; الافتتاحية : الثالوث البغيض المعادي للإسلام | مجلة المجتمع

العنوان الافتتاحية : الثالوث البغيض المعادي للإسلام

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 10-أغسطس-1982

مشاهدات 37

نشر في العدد 582

نشر في الصفحة 4

الثلاثاء 10-أغسطس-1982

 الكفر ملة واحدة:

 هذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل أو خائن، أو سلبي لا يعبأ بالحياة ولا تعبأ به الحياة، والشعوب المسلمة الواعية تدرك هده الحقيقة المريرة، ولكنها لا تملك من أمرها شيئًا، والأنظمة العربية والإسلامية، أعني الأنظمة التي تحكم البلاد العربية، وتلك التي تحكم البلاد المسلمة، هذه الأنظمة جميعها تعرف هذه الحقيقة، ولكنها تتجاهلها كرهًا لا طواعية، لأنها ذاتها لا تملك إرادتها التي هي ملك إما لواشنطن وإما لموسكو. ثم إن هذه الأنظمة العربية والإسلامية -من حيث الشكل لا من حيث الجوهر- لديها استعداد على الدوام لكي تنفض أيديها من العروبة والإسلام، وإن كانت تصر على المتاجرة بشعاري العروبة والإسلام.

 وهذا الثالوث البغيض المعادي للإسلام، تمثله اليوم الصليبية والصهيونية والشيوعية، تخطط معًا، وتنفذ معًا، ما دام الهدف هو دحر العروبة والإسلام، وامتهان كرامة شعوبهما ووضعها في الوحل، والأنظمة جميعها عربية كانت أم مسلمة لا يهمها شيء، ولا يقلق راحتها أمر، ما دامت تعيش في مظاهر الأكاسرة والقياصرة والفراعنة، وما دامت تملك وسائل الإعلام التي تكيل لها المديح بلا حساب، وتضفي عليها من القداسة ما لم يضف على الآلهة في قديم الزمان.

 إن تاريخ الاستعمار الصليبي في ديار العرب والمسلمين، ومنذ زهاء قرنين من الزمان، وتاريخ الاستعمار الشيوعي منذ خمسة وستين عامًا، وجرائم الصهيونية في حق العروبة والإسلام منذ إسهامها في تحطيم الخلافة الإسلامية مع الماسونية والصليبية، إلى مذابح اللد والرملة وحيفا وعكا، ودير ياسين، إلى مجازر لبنان منذ أيام.. أقول: إن تاريخ هذا الثالوث البغيض حافل بالصفحات السود، وبالرغم مما ارتكبته روسيا من جرائم في حق المسلمين هناك، وما ترتكبه اليوم في أفغانستان وإريتريا، وما ارتكبته فرنسا في الجزائر ومراكش وتونس، وإنجلترا في مصر والسودان وفلسطين، وهولاندا في إندونيسيا، وما ترتكبه اليوم أمريكا في حق العروبة والإسلام، بالرغم من هذه الجرائم كلها، فإن جمعيات الصداقة مع موسكو وواشنطن وباريس وأمستردام تقوم في كثير من الدول العربية والإسلامية برضا الأنظمة الحاكمة، وصدق رسول الله -صلوات الله وسلامه عليه-: إذا لم تستح فاصنع ما شئت!!

ومصر اليوم في عيد:

 حين استردت مصر سيناء منقوصة -كما يقول وزير خارجيتها الأسبق- الذي استقال أثناء وجوده في كامب ديفيد، احتجاجًا على نصوص المعاهدة، وهو الأستاذ محمد إبراهيم، لم يكن لدى مصر خطة مسبقة لتعمير سيناء، وإنما كانت خطة معدة لتعمير سيناء ولكن بالأغاني والخطب والكلمات، ولقد قال شاهد عيان: إن شطر طابا الذي تحتله إسرائيل كأنه أحد شواطئ أوروبا وأحد مصايفها، أما الجزء الذي تحتله مصر، فلم يزل جزءًا من الصحراء ليس فيه غير الصحراء.

 النهاية: كان من أغاني سيناء أغنية تغنيها المغنية أو الغانية، تقول كلماتها «سينا‏ رجعت كاملة، ومصر اليوم في عيد» ظلت الأغنية هي الأغنية الأولى من أغاني سيناء تتكرر في اليوم عشرات المرات في الإذاعة المرئية والمسموعة، وقد كان هذا مستساغًا إلى أن حدثت جريمة إسرائيل في لبنان، وبينما كانت دماء الضحايا من العرب والمسلمين تسفك بأيدي الكتائب وإسرائيل، ويسمع لهذه الدماء خرير يصك آذان الأرض والسماء، كانت أغنية «ومصر‏ اليوم في عيد، تصك آذان المصريين بلا خجل وبلا حياء» ولسنا ندري بم نصف وسائل الإعلام.. أنصفها بالوقاحة؟ لا.. لأننا نجني على الوقاحة حينئذ، هناك مثل شعبي يقول: «اللي اختشوا ماتوا» ووسائل الإعلام أبرزت شهادة وفاتها.. والحمد لله.

***

ثم ماذا بعد هذا؟ 

 أليس من السذاجة أن نناشد أمريكا الوقحة أن تتدخل لحل المشكلة، وهي التي دبرتها وخططت لها وأقرت تنفيذها؟

 وأليس من الغباء أن نتوقع حدوث معجزة على أيدي روسيا، وكل تجاربنا مع موسكو منيت بالخيبة؟

 إن روسيا وأمريكا مسئولتان عن حرب الخليج للتغطية على جرائم روسيا في أفغانستان، والدولتان معًا راضيتان عن جريمة إسرائيل في لبنان للتغطية على أخبار حرب الخليج، ولكي تتوقف الجهود المبذولة لوقف الدماء هناك.

 وإثيوبيا تعلن الحرب اليوم على الصومال، حيث انتهزت فرصة تحويل الأنظار إلى لبنان، والصومال عضو في الجامعة العربية، وروسيا هي التي تدعم العصابة الإرهابية الإثيوبية، بل إن القوات الإثيوبية تحتل جزءًا من شرقي السودان بحجة مطاردة الإريتريين، وباعتبار أن هناك معاهدة صادقة بين إثيوبيا والسودان.

 ولا أمل اليوم لا في الجامعة العربية، ولا في مؤتمرات القمة الإسلامية، لأنها كالطبول الجوفاء.

 إن إسرائيل ترتكب جرائمها بقوة السلاح، ولا يردعها إلا قوة السلاح، وهذا هو منطق الإسلام ﴿فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ (البقرة: 194) والأنظمة لا تفهم ذلك، أو هي تفهمه ولكنها عاجزة عن أن تختار الطريق السوي.. ولن يكون بعد الإسلام إلا الطوفان!

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 42

70

الثلاثاء 05-يناير-1971

نشر في العدد 74

104

الثلاثاء 24-أغسطس-1971

نشر في العدد 216

53

الثلاثاء 03-سبتمبر-1974