العنوان في تقرير للواشنطن بوست.. الخليج مركز تجمع للقوات الأمريكية لفترة ما بعد الحرب الباردة
الكاتب محمد دلبح
تاريخ النشر الثلاثاء 28-نوفمبر-1995
مشاهدات 10
نشر في العدد 1177
نشر في الصفحة 39
الثلاثاء 28-نوفمبر-1995
رأی تقریر نشرته صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية مؤخرًا أن التأثيرات الجانبية للحشد العسكري الضخم والمكشوف للقوات الأمريكية في منطقة الخليج العربي يمكن أن تزداد وتتحول إلى تعطيل دور هذه القوات، وأنها سوف تخلق مزيدًا من ردود الفعل السلبية داخل دول الخليج العربية حيث تتواجد تلك القوات.
وكان المخططون العسكريون الأمريكيون عكفوا بعد حرب الخليج التي أدت إلى تحرير الكويت عام ۱۹۹۱م على وضع خطط لربط منطقة الخليج بالشبكة الأمنية الأمريكية كما لو يحدث في أي وقت مضى، وبناء الجيوش القائمة في المنطقة والقوات الجوية وتزويدها بالتكنولوجيا الأمريكية والتفاوض بشأن الوصول إلى المطارات الجوية والموانئ والطرق والمباني والعلاقات الاستخباراتية إذا ما أحست الولايات المتحدة بالحاجة إلى التحرك للعمل بنفسها في المنطقة.
وأوضحت الصحيفة أنه في الوقت الذي يجري فيه تخفيض القوات الأمريكية في كل مكان على الكرة الأرضية إلا أنه يجري زيادة هذه القوات في منطقة الخليج لمراقبة وتخويف كل من العراق وإيران إذا دعت الضرورة.
وطبقًا لما تقوله مصادر الحكومة الأمريكية المتوفرة فإنه يوجد 9 آلاف جندي أمريكي يرابطون في دول الخليج العربية و١٥ ألف من جنود البحرية ومشاة البحرية «المارينز» موجودون على ظهر نحو عشرين سفينة تابعة للأسطول الأمريكي في الخليج أو قربه في أي وقت من الأوقات.
وتحمل سفن الأسطول الأمريكي الخامس التي يوجد مقر لقيادته في البحرين منذ العام الماضي نحو ۱۰۰ طائرة حربية وأكثر من ١٠٠ صاروخ توما هوك، وبالقرب من المنطقة توجد غواصة نووية أمريكية أو اثنين، وكان هناك أيضًا ١٣ سفينة للجيش والمارينز هي عبارة عن قواعد للأسلحة تحمل ما يكفي من الدبابات والمدفعية والإمدادات لتسليح ٥ آلاف من قوات المارينز و5 آلاف جندي أمريكي آخرين.
وهناك أيضًا ۱۷۰ طائرة تابعة لسلاح الجو الأمريكي منها طائرات مقاتلة وقاذفات قنابل وطائرات مضادة للدبابات وأخرى للاستخبارات والتجسس، إضافة إلى طائرات إلكترونية حربية.
ومعظم هذه الطائرات موجودة في شبه الجزيرة العربية لدعم «عملية المراقبة الجنوبية» التي تقوم بها الولايات المتحدة في تطبيقها لقرار فرض منطقة حظر جوي فوق جنوب العراق، وبعض هذه الطائرات موجودة في البحرين والكويت.
ويجري تعزيز هذه القوة بصورة هامة من خلال المناورات الثنائية أو متعددة الأطراف التي تجري على مدار العام، وطبقًا للمعلومات المستقاة من القيادة المركزية الأمريكية في تامبا بولاية فلوريدا «قوات التدخل السريع سابقًا» فإن عدد المناورات العسكرية المشتركة في المنطقة التي أجريت والتي ستجري هذا العام تبلغ ٦٠ مناورة يشارك فيها ٥٠ ألف جندي أمريكي وقوات من دولة مجلس التعاون الخليجي، وهذه المناورات تتراوح بين عمليات قوات خاصة ونشر المعدات العسكرية الموجودة في قواعد عائمة «سفن أمريكية» في الخليج، علمًا أن سلطنة عمان كانت الوحيدة من بين دول مجلس التعاون الخليجي التي تشارك في مناورات عسكرية مع القوات الأمريكية قبل أزمة وحرب الخليج عام ١٩٩١م.
وتدعو التعليمات الموجهة من قبل القيادة المركزية الأمريكية إلى أفراد جنودها في دول الخليج العربية، تدعو إلى أن يكون ظهورهم في أدنى حد، إذا يطلب من الجنود الأمريكيين عدم الظهور والسير بلباسهم العسكري في شوارع المدن الخليجية؛ ففي دبي على سبيل المثال يحاول الأسطول الأمريكي إبقاء بحارته وجنوده في ميناء دبي.. وفي البحرين فإن مقر قيادة الأسطول الخامس لا تضم سوى بضع مباني إدارية وبعض الخدمات في طرف العاصمة المنامة.
وقد وقعت كافة دول مجلس التعاون الخليجي -عدا السعودية- اتفاقيات تعاون عسكرية ودفاعية مع الولايات المتحدة، وعلى سبيل المثال فإن الاتفاقية مع قطر تمنح الولايات المتحدة حق الوصول دون أية عراقيل إلى مطار قطر الجوي وموانئها وقواعدها العسكرية، إلى جانب تقديم تسهيلات عسكرية أخرى، وتسمح الاتفاقية للولايات المتحدة -إذا دعت الضرورة- تخزين معدات وتجهيزات مثل النفط والوقود والقنابل والذخيرة، وتعطي العسكريين الأمريكيين حق الوصول إلى كل هذه المرافق بدون جوازات سفر.
وللدلالة على الصفة الإلزامية لهذه الاتفاقيات الموقعة فإن البحرين عندما حاولت تغيير اتفاقية تدريب كان تم التوصل إليها «شفويًّا» بين الجانبين، هددت الولايات المتحدة -وفقًا لما تقوله رسالة بعثت بها السفارة الأمريكية في المنامة إلى وزارة الخارجية الأمريكية في الثامن من أغسطس ۱۹۹۲ بأنها لن تسلمها طائرتي شحن من طراز سي 130 كانت وعدت بها في السابق، وبعد ذلك بأسبوعين تراجعت البحرين عن رأيها.
وتقول صحيفة واشنطن بوست بأن الأمر لا يقتصر على ما يقوم به المخططون العسكريون الأمريكيون في الخليج على دفع حكومات دول الخليج العربية على التوقيع على عقود طويلة وقصيرة الأجل مع شركات الأسلحة الأمريكية والمقاولين الأمريكيين لشراء الأسلحة وبناء قواعد ومرافق لها، والتدريب على هذه الأسلحة، بل يقومون بتعليم حكومات هذه الدول على كيفية دفع الأقساط المالية المترتبة عليها لتلك الشركات.
ويعمل نحو ٥ آلاف موظف حكومي أمريكي من وزارتي الدفاع والخارجية إلى جانب المقاولين الأمريكيين لتطبيق تلك الاتفاقيات والعقود، وتقول صحيفة واشنطن بوست في تقريرها الذي نشرته يوم الثامن عشر من الشهر الجاري: إن دول الخليج العربية تشهد جيشًا من المتعهدين والمقاولين المدنيين الأمريكيين يقومون بالتنسيق بشأن تدفق مبيعات الأسلحة الأمريكية بشكل لم يسبق له مثيل في المنطقة وتدريب جيوش الدول الخليجية على كيفية استخدام الأسلحة الجديدة.
وبالرغم من مشاعر القلق تلك فإن ذلك لم يوقف عقد صفقات الأسلحة والتدريب، وطبقًا لما تقوله وزارة الدفاع الأمريكية فإن مشتروات دول مجلس التعاون الخليجي من الأسلحة والمعدات العسكرية والإنشاءات العسكرية في الفترة الممتدة من ۱۹۹۰- ١٩٩٥م قد بلغت 72.5 مليار دولار، ومن أكبر هذه الصفقات الصفقة المعروفة باسم «درع السلام» التي عقدتها إحدى الدول الخليجية لشراء أسلحة أمريكية بقيمة 5.6 مليار دولار، وتتضمن الصفقة نظام قيادة وتحكم للدفاع الجوي يتلاءم مع المعدات الأمريكية ويتألف من ١٧ موقعًا للرادارات طويلة المدى ومواقع قيادة تحت الأرض وأجهزة لجمع معلومات تتعلق بالإنذار المبكر وإصدار أوامر للقوات الجوية.
وفي سياق عقد المقارنات بين الوضع الذي ساد إيران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي الذي أطاحت به الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩م والوضع السائد حاليًا في بعض دول الخليج، فإن صحيفة واشنطن بوست ذكرت أن الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة حاليًا كتاجر أسلحة وكحامية عسكرية في الخليج، شبيه بذات الدور الواسع الذي كانت تقوم به إيران من حيث توريد الأسلحة والتكنولوجيا وإرسال عسكريين إلى إيران مقابل ولاء نظام الشاه السابق للولايات المتحدة باعتبار إيران آنذاك كانت القوة العسكرية الصديقة لأمريكا في المنطقة.
وقالت لورا لامب وهي خبيرة ومحللة في تجارة الأسلحة في اتحاد العلماء الأمريكيين: «هذه إيران تتكرر ثانية، والمقارنة مذهلة»، في إشارة إلى روابط إيران السابقة مع الولايات المتحدة وروابط الخليج مع أمريكا حاليًا.
بالرغم من اندفاع دول الخليج العربية إلى شراء الأسلحة الأمريكية بكميات كبيرة وبمبالغ عالية والتي تحتاج إلى قوات عسكرية بشرية لاستيعابها واستخدامها، فإن المسئولين الأمريكيين يشككون في قدرة الدول الخليجية على تشكيل قوة عسكرية خاصة بهم تبلغ ١٠٠ ألف جندي كي تتولى الدفاع عن أمنها كما يجري ترديده، ويؤكد هؤلاء المسئولون أن ذلك لا يزال حلمًا، فكثير من هذه الدول لا تستطيع حقًّا أن توفر قوة بشرية كافية لإدارة كل الأسلحة التي اشترتها.
وقد أعلن وزير الدفاع الأمريكي وليام بيري في ندوة عقدت بواشنطن في شهر مايو الماضي «أن سلاح الجو الكويتي على سبيل المثال لا يحتاج إلى مزيد من الطائرات الجديدة الآن، وأن ما يحتاج إليه بالفعل هو مزيد من الطيارين المؤهلين لقيادة الطائرات، وأضاف: أما بالنسبة للمقدرة الجماعية لدول الخليج للدفاع عن نفسها فإنه ينبغي أن أعترف لكم أنه من الصعب أن نكون متفائلين حول هذه المسألة».
وفي نهاية التقرير نشر تقرير بين حجم الوجود الأمريكي ونفقات شراء السلاح من الولايات المتحدة لكل دولة على حدة، وقد بلغ مجموع القوات الأمريكية حوالي ثلاثة عشر ألفا وثلاثمائة وستون جنديًّا، أما مجموع اتفاقات مبيعات الأسلحة لدول المنطقة منذ عام ١٩٩٠م وحتى الآن فقد بلغ 81.73 مليار دولار.
الوحدات العسكرية الأمريكية في الخليج العربي وفقًا للمعلومات الرسمية الأمريكية المعلنة
الوجود الجوي:
- 80 طائرة حربية موجودة على سفن تابعة للأسطول الأمريكي في مياه الخليج.
- 166 طائرة حربية موزعة على دول مختلفة.
وجود بحري:
- 15- 20 سفينة حربية في مياه الخليج العربي.
- 13 سفينة للجيش والبحرية الأمريكية مرابطة في مواقعها بصورة دائمة لمواجهة أي طارئ.
المعدات العسكرية البرية:
- معدات عسكرية للواء مدرع في الكويت.
- بناء قواعد لتخزين معدات عسكرية للواء مدرع في قطر.
- التفاوض لبناء قواعد لتخزين معدات عسكرية للواء مدرع في دولة الإمارات العربية.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل