العنوان التكامل التنموي بين دول مجلس التعاون الخليجي مطلب شعبي
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 13-أغسطس-1985
مشاهدات 16
نشر في العدد 729
نشر في الصفحة 14
الثلاثاء 13-أغسطس-1985
يحرر المنطقة من محاولات النفوذ الاقتصادي الخارجية
• القمح السعودي أغضب أمريكا فأرسلت وزير زراعتها ليعرض بيع القمح الأمريكي بنصف التكلفة بهدف ضرب الزراعة المحلية.
• شعب المنطقة يطالب بإيجاد التكامل اللازم في خطط التطوير والتنمية بين دول مجلس التعاون على المستوى التجاري، والصناعي، والزراعي، والصناعات العسكرية الثقيلة.
في أثر القفزة الاقتصادية في دول الخليج العربي الغنية باحتياطاتها النفطية كان لا بد من استغلال العائد النفطي في بناء نهضة شاملة تؤدي إلى الاعتماد على الذات في سائر احتياجات شعوب المنطقة على الجوانب الاقتصادية بشكل خاص؛ وذلك لقطع الطريق على الدول الكبرى التي دأبت على استغلال حاجات المنطقة لتمرير مصالحها، وقد خطت بعض دول الخليج خطوات طيبة في مجال التنمية الداخلية مع كل شعوب المنطقة باستمرار خطط التنمية ووجود شيء من التكامل التنموي بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي على المستوى الاقتصادي، والأمني بشكل خاص.
• مثال طيب:
من أمثلة التنمية التي تعتبر قاعدة الاعتماد على الذات وتأصيل الرؤية السياسية في الاستقلال عن القوى الكبرى (تنمية القدرة الزراعية) في المملكة العربية السعودية، والحق يقال: إن المملكة خطت خطوات هائلة في التنمية الزراعية، وقد بدأت بزراعة مختلف المحاصيل الزراعية، ولا سيما القمح بغية توفير المحصول الذي يضمن الاكتفاء الذاتي لسد حاجة (۷) ملايين نسمة في المملكة، ولما حققت زراعة القمح أهدافها في الاكتفاء الذاتي لم تشأ أمريكا إلا أن تحشر نفسها، وتسرع بإرسال مبعوثها إلى المملكة وهو وزير الزراعة الأمريكي ليقوم بدور المثبط، وقد اجتمع الوزير الأمريكي إلى وزير الزراعة السعودي ليثنيه ويثني المملكة عن الاستمرار في تطوير زراعة الحبوب، والغريب أن الوزير الأمريكي أبدى استعداد بلاده بتزويد المملكة بما يكفيها من القمح الأمريكي بأسعار أقل بكثير من تكلفة زراعة القمح السعودي.
وكان الهدف الأمريكي واضحًا وهو القضاء على التنمية الزراعية والاستثمار الداخلي في المملكة، ثم في سائر دول مجلس التعاون الخليجي وربط حاجة المنطقة بالولايات المتحدة التي تجيد التلاعب بحاجات الدول الأخرى ومتطلبات الحياة فيها، لكن رد الوزير السعودي كان ردًا وطنيًا قويًا؛ حيث رفض العرض الأمريكي على الرغم من أنه يوفر حاجة المملكة للقمح بسعر يقارب نصف تكلفة القمح المحلي، وقد حمل الرد معنى عدم الرغبة لدى شعب المنطقة في الاعتماد الغذائي على الولايات المتحدة الأمريكية، ولا سيما وأن الولايات المتحدة تجيد لعبة السيطرة على الشعوب الأخرى بمختلف الوسائل حتى بالغذاء والكساء أيضًا.
• حقيقة استعمارية:
عندما دخل الاستعمار إلى بلداننا المسلمة لم يترك أي مجال للعمل على نهوض شعوب أمتنا المسلمة، وعمل على ربط كل احتياجاتنا به واليوم فإن قوى الاستعمار تعمل جاهدة وبشتى الوسائل لتثبيط الهمم، وإيجاد الصعوبات أمام كل عمل مستقل عنها يتعلق بنهضة بلدان العالم الإسلامي، وإذا كانت دول مجلس التعاون أوجدت بينها هذا الرباط الإقليمي، فإن المنتظر أن تضع نصب عينها شعارًا أساسيًا هو «التنمية الذاتية طريق النهضة والازدهار المستقل» وقد تعترض تحقيق هذا الشعار عقبات كثيرة يضعها المستعمرون، لكن لا بد من التغلب على تلك العقبات بشتى الوسائل.
ولعل وحدة الموقف في وجه العقبات يذللها مهما كانت كبيرة، ووحدة الموقف يجب أن تعتمد على خطة شاملة متكاملة بين دول مجلس التعاون تأخذ باعتبارها:
١ - الاعتماد على الخبرات الفنية المحلية، وقد خطت كل من الكويت والمملكة العربية السعودية خطوات ملموسة في وضع الخبرات المحلية مكان الخبرات الأجنبية في مواضع كثيرة حساسة في حياة شعب المنطقة، ولكن لا بد من إعداد كل الكفاءات (المحلية) اللازمة في إطار جميع جوانب التنمية المطلوبة.
۲ - مواجهة الخطط الخارجية التي تستهدف عرقلة التنمية المحلية في دول مجلس التعاون بصلابة؛ لئلا تبقى ثغرة أمام قوى الاستعمار ينفذون منها لعرقلة نهضتنا المستقلة.
۳ - ضرورة إيجاد خطط وافية للتكامل بين دول الخليج؛ لئلا يبقى هنالك حاجة تنموية تعتمد بها على الدول الأخرى.
• التكامل المطلوب بين دول مجلس التعاون:
إن التكامل يعني أن تتضافر كل الجهود المتوفرة، وكل الطاقات والإمكانات الخليجية لتحقيق هدف واحد يؤدي إلى دفع التنمية الذاتية إلى الأمام، والاستغناء عن حاجتنا من الخارج، وهذا يحقق إبعاد النفوذ الاقتصادي الذي تحاول قوى الاستعمار استغلاله عادة ضد دول العالم المحتاجة إلى منتجاتها الصناعية، والزراعية، والعسكرية، وغيرها.
وإذا كان شعب الخليج العربي يرتبط بأقوى الروابط على المستوى الديني والبيئي واللغة، فإن قاعدة التوحد موجودة بين الشعوب، ويبقى أن ترفد هذه القاعدة وحدة التنمية وتكاملها بين كافة مؤسسات التنمية التي يجب أن تشمل:
١ - النهوض بالصناعة الخفيفة والثقيلة.
۲ - تطوير المجال الزراعي، وسد احتياجات المنطقة ذاتيًا بالغذاء اللازم.
٣ - دخول عالم التكنولوجيا العسكرية والتهيئة لصناعة تسد الحاجة الأمنية للمنطقة.
وفي إطار التكامل لا بد من تشجيع سائر الكفاءات المتوفرة محليًا، وإيجاد الكفاءة اللازمة، وفتح أبواب الاستيراد والتصدير التجاري والصناعي على مصراعيها بين شعوب دول مجلس التعاون الخليجي، مع توزيع اختصاصات الزراعة والصناعة على دول المجلس؛ لأن توزيع الاختصاصات سيسد حاجة كل بلد، ويغنيه عن استيراد بعض حاجاته من خارج دول المجلس.
على أن إيجاد هذا التكامل بين دول الخليج قد يلقى بعض الصعوبات، لكن هل نقف مكتوفي الأيدي أمام كل عقبة؟ الجواب لا، فالتغلب على العقبات أمر لن يكون صعبًا أمام التنسيق الجاد بين سائر دول المجلس، وبتحقيق التكامل المنشود نقضي على كل محاولات النفوذ التي يمارسها الاستعمار معنا.