العنوان اقتراح بتشكيل كتائبُ التحرير الإسلامية
الكاتب إسماعيل حسن
تاريخ النشر الثلاثاء 28-يونيو-1977
مشاهدات 11
نشر في العدد 356
نشر في الصفحة 26
الثلاثاء 28-يونيو-1977
اسمحوا لي أن أستهل حديثي الأول إليكم -كأحد إخوانكم في الله- بتوجيه عظيم التقدير والتأييد لجهادكم المشرف في سبيل إعلاء كلمة الحق، ومواجهة تيارات الكفر، وحملات الباطل، وفضح أساليب الاستعمار المتجددة، والمتطورة، للسيطرة على أمة الإسلام، والكيد لها، وصرفها عن دينها، ومحاولة النيل من استقلالها السياسي والحضاري، وتعريتكم لتلك الأساليب، وفضح كل من يروج أو يستسلم لها. ومساهمتكم الفعالة في نصرة المجاهدين في كافة أرجاء الأرض، وإبلاغ رسالاتهم، وشحذ همم المسلمين أنظمة وأفرادًا على نصرة الله ونصرتهم. وفقكم الله وسدد خطاكم وإخوانكم الذين يشاركونكم تحمل مسئولية هذا العمل الإعلامي الجليل.
وبعد...
فإن التحدي اليهودي الصهيوني وما وراءه من قوى استعمارية حاقدة في شرق العالم وغربه، يمثل أكبر وأخطر تحد يواجه البعث الإسلامي المرتقب، ومما يزيد من خطورته أنه يجند من بين صفوف المسلمين وحكامهم، من يدعو لأفكاره، ويروج لمخططاته، وينفذ تعليماته، ويحقق أهدافه في السيطرة على أمة المسلمين والكيد لدينهم.
ولا يبدو الأمر في حاجة إلى مزيد من الاستطراد في بيان طبيعة وأهداف هذا التحدي، وهذا الصراع، وأساليبه في الوصول لغاياته، فأحسب أن هذا ما طال وكثر الحديث فيه، ولا يختلف عليه مؤمنان بالله ورسوله على وجه البسيطة.
ولقد قرأت دعوتكم -في عدد سابق- لتنظيم عمل إسلامي فدائي يخاطب الإرهابي اليهودي «بيجن» ومن وراءه، باللغة التي يفهمها، وحسب منطقه الذي يقرر: «أن العالم لا يحترم إلا المحاربين».
وإنها لدعوة حق جديرة أن تصدر عنكم، وأن تجد لها صداها في قلوب وأفئدة المسلمين في كل مكان، ورغم الصعوبات والعراقيل التي تواجه قيام هذا العمل العظيم والضروري - في نفس الوقت – فإن إمكانية قيامه موجودة أيضًا، اعتمادًا على الحقائق الآتية:
۱ - فرغم وجود الأنظمة التي اتخذت لها الاستسلام دينًا، والعمالة لأعداء الله منهجًا وشريعة، فما زالت هناك أنظمة يرجى منها الخير.
٢ - ورغم أن الشعوب تبدو مغلوبة على أمرها مستسلمة ليد البطش والتضليل التي تحكمها، فهي لا تخلو أبدًا من الطليعة المؤمنة المجاهدة، والمتحفزة دائمًا لنصرة الله ودينه وجنده، والذود عن ربوع الوطن الإسلامي.
٣ - ورغم أن مخطط الذل والاستسلام.
يبدو حثيثًا في خطوه نحو التنفيذ، إلا أن بنوده الأساسية - والتي لن تقوم بدونها له قائمة وهي:
أ – اعتراف المقاومة الفلسطينية، بشرعية الاحتلال اليهودي لفلسطين.
ب - موافقة الأنظمة العربية المساومة، على احتلال أجزاء أخرى من أراضيها تحت شعار «تعديلات طفيفة في الحدود».
ج - الموافقة على إقامة علاقات طبيعية شاملة سياسية واقتصادية وتجارية وسياحية مع العدو الغاصب، بحيث تدخل إطار التنفيذ ضمن باقي البنود الأخرى.
تلك البنود باتت حجر الزاوية في أي حل سياسي «يرضى به اليهود» - باعتبار أن الآية قد انعكست بحكم الاستسلام والخنوع وإلقاء السلام من الجانب العربي، والصلف والسيطرة ومواصلة الاستعداد العسكري من الجانب اليهودي، فأصبح علينا نحن العرب والمسلمين أن نرضي اليهود وليس العكس، فكأننا نحن الغاصبون وهم أصحاب الحق المغصوب - وهي بنود ما زالت تحتاج إلى بعض الوقت لتمهيد الشعوب العربية الإسلامية لقبولها، وذلك عن طريق:
۱ - زيادة الضغط الاقتصادي على شعوب دول المواجهة.
٢ - بث الفرقة بين الدول والشعوب العربية واختلاق المنازعات، والوقيعة بينها، والعمل على تصعيد الخلافات إلى مرحلة المواجهة العسكرية وحشد الجيوش.
٣ - تشتيت جهود العرب وقواهم العسكرية والسياسية فيما لا يعنيهم، وصرفهم عن صراعهم الأساسي.
٤ - غسيل المخ الإعلامي بالأفكار والاتجاهات الاستعمارية عن طريق مرتزقة وخونة الإعلام العربي، وصبغ هذا الإعلام بالصبغة الصهيونية.
٥ – إثارة وتقوية وتدعيم الأقليات، وهي بطبيعتها تعتمد في وجودها أو في نفوذها على القوى الاستعمارية، وأهدافها متفقة إلى حد كبير مع العدو الصهيوني واستخدام تلك الأقليات في إثارة المشاكل الداخلية، والوقيعة بين الدول العربية، وكل هذه أمور تحتاج - أيضًا – إلى بعض الوقت لتظهر آثارها، وتجني ثمارها.
لذلك، فإن هذا الوقت المتاح يمكن استثماره في القيام بعمل على مستوى جيد من الدراسة والإعداد والتنفيذ لتحقيق عدة أهداف من بينها:
١ – إيقاظ بواعث الإيمان والأمل في نفوس أبناء الشعوب العربية والإسلامية، وإثارة روح الجهاد المقدس، والكفاح المسلح التي خمدت أو كادت.
٢ - فضح الأنظمة العربية المسلمة والمتخاذلة أمام شعوبها، وشعوب الأمة الإسلامية جمعاء مما يضطرها إلى الاختيار بين الارتداع، أو التخلي – إراديًا أو لا إراديًا - عن السلطة في بلادها.
٣ - تدعيم موقف القوى العربية التي قد أصبحت -بفعل الضغوط الإمبريالية عليها- على شفا الانحدار إلى مستنقع الذل والاستسلام، وعلى وجه الخصوص المقاومة الفلسطينية.
٤ - مخاطبة الإرهابي «بيجين» بالأسلوب الذي يفهمه، ويمكنه من إدراك طبيعة السلام الذي يرتضيه العرب والمسلمون.
٥ - استرداد أوراقنا وإدارتنا من الأيدي الأمريكية العابثة الخبيثة - كما بات جليًا للعيان بعد المفاوضات العربية – الأمريكية الأخيرة، وما صدر خلالها من تصريحات أمريكية تسفر عن وجه أمريكا القبيح، وأغراضها الخبيثة - مما قد يجعل أمريكا تعيد النظر جديًا في مواقفها وسياساتها.
٦ - تحقيق العودة إلى الاستفادة من صراع وتوازن القوى في العالم، ومحاولة تسخيره في خدمة قضايانا بدلًا من جعلنا وقودًا له.
إنني لكل ما تقدم أشاطركم رأيكم، ودعوتكم: وأدعو بأعلى صوتي إلى تشكيل «كتائب التحرير الإسلامية»، كطليعة الجهاد في سبيل الله، لاسترداد الحق المغتصب، والوطن المسلوب، والمقدسات الإسلامية التي دنستها أقدام الغزاة النجسة، والذود عن ديننا الحنيف باعتباره المستهدف الأول من تلك الهجمة اليهودية النصرانية المعاصرة.
وإني لأمل أن تجد دعوتي هذه متسعًا في صدوركم وفي صفحات مجلتكم الغراء، بعد إذ ضاقت أمامها الصدور والصفحات الأخرى.
﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾. (النساء: ٧٤).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل