; التليفزيون مدرسة تثقف الشعب.. فهل هذا هو الواقع؟ | مجلة المجتمع

العنوان التليفزيون مدرسة تثقف الشعب.. فهل هذا هو الواقع؟

الكاتب جمال النهري

تاريخ النشر الثلاثاء 09-يونيو-1970

مشاهدات 23

نشر في العدد 13

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 09-يونيو-1970

لقاء مع مسئول في التليفزيون

الاسم: السيد/ عبد الرحمن الحوطي

العمل: وكيل الوزارة المساعد للشئون الهندسية

التخصص: بكالوريوس الهندسة الكهربائية- جامعة كاليفورنيا «بركلي»

السن: ٣٢ عامًا

يعمل بوزارة الإرشاد والأنباء منذ عام ١٩٦٤

 

§       ليس هناك خطة للتليفزيون بل مجرد خطوط عريضة.

§       برامج الرقص لا تمثل إلا ٢٪ !!

§       نحن لا نبتعد في برامجنا عن الدين!!

§       سنتعاون مع التليفزيون الفرنسي الذي رست عليه المسابقة!!

§       التليفزيون.. بين الكم والكيف؟!!

ذهبت لألتقي بالرجل الأول المسئول عن التليفزيون، فوجدته في رحلة للخارج، وقابلت الرجل الذي يدير التليفزيون في غيابه، مهندس شاب في مقتبل العمر متفتح الذهن للنقاش.

قابلته وفي ذهني كل القضايا التليفزيونية التي تشغلنا.. سياسة التليفزيون، برامجه وآثارها في تربية النشء، الكم والكيف، إرضاء الذوق العام أم  توجيهه، علاقته بالأحداث المحلية والعربية والعالمية، دور البرامج الأجنبية في توليد أخلاقيات جديدة في المجتمع الكويتي، أصناف الذين يشاهدون البرامج وأثرهم على تخطيط البرامج.

يقول تقرير التليفزيون لعام ١٩٦٨ في تعريفه:

●     «التليفزيون مدرسة "تعلم" الشعب "وتثقفه" وتعمل على توسيع آفاقه وتطويرها.

●     وتجديد نشاطه "الفكري والروحي" بكل ما هو مفيد وممتع.

●      فضلا عن دوره في "ربط" المواطن بمجتمعه وتحسسه لمسئولياته وواجباته تجاه وطنه وأمته والإنسانية جمعاء».

قلت المهندس عبد الرحمن الحوطي:

أحب أن أتوجه إليك بالسؤال الأول على ضوء هذه المقدمة من «التقرير الرسمي» للتلفزيون:

●     هل يمكن أن تقدموا لنا صورة موجزة عن سياسة التليفزيون كجهاز مؤثر في كل بيت في الكويت لبلوغ هذه الأهداف؟

§       لا شك أن التلفزيون كجهاز إعلام المفروض أن «يعكس» سياسة الدولة في الحياة العادية ويتمشى مع السياسة العربية في الحالات الخاصة.

●     ففي النقطة الأولى نهدف إلى تثقيف المشاهد من الناحية الصحية والثقافية والاستطلاعية «كنافذة على العالم».

●     كما أننا نركز على «الناحية الدينية»، بالإضافة إلى «العنصر الترفيهي»؛ إذ لا بد أن يتوفر «الشوق» للتليفزيون عن طريق عرض المسرحيات التي تنصب على الأهداف التي ذكرناها.

§       وعلى المستوى العربي فقد نجحنا في تقديم برنامج «اعرف عدوك»، وقمنا بتسليط الضوء على القضية الفلسطينية على المستوى المحلي والعربي، وقد طلبت هذه البرامج من «مصر»، ومن «الولايات المتحدة الأمريكية» لعرضهما في البرامج هناك.

·       أود أن أعرف كيف توضع سياسة التليفزيون؟ ومن يضعها؟

§       الحقيقة هناك مجرد «خطوط عريضة» تنبعث من واقع اهتمامات الحكومة، وكمثال «الكويت بلد على النطاق العربي تساند الدول العربية».

