدب، أخلصت بالحب، تلاميذه يقومون بالدعاية الانتخابية حق القيام، الأستاذ صالح يخطب بالجماهير المحتشدة ويعدهم بأن يسعى لتحقيق كل شيء يرفع من مستواهم.

ودع الأستاذ صالح ضيوفه بعد منتصف الليل، ودخل على زوجه عابس الوجه، وقد جرى الحزن في تجاعيد وجهه، سألته بلهفة.. ماذا وراءك؟ فأجاب بتلعثم، لا شيء لا شيء، أصرت عليه بأن تعرف، وأقسمت عليه بالله أن تعرف الحقيقة، قال: والأسى في عينيه، جاء رجال السلطة وطلبوا مني أن أشترك معهم في قائمة واحدة، لكنني رفضت، أغروني بأشياء كثيرة ثم هددوني بأشياء وأشياء، إنني رفضت، كيف أخون أبنائي؟ كيف أخون من أعطاني ثقته؟ كيف أبيع نفسي؟ كيف أشوه سمعتي؟ لا... لا... لن أقبل المساومة.

في صباح اليوم التالي خرج الأستاذ صالح إلى الشارع، شاهد إقبال الناس عليه يهتفون بصدقه بشهامته، شعر بأن قلوب الناس تصافحه بالشارع وتعطيه العهد، رجعت إليه الثقة بالفوز رغم تهديد رجال السلطة له.

في صباح يوم الاقتراع، ذهب الناس إلى مراكز الانتخاب، وهم يتهامسون بأن مرشحي السلطة مصيرهم الفشل والخيبة.

في المساء جلس الأستاذ صالح إلى جانب رئيس اللجنة الذي سيفرز أصوات المرشحين، تعالت الأصوات، ورجال السلطة يتحركون بحركات لم يفهمها، فتحت الصناديق، ورئيس اللجنة لا ينطق إلا بمرشحي السلطة، أخذه العجب، ولم يعد يفهم شيئًا، تساءل... أين الذين أيدوا ترشيحه؟ أين الذين ناصروه؟ الخيانة وصلت في الناس إلى هذا الحد، تصور الناس ثعالب وذئابًا، أخيرًا علل نفسه، بأنه سيسمع اسمه ثلاث مرات من فم رئيس اللجنة، صوته وصوت ابنيه، لكن هذه الأمنية لم تتحقق له، فقد انتهى فرز الأصوات، ولم يفز بأي صوت، خرج من سراي الحكومة، أمواج هادرة من الخواطر تمر في مخيلته، الناس خونة، ولداه خاناه، هو خان نفسه، لكنه يتذكر.. بأنه كتب اسمه بخط عريض على ورقة بيضاء ورماها في صندوق الاقتراع، لم يعد يفهم شيئًا...

عادت له ذاكرته، حين كان يضحك من الكلمات الخداعة عن الحرية، دخل دكانًا ودفع له بأصغر قطعة نقدية، ثمنًا لصورة حاكم البلاد، سمع من المذياع صوت المذيع يعلن انتصار الكلمة الصادقة، حرية الرأي لدى الشعب، انتصار مرشحي السلطة على منافسيهم، جمع الأستاذ صالح الصورة في راحة يده حتى أصبحت كرة مدورة ورماها في جوف الليل مرددًا: لكل ظالم نهاية.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 33

20

الثلاثاء 27-أكتوبر-1970

نشر في العدد 360

20

الثلاثاء 26-يوليو-1977