●     ونحن نتلقى بين الحين والآخر توجيهات من سمو الأمير ومن سمو ولي العهد ومن سعادة وزير الإرشاد.

●      وهناك لجنة برامج تتشكل من مدير التليفزيون ومدير عام البرامج والمخرجين والمعدين ورؤساء الأقسام، وأثناء هذا الاجتماع توضع فكرة للدورة، ثم تُقدم كاقتراح لوكيل الوزارة للتصديق عليها، وهذه الدورة تستمر ثلاثة أشهر.

●      كم يبلغ رقم الإنفاق على التليفزيون؟ وهل تفي هذه الميزانية باحتياجاتكم؟

§       نحن ننفق في حدود ما نُعطى؛ فإذا أعطونا ١٠٠٫٠٠٠ دینار نشتغل بها، وإذا أعطونا مليون دينار نعمل بها أيضًا.

●     أليس هناك رقم محدد إذن؟

§       ميزانية البرامج تتراوح بين ٣٠٠٫٠٠٠، ٤٠٠٫٠٠٠ مكافآت لمواد وتكاليف البرامج المختلفة سواء كانت داخلية أو خارجية.

§       ولكن من أجل تليفزيون أفضل نصنع شيئًا جديدًا؛ مثال على مستوى الأخبار، المفروض أن يكون لدينا مراسلون في لندن وأميركا، وهذا غير متحقق ويترتب علينا أن ننشر بعض الأخبار بعد أن يكون قد مر عليها ربما يومان أو ثلاثة.

§       والميزانية المعقولة والتحسن التدريجي ينبغي أن يسيرا في خطين متوازيين.

●     ترى الغالبية من أبناء هذا الشعب المسلم أن ثمة «برامج» لا تتفق مع ما جاء في التقرير الرسمي للتليفزيون من كونه «مدرسة تعلم الشعب»، وأن «قسم الرقابة» لا يطبق ما جاء في النصوص التي تحدد أسلوب عمله «من وجوب استبعاد المواد التي تتنافى مع الأخلاق أو الآداب العامة؛ كالبرامج الراقصة من الشرق والغرب، أو برامج «توم وجونز» وما يشابهها والتي يمكن اعتبارها من باب الغزو الثقافي؟ فما رأيكم؟

§       عمومًا بالكويت بالذات هناك مشكلتان:

●     الأولى على النطاق المحلي: هناك نوعان من الناس:

●     نوع «تقليدي» متقدم في السن!

●     وهناك «الشباب».

●     «التقليدي» يريد ٦ ساعات برامج عن «الدين» و«الشعر» ولا تخرج عن مفهومه، وهو لا يرغب في المسلسلات مثلاً، ويريد كل شيء مباشر وعلى «الطريقة الكويتية» البحتة، جدي جدا وتعليمي بحت.

●     «الشباب» يرى أن تمثيلية «محلية» تعالج أمرًا عاديًّا؛ مثل تمثيليات «أبو جسوم» لا يرضى عنها ويعتبر هذا شيئًا تافهًا.

الشاب الكويتي المثقف يريد أن ينطلق «خارج» الكويت، يحب أن يرى برامج غنائية.

وإذا قدمنا تمثيلية باللغة العربية الفصحى فقد لا يفهمها البعض ويرفضونها، المشكلة موجودة، والإحصائية الأخيرة بينت أن غير الكويتيين أكثر من الكويتيين، وأضف إلى ذلك «الأجانب» الذين لا يتحدثون اللغة العربية يريدون «برامج راقصة».

فأمام هذه الفئات والأذواق المتعددة كيف نوزع نسب البرامج؟!

●     هناك كلام كثير عن  «البرامج الراقصة» بينما هي لا تمثل إلا ٢٪ من الإرسال الذي يبلغ ٤٥ ساعة إرسال في الأسبوع، منها «ساعة إرسال» برنامج عربي راقص.

  «وأنا» لم أجعل هذه البرامج «فريضة يومية»، ولا يوجد تليفيزيون في    العالم يرضي جميع الأذواق طوال البرنامج.

●      ولكن الحقيقة.. أنا لا أسأل عن نسبة الزمن الذي تستغرقه البرامج المنافية للذوق الإسلامي ولكني أبحث عن أثرها؟

§       نحن نبحث في رفع مستوى البرامج، ولكن نعطي البرنامج الذي «يرضي» ثم «أرفع» مستواه.

أما عن «البرامج الراقصة» فالتليفزيون «يجرب» هذه البرامج، البعض يرى أنها تؤثر على الخلق ولكن لا بد عمل إحصائية لاستكشاف الضرر.

والرقص فن، «والباليه» ينظر إليه البعض كفن راق، هذه وجهات نظر، ولیس شرطا أن تعجب الجميع.

وأبناؤنا ليسوا كالهيبيز، وتربية الشعر ومنظر الشخص لا تعود دومًا على سلوكه، والشباب في طبيعته «الثورة» وتقليد الجديد.

●     في إحصاء عام ١٩٦٨ بلغت نسبة البرامج الدينية ٩٫٠٩٪ وبرامج التمثيليات ١١٫٤٪ ما رأي سيادتكم في هـذه النسبة؟

●     ألا ترون في هذه الظروف التي تمر بالأمة العربية والإسلامية أن يزداد الاهتمام بالبرامج الدينية وأن تغشى الروح الدينية سائر البرامج مع التخصص في هذا الموضوع بالنسبة لبرامج الأطفال والمرأة؟

§       على المستوى الرسمي «لا تزال» الكويت سائرة في طريق التثقيف الديني، وهناك «برنامج ثابت يوميًا» وهو البرنامج الوحيد الثابت «مع كتاب الله»، وبالإضافة فهناك برنامج نور على نور، والآن طريق النور، وكذلك أحاديث دينية من علماء الدين بالكويت عدا ربع ساعة من القرآن الكريم يوميًا.

§       وعلى المستوى الشخصي في رأيي أننا لا يجب أن نغفل عنصر التشويق.. إن محمدًا صلى الله عليه وسلم قام «بأسلوب» في دعوته والدين المعاملة وليس قراءة قرآن فقط.

أنا أعلم الشاب كيف يعامل الناس وهذا هو الجوهر، وهناك برامج الأسرة والأطفال، وبالأمس كانت التمثيلية منصبة على كراهية القمار.

§       نحن لا نبتعد في برامجنا عن الدين وسيرة الرسول، وبرنامج مع الطلبة يتضح فيه الاتجاه الديني، وهناك ثلاثة برامج دينية أخرى.

وأنا مع احترامي للمتدينين لا يمكن أن نتجاوز وإلا يحدث تأثير عكسي.

●      هل يمكن أن تقدموا لنا صورة موجزة عن مشروعات التليفزيون المستقبلة؟

§       نحن نعاني من نقص الإمكانيات، والأجهزة، والموظفين، والمعدين.

وهناك مخطط للوزارة لمشروع جديد -وسترسو المناقصات خلال هذا العام- للإذاعة والسينما والتليفزيون، والوزارة مستمرة في حركة التوظيف، وهناك مستشار عالمي فرنسي هو «کوردونییه» وبالتعاون مع «التليفزيون الفرنسي» الذي رست عليه المسابقة مع استشارة المختصين في الجهاز، ونأمل أن تكون هذه المخططات جاهزة  في نهاية العام.

●     وما أخبار التليفزيون الملون؟

§       سيكون ضمن هذا المشروع.

●     تقوم الأمم بدراسة هزائمها والحلفاء قاموا بدراسة أخطائهم في الحرب العالمية الثانية، فهل يمكن أن يقدم لنا التليفزيون برامج للثقافة العسكرية عن المعارك المشهورة عالميًّا وبعض الدراسات النقدية للمعارك التي دارت بيننا وبين إسرائیل خلال عشرين عامًا وكذلك بعض الدراسات المفصلة عن المنظمات العسكرية الصهيونية قبل أن تقوم الدولة وبعدها؟

§       أحضر من يكتب ونحن نقدم ونتحرك.

هل تعلم أنه لما وقعت حرب ٦٧ كانت الأنباء تصل للإذاعة والتليفزيون الخارجي قبل أن نحصل نحن عليها، ثم إننا نفتقد عنصر «الاجتهاد الشخصي»، وخذ مثالًا: تلك الكاتبة الفرنسية التي ذهبت إلى الفيتنام وسجلت رؤيتها للمعارك ورأيها فيها من الخنادق نفسها؛ فهل لدينا الكاتب أو الصحافي العربي الذي يذهب ويعرِّض نفسه للخطر في سبيل أن يسجل بدقة ولكي يرى ما لا يراه غيره.

وكم كنت أتمنى أن نسجل معركة مثل «معركة الكرامة»، وأنا أتمنى أن يتقدم لي الشاب المتمكن فنيًّا لكي يصور مثل هذه الوقائع وأنا أتعهد بتزويده بما يلزمه.

●     حضرت نقاشًا مع بعض المثقفين يدور حول «الكم والكيف» في الإرسال والتليفزيون ، البعض يرى «ساعات أقل وبرامج أفضل»، والبعض يرى «ساعات أكثر ولو على حساب الكيف»

§       الحق أنني أتبنى الشعار الأول: «ساعات أقل وبرامج أفضل» لقد كنا نرسل ٧ ساعات يوميًّا ولكننا عدنا إلى «٦ ساعات» لقد كنا نبحث عن «الكيف»، ولو أن الكويت بها «عينة واحدة» من المستمعين لجعلت البرامج ٤ ساعات فقط، ولكن نضطر للتنويع من أجل كل الفئات.

●      إذا أخذت رأيك كمتفرج مثقف خارج دائرة العمل الذي تقوم به وفي هذه الفترة الحساسة من تاريخنا.. فما هي أوجه النقد التي يمكن أن توجهها للتليفزيون؟

§       كمتفرج لا أسمح لنفسي ولو أني أعمل بالتليفزيون أن أراه طيلة مدة الإرسال، طوال ٦ ساعات.

وثانيًا لا يمكن أن يعجبني كل ما يُرسل، إنما أختار البرامج التي توافقني فقط.

وكمسئول فإنني أنتقد طريقة البرامج المباشرة، ينبغي أن أتجه للأسلوب غير المباشر كالقصة مثلاً، أتمنى أن يكون التليفزيون أكثر «مخاطبة للمشاهد»ح ففي برنامج الأخبار أو نافذة على العالم لا بد أن نتقدم لمخاطبة المشاهد الذي هو التكوين الأساسي.

●     ومن الناحية الموضوعية فما زال التليفزيون الكويتي جديدًا ويا ليت المواطن الكويتي يشارك بإنتاجه، وقد تقدمنا بإعلانات كثيرة لمن يريد أن يكتب كأديب، أو فنان، أو رسام.

ولا شك أن المطلوب من المثقفين الإسلاميين في الكويت وغيرها من البلاد العربية والإسلامية أن يتقدموا بإنتاجهم الفكري والفني للتليفزيون، فإلى جانب اتجاهنا لنقد المواد التي تخرج بالتليفزيون عن كونه جهازًا ملتزمًا بالإطار الإسلامي والتذوق الإسلامي في بلد دينه الإسلام ينبغي أن نتقدم في خطوط بناءة بإنتاج الموهوبين من أصحاب الاتجاه الإسلامي إلى التليفزيون.

والمجتمع تعرض هذا التحقيق على الجمهور ليناقش ما جاء فيه ويكتب إلينا بشأن:

●     السياسة العامة للتليفزيون

●     البرامج التي يُقترح إنشاؤها

●     البرامج التي يُقترح تعديلها أو إلغاؤها والسبب

●     مناقشة بعض المقترحات الخاصة بتكوين لجان لوضع رؤوس موضوعات للنهوض بالتليفزيون، مع الاستعانة بالعناصر البارزة والناجحة والملتزمة بتقاليد البلاد داخل التليفزيون نفسه.

والمجتمع سوف تواصل مناقشة موضوع هذا الجهاز الإعلامي الخطير.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

التليفزيون

نشر في العدد 20

20

الثلاثاء 28-يوليو-1970